الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأذكار المتعلقة بالزكاة
قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
ــ
غير مكترث بأعمال الصالحين لا ينبغي أن يعد من أهل العزم اهـ. وقد أطلت الكلام على ما يتعلق بهذه الصلاة لعظيم نفعها وحسن وقعها رجاء عموم الإفادة وطلب الدعاء من الواقف على ذلك في الحياة بالتوفيق والهداية لأحسن طريق والوفاة على الإسلام وحصول الرضوان والله الموفق.
فائدة
ذكر الحافظ أن أبا نعيم ذكر مع حديث التسبيح حديث صلاة الزوال عن أبي أيوب الأنصاري وقد قدمنا كلامه في باب ما يقول إذا زالت الشمس ثم قال الحافظ بعد الكلام على أسانيد حديث أبي أيوب في صلاة الزوال فإن ثبت أنها صلاة التسبيح فيستفاد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ولم أر ذلك صريحًا وإنما في جميع الطرق أنه علمها لغيره وقد وقع في الطريق التي أخرجها أبو داود عن أبي الجوزاء عن رجل له صحبة فذكر صلاة التسبيح وقال فيه إذا زال النهار والمتبادر منه فراغه ليس المراد وإنما الظاهر زوال الشمس والعلم عند الله ولا يعكر على ذلك ما تقدم في بعض طرقه أنها تصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار لأنه يحمل على التخيير ولا يمنع أفضلية بعض الأوقات وقد وجدت حديثًا ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال التسبيح المذكور في بعض الأذكار من صلاة الليل وهو حديث عائشة السابق في أدلة تقديم الخمسة عشر تسبيحة على القراءة اهـ.
باب الأذكار المتعلقة بالزكاة
وزنها زكوة بفتحات قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وهي اسم إما للإخراج فيكون بمعنى التزكية أو للمال المخرج فيكون بمعنى المزكي وهي لغة النماء والبركة لأنها تنمي المال وتزيده وتبارك فيه والمدح لمدح فاعلها والطهارة لأنها تطهير النفس من رذيلة البخل والمال من الحرام الذي هو حق الفقراء أي تنزهه عن اختلاطه به لو لم يخرج والإصلاح لأنها تصلحه والزيادة لأنها تزيد فيه وشرعا اسم لما يخرج عن مال أو بدن على وجه مخصوص قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103]. سبب نزولها
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا
ــ
أن جماعة من الصحابة رغبوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين فقالوا يا رسول الله خذ أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها وطهرنا فقال ما أمرت أن آخذها فنزلت الآية والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والضمير راجع للذين خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا قال الحسن هذه الصدقة هي كفارة الذنوب التي أصابوها وليست بالزكاة المفروضة وقال عكرمة هي صدقة الفرض وقال ابن جرير الطبري في "أحكام القرآن" له الأكثرون من المفسرين على أن المراد بالصدقة الواجبة في الأموال وليس في الآية بيان شروط معتبرة في المأخوذ ولا معتبرة في المأخوذ منه ولا شرط في المؤدى ولا شرط في المؤدى إليه ولا شرط في الآخذ اهـ. وقال العز بن عبد السلام في "التبيان في فقه القرآن" الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والضمير في تطهرهم وتزكيهم الظاهر عوده لكل المسلمين وظاهر لفظ الصدقة أنه ينصرف إلى الواجبة لغلبة الإطلاق إليها وقد قيل إن هذه الآية نزلت في بعض من يخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وتابوا عند رجوع النبي صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يأخذ أموالهم الحديث فإن صح ذلك فلا تعلق لها بالواجبة إلَّا فالظاهر أن المراد الصدقة الواجبة والإطلاق فيها مقيد والإجمال مبين بالسنة اهـ. قال السيوطي في الإكليل ويستدل بالآية في وجوب الزكاة للماشية والثمار لأنهما أكثر أموال الصحابة إذ ذاك وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103]. قال من الإبل والبقر والغنم واستدل بالآية على وجوب دفع الزكاة إلى الإِمام. قوله: (تُطَّهرُهُمْ وتُزكيهِمْ) بالرفع حال من الفاعل المخاطب أي خذها مطهرًا ومزكيًا لهم بها ويجوز أن تجعلهما صفتين للصدقة مطهرة مزكية لهم ويجوز أن تجعل فاعل تزكيهم بها حال من الضمير في خذ وهو النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن تكون حالًا من الصدقة قال القرطبي وهذا ضعيف لأنها حال من نكرة "قلت" لكن تعدد الوصف المخصص وقال الزجاج الأجود
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103].
