الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روينا في "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما، "أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا حسن! كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أصبح بحمد الله بارئًا".
باب ما يقوله المريض ويقال عنده ويقرأ عليه وسؤاله عن حاله
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن عائشة رضي الله عنها "أن رسول
ــ
وجواب المسؤول وفي نسخة السؤال قوله: (وَرَوَيَنا في صَحيحِ البُخاري) قال الحافظ هو طرف من حديث أخرجه البخاري في الاستئذان وفي أواخر المغازي من وجهين عن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن عباس أخبره فذكره وزاد بعد قوله بحمد الله بارئًا فقال العباس والله إني لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوفى من وجعه هذا وإني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب عند الموت الحديث وفيه إشارة العباس على أن يسأل فيّ من الخلافة وامتناع عليّ منه ذكره الحافظ. قوله: (كَيْف أصبحَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) قال ابن حجر في شرح المشكاة فيه أن العبادة إذا تعسرت لعارض كغلبة المريض أو اشتغاله باستعماله دواء يسن السؤال عن حاله ممن يعلمه وهذا وإن لم يصرح به أئمتنا لكن ظاهر المعنى لأن المريض إذا بلغه ذلك يسر به اهـ. قوله (أَصبْحَ بِحَمْدِ الله) أي مقرونًا بحمده أو ملتبسًا بموجب حمده وشكره. قوله: (بارئًا) اسم فاعل من البرء خبر بعد خبر أو حال من ضمير أصبح ويجوز عكسه والمعنى قريبًا من البرء بحسب ظنه أو للتفاؤل أو بارئًا من كل ما يعتري المريض من قلق وغفلة وسيأتي في باب النياحة كلام نفيس في برأ وفي إنه ينبغي لمن يسأل عن المريض أن يجيب بما يشعر برضى المريض بما هو فيه عن الله تعالى وإنه مستمر على حمده وشكره لم يغيره عن ذلك شدة ولا مشقة وبما يؤذن بخفة مرضه أو بقرب عافيته قال ابن حجر أيضًا وهذا وإن لم يصرح به أصحابنا لكنه واضح.
باب ما يقوله المريض
(وفي نسخة ما يقول بإسقاط الضمير ويقال ويقرأ عليه وسؤاله عن حاله)، قوله:(رَوَيَنَا في صَحيح البُخَاري الخ) قال الحافظ بعد ذكره إلى قوله يفعل ذلك ثلاثًا سبق من
الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما:(قُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلِق) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به".
وفي رواية في الصحيح: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي توفي فيه بالمعوِّذات، قالت عائشة: فلما ثقل، كنت أنفث عليه بهن وأمسح
ــ
المصنف في باب ما يقوله إذا أراد النوم إيراد هذا الحديث ونسبته للصحيحين أيضًا ولم يقع بهذا اللفظ في صحيح مسلم ولا عنده في شيء من طرقه وكان يفعل ذلك ثلاث مرات وقد قال أسندته فيما مضى من طريق عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة وهو عند البخاري وأصحاب السنن من طريق المفضل بن فضالة عن عقيل بهذا اللفظ ثم أخرجه الحافظ عن عقيل بهذا السند وباللفظ إلَّا إنه قال كان إذا أراد النوم بدل قوله كان إذا أوى إلى فراشه وقال وسائر جسده بدل قوله وما أقبل عليه من جسده وحذف في هذه الرواية ما بعد جسده من الحديث وأخرجه هكذا أحمد اهـ. قوله:
(فَلمّا اشْتكَى) أي مرض وهو لازم وقد يأتي متعديًا فيكون التقدير وجعًا. قوله: (وفي روَايةٍ) هي مقررة في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي توفي فيه بالمعوذات قلت هذه رواية معمر أخرجها البخاري في الطب وليست في مسلم وفيها زيادة ستذكر بعد اهـ. قوله: (بالمعَوِّذَاتِ) قال في المرقاة بكسر الواو وقيل بفتحها أي قرأها على نفسه ونفث الريح على بدنه وأراد المعوذتين وكل آية تشبههما مثل وإن يكاد وإني توكلت على الله أو أطلق الجمع على التثنية مجازًا ومن ذهب إلى أن أقل الجمع اثنان فلا يرد عليه قال الطيبي أراد المعوذتين فيكون مبنيًّا على أن أقل الجمع باعتبار الآيات وقال العسقلاني يعني الحافظ وهما والإخلاص على طريق التغليب وهو المعتمد وقيل والكافرون أيضًا اهـ، وفي الحرز فلا منع من الجمع وهو أولى وبالإجابة أحرى لاشتراك الأربعة في البداءة يقل فكان الأولين بمنزلة الحمد والثناء الناشئ عن الإخلاص والأخيرتين
بيد نفسه لبركتها".
وفي رواية: "كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفث". قيل للزهري أحد رواة هذا الحديث: كيف ينفث؟ فقال: ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه. قلت: وفي الباب الأحاديث التي تقدمت في باب ما يقرأ على المعتوه، وهو قراءة الفاتحة وغيرها.
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" وسنن أبي داود وغيرها، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت قَرْحَة أو جَرْح، قال
النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا، ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبّابته بالأرض، ثم رفعها وقال: "بِسْمِ اللهِ تُرْبَةُ أرْضِنا
ــ
لمحض الدعاء وطلب الإخلاص اهـ.
