الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما حُسِرَ عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين".
قلت: حُسِر بضم الحاء وكسر السين المهملتين أي: كشف وجلي.
فصل:
ويستحب إطالة القراءة في صلاة الكسوف، فيقرأ في القومة الأولى نحو سورة البقرة،
ــ
يعرف مذهب أنه يرفع يديه في صلاة الكسوف في أوقات الأذكار وكذا في المرقاة. قوله: (فَلما حُسر عَنْها الخ) ظاهر الخير أنه صلى الله عليه وسلم إنما صلى ركعتين وقرأ فيهما سورتين بعد ذهاب الكسوف وهو خلاف ما ورد في الأحاديث من أن الشروع منه في الصلاة كان قبل الانجلاء قال الطيبي يعني دخل في الصلاة ووقف في القيام الأول وطول التسبيح والتكبير والتحميد حتى ذهب الكسوف ثم قرأ القرآن وركع ثم سجد ثم قام في الركعة الثانية وقرأ فيها القرآن وركع وسجد وتشهد وسلم اهـ، وهو يخالف ما تقرر منه ومن غيره لا يزاد في عدد ركوعها ولا ينقص منه بتمادي كسوف أو لانجلائه وإن قال به جمع من أصحابنا في توجيه الأخبار التي فيها زيادة ركوع ونحوه.
فصل
قوله: (فَيقرأُ في القَوْمةِ الأُولى) أي بعد الفاتحة المسبوقة بالافتتاح والتعوذ والتعوذ مسنون في القيامات كلها ثم التقدير المذكور في الركعات قال الحافظ سبقه إليه الشيخ يعني أبا إسحاق في المهذب واستدل بحديث ابن عباس وليس فيه إلّا تقدير قيام الأول بنحو سورة البقرة وحديث ابن عباس قال خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى والناس معه فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة ثم ركع ركوعًا طويلًا ثم رفع فقام قياما طويلًا وهو دون القيام الأول ثم سجد الحديث أخرجه أبو داود وابن حبان ووقع في بعض النسخ عن أبي داود عن أبي هريرة بدل ابن عباس وهو غلط وأما تقدير القومة الثانية فأخرجه البيهقي من رواية الزهري عن عروة عن عائشة فقال في الحديث فقرأ بآل عمران وسنده قوي وأصله عند أبي داود وآل عمران مائتا آية بالاتفاق وأما تقدير القومة في قيام الركعة الثانية فأخرج البيهقي من وجه آخر أنه قرأ فيهما بالعنكبوت والروم وسائر الأحاديث ليس فيها تقدير بلى فيها إما التسوية أو كل قومة أدنى من التي قبلها وقد نقل الترمذي عن الشافعي أنه قدر الأولى بالبقرة والثانية آل عمران
وفي الثانية نحو مائتي آية، وفي الثالثة نحو مائة وخمسين آية، وفي الرابعة نحو مائة
آية، ويسبِّح في الركوع الأوَّل بقدر مائة آية، وفي الثاني سبعين، وفي الثالث كذلك، وفي الرابع خمسين، ويطوِّل السجود كنحو الركوع، والسجدة الأولى نحو الركوع الأول، والثانية نحو الركوع الثاني، هذا هو الصحيح. وفيه خلاف معروف للعلماء، ولا تشكن فيما ذكرتُه من استحباب تطويل السجود، لكن المشهور في أكثر كتب أصحابنا أنه لا يطوِّل، فإن ذلك غلط أو ضعيف،
ــ
والثالثة بالنساء والرابعة بالمائدة وهذا نص الشافعي في البويطي وقد ذكر الترمذي أنه حمل بعض عن الشافعي عن محمد بن إسماعيل الترمذي عن البويطي فكان هذا منه اهـ. قوله: (وفي الثانيَةِ) أي في القومة الثانية الخ. هذا الذي ذكره هو ما في الأم والمختصر وعليه
