المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسان بعينه أو أن يدفن على صفة مخصوصة وفي موضع مخصوص وكذلك الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٤

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الأذكار التي تقال في أوقات الشدة وعلى العاهات باب دعاء الكرب والدعاء عند الأمور المهمة

- ‌باب ما يقوله إذا راعه شي أو فزع

- ‌باب ما يقول إذا أصابه همّ أو حزن

- ‌باب ما يقوله إذا وقع في هلكة

- ‌باب ما يقول إذا خاف قومًا

- ‌باب ما يقول إذا خاف سلطانًا

- ‌فائدة

- ‌باب ما يقول إذا نظر إلي عدوه

- ‌باب ما يقول إذا عرض له شيطان أو خافه

- ‌باب ما يقول إذا غلبه أمر

- ‌باب ما يقول إذا استصعب عليه أمر

- ‌باب ما يقول إذا تعسرت عليه معيشته

- ‌باب ما يقول لدفع الآفات

- ‌باب ما يقول إذا أصابته نكبة قليلة أو كثيرة

- ‌باب ما يقول إذا كان عليه دين عجز عنه

- ‌باب ما يقوله من بَلِيَ بالوحشة

- ‌باب ما يقول من بلي بالوسوسة

- ‌باب ما يقرأ على المعتوه والملدوغ

- ‌باب ما يعوذ به الصبيان وغيرهم

- ‌باب ما يقال على الخرّاج والبثرة ونحوهما

- ‌كتاب أذكار المرض والموت ومما يتعلق بهما

- ‌باب استحباب الإكثار من ذكر الموت

- ‌باب استحباب سؤال أهل المريض وأقاربه عنه

- ‌باب ما يقوله المريض ويقال عنده ويقرأ عليه وسؤاله عن حاله

- ‌باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذلك الوصية بمن قرب سبب موته بحدٍّ أو قصاص أو غيرهما

- ‌باب ما يقول من به صداع أو حمى أو غيرهما من الأوجاع

- ‌باب جواز قول المريض أنا شديد الوجع أو موعوك، أو أرى إساءةً ونحو ذلك، وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن شيء من ذلك على سبيل التسخط وإظهار الجزع

- ‌باب كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان وجوازه إذا خاف فتنة في دينه

- ‌باب استحباب دعاء الإنسان بأن يكون موته في البلد الشريف

- ‌باب استحباب تطييب نفس المريض

- ‌باب استحباب دعاء الناس في البلد الشريف

- ‌تنبيه

- ‌باب الثناء على المريض بمحاسن أعمال ونحوها إذا رأى منه خوفه ليذهب خوفه ويحسن الظن ويحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى

- ‌باب ما جاء في تشهية المريض

- ‌باب طلب العوّاد الدعاء من المريض

- ‌باب وعظ المريض بعد عافيته وتذكيره الوفاء بما عاهد الله تعالى عليه من التوبة وغيرها

- ‌باب ما يقول من أيس من حياته

- ‌باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌باب ما يقال عند الميت

- ‌باب ما يقوله من مات له ميت

- ‌باب ما يقوله من بلغه موت صاحبه

- ‌باب ما يقوله إذا بلغه موت عدو الإسلام

- ‌باب تحريم النياحة على الميت والدعاء بدعوى الجاهلية

- ‌باب التعزية

- ‌فصل في الإشارة إلى بعض ما جرى من الطواعين في الإسلام:

- ‌باب جوز إعلام أصحاب الميت وقرابته بموته وكراهة النعي

- ‌باب ما يقال في حال غسل الميت وتكفينه

- ‌باب أذكار الصلاة على الميت

- ‌باب ما يقوله الماشي مع الجنازة

- ‌باب ما يقوله من مرت به جنازة أو رآها

- ‌باب ما يقوله من يُدخل الميت قبره

- ‌باب ما يقال بعد الدفن

- ‌فصل:

- ‌باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسان بعينه أو أن يدفن على صفة مخصوصة وفي موضع مخصوص وكذلك الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل

- ‌باب ما ينفع الميت من قول غيره

- ‌باب النهي عن سب الأموات

- ‌باب ما يقوله زائر القبور

- ‌باب نهي الزائر من رآه يبكي جزعًا عند قبر وأمره إياه بالصبر ونهيه أيضًا عن غير ذلك مما نهى الشرع عنه