قوله: (وفي روَايةٍ) كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات قال الحافظ هذه الرواية التي اتفق البخاري ومسلم على تخريجها فأخرجها البخاري في فضائل القرآن ومسلم ومدار الحديث عندهما على مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة. قوله: (قيلَ للزّهْرِي الخ) قال الحافظ كلامه يوهم أن أثر الزهري في الرواية الأخيرة وهي رواية مالك المتفق عليها وليس كذلك إنما هو في الرواية التي قبلها وهي التي انفرد بها البخاري وأخرجها في كتاب الطب عن معمر اهـ. قوله: (وغيْرِها) أي كأحمد كما قال الحافظ وابن ماجة قال ميرك انفرد البخاري بقوله بإذن ربنا وفي رواية له بإذن الله قال في المرقاة ولهذا نسب الحديث في الحصين إلى مسلم فقط. قوله: (الشيءَ) بالنصب قال في المرقاة مفعول أي العضو والضمير في منه يعود للإنسان أي من جسده. قوله: (قُرْحة) هو بفتح القاف وضمها ما يخرج من الإنسان مثل الدمل ونحوه. قوله: (جُرْحٌ) هو بالضم كالجراحة بالسيف. قوله:
(وَوَضعَ سُفيانُ بْنُ عُيينةَ سَبابَتهُ بالأَرْض) أي حتى يعلق بها شيء منها. قوله: (باسم الله) أي أتبرك به ويجوز أن يكون متعلقًا بقوله يشفى أَي بحذف اللام كما في النسخ وفي المشكاة بزيادة لام كي أي قال صلى الله عليه وسلم باسم الخ. ليشفي سقيمًا. قوله. (تربةُ أَرْضِنَا) أي هذه تربة أرضنا ممزوجة بريق بعضنا
بِرِيقَةِ بَعْضِنا يُشْفى بِهِ سَقِيمُنا
ــ
وهذا يدل على إنه كان يتفل عند الرقية قال القرطبي فيه دلالة على جواز الرقي من كل الآلام وأن ذلك أمر فاشيًا معلومًا بينهم قال ووضع النبي صلى الله عليه وسلم سبابته بالأرض ووضعها عليه أي على محل الألم من بدنه يدل على استحباب ذلك عند الرقي قال المصنف قالوا المراد بأرضنا جملة الأرض وقيل أرض المدينة خاصة لبركتها والأصح الأول ولا يخص أيضًا ببزاقه صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ من ريق نفسه على أصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه فيمسح بها على الموضع الجريح والعليل ولتلفظ بهذه الكلمات حال المسح قال في المرقاة قال التوربشتي الذي يسبق إلى الفهم من صنيعه ذلك ومن قوله هذا أن تربة أرضنا إشارة إلى قطرة آدم عليه السلام وريقة بعضنا إشارة إلى النطفة التي خلق منها الإنسان فكأنه يتضرع بلسان الحال ويعرض بفحوى المقال إنك اخترعت الأصل الأول من طين ثم أبدعت بنيه من ماء مهين فهين عليك أن تشفى من كان هذا شأنه وتمن بالعافية على من استوى في ملكك حياته ومماته وقال القاضي قد شهدت المباحث الطبية على أن الريق له مدخل في التصحيح وتبديل المزاج ولتراب الوطن تأثير في حفظ المزاج الأصلي ورفع نكاية المضرات ولذا ذكر في تفسير المسافرين إنه ينبغي أن يستصحب المسافر تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائة حتى إذا ورد ماء غير ما اعتاده جعل شيئًا منه في سقائه وشرب الماء منها ليأمن من تغير مزاجه ثم إن الرقي والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها اهـ. قال الطيبي تربة أرضنا خبر مبتدأ محذوف أي هذه والباقي بريقة متعلق بمحذوف خبر ثانٍ أو حال العامل فيها معنى الإشارة أي قال النبي صلى الله عليه وسلم مشيرًا بإصبعه باسم الله هذه تربة أرضنا معجونة بريقة بعضنا وإضافة تربة أرضنا وريقة بعضنا تدل على الاختصاص وإن تلك التربة والريقة كل واحدة منهما تختص بمكان شريف بل بذي نفس شريفة قدسية طاهرة عن الأوصار لفعله صلى الله عليه وسلم اهـ، والأظهر كما سبق شمول ذلك لكل أرض ولكل ريق كما سبق بيانه بالتحقيق. قوله:(يُشْفى سَقيمُنا) قال الحافظ العسقلاني ضبط بضم أوله على البناء للمجهول وسقيمنا بالرفع وبفتح أوله على أن الفاعل مقدر وسقيمنا بالنصب على المفعولية ثم الجملة خبرية مبنى دعائية معنى.
بإذْنِ رَبنا".
وفي رواية: "تُرْبَةُ أرْضِنا، وَرِيقَةُ بَعْضِنا". قلت: قال العلماء: معنى بِريقَة بعضنا: أي
ببصاقه، والمراد: بصاق بني آدم. قال ابن فارس: الريق ريق الإنسان وغيره، وقد يؤنث فيه فيقال: ريقة. وقال الجوهري في "صحاحه": الريقة أخصُّ من الريق.
وروينا في "صحيحيهما" عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذ بعضَ أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهُم رَب النّاسِ أذْهِب الباسَ، اشْفِ أنْتَ الشَّافي،
ــ
قوله: (بإِذنِ ربنَا) أي بأمره على الحقيقة سواء كان بسبب دعاء أو دواء أو بغيره وهذه الجملة مما انفرد بها البخاري كما سبق في كلام ميرك وقوله ووضع سفيان الخ. نبه الحافظ على أن هذا وقع عند مسلم فقط ولفظه وضع سفيان من رواية ابن أبي عمر ولفظه قال فيه يقول بزاقه بأصبعه الحديث وأخرجه ابن حبان بسنده إلى سفيان أيضًا اهـ.
قوله: (وفي رِوايةٍ الخ) قال الحافظ هي رواية الفضل بن صدقة عن سفيان بن عيينة اهـ، وعلى سفيان مدار هذا الحديث وقد أخرجه الحافظ من طرق عن سبعة من أصحاب ابن عيينة عنه قال حدثنا
عبد ربه بن سعيد عن عمر عن عائشة فذكره وقال بعد تخريجه وإنه في الصحيحين وأبي داود والنسائي وأبي عوانة وابن حبان وأخرجه الحاكم فوهم في استدراكه اهـ، وقال في المرقاة وفي رواية للجماعة إلّا الترمذي وريقة بعضنا فيكون التقدير ومزجت إحداهما بالأخرى اهـ، وما ذكره تقدير معنى لا تقدير إعراب إذ الظاهر فيه أن الواو بمعنى مع فهو نظير كل صانع وصنعته وتقدير ذلك كما صرحوا به كل صانع مقرون وصنعته فكذا فيما نحن فيه فتأمله.
قوله: (وَرَوَينَا في صحيحيْهما الخ) قال في السلاح ورواه النسائي بحمد الله بارئًا. قوله: (يمسحُ بيَدِه اليُمنَى) أي يمسح صلى الله عليه وسلم المريض بيده اليمنى ويؤخذ منه أن ذلك سنة قاله ابن حجر في شرح المشكاة. فصل له: (ويقُولُ رَب النّاسِ) أي يقول داعيًا ربه بحذف حرف النداء يا رب الناس. قوله: (البأسَ) بالموحدة والهمزة وإبدال الهمزة هنا أنسب مراعاة للسجع في قوله رب الناس قال الحافظ العسقلاني البأس بغير همزة للازدواج فإن أصله الهمز والبأس التعب والمشقة اهـ، وفي المرقاة إنه شدة المرض. قوله:(أشْفِ أَنتَ الشَّافي)
لا شِفَاءَ إلا شفَاؤكَ شفَاءً لا يُغَادِرُ سَقمًا".