الأكثرون والذي نص عليه الشافعي في البويطي إنه يقرأ في القومة الثانية آل عمران وفي الثالثة النساء وفي الرابعة المائدة وفي شرح الروض وقدر كل سورة يقوم مقامها في قومتها وفي الروضة وليس على الاختلاف المحقق بل الأمر فيه على التقريب قال السبكي وقد ثبت بالنص في الأخبار تقدير القيام الأول بنحو البقرة وتطويله على الثاني ثم الثالث على الرابع وأما نقص الثالث عن الثاني أو زيادته عليه فلم يرد فيه شيء فيما أعلم فلأجله لا بعد في ذكر سورة النساء فيه وآل عمران في الثاني. قوله: (ويُسَبحُ في الرُّكُوع الأَولِ الخ) يقدر ذلك بالآيات المعتدلة من سورة البقرة ثم هذا ما نص عليه في أكثر كتبه وقال الحَافظ هذا التقدير ذكره الشيخ في المهذب أيضًا والأحاديث الواردة في الصحيحين وغيرهما بخلاف ذلك وفي أكثرها أن كل ركوع دون القيام الذي قبله وفي بعضها إطلاق التطويل في كل قيام وركوع ووقع عند النسائي عن عروة عن عائشة فركع ركوعًا طويلًا مثل قيامه أو أطول وأعاد ذلك في الأربع وسنده على شرط الشيخين وقد أخرا بعضه من هذا الوجه اهـ. قوله: (والثَّاني سَبعين) أي بتقديم السين وقيل في الثاني
بل الصواب تطويله.
وقد ثبت ذلك في "الصحيحين" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة، وقد أوضحتُه بدلائله وشواهده في "شرح المهذب". وأشرت هنا إلى ما ذكرت لئلا تغترَّ بخلافه، وقد نص الشافعي رحمه الله في مواضع على استحباب تطويله، والله أعلم.
قال أصحابنا: ولا يطوِّل الجلوس بين السجدتين، بل يأتي به على العادة في غيرها، وهذا الذي قالوه فيه نظر، فقد ثبت في حديث صحيح إطالته، وقد ذكرت ذلك واضحًا في "شرح المهذب" فالاختيار
ــ
قدر ثمانين وفي الثالث قدر سبعين وعليه جرى في المنهاج. قوله: (بَلِ الصَّواب تَطْويلهُ وقدْ ثَبتَ ذَلِكَ في الصَّحيحَينِ الخ) ذكر المصنف في شرح المهذب حديث أبي موسى السابق عزو تخريجه للشيخين وحديث عائشة هو الحديث الأول من الباب وفيه بعد الركوع الثاني ثم سجد سجودًا طويلًا أخرجه البخاري من رواية مالك عن هشام بن عروة عن أبيه ولم يقع ذلك عند غيره ممن أخرجه عن مالك وعندهما أيضًا عن عائشة طريق أخرى بلفظ ثم سجد فأطال السجود ووقع عند مسلم من حديث جابر في بعض طرقه وركوعه نحو من سجوده وعندهما من رواية أبي سلمة عن عبيد الله بن عمر في قصة الكسوف قال في آخره قالت عائشة ما سجدت سجودًا قط أطول منه وفي حديث أسماء بنت أبي بكر عند البخاري ثم سجد فأطال السجود هذا جميع ما ذكره في الصحيحين وذكر عن أبي داود عن عبد الله بن عمرو وقام فلم يكد يركع وركع فلم يكد يرفع إلى أن قال ثم سجد فلم يكد يرفع وذكر عن أبي داود أيضًا عن سمرة بن جندب نحو رواية أبي سلمة عن عائشة المذكورة آنفًا وسائر الأحاديث التي في الكسوف ليس فيها ذكر تطويل السجود ورواتها نحو العشرين لكن من حفظ حجة على من لم يحفظ وقد أغفل من أطلق أن تطويل السجود لم ينقل قاله الحافظ.
