الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10].
باب الأذكار المشروعة في العيدين
اعلم أنه يستحبُّ إحياء ليلتي العيدين في ذكر الله تعالى، والصلاة، وغيرهما من الطاعات،
ــ
ساعة الإجابة فإن المصنف وغيره لا يجزم بكونها فيما ذكر إنما هي فيه أرجى من غيرها كما قيل به في ليلة القدر عند الشافعي إحدى وعشرون أو ثلاث وعشرون قالوا فالمراد إنها عندها أرجى ما تكون في ذلك لا أنه مقطوع بأنها هي وبه يندفع ما سبق عن الحافظ في باب ما يقال في صبيحة الجمعة أن الشيخ قال يستحب الدعاء يوم الجمعة رجاء مصادفة ساعة الإجابة فيخالف ما صوبه هنا من كونها من جلوس الخطيب على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة قال ولعله رجع عن التعيين اختيارًا والله أعلم. قوله: (فانْتشِرُوا في الأَرْضِ) هذا أمر إباحة بقول إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض يعني للتجارة
والتصرف في حوائجكم وابتغوا من فضل الله أي من رزقه، كان عمر إذا صلى الجمعة انصرف فقال اللهم اني أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرف كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين، وقال جعفر بن محمد في قوله تعالى:(وَابتغُوا مِن فَضْلِ اللهِ)[الجمعة: 10] أنه العمل يوم السبت وعن الحسن وسعيد بن المسيب طلب العلم وقيل صلاة النافلة وعن ابن عباس لم يؤمروا بشيء من الدنيا إنما هو عيادة المرضى وحضور الجنائز وزيارة أخ في الله تعالى. قوله: (واذْكُروا الله كَثِيرًا) أي بالطاعة وباللسان وبالشكر على ما أنعم عليكم به من التوفيق لأداء فريضته لعلكم تفلحون أي كي تفحلون كذا في تفسير القرطبي.
باب الأذكار المشروعة في العيدين
تثنية العيد مأخوذ من العود وهو التكرار لتكررهما كل عام أو لعود السرور بعددهما أو لكثرة عوائد الله أي إفضاله على عبادة فيهما أو لعود كل فيه لقدره ومنزلته هذا بضيف وذاك يضاف وذا يرحم وذاك يرحم، وأصله عود قلبت الواو ياء لسكونها
للحديث الوارد في ذلك:
"مَنْ أحْيا لَيلَتي العِيدين، لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ القُلُوبُ"
ــ
وانكسار ما قبلها، وجمع على أعياد مع أن كون أصله بالواو يقتضي جمعه على أعواد فرقا بذلك بينه وبين أعواد الخشب، وقيل سمي عيدا لشرفه من العيد وهو محل كريم مشهور تنسب إليه الإبل العيدية نقل هذا الأخير العراقي في شرح الترمذي ومن خطه نقلت قوله:(للْحَديثِ الوَارِدِ مَنْ أَحيَا لَيلتي العِيدِ الخ) قال الحافظ بعد تخريجه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" هذا حديث غريب مضطرب الإسناد وعمرو بن هارون ضعيف وقد خولف في صحابيه وفي رفعه. أما الأول فأخرجه ابن ماجة من طريق أخرى وقال عن أبي أمامة بدل عبادة ورفعه، وقال من أحيا ليلة العيد لله محتسبًا والباقي مثله وتقية الراوي صدوق لكنه كثير التدليس وقد رواه بالعنعنة. وأما الثاني فأخرجه الحافظ من طريق أخرى عن أبي الدرداء فذكر مثل حديثه لكن موقوفًا وخالد يعني ابن معدان الراوي للحديث عن عبادة وعن غيره ممن ذكر لم يسمع من أبي الدرداء ولا من عبادة وسمع من أبي أمامة وأخرجه ابن شاهين من وجه آخر عن أبي أمامة مرفوعًا وفي سنده ضعيف ومجهول، وله طرق أخرى عن صحابي آخر أخرجه الحسن بن سفيان عن مروان بن سالم بن كردوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" ومروان متروك وشيخه لا يعرف اسمه ولا له ولا لأبيه ذكر إلَّا من جهة مروان وله طريق آخر عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجمعة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر" قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث غريب في سنده راو متروك اهـ. قوله:(يَومَ تَمُوتُ الْقلُوب الخ) أي بمحبة الدنيا حتى تضل عن الآخرة كما جاء لا
تجالسوا هؤلاء الموتى يعني أهل الدنيا، وقال بعضهم لم يمت قلبه أي لم يتحير قلبه في النزع ولا في القبر ولا في القيامة، وفي شرح الوسيط لابن الصلاح ويوم تموت القلوب هو يوم القيامة إذا غمرها لعظم الحزن والهول، وقد ذكر الصيدلاني أنه لم يرد في الفضائل مثل هذا لأن ما أضيف إلى القلب لعظم لقوله تعالى:(فَإِنَّهُ آثِمٌ قلبُهُ)[البقرة: 283].