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقة قال: "اللهم صَل عَلَيهِمْ"
ــ
أن تكون المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم أي فإنك تطهرهم وتزكيهم بها على القطع والاستئناف قال القرطبي ويجوز الجزم على جواب الأمر والمعنى أن تأخذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم اهـ، وقضيته أن تزكيهم مجزوم عطفًا على ما قبله لكن نقل الكواشي الإجماع على إثبات الياء في تزكهم بها يدل على أن الزكاة جعلها الله تطهير أو دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم طمأنينة لقلوبهم وعلما على أن الله غفر لهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على قوم إلَّا أن يؤذن له في ذلك ولا يؤذن له في ذلك إلَّا أن يكون مغفورًا له اهـ. قوله:(وصل عليْهمْ) أي ادعو لهم.
قوله: (وَرَوَيْنَا في صحيحَي البُخَارِيِّ ومُسْلم) قال الحافظ بعد تخريجه من طريق الطبراني في الدعاء من طرق أخرى وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة، ومدار الحديث عند كلهم على شعبة قال الحافظ وهو من غرائب الصحيح. قوله:(إِذَا أَتاهُ قومٌ بصَدَقةٍ) هي مأخوذة من الصدق إذ هي دليل على صحة الإيمان وصدق الباطن والظاهر قال صلى الله عليه وسلم والصدقة برهان. قوله: (اللهُم صل علَيهِمْ) ذهب قوم إلى هذا وجرى عليه القرطبي في التفسير وقال إنه أصح فإن الخطاب ليس مقصورًا عليه صلى الله عليه وسلم فيجب الاقتداء به صلى الله عليه وسلم لأنه كان يمتثل قوله تعالى: (وَصَلِّ عَليهِم)[التوبة: 103]، وقال الجمهور لا يصلي استقلالًا على غير معصوم من نبي وملك وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم فمن خواصه صلى الله عليه وسلم عن أمته لأن الصلاة حقه فله أن يضعها حيث شاء وقيل الصلاة التي بمعنى التزكية والدعاء تجوز على غير المعصوم من نبي وملك أما التي هي تحية لذكر المعصوم صلى الله عليه وسلم فإنما هي بمعنى التعظيم والتكريم فيختص به وجزم بهذا البيهقي في الشعب قال ابن الملقن في البدر المنير الصواب في
فأتاه أبو أوفى بصدقته فقال: "اللهم صَل على آلِ أبي أوْفَى".
قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: الاختيار أن يقول: آخذُ الزكاة لدافعها: أجَرَكَ الله فِيما أعْطَيْتَ، وَجَعَلَهُ لَكَ طَهُورًا، وبارك لك فيما أبْقَيْتَ، وهذا الدعاء مستحب لقابض الزكاة، سواء كان الساعي أو الفقراء، وليس الدعاء بواجب على المشهور من مذهبنا ومذهب غيرنا. وقال بعض أصحابنا: إنه واجب، لقول الشافعي: فحق على الوالي أن يدعوَ له، ودليله ظاهر
الأمر في الآية. قال العلماء: ولا يستحبُّ أن يقول في الدعاء: اللَّهُم صَل على فلان، والمراد بقوله تعالى:(وَصَل عَلَيْهِمْ) أي:
ــ
الرواية هكذا أي قال اللهم صل عليهم ووقع في بعض نسخ الرافعي الكبير اللهم صل على آل أبي أوفى أيضًا اهـ وفي المشكاة قال اللهم صل على آل أبي فلان لكن نقل العلقمي في حاشية الجامع أنه بغير أبي أوفى وفي رواية صل على آل أبي أوفىِ وفي رواية على آل فلان وفي رواية على فلان وظاهر سياقه أنها من روايات الصحيح. قوله: (فأتاهُ أَبُو أَوفَى بصَدَقَتِهِ) وفي نسخة بصدقته قيل واسم أبي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث بن أبي أسيد بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن أسلم بن أفصى بن حارثة ذكره الواقدي وهو وولده صحابيان وكان أبو أوفى من أصحاب الشجرة. قوله: (صل على آلِ أَبِي أَوفَى) يريد أبا أوفى نفسه لأن الآل يطلق على ذات الشيء كقوله في قصة أبي موسى: "لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود" وقيل لا يقال ذلك إلَّا في حق الرجل الجليل القدر. قوله: (الاختِيَارُ أَنْ يقولَ آخِذُ الزكاةِ) أي سواء كان عاملًا أو مستحقا ويقول ذلك جبرًا وترغيبا له في الخير وتطييبا لقلبه. قوله: (أَجَرَكَ الله) بالمد والقصر وهو أجود. قوله: (وقَال بعضُ أَصحابنَا إِنهُ واجِبٌ) ظاهره أن الخلاف
ادعُ لهم. وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم صَل عَلَيهِمْ" فقال لكون لفظ الصلاة مختصًا به، فله أن يخاطب به من يشاء بخلافنا نحن. قالوا: وكما لا يقال: محمد عز جل وإن كان عزيزا جليلا، فكذا لا يقال: أبو بكر، أو على صلى الله عليه وسلم، بل يقال: رضي الله عنه، أو رضوان الله عليه، وشبه ذلك، فلو قال: صلى الله عليه وسلم، فالصحيح الذي عليه جمهور أصحابنا أنه مكروه كراهة تنزيه. وقال بعضهم: هو خلاف الأولى،
ــ
في الوجوب جار حتى في الفقير القابض وفي كلام الزركشي بعد نقل كلام للحناطي في المسألة وهو يقتضي أمرين أحدهما أنه يجري في المساكين الوجه بالوجوب وبه صرح الروياني فإنه لما حكاه قال إنه إذا أخذ الفقير لم يجب عليه عند هذا القائل قال ابن الرفعة وقيل عكسه أن الدعاء يلزم الفقير دون الإِمام لأن دفعها إلى الإِمام متعين وإلى الفقير غير متعين وقيل إن سأل رب المال وجب الدعاء وادعى
الروياني أن الماوردي صححه والذي في الحاوي أيضًا تصحيح عدم الوجوب وظاهره أيضًا أن هذا الوجه جار وإن لم يسأل الدعاء لكن الماوردي خص الخلاف بما إذا سأل وقال لم يختلف أصحابنا أنه إذا لم يسأل رب المال الدعاء له فليس على الوالي أن يدعو له لأن رب المال بدفع الزكاة مؤد لعبادة واجبة وذلك لا يوجب على غيره الدعاء كسائر العبادات وكذا حكاه شيخه الصيمري في الإيضاح ثم الخلاف في المؤدي طوعًا أما المؤدي قهرًا فلا يدعى له اهـ، وتعقب القول بالوجوب بأنه لو كان كذلك لعلمه النبي صلى الله عليه وسلم للسعاة ولأن سائر ما يأخذه الإِمام من الكفارات والديون وغيرها لا يجب عليه فيها الدعاء فكذا في الزكاة وأما الآية فيحتمل أن يكون الوجوب خاصا به لكون صلاته سكنا لهم بخلاف غيره. قوله:(أَنهُ مكْرُوة كَراهةَ تنْزِيهٍ) ونقله في الروضة عن القاضي حسين وتعقبه في الخادم بأن الذي في تعليقه الجزم بالتحريم. قال: (وقال بعضهم خلاف الأُولَى) هو ما صرح به الرافعي في الشرح الصغير أي والفرق أن المكروه ما ورد فيه نهي مقصود وخلاف الأولى بخلافه كما مر وفرق بينهما إمام الحرمين وحكاه عن المتأخرين وهو في ذلك مخالف لكلام جمهور المتقدمين.