الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه خمسة آلاف درهم، وأَخذ ينشر في الناس، مديحه لأَحمد البدعة، ومقادحه في أَحمد السنة.
وكان من العقوبات التي فرضها المأمون على من لم يقل بخلق القرآن، إلزامه القضاة بعدم قبول شهادة من لا يقر بهذه المقالة، وكان قاضيه على مصر هارون بن عبد الله بن محمد الزهري ثم العوفي، من ذرية عبد الرحمن بن عوف، قد تسامح في ذلك فَصُرِفَ عن القضاء وولَّى مكانه محمد بن أبي ليلى (1) .
هذه صورة لخطوات الفتنة، فالمحنة، وبينما هي على أَشدها كذلك في عهد المأمون هذا، إِذ ينازعه المرض فَلَمَّا أحس بدنو الأَجل، كانت وصيته لأَخيه المعتصم الخليفة بعده، أَن يواصل أَمر المحنة على القول بخلق القرآن، وحمل الناس عليه، ولهذا بلغ البلاء أَشده في عهد المعتصم، وإليك خبره.
*
المحنة في عهد المعتصم: " دور استفحال المحنة "(2) :
تَوَلَّى المعتصم محمد بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن
(1) لسان الميزان: 6/180
(2)
من نظر في آيات القرآن الكريم، وأحاديث سيد المرسلين وأخبار الصحابة- رضي الله عنهم والتابعين، ومن تبعهم إلى يومنا هذا، رأى تسمية خلق من علماء الأمة وصلحائها ممن ابتلي بالأذى في سبيل الله وامتحن فصبر وقد أفردت في ذلك كُتُبُ: الفرج بعد الشدة، والمحن، وبعضها مطبوع. وفي كتاب:" التحدث بنعمة الله للسيوطي: (ص/ 160-163) مبحث مهم باسم: " ذِكر نعمة الله عَلَيَّ في أن أقام لي عدوًا يؤذيني وابتلاني بأبي جهل يغمصني كما كان للسلف مثل ذلك "، وفي كتاب: " جلاء العينين " للآلوسي: (ص/ 14- 15) سَمَّى طائفة كريمة منهم- جزاهم الله عن المسلمين أحسن الجزاء وأوفاه - آمين.
عبد الله المنصور العباس الملقب بالمعتصم بالله، وهو أَول من لقب بالمعتصم بالله، وأول من أضاف اسم الله إلى لقبه سنة (218 هـ) وأمه أم ولد كذلك، وكان يسمى المثمن لأَنه ثامن خلفاء بنى العباس حتى مات سنة (227 هـ) .
ولم يكن على درجة المأمون في معلوماته، بل كان موصوفًا بالجهل، وهو القائل:
" لا حول ولا قوة إلَّا بالله: خليفة أُمِّيٌ، ووزير عَامِّي "؛ وذلك لما مرت عليه كلمة: الكلأ فلم يعرف معناها، لا هو، ولا وزراؤه.
اسْتَلَم أَمر الخلافة، وابن أَبي دؤاد، على بلاط الخلافة يترجل، وأَذناب الاعتزال من حوله، يواصلون مسيرة الامتحان بخلق القرآن، متسترين بالسلطان، يحثونه على إِنفاذ وصية المأمون، ويحسنون له أَنه لا استقرار لِحُكْمِهِ إلَّا بذلك.
وفي هذه النوبة تسلطت الأَضواء على السجين المكبل، المعذَّب الإمام أَحمد بن حنبل الذي باء المعتصم بالأَمر بضربه في عهده حَتَّى خُلِعَتْ يَدَاه، إذ لم يضرب قبل في عهد المأمون، ولا بعد في عهد الواثق، وإليك خبره في هذا العهد:
بقي أَحمد مقيدًا في بغداد يُنقل من سجن إلى سجن، حتى حُوِّل إلى سجن العامة، وكان يصلي بأهل السجن، وهو مقيد، فصار مُكْثُه نحوًا من ثلاثين شهرًا.
وكلان يناظره في السجن رجلان هما: أحمد بن محمد بن