وروي: "مَنْ قامَ لَيْلَتي العِيدَيْنِ لِلهِ مُحْتَسِبًا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يومَ تَمُوتُ القُلُوبُ" هكذا جاء في رواية الشافعي وابن ماجه، وهو حديث ضعيف رويناه من رواية أبي أمامة مرفوعًا وموقوفا، وكلاهما ضعيف، لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها كما قدمناه في أوَّل الكتاب.
واختلف العلماء في القدر الذي يحصل به الإحياء، فالأظهر أنه لا يحصل إلا بمعظم الليل، وقيل: يحصل بساعة.
ــ
قوله: (ورُويَ مَنْ قَامَ لَيلتَي العيدين الخ) المضاف إلى المثنى يجوز فيه ثلاث لغات. الأولى وهي أفصحهن جمع المضاف نحو (فَقَد صَغَت قُلُوبُكُمَا)[التحريم: 4] والثانية تثنيتهما. والثالثة إفراده، والحديث على هذه الرواية من هذا وفي نسخة مصححة ليلتي بالتثنية فهو من الثاني وقد رواه الطبراني كما في الجامع الصغير عن عبادة بن الصامت مرفوعًا من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب وتقدم تخريجه في كلام الحافظ. قوله:(لكِنْ أَحادِيثُ الفَضائِل يَتسَامحُ فيهَا) أي ويعمل بضعيفها قال الأذرعي ويؤخذ من هذا عدم تأكد الاستحباب وهو الصواب اهـ. لكن في الروض يتأكد استحباب إحياء ليلتي العيد الخ، ونقل الشيخ زكريا كلام الأذرعي في شرحه وسكت عليه. قوله:(لَا يحْصُلُ إلا بمُعظَم اللَّيلِ) أي كالمبيت بمنى وفي شرح الروض كالمبيت بمزدلفة، والظاهر أنه من تحريف الكتاب لأن الواجب في مبيتها لحظة من النصف الثاني لا معظم الليل. قوله:(وقيلَ يَحصل بِسَاعةٍ) أي كالمبيت بمزدلفة، وعن ابن عباس بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة كما نقله المصنف عن القاضي حسين عن ابن عباس بعد نقل القولين المذكورين هنا قال والمختار ما قدمته اهـ. قال بعض المتأخرين يحصل أصل الفضل في القيام بصلاة العشاء جماعة وإن لم يصل الصبح فيها لحديث من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل وواضح أنه يقال فلان قام الليل والليلة إذا قام نصفه، وقد استقر أمر الصحابة على قيام نصف الليل أو أنقص منه ولا شبهة في تسميتهم في كل ذلك قيامًا وأكمل منه أن يعزم على صلاة الصبح في جماعة ثم يصليها كذلك للحديث ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله وأكمل من ذلك أن يزيد على ذلك بنوافل