الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في باب ما يقال للمريض: "لا بأسَ طَهُورٌ إنْ شاءَ اللهُ".
باب الثناء على المريض بمحاسن أعمال ونحوها إذا رأى منه خوفه ليذهب خوفه ويحسن الظن ويحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى
ــ
أن ينفس له في أجله أي يطمعه في العافية وطول الحياة ويتفه أمر ذلك المرض عنده لأمره صلى الله عليه وسلم بالتنفيس وفي إدخال السرور على قلب المسلم من الثواب ما لا يخفى ومن التأثير العجيب لإشفائه ما لا يخفى عظيم وقعه وسرعة نفعه لأن الحرارة الغريزية تقوى بذلك فيقوى القلب والأعضاء الباطنة فتساعده الطبيعة على دفع العلة ويتأكد التنفيس ممن يعتقد المريض صلاحه لأن المقصود منه طيب النفس وهي له من مثل ذلك الرجل أسر وأطيب اهـ، وفي شرح المشكاة لم أر لأصحابنا تصريحًا بندب ما في هذا الحديث من التوسع له في أجله بما لا جرم فيه ولا كذب والندب واضح لما تقرر أن فيه دواءً نافعًا للمريض ولا يقال لعلهم تركوا العمل به لغرابة الحديث لما سبق إن الحديث الضعيف يعمل به في الفضائل إجماعًا على أن الغرابة قد تجامع الصحة فلا يلزم من كونه غريبًا كونه ضعيفًا وقد استدرك جماعة من أئمتنا على باقيهم أنهم أهملوا سننًا جاءت في السنة ولم يذكروها، منها الاستياك عند قرب النزع وحديثه في الصحيحين ومنها التطيب لأجل الملائكة جاء فعله عن سلمان ومنها لبس الثياب النظيفة الطاهرة وجاء عن فاطمة وأبي سعيد اهـ.
باب الثناء على المريض بمحاسن أعماله ونحوها إذا رؤي منه خوف ليذهب خوفه ويحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى
قال الأشرف الخوف والرجاء كالجناحين للسائرين إلى الله سبحانه وتعالى لكن في الصحة ينبغي أن يغلب الخوف ليجتهد في الأعمال الصالحة وإذا جاء الموت وانقطع العمل ينبغي الرجاء وحسن الظن بالله تعالى ولأن الوفادة حينئذٍ إلى ملك كريم رؤوف رحيم وما أحسن قول من قال:
إذا أمسى فراشي من تراب
…
وصرت مجاور الرب الكريم
فهنوني أحبائي وقولوا
…
لك البشرى قدمت على كريم
قال العلماء ويسن لجلساء المريض والمحتضر أن يحدثوه بأحاديث الرجاء ليموت وهو
روينا في "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن وكأنه يُجزِّعه: يا أمير المؤمنين! ولا كل ذلك، قد صحبتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم فارقك وهو عنك راض، ثم صحبت المسلمين فأحسنت
صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون
…
ــ
حسن الظن باللهِ سبحانه قوله: (وَرَوَيْنَا في صحِيحِ البخاري) أي من جملة حديث عن ابن عباس أوله قال لما طعن عمر كنت قريبًا منه فمسست بعض جسده فقلت جسد لا تمسه النار أبدًا فنظر إليّ نظرة كنت أرثى له منها فقال وما علمك بذلك فقلت صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته إلى آخر الحديث وتتمته قال أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك منّ من الله علي به وكذا قال في أبي بكر وأما ما ذكرت من صحبتكم فلو أن لي ما في الأرض لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه أخرجه البخاري تعليقًا ووصله في موضع آخر بمعناه وأخرج ابن سعد من وجه صحيح عن ابن عباس قال لمن طعن عمر أثنيت عليه فقال بأي شيء تثني عليّ بالإمرة أو بغيرها قلت بكل قال ليتني أخرج منها كفافا لا أجرا ولا وزرًا ولهذا الكلام الأخير شاهد من كلام ابن عمر عن عمر أخرجه البخاري كذا ذكره الحافظ. قوله: (يُجزّعه) أي يزيل عنه الجزع وهو بضم المثناة التحتية وتشديد الزاي ورواه الجرجاني فكأنه جزع وهذا يرجع إلى حال عمر وبه يصح المعنى. قوله: (ولا كل ذَلِكَ) هذا ما في الأذكار وعزاه الكرماني بهذا اللفظ إلى رواية غير البخاري وقال معناه لا يتابع ما أنت فيه الجزع ورواية البخاري التي شرح عليها الكرماني بلا كل ذلك قال هذا دعاء أي لا يكون ما يخاف منه من العذاب أو نحوه ولا يكون الموت بهذه الطعنة وفي بعض روايات البخاري ليس كل ذلك. قوله: (ثُمَّ صَحِبْتَ المسلمينَ) كذا في الأذكار ومثله في الأمالي للحافظ وعزاه لرواية البخاريِ لكن الذي رأيت في البخاري ثم صحبتهم وفي نسخة ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم قال الزركشي والثانية للمروزي والجرجاني والأولى عند غيرهما وصحبتهم بفتح الصاد والحاء يعني أصحاب النبي
وذكر تمام الحديث. وقال عمر رضي الله عنه: ذلك من مَنِّ الله تعالى.
