الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول الحافظ الناقد الجليل يحيى بن معين- رفيق حياته وصديقه-: ما رأيت خيرًا من أَحمد بن حنبل، ما افتخر علينا بالعربية قط ولا ذكرها.
وقد سُئِلَ مرة عن ذلك وهل هو عربي؟ فقال: نحن قوم مساكين.
وَيَحْكِي ابن الجوزي أَن أَحمد كان من أَحب الناس وأَكرمهم نفسا وأَحسنهم عشرة وأَدبًا، كثير الإطراق والتقى، معرضًا عن القبح واللغو لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث، وذكر الصالحين والزهاد في وقار، وسكون، ولفظ حسن، وإذا لقيه إِنسان بش به، وأَقبل عليه، وكان يتواضع للشيوخ تواضعا شديدًا، وكانوا يكرمونه، ويعظمونه.
-
إِجابته الدعوة:
كان من مظاهر تواضعه، وتطبيقه للسنن: إِجابته للدعوة في المناسبات المشروعة، مثل الزواج، والختان وكان في حضوره، ملاطفًا للناس، متواضعاً، لكن كان أَمَّارًا بالمعروف، نَهَّاءً عن المنكر، يُقَوّمُ السلوك، ويزيل المنكر، فإن لم يمكنه انصرف.
وكان ربما بذل شيئًا من المال؛ لإدخال السرور.
وله في ذلك حكايات، ومواقف كريمة.
-
تعبده وزهده غير المتكلف:
إن أعظم صفة أخذت بمجامع قلبي، هي ما أَفاض به مترجموه - رحمه الله تعالى - في أخبار تعبده، وزهده، وتألُّهه، وقراءته
القرآن، وورعه، مما لا ينقضي منه العجب، لكنها المعونة الربانية، والعناية الِإلهية، وهي بحق تقضي له بالإمامة في العلم والدِّين، إِذ العالم لا يكون عالمًا حتى يكون عاملًا، تَقَبَّلَ الله مِنَّا ومنه، آمين.
وكان من هديه: أنه لا يُظهر النسك.
وكثيرًا ما يقول: اللهم سَلِّم، سَلّم.
وكانت الدنيا لا يجري لها ذكر على لسانه.
قال تلميذه أَبو داود- صاحب السنن- ت سنة (275 هـ) : " لقيت مائتين من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أَحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أَمر الدنيا، فإذا ذُكِر العلم تكلم " انتهى.
قال ابن كثير- رحمه الله تعالى-:
" وقد صَنَّف أَحمد عن الزهد كتابًا حافلًا عظيمًا، لم يسبق إلى مثله، ولم يلحقه أحد فيه، والمظنون بل المقطوع به: أنه إنما كان يأخذ بما أَمكنه منه- رحمه الله " انتهى.
وجاء في " السير: 11/ 192 " قال الرمادي: سمعت عبد الرزاق وذكر أَحمد بن حنبل فدمعت عيناه، فقال: بلغني أَن نفقته نفدت، فأخذت بيده فأَقمته خلف الباب، وما معنا أَحد، فقلت له: إنه لا تجتمع عندنا الدنانير إذا بعنا الغلة أشغلناها في شيء، وقد وجدت عند النساء عشرة دنانير فخذها
…
فقال لي: يا أبا بكر لو قبلت من أحد شيئًا قبلت منك