- ‌باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين وبمصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك

- ‌كتاب الأذكار في صلوات مخصوصة

- ‌باب الأذكار المستحبة يوم الجمعة وليلتها والدعاء

- ‌فصل:

- ‌باب الأذكار المشروعة في العيدين

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فائدة

- ‌باب الأذكار في العشر الأول من ذي الحجة

- ‌باب الأذكار المشروعة في الكسوف

- ‌فصل:

- ‌باب الأذكار في الاستسقاء

- ‌باب ما يقوله إذا هاجت الريح

- ‌باب ما يقول إذا انقض الكوكب

- ‌باب ترك الإشارة والنظر إلى الكوكب والبرق

- ‌باب ما يقول إذا سمع الرعد

- ‌باب ما يقوله إذا نزل المطر

- ‌باب ما يقوله بعد نزول المطر

- ‌باب ما يقوله إذا كثر المطر وخيف منه الضرر

- ‌باب أذكار صلاة التراويح

- ‌باب أذكار صلاة الحجة

- ‌باب الأذكار صلاة التسبيح

- ‌تنبيه

- ‌تتمة

- ‌باب الأذكار المتعلقة بالزكاة

- ‌فصل

- ‌كتاب أذكار الصيام

- ‌باب ما يقوله إذا رأى الهلال، وما يقول إذا رأى القمر

- ‌باب الأذكار المستحبة في الصوم

- ‌باب ما يقول عند الإفطار

- ‌باب ما يقول إذا أفطر عند قوم

- ‌باب ما يدعو به إذا صادف ليلة القدر

- ‌باب الأذكار في الاعتكاف

- ‌كتاب أذكار الحج

- ‌فصل:

- ‌فائدة

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل في أذكار الطواف:

- ‌فصل في الدعاء الملتزم

- ‌فصل في الدعاء في الحِجْر:

- ‌فصل في الدعاء في البيت:

- ‌فصل في أذكار السعي:

- ‌فصل في الأذكار التي يقولها عند خروجه من مكة إلى عرفات

الفصل: ‌باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسان بعينه أو أن يدفن على صفة مخصوصة وفي موضع مخصوص وكذلك الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل

‌باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسان بعينه أو أن يدفن على صفة مخصوصة وفي موضع مخصوص وكذلك الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل

روينا في "صحيح البخاري" عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه يعني: وهو مريض، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: في ثلاثة

أثواب، قال: في أيّ يوم توفِّيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم

ــ

باب وصية الميت أن يصلي عليه انسان بعينه أو أن يدفن على صفة مخصوصة أو موضع مخصوص وكذا الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل

أي وصية من دنى من الموت فتسميته ميتًا مجاز مرسل علاقته الأول نحو {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36]، قوله:(رَوَينَا قوله صحيح البُخاري الخ) عقد البخاري عليه ترجمة "باب موت الاثنين" قال شارحه ابن المنير وقت الموت ليس لأحد فيه اختيار لكن في التسبب في حصوله مدخل كالرغبة إلى الله تعالى لقصد التبرك فمن لم يحصل له الإجابة أثيب على اعتقاده وكأن الخبر الذي ورد في فضل الموت يوم الجمعة لم يصح عند البخاري اهـ، وقال الحافظ بعد تخريج الحديث باللفظ المذكور هكذا أخرجه البخاري في أواخر الجنائز وأصل المرفوع منه متفق عليه من عائشة وأخرجه أبو يعلى وزاد فيه بعد قوله سحولية بجانية وأخرجه من طريق أخرى أو قال فيها فقلت لا تجعلها جددًا فقال لا اهـ. قوله:(وهُوَ مرِيضٌ) بدأ مرضه كما جاء عن عائشة أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع

خلون من جمادى الآخرة وكان يومًا باردًا فحم خمسة عشر يومًا ومات مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة منه ثلاث عشرة. قوله: (في كَمْ كَفنتُمْ) معمول لكفنتم قيل ذكر لها أبو بكر ذلك بصيغة الاستفهام توطئة لها للصبر على فقده واستنطاقًا لها بما يعلم أنه يعظم عليها ذكره لما في بداءته لها بذلك من إدخال الغم العظيم عليها ولا يبعد أن يكون أبو بكر نسي ما سأل عنه مع قرب عهده. قوله: (يَوَم

ص: 197

الاثنين، قال: فأيُّ يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرَّض فيه، به رَدعْ من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيها، قلت: إن هذا خَلق، قال: إن الحي أحقُّ بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة، فلم يتوفَّ حتى أمسى من ليلة الثلاثاء. ودفن قبل أن يصبح.