ــ
لم يقل وأنت الممرض أدبًا كما قيل في قوله تعالى: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يشَفِين)[الشعراء: 80] ولما لم يفهم كل أحد هذا المعنى صرح الصديق بهذا المعنى فقال الذي أمرضني يشفيني وفي رواية للبخاري واشف وفي أخرى اشفه وأنت الشافي قال الحافظ العسقلاني كذا لأكثر الرواة بالواو ورواه بعضهم بحذفها قلت وقد بين الحافظ في أماليه على الأذكار إنه عند الشيخين من طريق سفيان الثوري ثنى سليمان هو الأعمش عن مسلم بن صبيح بالتصغير عن مسروق عن عائشة فذكر الحديث وفيه اشف أنت الشافي من غير واو ثم أخرجه الحافظ من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن أبي الضحى وهو مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة وفي روايته وأنت الشافي بزيادة واو قال الحافظ وأخرجه مسلم اهـ، والضمير في قوله في الرواية السابقة اشفه للعليل أو هي هاء السكت ومن هذا الخبر الصحيح يؤخذ إطلاق الشافي عليه سبحانه لا من كونه لا يوهم نقصًا أو من كون أصله في القرآن واردًا خلافًا لما في المرقاة لأن ذينك الأصلين خلاف المختار عزو من يقول الأسماء توقيفية والله أعلم واستشكل الدعاء للمريض بالشفاء مع إنه كفارة للذنوب وثواب وأجيب بأن الدعاء عبادة ولا ينافي الثواب والكفارة لحصولهما بأول المرض والصبر عليه والداعي بين حسنتين إما يحصل له مقصوده أو يعوض عنه بجلب نفع أو دفع ضر وكل من فضل الله. قوله:(لَا شِفَاءَ إلَّا شِفاؤُكَ) هذا مؤكد لقوله أنت الشافي قال الحافظ العسقلاني قوله لا شفاء بالمد مبني على الفتح والخبر محذوف والتقدير لنا أوله وقوله إلّا شفاؤك بالرفع على إنه بدل من موضع لا
شفاء ووقع في رواية للبخاري لا شافي إلّا أنت وفيه إشارة إلى أن كل ما يقع من الدواء والتداوي لا ينجع إن لم يصادف تقدير الله فقال الطيبي قوله لا شفاء إلا شفاؤك خرج مخرج الحصر تأكيدًا لقوله أنت الشافي لأن خبر المبتدأ إذا كان معرفًا باللام أفاد الحصر لأن تدبير الطبيب ونفع الدواء لا ينجع في المريض إذا لم يقدر الله الشفاء. قوله: (شفَاءِ لَا يغادِرُ سقمًا) هو تكميل لقوله اشف والجملتان معترضتان بين الفعل والمفعول المطلق وقوله لا يغادره بالغين المعجمة أي لا يترك وسقمًا بفتحتين أو بضم فسكون مرضًا والتنكير في سقمًا للتقليل قال الحافظ العسقلاني قوله
وفي رواية: كان يرقي يقول: "امْسَحِ الباسَ رَب النّاسِ، بِيَدِكَ الشفاءُ، لا كاشِفَ لَهُ إلَّا أنْتَ".
وروينا في "صحيح البخاري " عن أنس رضي الله عنه، أنه قال لثابت رحمه الله: ألا أرقيك برُقْيَة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال:"اللهُم رَب النّاسِ، مُذْهِبَ الباسِ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شَافِيَ إلَّا أنْتَ، شِفَاءَ لا يُغَادِرُ سَقَمًا".
قلت: معنى لا يغادر: لا يترك،
ــ
شفاء منصوب بقوله اشف ويجوز الرفع على إنه خبر مبتدأ محذوف أي هذا أو هو وفائدة التقييد إنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر يتولد منه مثلًا فكان يدعو بالشفاء المطلق لا بمطلق الشفاء قال الطبري بعد سياقه الحديث فيه من الفقه إن الرغبة إلى الله تعالى في صحة الجسد أفضل للتعبد وأصلح له من الرغبة إليه في البلاء وذلك إنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو للمرضى بالشفاء من عللهم فإن قلت ما وجه دعائه لمن دعا له بالشفاء وقد تظاهرت عنه صلى الله عليه وسلم الأخبار إنه قال يومًا لأصحابه من أحب أن يصح ولا يسقم قالوا نحو يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم أتحبون أن تكونوا مثل الحمر الضالة وتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلى يا رسول الله قال فوالذي نفس أبي القاسم بيده إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته وإلا أن له عنده منزلة لا يبلغها بشيء من عمله دون أن يبلغ من البلاء ما يبلغه تلك المنزلة فالجواب لعله صلى الله عليه وسلم خاطب أصحابه بذلك وأراد غيرهم كمن قل عمله وكمن اقترف على نفسه الآثام فكره له أن يختار لنفسه لقاء ربه وموافاته بإجرامه غير ممتحن ولا متطهر من الأدناس فلا تضاد بين الأخبار والله أعلم. قوله: (وفي رِوايةٍ كانَ يَرْقي) هي للشيخين والنسائي كما أفاده في السلاح وفي التخريج وأخرج ابن حبان وأخرجه الحافظ من طريق أخرى عن عائشة قال وفيها زيادة إنه صلى الله عليه وسلم قال ألا أرقيك برقية جاءني بها جبريل عليه السلام بسم الله لا بأس اشف رب النّاس اشف أنت الشافي لا شفاء إلّا شفاؤك ولم يذكر من خرجه من أصحاب الكتب المشهورة. قوله: (لَا كاشِفَ لهُ) أي للبأس ثم حديث أنس الكلام في الحديث قبله يجري فيه فاكتفى بذلك والله أعلم واشف بكسر الهمزة للوصل، تحذف في الدرج فيه وفيما قبله. قوله:(يُغادِرُهُ)
والبأس: الشدَّة والمرض.
