الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا رأى أحدكم البرق أو الودْق، فلا يشر إليه، وليصف ولينعت. قال الشافعي: ولم تزل العرب تكرهه.
باب ما يقول إذا سمع الرعد
روينا في كتاب الترمذي بإسناد ضعيف عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع
ــ
يحيى بن حسان وإن كان روى
…
عن ابن أبي ذئب فذا في المسند
عند الإِمام بن أبي فديك
…
وإن يقل عن الوليد فقيد
فهو أبو أسامة وقال عن
…
ابن جريج مسلم الزنجي اعدد
وإن يقل ذاك عن الأوزاعي
…
ابن أبي سلمة عمرو الأسود
وإن يقل عن صالح ذي التومة
…
ابن أبي يحيى ضعيف السند
ذكر هذا الآمدي وفيه
…
قد ذكره عبد الغني فقيد
قوله: (إِذَا رَأَى أَحدُكُمْ البَرقَ الودْقَ) كذا في الأذكار وكذا في أصل معتمد من الإِمام والمسند وكذا هو في تخريج الحافظ لهذا الكتاب، وفي نسخة من المسند شرح عليها السيوطي إذا رأى أحدكم نجم البرق الودق أي تلألؤه، والودق قال الراغب في مفرداته ما يكون خلال المطر وقد يعبر به عن المطر اهـ، وأشار السيوطي إلى أن المراد هنا المعنى الأخير. قوله:(فَلَا يُشِرْ إِليهِ) أي بأصبعه ولفظه خبر ومعناه النهي وفي نسخة بصيغة النهي. قال ابن الأثير وما أعلم لنهيه عن الإشارة إليه وجهًا وأرجو من فضل الله تعالى أن يوفق لعرفانه، وقال الرافعي قال الشافعي في الأم ما أزال أسمع عددًا من العرب يكره الإشارة إليه ويشبه أن يكون هذا من جملة التفاؤلات، وصرح في المحرر والمنهاج باستحباب التسبيح عند الرعد والبرق. قوله:(وليَصِفْ، وليَنْعت) قال ابن الأثير أي يصفه بالقلة والكثرة أو بالقوة والضعف، وعليه فالعطف كالتفسير* أقول لو حمل على أن المراد فليصف الله بأوصاف الجمال ولينعته بنعوت الجلال ليكون الثناء على الله سبحانه رافعًا عنه سائر الأهوال لكان حسنًا ويؤيده استحباب التسبيح عند الرعد والبرق كما تقدم والله أعلم اهـ.
باب ما يقول إذا سمع الرعد
قوله: (رَوَيْنَا في كِتَاب الترمذِي الخ) قال في المشكاة ورواه أحمد وقال ابن الجزري
صوت الرعد والصواعق قال: "اللهُم لا تَقْتُلْنا
ــ
في تصحيح المصابيح ورواه النسائي في عمل اليوم والليلة والحاكم وإسناده جيد وله طرق اهـ، وبه ينجبر ضعف سند الترمذي إن كان مما يقبل الانجبار كما علم تفصيله من الكلام على الحسن أول
الكتاب. ثم رأيت الحافظ تعقب الشيخ المصنف بعد أن نقل قول الترمذي لا نعرف إلَّا من هذا الوجه فقال وأخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والترمذي والنسائي وأخرجه الحاكم من طرق متعددة بينها الحافظ. ثم قال فالعجب من الشيخ يطلق الضعف على هذا وهو متماسك ويسكت عن حديث ابن مسعود أي السابق فيما يقول إذا انقض الكوكب وقد تفرد به من اتهم بالكذب وهو عبد الأعلى اهـ. أي كان الأحق بالذكر وبيان الرتبة حديث ابن مسعود لكون راويه كان متهمًا ولا كذلك حديث ابن عمر فإنه متماسك. قوله: (صوتَ الرَّعْدِ) بإضافة العام إلى الخاص للبيان فالرعد هو الصوت الذي يسمع من السحاب كذا قاله ابن الملك، والصحيح أن الرعد ملك موكل بالسحاب. وقد نقل الشافعي عن الثقة عن مجاهد أن الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق السحاب بها ثم قال وما أشبه ما قاله بظاهر القرآن. قال بعضهم وعليه فيكون المسموع صوته أو صوت سوقه على اختلاف فيه. ونقل البغوي عن أكثر المفسرين أن الرعد ملك يسوق السحاب والمسموع تسبيحه، وعن ابن عباس أن الرعد ملك موكل بالسحاب وأنه يجوز الماء في نقرة إبهامه وأنه يسبح الله تعالى فلا يبقى ملك إلَّا يسبح فعند ذلك ينزل المطر.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعث الله السحاب فنطقت أحسن النطق وضحكت أحسن الضحك فالرعد نطقها والبرق ضحكها، وقيل البرق لمعان صوت الرعد يزجر به السحاب، وأما قول الفلاسفة إن الرعد صوت اصطكاك أجرام السحاب، والبرق ما يقدح من اصطكاكها فهو من حزرهم وتخمينهم فلا يعول عليه. قوله:(والصواعِق) بالنصب فيكون التقدير وأحسن الصواعق من باب علفتها تبنا وماءً باردًا، أو طلق السمع وأريد به الحسن من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل وفي نسخة بالجر عطفًا على الرعد وهو إنما يصح على بعض الأقوال في تفسير الصاعقة
بغَضَبكَ، ولا تُهْلِكْنا بعذَابِكَ، وَعافِنا قَبْلَ ذَلِكَ".