قلت: قولها رَدع، بفتح الراء وإسكان الدال وبالعين المهملات: وهو الأثر. وقوله للمهلة، روي بضم الميم وفتحها وكسرها ثلاث لغات، والهاء ساكنة: وهو الصديد الذي يتحلل من بدن الميت.

وروينا في "صحيح البخاري" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما جرح: إذا أنا قُبِضْتُ فاحملوني،

ــ

الاثنين) بالنصب أي توفي يوم الاثنين وقولها بعده يوم الاثنين بالرفع أي هذا يوم الاثنين. قوله: (أَرْجو فِيما بيني الخ) أي أرجو بقضاء الأمر فيما بقي من اليوم ليحصل التبرك بالموت في مثل اليوم الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم.قوله: (فَكفِّنوني فِيهَا) أي في الثوبين المزيدين مع الثالث الخلق، وفي رواية أبي ذر أحد رواة كتاب البخاري فيها أي الثلاثة. قوله:(خلَقُ) بفتح الخاء المعجمة واللام أي غير جديد. قوله: (وهوَ الأثَر) أي قال شراح البخاري قوله به ردع أي لطخ لم يعمه كله وفي النهاية والأمر قريب. قوله: (للْمُهلةِ) روي بضم الميم وفتحها وكسرها قلت ثلاث لغات في النهاية إنما هو للمهل والتراب ويروى المهملة بضم الميم وكسرها، وحكي تثليثها القيح والصديد ومنه قيل للنحاس المهل ونقل ابن العز الحجازي في شرح البخاري عن ابن حبيب إنه بالكسر الصديد وبالفتح التمهل وبالضم عكر الزيت والمراد هنا الصديد اهـ. قوله:(الصَّدِيدُ) في الصحاح صديد الجرح الماء الرقيق المختلط بالدم قبل أن يغلظ.

قوله: (وَرَوَيَنَا في صحيح البُخَارِي) قال الحافظ أخرجه البخاري من طرق مطولًا ومختصرًا وفي بعضها عن عائشة قالت كنتَ أريده لنفسي فلا وتر به اليوم على نفسي. قوله: (قَال) أي موصيًا

ص: 198

وقولوا: يستأذِن عمر، فإن أذِنَتْ لي -يعني عائشةَ- فأدخلوني، وإن ردَّتني فردُّوني إلى مقابر المسلمين.

وروينا في "صحيح مسلم" عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، قال: قال سعد:

الحدوا لي لحدًا، وانصبوا عليَّ اللَّبن نصبًا كما صُنِعَ برسول الله صلى الله عليه وسلم

وروينا في "صحيح مسلم" عن عمر بن العاص رضي الله عنه أنه قال وهو في سياقة الموت: إذا أنا متُّ فلا تصحبْني نائحةٌ ولا نارٌ، فإذا دفنتموني، فشُنُّوا عليَّ التراب شنًّا،

ــ

لولده عبد الله. قوله: (ثُمَّ سلِّمَ الخ) أمره بالاستئذان بعد وفاته بعد أن جاءه وأخبرها برضاها بذلك في حياته خشية أن يعرض لها ما ترى معه المنع بعد وفاته.

قوله: (وَرَوَيَنَا في صحيحِ مُسْلمٍ) قال الحافظ بعد تخريجه عن عبد الله بن جعفر عن إسماعيل

ابن محمد بن سعد عن عامر بن سعد، وهو ابن أبي وقاص قال إذا أنا مت فألحدوا لي لحدا الحديث