وروينا في "صحيح مسلم" رحمه الله، عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه،
أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في
ــ
بالغين المعجمة. قوله: (والبَأْسُ) أي بالهمزة والأجود، في الخبر تركه للازدواج. قوله:(في صحيحِ مُسْلم) قال في السلاح رواه الجماعة إلّا البخاري ولفظه وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر زاد أبو داود والترمذي
والنسائي قال فقلت ذلك فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم وأخرجه مالك في الموطأ ولفظه إنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عثمان وبي وجع قد كاد يهلكني قال فقال لي امسح بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعز الله وقدرته من شر ما أجد قال فقلت ذلك فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم وأخرجه الترمذي أيضًا من حديث أنس ولفظه فضع يدك حيث تشتكي ثم قل بسم الله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من وجعي هذا ثم ارفع يدك ثم أعد ذلك وترًا اهـ، وبه يعلم أن اللفظ عند مسلم باسم الله ثلاث مرات وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر أما أعوذ بعزة الله وقدرته فعند مالك في الموطأ لكن بإسقاط قوله وأحاذر ورواه ابن أبي شيبة كذلك في مصنفه كما في الحصين لكن في المشكاة عز والحديث باللفظ الذي في الأذكار إلّا إنه قال وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله الخ. إلى مسلم قال في المرقاة نقلًا عن ميرك ورواه الأربعة اهـ، ولعله روى اللفظين عند الجماعة وقال الحافظ تخريجه باللفظ الذي ذكره المصنف إلَّا إنه قال على الذي يألمك بزيادة ضمير المفعول والباقي سواء ما لفظه هذا حديث صحيح رواه مسلم والنسائي في الكبرى وأخرجه ابن حبان ومالك في الموطأ فلم يذكر التسمية ولا وأحاذر وزاد في آخره قال ففعلت فأذهب الله عني ما كان فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن طريق مالك وأخرجه ابن ماجة من طريق مالك وذكر نحو رواية مالك اهـ، ملخصًا. قوله:(شَكَى إِلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الخ) يؤخذ منه ندب شكاية ما بالإنسان على سبيل الإخبار بالواقع من غير ضجر ولا تبرم إلى من يتبرك به رجاء لبركة
جسده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ضَعْ يَدِكَ على الذي تألمُ مِنْ جَسَدِكَ، وقُلْ: بِسْمِ اللهِ ثَلاثًا، وقُلْ سَبْعَ مراتٍ: أعُوذُ بعِزةِ اللهِ وقُدْرَتِهِ مِنْ شَر ما أجِدُ وأُحاذِر".
وروينا في "صحيح مسلم" عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: عادني النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهُم اشْفِ سَعْدًا، اللهُم اشْفِ سَعْدًا، اللهُم اشْفِ سَعدًا".
وروينا في سنن أبي داود، والترمذي، بالإسناد الصحيح عن ابن عباس
ــ
دعائه. قوله: (علَى الذي يألم) بالتحتية وفي رواية الحافظ بزيادة ضمير المفعول أي على الموضع الذي يوجع. وقوله: (بعزةِ الله) أي بغلبته وقوته. وقوله (ما أَجدُ) أي من الوجع. قوله: (وأُحاذر) أي أخاف وأحذر وهو مبالغة أحذر قال الطيبي تعوذ من وجع هو فيه ومما يتوقع حصوله في المستقبل من الحزن والخوف فإن الحذر هو الاحتراز عن مخوف.
قوله: (وَرَوَينَا في صحِيح مُسلم الخ) هو طرف من حديث انفرد بإخراجه مسلم في كتاب الوصية وأخرجه عن ثلاثة من ولَد سعدَ عن أبيهم رضي الله عنه وزاد في أحد طرق الحديث عنده أن سعدًا قال فادع الله أن يشفيني واتفق الشيخان على إخراج حديث سعد في الوصية من رواية عامر بن سعد عن أبيه بدون هذه الزيادة وأخرجه البخاري من رواية عائشة بنت سعد عن أبيها وفيه هذه الزيادة مختصرة قال فيها اللهم اشف سعدًا ولم يكرر ذكره الحافظ.
قوله: (وَرَوَيْتَا في سنَنِ أَبِي دَاوُدَ والترْمذي) قال في الحصين ورواه النسائي أي في السنن
الكبرى كما قاله الحافظ في عمل اليوم والليلة كما نقله في المرقاة عن ميرك قال ورواه ابن حبان والحاكم وابن أبي شيبة في مصنفه كلهم عن حديث ابن عباس وقال الحافظ بعد تخريجه الحديث هذا حديث حسن وأخرجه أحمد وقال الترمذي حسن غريب لا نعرفه إلَّا من حديث المنهال بن عمر وقلت فيه مقال والأكثر على توثيقه والراوي عنه يزيد أبو خالد الدالاني مختلف فيه وثقه أحمد وابن معين وجماعة وضعفه ابن سعيد والحربي وابن حبان وأفرط وتوسط ابن عدي فقال لين الحديث ومع لينه يكتب حديثه قلت ولم ينفرد به بعد رواه الحجاج بن أرطأة عن المنهال أخرجه النسائي والحجاج فيه مقال لكن يكتب حديثه في المبايعة وقد رواه الأشجعي وهو ثقة عن شعبة عن شيخ آخر غير الدالاني
رضي الله
عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ عادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أجَلُهُ، فَقال عِنْدَهُ: سَبْعَ مَراتٍ: أسألُ اللهَ العَظِيمَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ أن يَشْفيكَ، إلَّا عافاهُ الله
ــ
فإن كان محفوظًا فلشعبة فيه شيخان ثم أخرجه الحافظ من طريقين عن شعبة عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمر وقد ذكر الحديث وقال في أوله من دخل على مريض وفي آخره إلّا شفاه الله أخرجه النسائي ورواه عبد ربه بن سعيد الأنصاري أحد الثقات عن المنهال فزاد في السند رجلًا أو رجلين وخالف في سياق المتن فقال حدثنا المنهال عن ابن جبير وزاد بعده عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال كان صلى الله عليه وسلم إذا عاد المريض جلس عند رأسه ثم قال أسأل الله العظيم فذكره لكن قال في آخره إن كان في أجله تأخير برأ من وجعه ذلك أخرجه النسائي في الكبرى وابن حبان في صحيحه فأما النسائي فوقع في روايته حدثنا المنهال بن عمرو ومرة سعيد بن جبير هذا في النسخ المعتمدة وفي بعضها عن سعيد كما في رواية هارون وأما رواية ابن حبان فهي بغير زيادة قال المنهال بن عمرو أخبرني سعيد بن جبير ومع هذا الاضطراب يتوقف في تصحيحه وقد سبق إلى ذلك ابن حبان كما ذكرت والحاكم اهـ. ملخصًا. قوله: (لمْ يَحضره أجله) أي انتهاء عمره. قوله: (العَظيم) أي في ذاته وصفاته. قوله: (رَب العرْش العَظيم) بدل أو بيان والتخصيص للتشريف والتكريم والعظيم بالجر على أنه صفة العرش. قوله: (أَن يَشْفِيك) مفعول ثاني. قوله: (إِلَّا عَافَاهُ الله) استثناء من من الشرطية العامة فكأنه قال ما عاد أحد مريضًا وقال كذا إلَّا عافاه الله من ذلك المرض والحصر غالبي أو نسبي على شروط لا بد من تحققها كذا في الحرز وفي حاشية سنن أبي داود للسيوطي دخول إلَّا من تحريف الرواة فإنه ليس محل دخولها لأنها لا تدخل في جواب الشرط لا تقول من جاءني إلَّا أكرمته وكأن ذلك من الربيع بن يحيى الراوي عن شعبة فقد رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق محمد بن جعفر عن شعبة بلفظ ما من مسلم يعود مريضًا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلَّا عوفي وهذا محل دخول إلّا اهـ، وإذا صحت الرواية بإلا مع من الشرطية
سُبْحانَهُ وتعالى مِنْ ذلِكَ المَرَضِ"، قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم أبو عبد الله في كتابه "المستدرك" على الصحيحين: هذا حديث صحيح على شرط البخاري. قلت: يشفيك بفتح أوله.