قوله: (قَال أَصْحَابُنا ولا يطوِّل الجُلوسَ بَيْن السجدَتينِ) قال الحافظ أما تطويل الجلوس بين السجدتين فنقل الغزالي والرافعي وغيرهما على أنه لا يطول قال المصنف في شرح المهذب وحديث عبد الله بن عمرو يقتضي استحباب إطالته. قوله: (وقَدْ ثَبَتَ في حَدِيث صَحيح إِطَالتُه) قال ابن الهمام
استحباب إطالته،
ــ
أخرج أبو داود والنسائي والترمذي في الشمائل قلت وابن خزيمة وابن حبان كما قاله الحافظ عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عليه السلام فلم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع وفعل في الأخرى مثل ذلك وأخرجه الحاكم من طريق سفيان الثوري عن عطاء وسفيان سمع من عطاء قبل اختلاطه أي بخلاف تلك الروايات السابقة فإن رواتها عن عطاء سمعوا منه بعد الاختلاط قال الحافظ لو كان الراوي عن سفيان متقنًا لما ضر الكلام في عطاء قال الشيخ في شرحه أخرجه أبو داود وفي سنده عطاء بن السائب وهو مختلف فيه وقد رواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك من طريق آخر صحيح وقال هو صحيح وظاهره أنهما لم يخرجا الطريق الأول وليس الأمر كذلك بل كل منهما أخرجها أيضًا وأخرج الطريق الثانية عن مؤمل بن إسماعيل عن سفيان عن عطاء وروياه عن سفيان عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مثله ومؤمل صدوق لكن ضعفوه من قبل حفظه ويعلى عن عطاء من رجال مسلم لكن أبو عطاء يقال له العامري لم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا وهو غير عطاء بن السائب فلما كان مؤمل متقنًا سمي الأمر في المتابعات وكان السائب والد عطاء ليس من رجال الصحيح وأخرجه أحمد والنسائي من رواية شعبة عن عطاء بن السائب وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط لكن قال في روايته وأحسبه قال في السجود فإذا كان المتقين تردد والذي لم يتردد غير متقن فكيف يحكم لهذه الزيادة بالصحة لكن عادة ابن خزيمة والحاكم وابن حبان إطلاق الصحيح على الحسن وهذا الحديث ليس بقاصر عن درجة الحسن وإذا تقرر ذلك فلا يخسن أنه صحيح تقليدًا لمن لا يرى التفرقة اهـ. قال الحافظ وقد وجدت لرواية يعلى بن عطاء علة لكنها غير قادحة وهي أنه جاء في رواية واسطة بينه وبين أبيه قال ويمكن الجمع بأن يكون ليعلى فيه اسنادان اهـ. قوله: (ولا يُطَوِّلُ القيام من الاعِتدالِ الخ) ذكر نحوه في المجموع
ولا يطوِّل الاعتدال على الركوع الثاني، ولا التشهد وجلوسه، والله أعلم.
ولو ترك هذا التطويل كلَّه، واقتصر على الفاتحة صحَّت صلاتُه. ويستحبُّ أن يقول في كل رفع من الركوع; سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، فقد روينا ذلك في الصحيح. ويسنُّ الجهر بالقراءة في كسوف القمر،
ــ
وزاد فنفي الخلاف ونظر فيه الحافظ بأن أحمد قال به في رواية. قوله: (ولا يطوِّلُ الاعتِدال عَنِ الرُّكُوعِ الثَّانِي ولا التَّشهُّدَ وجُلوسَهُ) قلت ذكر نحوه في شرح المهذب وزاد نفي الخلاف وفيه نظر أما الاعتدال المذكور فقال به أحمد في رواية وأثبت في صحيح مسلم من حديث جابر قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر فصلى رسول الله بالناس فقام فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع فأطال ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم سجدتين فذكر الحديث أخرجه أبو عوانة والنسائي وإطلاق القوم على حديث جابر الصحة وما ترتب عليها