ما لفظه أخرجه مسلم بهذا السند وعبد الله بن جعفر هو المخرمي بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء بعد وفي طبقته عبد الله بن جعفر بن نجيح وهو ضعيف وهما معًا من أهل المدينة وأخرجه أحمد كذلك وأخرجه النسائي وابن ماجة من رواية أخرى عن عبد الله بن جعفر، وخالف الجميع عبد الرحمن بن مهدي فرواه عن عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص فقال عن أبيه عن جده فتعارضت هنا الأكثرية والأحفظية فإن عبد الرحمن بن مهدي أحفظ الجمعة وكان مسلمًا رجح الأكثرية ولا يبدع أن يكون إسماعيل سمعه من أبيه وعمه، وقد أخرجه عن عبد الرحمن بسنده المذكور أيضًا اهـ. قوله:(فألْحِدُوا لي لحدًا) زاد الحافظ في التخريج ولا تشنوا وانصبوا على اللبن نصبًا واحثوا على التراب حثوا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لحد له. قوله: (في سِيَاقهِ الموْتِ) في نسخة بحذف الياء والسياق مصدر ساق وأصله سواق قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها كما في صيام وقيام، وسبق أن المراد بسياقة الموت الاحتضار ومبادئ خروج الروح. قوله:(مِت) بكسر الميم وضمها وسبق بيان وجهها. قوله: (ولا نارٌ) يكره إتباع

ص: 199

ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها حتى أستانسَ بكم، وأنظرَ ماذا أراجع به رسل ربي.

قلت: قوله: شُنُّوا، روي بالسين المهملة وبالمعجمة، ومعناه: صُبُّوه قليلًا قليلًا. وروينا في هذا المعنى، حديث حذيفة المتقدِّم في "باب إعلام أصحاب الميت بموته"، وغير ذلك من الأحاديث، وفيما ذكرناه كفاية وبالله التوفيق.

قلت: وينبغي أن لا يقلد الميت ويتابع في كل ما وصَّى به، بل يُعْرَضُ ذلك على أهل العلم، فما أباحوه فُعل، وما لا فلا. وأنا أذكر من ذلك أمثلة، فإذا أوصى بأن يدفن في موضع من مقابر بلدته، وذلك الموضع مَعْدن الأخيار، فينبغي أن يحافظ على وصيته، وإذا أوصى بأن يصلي عليه أجنبي، فهل يقدَّم في الصلاة على أقارب الميت؟ فيه خلاف للعلماء، والصحيح في مذهبنا:

ــ

الجنازة بالنار بمبخرة أو غيرها بالإجماع لأنه تفاؤل قبيح، ومن ثم قيل بحرمته وكذا عند القبر نعم الوقود عندها المحتاج إليه لا بأس به، ومن ثم حين التجمر عند الغسل للحاجة إليه. قوله:(ثُمَّ أَقيمُوا إلى آخره) فيه فوائد. منها إثبات عذاب القبر بعد الدفن بقدر ما ذكر وأن الميت يسمع ويأنس من داخل القبر ذكره المصنف في شرح مسلم. قوله: (شِنُّوا) روي بالسين المهملة.

قلت وعليه اقتصر في النهاية. قوله: (فَمَا أباحُوهُ فعلَ) بالبناء للمجهول، وفي نسخة فعل بالبناء للفاعل وفاعله ضمير يرجِع إلى الفاعل المفهوم من فعل وكلا الوجهين في قوله يعرض للمذكرر قبله. قوله:(فإِذَا أَوْصى أن يُدْفنَ الخ) لما ورد في الحلية عن أبي هريرة مرفوعًا ادفنوا موتاكم بين قوم صالحين فإن الميت يتأذى بالجار السوء كما يتأذى الحي بالجار السوء، وفي الجامع الكبير للسيوطي وأخرجه الخليلي في مشيخته وقال غريب جدًّا عن أبي هريرة وأخرجه ابن عساكر عن علي وابن مسعود وابن عباس اهـ، قال الجلال السيوطي الأشهر في تفسير الصالح أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله تعالى وحقوق عباده وتتفاوت درجات اهـ. قوله:(معِدنُ الأَخيَار) أي مدفنهم ففيه استعارة مصرحة شبه مدفن من ذكر بالمعدن

ص: 200

أن القريب أولى، لكن إن كان الموصى له ممن ينسب إلى الصلاح أو البراعة في العلم مع الصيانة والذكْر الحَسَن، استحبَّ للقريب الذي ليس هو في مثل حاله إيثاره رعاية لحقّ الميت، وإذا أوصى بأن يدفن في تابوت، لم ننفذ وصيته إلا أن تكون الأرض رخوة أو ندية يحتاج فيها إليه، فتنفذ وصيته فيه، ويكون من رأس المال كالكفن.