وروينا في "سنن أبي داود" عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذَا جاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا فَلْيَقُلْ: اللهُم اشْفِ عَبْدَكَ يَنْكأُ لَكَ عَدُوًّا، أوْ يَمشِي لَكَ إلى صَلاةٍ"، لم يضعفه أبو داود.
قلت: ينكأ بفتح أوله وهمز آخره، ومعناه: يؤلمه
ــ
فيكون وجهه ما أشار إليه في الحرز قوله: (يَشْفِيك الخ). قال تعالى: ({وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80] ونبه على الياء الأولى لمكان الإلباس بمضارع أشفي وإن كان المقام لا يقبله وسكت عن الياء التي هي لام الفعل لأن فتحها لا يخفى على مبتدئ في النحو لوجود
الناصب وهو أن وإهمالها لغة نادرة لا يخرج عليها فصيح الكلام إلَّا إذا ألجأت الضرورة لذلك والله أعلم.
قوله: (وَرَوَيْنَا في سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ) وروي هذا الذكر من حديث ابن عمرو بن العاص بن حبان والحاكم في مستدركه كما في الحصين وقال الحافظ بعد تخريج الحديث هذا حديث حسن. قوله: (ينكأُ) سيأتي ضبطه في الأصل وهو فيما وقفت عليه مرفوع وفي المفاتيح شرح المصابيح للجزري هو مرفوع غير مجزوم اهـ، وقال المظهري مجزوم لأنه جواب الأمر ويجوز أن يكون مرفوعًا تقديره اللهم اشف عبدك فإنه ينكأ لك عدوًا أي يغزو في سبيلك. قوله:(إِلى صَلاةٍ) في رواية المشكاة إلى جنازة قال في المرقاة أي اتباعها للصلاة لما جاء في رواية إلى صلاة وهذا توسع سائغ قال الطيبي ولعله جمع بين النكاية وتشييع الجنازة لأن الأول كدح في إنزال العقاب على عدو الله والثاني سعى في إيصال الثواب إلى ولي الله اهـ. قال في المرقاة أو لأن المقصود من المرض إما كفارة الذنوب ورفع الدرجات أو تذكير بالموت والآخرة والعقاب وهما حاصلان له بالعملين المذكورين اهـ. قوله: (لمْ يُضعِّفهُ أَبُو دَاوُدَ) قال الحافظ حيي بمهملة مضمومة وتحتيتين مصغرًا وهو أحد رواته مختلف فيه ولم يترك حديثه وقد تفرد بهذا الحديث اهـ. قوله: (وهمزِ آخرِه) قال في المفاتيح نقلًا عن النهاية يقال نكيت العدو أنكى
ويوجعه.
وروينا في كتاب الترمذي، عن علي رضي الله عنه، قال: كنت شاكيًا، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول: اللهُم إن كان أجَلِي قد حضر فأرحني، وإن كان متأخرًا فارفعه عني،
وإن كان بلاءً فصبِّرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ
ــ
نكاية فإنا ناك إذا أكثرت فيهم بالجرح والقتل فوهنوا لذلك وقد يهمز لغة ويقال نكأت القرحة أنكوها إذا قشرفها اهـ. قال في الحرز ولا يخفى أن إيراد المصنف قول صاحب النهاية هذا يوهم أن نكأ من المعتل وقد يهمز فيعتبر الضبط بالوجهين والهمز يكون ضعيفًا بالنسبة إلى الناقص وهو غير صحيح إذ اتفق النسخ المعتبرة والأصول المصححة المعتمدة على كتابته بالألف وضبطه بالهمز على خلاف في رفعه وجزمه فلو كان من الياء الناقص كما ذكره صاحب النهاية لكان يكتب بالياء ثم رأيت القاموس ذكر في الياء نكأ العدو وفي العدو نكاية قتل وجرح وفي الهمز نكأ العدو ينكأهم وحاصله لغتان والحديث من المهموز ورفعه أقوى لقوله ويمشي وفي رواية أو يمشي لك بالرفع قال الطيبي وتبعه ميرك جاء بإثبات الياء وتقديره وهو يمشي اهـ، وهو توجيه لرفع المعطوف مع جزم المعطوف عليه وهو أحسن من قول صاحب المرقاة وعلى تقدير الجزم فهو وارد على قراءة من يتقي ويصبر فتأمل.