روينا في "صحيح مسلم" عن ابن شماسة -بضم الشين وفتحها- قال: حضرنا عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو في سياقة الموت، فبكى طويلًا، وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول: يا أبتاه، أما بشَّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعدُّ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول
ــ
صلى الله عليه وسلم وأبي بكر أو تكون صحبتهم زائدة والوجه ثم صحبتهم وهي رواية المروزي والجرجاني قاله عياض.
قوله: (ذَلِكَ) أي حسن صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ورضاه وحسن صحبة الصديق والمسلمين منّ من الله أي منة الله أي نعمته الجسيمة وعطيته الفخيمة قال عمر كما في البخاري وأما ما ترى من جزعي فإنما هو لأجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وخل قبل أن أراه قال الكرماني أي إن جزعه لما شعر من فتن تقع بعده في أصحابه وقوله طلاع بكسر الطاء المهملة وتخفيف اللام المملوء اهـ. قوله: (رَويَنَا في صَحِيح مُسلم) قال الحافظ بعد تخريج الحديث بطوله هذا حديث أخرجه أحمد وابن سعد وابن خزيمة قال الحافظ ورويناه في كتاب الزهد لعبد الله بن المبارك بالسند الذي في مسلم وسمي ابن شماسة عبد الرحمن وسمي ابن عمرو عبد الله وساق المتن بنحوه وأخرج ابن سعد بسند قوي في رواية أبي حرب بن أبي الأسود أن عبد الله بن عمرو حديثه إن أباه أوصاه فذكر وصية فيها فإذا أنت حملتني على السرير فامشِ بي مشيا بين المشيين وإذا أنت وضعتني في القبر فسن علي التراب سنًّا ثم قال اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا اللهم لا بريء فاعتذر ولا عزيز فانتصر ولكن لا إله إلَّا أنت فما زال يقولها حتى مات رحمه الله اهـ. ملخصًا. قوله: (سيَاق الموتِ) بكسر السين ويقال بحذف الياء كذا أورده في حديث عمر وأصله سواق قلبت واوه ياء لكسر السين قبلها قال في النهاية والسوق والسياق مصدران من ساق يسوق والمراد منه النزع لأن روحه تساق لتخرج من بدنه. قوله: (فجعَلَ ابْنُهُ) هو عبد الله. قوله: (نعدُّ) بضم النون وكسر العين هذا هو الصواب قال في كشف المشكل وبعضهم يقرأه بالمثناة الفوقية المفتوحة والصواب إنه بالنون وكسر
الله
…
ثم ذكر تمام الحديث.
وروينا في "صحيح البخاري" عن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم، أن عائشة رضي الله عنها اشتكت، فجاء ابن عباس رضي الله عنهما، فقال: يا أمَّ المؤمنين! تقدَمين على فرطِ صدقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ــ
العين اهـ.
قوله: (رَوَيْنَا في صَحِيح الْبُخَاريِّ عَنْ الْقَاسم بنْ محمد) قال الحافظ رواه البخاري في المناقب. قوله: (فَرْطِ صدقٍ) في النهاية حديث أنا فرطكم على الحوض أي متقدمكم إليه يقال فرط يفرط فهو فارط إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء والأرشية وأضاف الفرط المراد به النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه إلى صدق وصفا لهما ومدحًا اهـ. قوله: (رَسُولِ الله) بالجر عطف بيان لفرط أو بدل منه ويجوز رفعه ونصبه على القطع.
قوله: (وَرَوَاهُ الْبُخَارِي) أيضًا من رواية ابن أبي مليكة رواه هكذا في تفسير سورة النور عن محمد بن المثنى عن يحيى القطان عن عمرو عن سعيد بن أبي حسين عن ابن أبي مليكة إن ابن عباس فذكره وأخرجه ابن سعد في الطبقات عن عمرو بن سعيد عنه وحذف الشيخ منه ودخل ابن الخ. وزاد في آخره ولم أكن أحب أن أسمع اليوم أحدًا يثني علي قاله الحافظ ثم أخرج الحافظ الحديث عن عبد الله بن عثمان بن جثيم بضم المعجمة وفتح المثلثة وسكون التحتية وفي حديثه زيادة ذكوان في السند بين أبي مليكة وبين ابن عباس وزيادة في المتن قال الحافظ عن ابن أبي مليكة عن ذكوان مولى عائشة إنه استأذن لابن عباس على عائشة وهي تموت وعندها ابن أختها عبد الله بن عبد الرحمن فقال هذا ابن عباس يستأذن عليك وهو من حب نبيك فقالت دعني من ابن عباس ومن تزكيته فقال لها إنه قارئ لكتاب الله فقيه في دين الله فأذني له فليسلم عليك وليودعك قالت فأذن له إن شئت فأذن له فدخل ثم سلم وجلس فقال بشرى لك يا أم المؤمنين فوالله ما بينك وبين تلقي الأحبة محمدًا وحزبه إلَّا أن تفارق روحك جسدك قالت وأيضًا فقال كنت أحب أزواج رسول الله إليه ولم يكن يحب إلّا طيبًا وأنزل الله عز وجل براءتك من فوق سبع سموات فليس في الأرض مسجد إلّا وهو يتلى فيه وسقطت قلادتك فاحتبس النبي صلى الله عليه وسلم على ابتغائها أو قال على طلبها حتى أصبح القوم على غير ماء فأنزل الله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]، الآية وكان ذلك رخصة للناس عامة في سببك والله إنك لمباركة