الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: أنواع الفقه المدوَّن في كل مذهب
هذا مبحث نفيس في غاية الأهمية، تَمَّ لِي- بعد توفيق الله تعالى- بالتأمل، والتتبع والاستقراء؛ ذلك أن الفقه المدوَّن في كل مذهب يدور في خمسه أنواع:
النوع الأَول: أَحكام التوحيد
، وأصول هذا الدِّين العَقدية في توحيد الله في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته. والإيمان الجامع بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، إلى آخر قضايا الاعتقاد، وأصول الدين والملة.
فهذا النوع لا يصح أن يُقال فيه: مذهب فلان كذا، ولا الأخذ به مقلداً له فيه؛ لأنها أحكام قطعية لعموم الأمة، معلومة منه بالضرورة (1)
(1) غَلِطَ من ألَّفَ في: " التوحيد " من نصوص الكتاب والسنة، بما جرى عليه الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم من سَلَفِ هذه الأمة، ثم سَمى مؤلفه في:" العقيدة الإسلامية " و " التوحيد " بقوله: " عقيدتنا " أو " عقيدة فلان " لأنه لا اختصاص لأحد فيها، بل هي " العقيدة الإسلامية " التي أجمع عليها سلف الأمة وصالحها، وفلان من الأئمة مبلغ لها. نَعَمْ إذا ألف مخالف لها، صَحَّ أن يقصرها على نفسه من تابع أو متبوع، لأنها ليست " العقيدة الإسلامية " بصفائها، بَلْ لَوْ سَمَّاها:" العقيدة الإسلامية " وفيها ما فيها من مخالفات، لكانت تسمية ينازع فيها؛ لما فيها من التدليس واللبس. وانظر " الفتاوى: 3/ 169، 219،415 " وأما من كتب في:" العقيدة الإسلامية " وسَماها: " مفاهيم " فهو غلط من وجهين، الوجه المذكور والثاني: أن أسس العقيدة ليست مفاهيم، بل هي نصوص قطعية الدلالة كقطعيتها في الثبوت. والله أعلم
وله أَلقاب منها: " التوحيد "" الاعتقاد "" السنة ". " الشريعة ". " الأصول ". " الأَصل ". " أصول الدِّين ". " الفقه الأَكبر ".
وهو علم قائم بنفسه، أفردت فيه المؤلفات الكثيرة. وربما أدرجت أصوله في بعض كتب الفقه الفروعية، كما عمل ابن أَبي زيد القيرواني المالكي في:" الرسالة ". والهاشمي الحنبلي. ت سنة (428 هـ) في: " الِإرشاد ".
ولم يختلف المسلمون- ولله الحمد- من الصحابة- رضي الله عنهم فمن سار على نهجهم في شيء من أمور العقيدة إلَاّ في " مسألة واحدة " هي: " مسألة اللفظ " كما استقرأه ابن قتيبة- رحمه الله تعالى- وَبينه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في مواضع (1) وهم لا يختلفون بأن كلام الله غير مخلوق وأنهم بريئون من الأَقوال المبتدعة.
ولم يختلف المسلمون - ولله الحمد - في تفسير آية من آيات الصفات إلا في آية الساق، ثم اتفقوا على تفسيرها بما فَسَّرها به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" ثم يكشف ربنا عن ساقه "(2) .
وأَمَّا غلط بعض العلماء في تفسير بعض الآيات إِضافة إلى نصوص إِثبات بعض الصفات، فقد حصل هذا في مواضع، كما في تفسير قول الله- تعالى-:"وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ"[البقرة/115] إذ جعلوها من آيات الصفات، وليس كذلك،
(1) الفتاوى: 7/ 660، 12/ 333 - 334
(2)
انظر التحذير لراقمه ففيه خلاصة ما قيل في تفسير هذه الآية الكريمة.