قوله: (وَرَويْنَا في كِتَابِ التِّرْمَذِي) في الحصن بعد إيراد اللهم اشفه أو اللهم عافه رواه الترمذي والحاكم وابن حبان كلهم عن علي وفي السلاح صحيح يعني الحديث صحيح على شرط الشيخين
ولفظ الحديث للترمذي ولفظ الحافظ اللهم اشفه اللهم عافه ولفظ النسائي اللهم اشفه اللهم اعفه اهـ. أي بقطع الهمزة وكسر الفاء من أعفي يعفى يقال أعفى بمعنى عوفي كما في الحرز وقال الحافظ بعد تخريج الحديث هذا حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي في الكبرى والحاكم وابن حبان قال الترمذي حديث حسن صحيح لا يعرف إلَّا من رواية عبد الله بن سلمة بكسر اللام وهو تابعي روي الحديث عن علي رضي الله عنه قلت وهو صدوق ذكره البخاري في الضعفاء وقال لا يتابع على حديثه ونقل عن شعبة عن عمرو بن مرة إنه قال في حقه يعرف وينكر كان قد كبر وكان اعتماد من
قُلْتَ"؟ فأعاد عليه ما قاله، فضربه برجله وقال: "اللهُم عافهِ -أو اشْفهِ-" شك شعبة، قال: فما اشتكيت وجعي بعدُ. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما، أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مَنْ قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبَرُ، صَدّقَهُ رَبُّهُ، فقال: لا إلهَ إلَّا أنا وأنا أكْبَر، وإذَا قال: لا إلهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، قال: يَقُولُ: لا إلهَ إلا أنا وَحْدِي لا شَرِيكَ لي، وإذَا قال: لا إلهَ إلا اللهُ لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، قال: لا إلهَ إلا أنا ليَ المُلْكُ وليَ الحَمْدُ، وإذَا قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وَلا حَوْلَ ولا قوّةَ إلَّا بالله، قال: لا إلهَ إلا أنا وَلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا بي" وكان يقول: "مَنْ قالها فِي مَرَضِهِ ثُمَّ ماتَ
ــ
صححه على تحديث شعبة به فهو من قبيل ما يعرف لا ما ينكر والعلم عند الله اهـ. قوله: (وروينا في كتاب الترْمذِي الخ) قال في السلاح واللفظ للترمذي ورواه النسائي والحاكم وابن ماجة وابن حبان في صحيحيهما وفي رواية للنسائي عن أبي هريرة وحده مرفوعًا من قال لا إله إلَّا الله والله أكبر لا إله إلَّا الله وحده لا إله إلَّا الله لا شريك له لا إله إلَّا الله له الملك وله الحمد لا إله إلَّا الله لا حول ولا قوة إلَّا باللهِ يعتدهن خمسًا بأصابعه ثم قال من قالهن في يوم أو ليلة أو شهر ثم مات في ذلك اليوم أو تلك الليلة أو في ذلك الشهر غفر له ذنبه اهـ، وقال الحافظ بعد تخريج الحديث بنحو ما ذكره المصنف هذا حديث حسن أخرجه النسائي في الكبرى وابن ماجة ورواه الترمذي والحاكم ولم يذكر النسائي أبا سعيد ولم يصرح برفعه وأخرجه ابن حبان اهـ، ملخصًا. قوله:(لَا إِلَهَ إلا الله لَهُ المُلْكُ ولهُ الحَمْدُ) قال في الحرز عدت الجملتان بمنزلة واحدة لتلازمهما وعدم انفكاكهما ولذا لم يقل لا إله إله إلا الله له الملك وله الحمد ثم اكتفى بهما عن قوله: ({وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [هود: 4] اهـ. قوله: (وكانَ يَقُول الخ) أخرج الحافظ الحديث من طريق حمزة الزيات ومن طريق إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق عن الأعرابي عن مسلم عن أبي
لَمْ تَطْعَمْهُ النارُ" قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في "صحيح مسلم" وكتب الترمذي، والنسائي، وابن ماجه بالأسانيد الصحيحة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،
ــ
هريرة وأبي سعيد مرفوعًا ثم قال بعد سياق الحديث بنحو ما ذكره المصنف هذا لفظ حمزة ورواية إسرائيل أخصر وزاد في رواية حمزة وعن أبي جعفر الأغر مثل رواية أبي إسحاق إسرائيل وزاد من قاله في مرضه ثم مات لم يدخل النار وفي رواية إسرائيل قال أبو إسحاق قال الأغر شيئًا لم أفهمه فقلت لأبي جعفر ماذا قال قال من رزقهن عند موته لم تمسه النار اهـ. قوله: (لمْ تَطْعمهُ النارُ) أي لم
تأكله واستعير الطعم للإحراق مبالغة كأن الإنسان طعامها تتقوى وتتغذى به ثم تطعمه بفتح الفوقية والنار فاعلة ووقع في نسخة الجلال من الحصن لم يطعمه النار بصيغة المعرف المذكر من الإطعام فيكون ضمير الفاعل لله والنار منصوبًا على المفعولية. قوله: (بالأَسَانيدِ الصَّحيحَةِ) تعقبه الحافظ بأن الحديث عند جميع من ذكرهم الشيخ عن بشر بن هلال الصواف عن عبد الوارث بن سعد عن عبد العزيز بن صهيب ثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري وليس له عندهم إلَّا إسناد واحد فقول الشيخ بالأسانيد الصحيحة فيه ما فيه قال ثم أخرجه النسائي في الكبرى عن عمران بن موسى عن عبد الوارث وأخرجه أحمد عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه وأخرجه الطبراني في الدعاء عن معاذ بن المثنى عن مسند عبد الوارث فمداره على عبد الوارث وقد تابع شيخه داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد أخرجه كذلك عبد بن حميد وأخرجه البزار من طريق محمد بن عبد الرحمن الطغاوي عن داود وقال تابعه أبو شهاب ورواه غير واحد عن داود عن أبي نضرة عن جابر وقال الترمذي بعد تخريجه هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن أنس وعائشة زاد شيخنا العراقي في شرحه وفيه عن أبي هريرة وعبادة بن الصامت (قلت) وفيه أيضًا عن عمر وعمار وميمونة أم المؤمنين وجابر رضي الله عنهم أما حديث أنس فأخرجه الطبراني في الدعاء وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم وفي آخر الحديث ومن شر حاسد إذا حسد ومن كل ذي عين وأما حديث أبي هريرة فأخرجه وابن ماجة والحاكم في المستدرك وفي آخره من كل داء فذكر {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} [الفلق: 4 - 5]، وفيه إنه كرر فيه ثلاث
"أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمدُ،
اشْتَكَيْتَ؟ قال: نعم، قال: بِسْمِ اللهِ أرْقِيكَ، مَنْ كُل شَيْء يُؤذِيكَ، مِنْ شَر كل نَفْسٍ أوْ عَيْنٍ حاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ،
ــ