وروينا بالإسناد الصحيح في "الموطأ" عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: "سُبْحانَ الذي يُسَبِّحُ الرعْدَ بِحَمْدِهِ والملائِكَةُ مِنْ خِيفَتِه".
ــ
قال بعضهم قبل هي نار تسقط من السماء في رعد شديد فعلى هذا لا يصح عطفه على شيء مما قبله وقيل الصاعقة صيحة العذاب أيضًا وتطلق على صوت شديد غاية الشدة يسمع من الرعد وعلى هذا يصح عطفه على صوت الرعد أي صوت السحاب فالمراد بالرعد السحاب بقرينة إضافة الصوت، أو الرعد صوت السحاب ففيه تجريد وقال الطيبي هي قطعة رعد تنقض معها قطعة من نار يقال صعقته الصاعقة إذا أهلكته فصعق أي مات إما لشدة الصوت وإما بالإحراق ولعل اختيار الجمع موافقته الآية. قوله:(بغَضَبكَ) الغضب استعارة والمشبه الحالة التي تعرض للملك عند انفعاله وغليان دمه ثم الإنتقام من المغضوب عليه وأكثر ما ينتقم به القتل فلذلك ذكره ورشح الاستعارة به عرفًا أما الإهلاك والعذاب فجاريان على الحقيقة في حقه تعالى وقيل الغضب هنا من صفة الذات أي إرادة الهلاك ونحوه والعذاب من صفة الأفعال وقوله وعافنا من البلايا والخطايا المقتضية للعذاب والغضب وقوله قبل ذلك أي قبل وقوع ما ينتظر والمراد الدعاء بأن لا يقع شيء من ذلك. قوله: (في الموطأ) قال الحافظ هو حديث موقوف أخرجه البخاري في كتاب الأدب المفرد عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك. قوله: (عَنْ عبدِ الله بنِ الزُّبَيرِ) أي
موقوفًا عليه. قوله: (ترَكَ الحدِيثَ) أي الكلام مع الأنام زاد الحافظ في روايته بعد قوله جثى وترك الحديث قوله وما كان فيه فإن كان في صلاة أتم الصلاة وقال إن هذا الوعيد شديد لأهل الأرض سبحان الذي يسبح الرعد الخ. قوله: (يُسبحُ الرعدُ) وهو ملك موكل بالسحاب على ما ثبت في الأحاديث وقال الطيبي إسناده مجازي لأن الرعد سبب لأن يسبح السامع حامدا له كما يدل عليه وبحمده أي أنزه الله حال كوني متلبسا بحمدي له تعالى لكن في المرقاة أنه ضعيف لما تقرر في الصحيح أن الرعد ملك فنسبة التسبيح إليه حقيقة اهـ. قوله: (والملائِكَةُ من خِيفتِه) أي من أجل خوف الله تعالى
وروى الإِمام الشافعي رحمه الله في "الأم" بإسناده الصحيح عن طاوس الإِمام التابعي الجليل رحمه الله أنه كان يقول إذا سمع الرعد: سبحان من سبَّحتَ له. قال الشافعي: كأنه يذهب إلى قول الله تعالى: (وَيُسبحُ الرَّعدُ بِحَمَدِهِ)[الرعد: 13].
وذكروا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كنا مع عمر رضي الله عنه في سفر، فأصابنا رعد وبرق وبَرَد، فقال لنا كعب: من قال حين يسمع الرعد: سُبْحانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثلاثًا، عُوفي من ذلك الرعد، فقلنا فعوفينا".
ــ
وقيل من خوف الرعد فإنه رئيسهم وعليه فقيل المراد بالملائكة أعوانه بدليل التعليل. قوله: (وَرَوى الإمامُ الشافِعيّ) قال الحافظ ورواه الطبراني وأورد مثله عن الأسود بن يزيد أحد كبار التابعين أخرجه الحافظ عنه وزاد قوله يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وقال الحافظ هذا موقوف صحيح.
قوله: (وذكَروا عنِ ابنِ عبْاسٍ الخ) قال الحافظ لم يذكر من خرجه وهو عندنا بالإسناد إلى الطبراني بإسناده إليه قال كنا مع عمر بن الخطاب في سفر فأصابنا رعد وبرق ومطر فقال لنا كعب من قال حين يسمع الرعد سبحان من يسبح الرعد بحمده الخ. ثم لقيت عمر في بعض الطريق فإذا بردة أصابت أنفه فقلت ما هذا فقال بردة أصابت أنس فأثرت في فقلت إن كعبًا قال فذكره فقلنا وعوفينا فقال عمر فهلا أعلمتمونا حتى نقول قال الحافظ هذا موقوف حسن الإسناد وهو وإن كان عن كعب فقد أقره ابن عباس وعمر فدل على أن له أصلًا قال وقد وجدت بعضه بمعناه من وجه آخر عن ابن عباس أخرجه الطبراني أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله فإنه لا يصيب ذاكرا وفي سنده ضعف اهـ، وقد جاء عن ابن عباس أيضًا قال ومن قال هذا الذكر فأصابته صاعقة فعلى ديته. قوله:(وبَرَدٌ) بفتح الموحدة والراء والدال المهملتين وهو معروف ويقال له حب الغمام وسبق الكلام عليه في دعاء الافتتاح اهـ، والله أعلم.