ــ

من جامع النفاسة وهي مجردة لذكر الأخيار الملائم للمشبه أو استعارة مكنية شبه الأخيار بالجواهر الكامنة في المعادن تشبيهًا مضمرًا في النفس وأثبت ما هو من لوازمها وهو المعدن استعارة تخييلية والأخيار جمع خير بتخفيف الياء مخفف خير نظير ما قاله السمين غير إن أمواتًا جمع ميت مخفف ميت لأن أفعالًا لا يجمع عليه فيعل لكنه تعقبه شيخنا في شرح الشذور بأن فيه نظرًا لأن أفعالا إنما تنقاس جميعته إذا كان ثلاثيًّا كأقوال جمع قول وإذا كان ميت مخفف ميت المشدد فهو رباعي لا محالة فيكون جمعه كجمع ميت على خلاف القياس اهـ، وما ذكره جار فيما نحن فيه والله تعالى أعلم. قوله:(أَنّ القَريبُ أولى) أي ولا يسقط حقه بوصية الميت بها لغيره لأن الحق للقريب فلا يسقط بإسقاط غيره. قوله: (لكِنّ إِن كانَ الموصى الخ) فقد ورد أن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر فصلى، وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب فصلى، وعائشة أوصت أن يصلي عليها أبو هريرة فصلى وابن مسعود أوصى أن يصلي عليه الزبير فصلى، قال العلماء وهذا كله محمود على أن أولياءهم أجازوا الوصية. قوله:(وإذَا أَوصَى أَنْ يُدْفنَ في تابوت ولم تُنَفَّذُ وصيتهِ) أي لأنه بدعة. قوله: (رخوةً) بكسر الراء المهملة وفتحها. قوله: (أَو ندِية) هو بفتح النون وكسر المهملة وتخفيف التحتية ومثل الأرض الندية والرخوة في تنفيذ ما ذكر وعدم كراهة الدفن في التابوت إذا كان بالأرض سباع تحفر أرضها وإن أحكمت، أو تهرى الميت بحيث لا يضبطه إلَّا التابوت أو كانت امرأة لا محرم لها فلا كراهة في ذلك كله للمصلحة بل لا يبعد وجوبه في مسألة السباع إن غلب وجودها ومسألة النهري وتنفذ وصيته في جميع ما ذكر. قوله:(ويكُون منْ رَأَس المَالِ) في التحفة لابن حجر تنفذ وصيته من الثلث بما ندب فإن لم يوص فمن رأس المال إن رضوا ولا ينفذ

ص: 201

وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر، لا تنفَّذُ وصيتُه، فإن النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون، وصرَّح به المحققون، وقيل: مكروه. قال الشافعي رحمه الله: إلا أن يكون بقرب مكة، أو المدينة، أو بيت المقدس، فينقل إليها لبركتها. وإذا أوصى بأن يدفن تحته مضربة، أو مخدة تحت رأسه، أو نحو ذلك، لم تنفذ وصيته.

ــ

بما كره اهـ، والظاهر أنه حيث لم يوص واحتاج الدفن ولذلك أخرج من رأس المال وإن لم يرضوا به لأنه من مصالح الدفن الواجب كما في شرح الروض وغيره. قوله:(وإِذَا أَوصَى بأَنْ يُنقَلَ إِلى بَلدٍ آخرَ لَا تَنفُذ وصِيتُهُ) أي سواء كان قبل الدفن أو بعده وقضية قوله إلى بلد آخر الخ. إنه لا يحرم نقله لتربة ونحوها والظاهر أن كل ما ينسب لبلد الموت يحرم النقل إليه فلا تنفذ الوصية وقد