مرات وفي سنده عاصم بن عبيد الله وهو صدوق ضعفوه من قبل حفظه وهذا مما تساهل فيه الحاكم وأما حديث عبادة بن الصامت فأخرجه وفي آخره من كل أذى يؤذيك من كل حاسد إذا حسد ومن كل عين والله يشفيك وقال الحافظ حديث حسن أخرجه وابن ماجة وأخرجه أحمد من طريق أخرى عن عبادة بن الصامت وأما حديث ابن عمر فأخرجه الطبراني في الدعاء وفي سنده ضعف وأما حديث عمار فأخرجه الحافظ عن عمار بن ياسر إنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك رقية علمنيها جبريل قال بلى يا رسول الله قال فعلمه بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل شيء يعنيك خذها فليهنيك هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه أخرجه الطبراني في الدعاء وكذا الدارقطني في الأفراد وقال غريب من حديث محمد بن الحنفية عن عمار تفرد به ميسرة عن المنهال بن عمرو وما رواه عنه إلَّا فضيل (قلت) وهو صدوق أخرج له مسلم وفيه مقال وأما حديث ميمونة فأخرجه أحمد والنسائي في الكبرى وابن حبان في صحيحه كلهم من رواية عبد الرحمن بن السائب ابن أخي ميمونة قال قالت لي ميمونة يا بن أخي ألا أعلمك رقية رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت) بلى قالت باسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء فيك وفي الحديث قصة أخرى وأما حديث جابر فذكره البزار في الكلام على حديث أبي سعيد كما تقدم اهـ. كلام
الحافظ ملخصًا. قوله: (اشتكَيت) بفتح الهمزة والاستفهام على بابه بدليل الجواب وقال ابن حجر في شرح المشكاة إنه للتقرير واعترضه في المرقاة بأنه لو كان للتقرير لما احتاج إلى جواب ثم لا يلزم من إتيان جبريل إليه اطلاعه على ما لديه صلى الله عليه وسلم. قوله: (أَرْقيكَ) بفتح الهمزة وكسر القاف من الرقية له أعيذك. قوله: (يُؤْذِيكَ) بالهمزة ويجوز إبداله واوًا. قوله: (مِن شَرِّ كلِّ نَفْسٍ أَوْ عَينٍ حاسِدٍ) بتنوين نفس وعين وقيل بإضافتهما وفي الحرز الأظهر أن ينون الأول ويضاف الثاني ليلائم قوله حاسد إلَّا أن راد به ذات حسد اهـ، وأو يحتمل أن تكون للشك والأظهر أنها للتنويع قيل يحتمل أن يراد بالنفس نفس الأذى ويحتمل أن يراد بها العين فإن
بِسْمِ اللهِ أرْقِيكَ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، قال:
ــ
النفس تطلق على العين يقال رجل منفوس إذا كان يصيبه النّاس بالعين ويكون قوله أو من عين حاسد من باب التوكيد بلفظ مختلف أو شك من الراوي كذا نقله ميرك عن التصحيح وعلى الأظهر فالمستعاذ منه النفس الخبيثة والعين ذات الحسد. قوله: (باسْم الله أَرْقِيكَ) قيل كرره للمبالغة وبدأ به وختم إشارة الله إنه لا نافع إلَّا هو وفيه من صنيع البديع رد المقطع على المطلع.
قوله: (وَرَوينَا في صحيح البُخَارِي) هو طرف من حديث رواه البخاري آخره فقال لا بأس طهور إن شاء الله قال يعني الأعرَابي قلت طهور بل حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور فقال صلى الله عليه وسلم فنعم إذًا أخرجه البخاري هكذا في علامات النبوة وأعاده في مقدمة الطب ولفظه دخل علي رجل يعوده فقال لا بأس الخ، ولم يذكر قوله وكان إذا دخل الخ، وأخرجه في التوحيد كذلك لكن فيه دخل علي أعرابي وفيه فقال الأعرابي وزاد فيه عليك بعد قوله لا بأس وهو عند النسائي وزاد فيه الإسماعيلي على عظم شيخ كبير وقد استشكل إيراد البخاري له في علامات النبوة وجوابه إنه أشار إلى زيادة وقعت في بعض طرقه وذلك ما أخرجه أبو نعيم في الصحابة وابن منده وغيرهما عن شرحبيل الجعفي رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي طويل ينتفض فقال يا رسول الله شيخ كبير به حمى تفور تزيره القبور فقال صلى الله عليه وسلم به حمى تفور وهي له كفارة وطهور فأعادها فقال له صلى الله عليه وسلم أما إذا أثبت فهو كما يقول وما قضى الله فهو كائن فما أمسى من الغد إلَّا ميتًا وقال الحافظ يعد تخريجه حديث حسن غريب ثم أشار إلى اختلاف في سنده بين رواته وأن عند بعضهم زيادة فأعادها ثلاثًا والحديث من مرسل زيد بن أسلم أخرجه عبد الرزاق اهـ. قال في السلاح
وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل على من يعوده قال: "لا بأسَ طَهُور إنْ شاءَ اللهُ".
وروينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده وهو محموم، فقال:"كَفَّارَةٌ وَطَهُور".
وروينا في كتاب الترمذي، وابن السني، عن أبي أُمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تمَامُ عِيادَةِ المَريضِ أنْ يَضَعَ
ــ
والحصن رواه النسائي قال ميرك في عمل اليوم والليلة. قوله: (وكانَ الخ) أي من عادته صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك إذا عاد إنسانًا. قوله: (لَا بأسَ) أي بالهمز وإبداله ألفًا. قوله: (طَهُورٌ) بفتح أوله ويجوز ضمه وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هذا أو مرضك مطهر للذنوب مكفر للعيوب واقتصر عليه بناء على الأغلب الأكثر وإلا فقد يكون سببًا لرفع الدرجات في العقبى ولعلو المقامات في الدنيا لأن الرياضات نتيجة
الحالات والكشوفات كذا في الحرز. قوله: (إِنْ شَاءَ الله) أتى به للتبرك أو للتفويض أو للتعليق فإن كونه طهورًا مبني على كونه صبورًا شكورًا.
فائدة
من أصيب وصبر حصل له ثوابان غير تكفير الذنوب لنفس المصيبة وللصبر عليها ومنه كتابة مثل ما كان يعمل من الخير صحيحًا ومن انتفى صبره لعذره كجنون فكذلك أما من انتفى صبره لنحو جزع فلا يحصل له من الثوابين شيء وقد بسط الكلام على هذا المقام ابن حجر الهيتمي في شرح المنهاج بما هذا حاصله.
قوله: (وَرَوَيْنَا في كِتَاب ابْنِ السنى الخ) قال الحافظ اختصره أيضًا ثم أخرجه الحافظ عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي وهو محموم فقال كفارة وطهور فقال الأعرابي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور فقام صلى الله عليه وسلم وتركه ثم قال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه أخرجه أحمد عن عفان عن حماد وأخرجه ابن السني عن أبي يعلى اهـ. قوله: (كفارة) أي مرضك مكفر لما جنيت من الذنوب وطهور من ذلك.