أولى من إطلاق ذلك على حديث عبد الله بن عمر من تطويل الجلوس بين السجدتين والقياس يقتضي استواءهما أما تطويل الجلوس بين السجدتين آخر الصلاة فيؤخذ من حديث أبي بن كعب فإن آخر الحديث وجلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى ذهب كسوفهما قال الحافظ حديث حسن أخرجه أبو داود والبيهقي والله أعلم. قوله: (ويُستَحَبُّ أَنْ يَقولَ في كلِّ رَفْعٍ منَ الركُوع سَمعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ رَبنا لَكَ الْحَمْدُ) قال الحافظ كذا في عدة نسخ والذي في الصحيحين بإثبات الواو ثم ساق حديث عائشة الذي أخرجه أهل الصحيح وغيرهم كما سبق وفيه ثم رفع فقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ذكر ذلك في كل رفع من ركوع وللشافعي نص آخر أنه يسبح في كل ركوع بقدر قراءة قيامه. قوله: (رَبنا لَكَ الْحَمْدُ) أي إلى آخر ذكر الاعتدال كما في شرح الروض وغيره. قوله: (ويُسَنُّ الْجَهَرُ بالْقرَاءَةِ في كُسُوفِ القمَر الخ) لجهره بصلاته بالإجماع وذلك لأنها صلاة ليلية أو ملحقة بها وما رواه الشيخان عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف بقراءته والترمذي عن سمرة قال صلى صلى الله عليه وسلم في كسوف لا نسمع له صوتًا وقال حسن صحيح وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في كسوف الشمس أخرجه البيهقي وغيره كذلك وأوله عنده كسفت الشمس على عهد رسول الله فبعث رسول الله مناديا ينادي إن الصلاة جامعة
ويستحبُّ الإسرار في كسوف الشمس، ثم بعد الصلاة يخطب خطبتين يخوِّفهم فيهما بالله تعالى، ويحثُّهم على طاعة الله تعالى، وعلى الصدقةِ والإعتاقِ، فقد صحَّ ذلك في الأحاديث المشهورة، ويحثهم أيضًا على شكر نِعَمِ الله تعالى، ويحذِّرهم الغفلة والاغترار، والله أعلم.
روينا في "صحيح البخاري" وغيره، عن أسماء رضي الله عنها قالت: "قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــ
فاجتمعوا وتقدم رسول الله فقرأ قراءة طويلة يجهر فيها الحديث وفي حديثه النداء للاجتماع قال الحافظ وهذا من فوائد المستخرجات وقد أغفله المصنف في هذا الكتاب وأفردها الشيخان اهـ. قوله: (ويُستحَبُّ الإسرَارُ في كُسوفِ الشَّمْس) أي للاتباع رواه الترمذي وغيره. قوله: (يَخْطبُ خطْبتَينِ) أي كخطبتي الجمعة فلا تجزئ خطبة واحدة للاتباع وما فهمه جمع من عبارة البويطي من إجزائها مردود بأن عبارة البويطي لا تفهمه خلافًا لمن توهمه ثم القول بالخطبة للكسوف خالف في مشروعيتها بعض الأئمة من المذاهب الثلاثة وقد وقع التصريح بذلك في الصحيحين لكن بلفظ خطب ولم يذكر الشيخ التعدد للخطبتين إلَّا بالقياس فقد ثبت أنه خطب فيه خطبتين وأما تأخيرها عن الصلاة فدلت عليه الأحاديث لكن أخرج الحافظ عن ابن مسعود قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب النّاس فقال إن الشمس والقمر آيتان فذكر الحديث وفي آخره ثم نزل فصلى بالناس قال الحافظ حديث حسن أخرجه البزار وقال ابن خزيمة في هذا الحديث إن خطبة الكسوف قبل صلاتها فليحرر ذلك من قبل ومن بعد قلت وهو مبني على تعدد الكسوف وزمن الكسوف وعلى ذلك يحمل الاختلاف في عدد ركوع الركعة من واحدة إلى خمسة ومن الجهر بالقراءة والإسرار اهـ. قوله التصريح بها في الصحيحين.
قوله: (عَنْ أَسمَاءَ رضي الله عنها هي أسماء بنت أبي بكر الصديق زوج الزبير بن العوام أمها وأم أخيها عبد الله قيلة ويقال ورجحه الشيخ في المهمات قيلة بقاف فوقية فتحتية بالتصغير من بني عامر أكثر الروايات أنها لم تسلم كانت أسماء رضي الله عنها من قدماء الإسلام والهجرة وشهدت كثيرًا من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت اليرموك مع زوجها الزبير