جزم غير واحد بحرمة نقله إلى محل أبعد من مقبرة محل موته أشار إليه ابن حجر في التحفة. قوله: (قَال الشَّافِعيُّ إلا أَنْ يكُونَ بقُرْب مكَةَ الخ) أي حرمها وكذا البقية وبحث المحب الطبري في إلحاق قرية بها صلحاء بالمساجد الثلاثةَ فيما ذكر قيل وعليه فيكون أولى من الدفن مع أقاربه في بلده أي لأن انتفاعه بالصالحين أقوى منه بأقاربه. قوله: (فَيُنقَلُ إِليهَا) أي حيث لم يخش تغير الميت وكان النقل بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه وإلا حرم نقله لأن الغرض تعلق بأهل محل موته فلا يسقط حل النقل وينقل أيضًا لضرورة كان تعذر إخفاء قبره ببلد كفار أو بدعة وخشي منهم نبشه أو إيذاؤه وقضية ذلك إنه لو كان نحو السيل يعم مقبرة البلدة ويغسلها جاز لهم النقل إلى ما ليس كذلك ويحث بعضهم في جواز النقل لأجل المساجد الثلاثة بعد دفنه إذا أوصى به ووافقه غير فقال بل هو قبل التغير واجب قال بعض المتأخرين وفيهما نظر وعلى كل فلا حجة فيما رواه ابن حبان إن يوسف عليه السلام نقل بعد موته بسنين إلى جوار جده عليه السلام وإن صح إن الناقل له موسى عليه السلام لأنه ليس من شرعنا ومجرد حكايته صلى الله عليه وسلم لا يجعله من شرعنا. قوله: (وإِذَا أَوصَى بأَنْ يُدفَنَ تَحتَهُ مِضربة الخ) أي يكره تنفيذها لما فيها من إضاعة المال

ص: 202

وكذا إذا أوصى بأن يكفن في حرير، فإن تكفين الرجال في الحرير حرام، وتكفين النساء فيه مكروه، وليس بحرام، والخنثى في هذا كالرجل. ولو أوصى بأن يكفن فيما زاد على عدد الكفن المشروع، أو في ثوب لا يستر البدن لا تنفذ وصيته. ولو أوصى بأن يقرأ عند قبره، أو يتصدَّق عنه، وغير ذلك من أنواع القرب، نفذت وصيته إلا أن يقترن بها ما يمنع الشرع منها بسببه.

ولو أوصى بأن تؤخَّر جنازته زائدًا على المشروع، لم تنفذ.

ــ

أي لكنه لنوع غرض قد يقصد فلذا كان فعل ذلك مكروهًا وإن كان فيه اضاعة مال لأن محل حرمة إضاعة المال حيث لا غرض أصلًا. قوله: (وكذَا إِذَا أَوصى بان يكَفنَ في حَرِير) أي فلا تنفذ وصيته فالتشبيه في عدم تنفيذ الوصية وإن اختلف التنفيذان فالأول مكروه وهذا حرام. قوله: (ولوْ أَوصَى بأَنْ يُكَفَّنَ فِيا زَادَ عَلَى عَددِ الكَفنِ المَشرُوع أَوْ في ثَوْب لَا يستُرُ البَدَنَ لَمْ تنفذُ) أي لا يجب تنفيذها في المسألة الأولى لأن حق الميت الذكر فَي الكفن إلَى الثلاث فيقدم به على الوارث وليس للوارث المنع منه ولو رضي الورثة المطلقوا التصرف بالزيادة إلى خمسة جاز أو أكثر منه جاز مع الكراهة كما قالوه لكن في المجموع لا يبعد تحريمه لأنه إضاعة مال إلَّا أنه لم يقل به أحد اهـ، وجزم ابن يونس بالتحريم كما نقله الأذرعي وهو قضية أو صريح كلام كثيرين ولا يجوز تنفيذ وصيته في المسألة الثالثة أي إذا أوصى بأن يكفن فيما لا يستر جميع البدن وهو يشمل صورتين الأولى ما لا يستر العورة فلا تنفذ وصيته في هذا اتفاقًا لأن ساتر العورة حق لله تعالى الثانية ما يستر العورة ولا يستر باقي البدن ففيه خلاف مبني على الخلاف في أقل الواجب من الكفن فإن قيل إنه الساتر للعورة وأن ما زاد حق للميت نفذت الوصية بتركه وهو ما عليه جمع وإن قيل إنه ساتر جميع البدن وإن ساتر ما فوف العورة من باقي البدن حق لله تعالى وللميت فلا تنفذ الوصية بتركه وهو ما في المجموع عن جمع وصريح كلامه هنا والله أعلم. قوله:(إلا أَنْ يقرنَ) بكسر الراء أي الميت أي

بالقرب في وصيته بما يمنع الشرع منها أي القرب لسببه أي بسبب ذلك المقرون به وفي نسخة صحيحة إلَّا أن يقترن بزيادة تاء مثناة فوقية قبل

ص: 203