قوله: (وَرَوَيْنَا في كِتَابَي الترمِذِي وابْنِ السنى الخ) أخرجه الحافظ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائد المَريض يخوض في الرحمة ومن تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على وجهه أو على يده فيسأله كيف هو وتمام تحيتكم المصافحة وقال الحافظ هذا حديث غريب من هذا الوجه أخرجه الترمذي أخصر منه وقال هذا إسناد ليس بذاك وعبيد بن زحر
أحَدُكُمْ يَدَهُ على جَبْهَتِهِ أوْ على يَدِهِ فَيَسألَهُ كَيفَ هُوَ؟ " هذا لفظ الترمذي. وفي رواية ابن السني: "مِنْ تَمام العِيادَةِ أنْ تَضَعَ يَدَكَ على المَرِيضِ فَتَقُولَ: كَيفَ أصْبَحْتَ، أوْ كَيفَ أمْسَيتَ؟ " قال الترمذي: ليس إسناده بذاك.
وروينا في كتاب ابن السني،
ــ
بفتح الزاي وسكون الحاء المهملة بعدها راء ثقة وشيخه علي بن زيد الألهاني بفتح الهمزة وسكون اللام ضعيف وشيخه القاسم كني أبا عبد الرحمن وهو شامي ثقة قلت واختلف في توثيقه وكذا في توثيق ابن زحر وأفرط ابن حبان فقال إذا اجتمع في الإسناد ابن زحر وعلي بن يزيد والقاسم فذاك مما عملت أيديهم اهـ. قوله: (هَذَا لَفْظُ الترمِذي) أي من جملة حديث كما عرفت. قوله: (وفي رِواية ابْنِ السنى) قال الحافظ ليس فيها زيادة سوى قوله كيف أصبحت كيف وهي عنده من طريق يحيى بن سعيد المدني وليس هو الأنصاري بل هو راو ضعيف وليس في روايته أول الحديث ولا آخره ثم ساق الحافظ شاهدًا من حديث أبي هريرة قال عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من أصحابه به وجع وأنا معه فقبض يده فوضعها على جبهته وكان يرى ذلك من تمام عيادة المريض وقال إن الله عز وجل قال هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث غريب أخرج ابن ماجة بعضه وأخرجه ابن السني بتمامه ورجاله ثقات إلَّا عبد الرحمن بن يزيد بن
تميم فإنه ضعيف وقد تفرد بوصله ورفعه وخالفه سعيد بن عبد العزيز فرواه عن إسماعيل بن عبيد الله من قول كعب الأحبار ولأصل وضع اليد على المريض شاهد إنه من حديث عائشة في الصحيحين ومن حديث سعد بن أبي وقاص في البخاري اهـ. قوله: (أَنْ يَضَعَ أحدكمْ يَدَهُ الخ) قال ابن حجر الهيتمي في كتاب الإفادة فيما جاء في المرض والعيادة حكمة وضع اليد تأنيسه ومعرفة شدة الألم ليدعو له أو يرقيه ويتأكد لعارف بالطب يرى انهم يثقون به وضع يده على ما يدرك به العلة وهو النبض إن كانت العلة باطنة أو على محلها إن كانت ظاهرة واحتاج لمسها ثم يصف له ما يناسبها أو يسأله أو من عنده عن حاله من غير إكثار ولا إضجار ويجيب هو أو من عنده بنحو أصبحت بخير الحمد لله اهـ.
قوله: (وَرَوَيْنَا في كِتَاب ابْنِ السني)
عن سلمان رضي الله عنه قال: "عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض
ــ
قال في الحصين ورواه الحاكم عن سلمان في كتاب الدعاء من المستدرك قال الحافظ في التخريج بعد تخريجه الحديث هذا حديث غريب أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه وقال الذهبي في مختصره سنده جيد وليس كما قال وقد تم الوهم فيه عليه وعلى الحاكم قبله فقد سقط من سنده بين شعيب وأبي هاشم راو وذلك الراوي هو أبو خالد كما جاء في رواية لابن السني وأبو خالد وهو عمرو بن خالد، الواسطي ضعيف جدًّا كذبه أحمد وابن معين وغيرهما وباقي رجال سنده ثقات وأخرجه الطبراني في الكبير من وجه آخر عن عمرو بن خالد المذكور اهـ. قوله:(عَنْ سَلمَانَ الفارسي) الصحابي الكبير أحد الذين اشتاقت لهم الجنة والفارسي نسبة لفارس إما لكونه منها أو من أصبهان وهي منها أو لغير ذلك يقال سلمان الخير سئل عن نسبه فقال أنا ابن الإسلام أدرك حواري عيسى وقرأ الكتابين وسئل علي رضي الله عنه فقال علم العلم الأول والعلم الآخر وهو بحر لا ينزف وهو منا أهل البيت له اليد الطولى في الزهد مع طول عمره المستلزم لزيادة الحرص والأمل بشهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد عاش مائتين وخمسين أو ثلاثمائة وخمسين سنة وكان عطاؤه خمسة آلاف وكان يفرقه ويأكل من كسب يده يعمل الخوص وكان مجوسيًّا صحب جماعة من الرهبان فأخبره آخرهم عند وفاته بظهور النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاز فقصده مع أعراب فغدروه فباعوه بوادي القرى ليهودي فقدم به المدينة فكان بها حتى قدمها المصطفى وتعرف فيه العلامات التي وصفها الراهب فَآمن من قال الطبراني في أكبر معاجمه وإسلامه بالمدينة أثبت من قول من قال إنه آمن بمكة وكاتب أهله على ثلاثمائة نخلة يعمل فيها حتى تثمر وأربعين أوقية من الذهب فغرس عصييه بيده المباركة الكل وقال أعينوا أخاكم فأعانوه حتى أدى كل ما عليه وأول مشاهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وهو الذي أشار بحفره ولم يتخلف بعده عن مشهد ولما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق تخاصم فيه المهاجرون والأنصار كل يدعيه فقال صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت آخى النبي صلى الله عليه وسلم
بينه وبين أبي الدرداء روي له عنه صلى الله عليه وسلم فيما قيل ستون حديثًا انفرد البخاري بأربعة أحدها مسند وانفرد مسلم بثلاثة أحاديث مسندة وخرج عنه الأربعة وغيرهم توفي في خلافة عثمان