الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلى تفصيل هذا الإجمال:
*
في بغداد:
" بغداد " هي: قاعدة الحنابلة وقَصَبَتُهُم؛ إذْ بها ولد الإمام أحمد سنة (164 هـ) وبها توفي سنة (241 هـ) - رحمه الله تعالى-.
من هنا كانت نشأة المذهب الحنبلي وظهوره فيها، وقوي أمره بها في القرن الرابع الهجري وصار ينافس المذاهب السنية فيها، وقويت شوكة الحنابلة، وصار لهم شأن، ولهم صولات وجولات في قرن العلم بالعمل، وإقامة سوق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنابذة البدعة والمبتدعين، والأخذ على يد العصاة والفُسَّاق، ومداهمة دور الفساد وإقامة الحسبة على الناس في الأسواق في بيعهم وشرائهم، ومنع اختلاط النساء بالرجال، والخلوة، وكان لهم في ذلك مقامات، وقصص مشهورة، ذكرها المؤرخون والإخباريون لا سيما في الكتب المؤلفة على حوادث السنين.
ومنها ما ذكره ابن الأَثير في حوادث سنة (323 هـ) من " الكامل " قال:
وفيها عظُمَ أَمر الحنابلة، وقويت شوكتهم، وصاروا يَكْبِسوْنَ دور القواد والعامة، وإن وجدوا نبيذًا أراقوه، وإن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، ومَشْي الرجال مع
النساء والصبيان، فإِذا رأوا ذلك سألوه عن الذي معه من هو، فأَخبرهم، وإلَاّ ضربوه، وحملوه إلى صاحب الشرطة، وشهدوا عليه بالفاحشة
…
"
ولهم وقائع وكوائن مع الصوفية، ومع الأَشعرية، ومع الظاهرية، معلومة بالتفصيل في كتب التراجم والسير (1) .
وكان المذهب في بغداد يأخذ في القوة والانتشار على يد تلاميذ الإمام أَحمد، الذين دونوا مذهبه في كتب المسائل عنه، ثم جمع تلميذهم: الخلال ت سنة (311 هـ) ما أمكنه منها في كتاب: المسند الجامع للمسائل عن الإمام أَحمد. ثم تتابع الناس على التأليف حتى بلغ به زينة المذهب في زمانه: الحسن بن حامد ت سنة (403 هـ) مبلغا عظيماَ، تأليفاً، وقراءةً، وإقراءًا، وصار من ثماره تلميذه: أَبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنفي ثم الحنبلي، المولود سنة (380 هـ) والمتوفى سنة (458 هـ)، وكان سبب تحوله أَنه وهو في العاشرة من عمره تحت وصاية رجل يُقال له: الحربي، جعله عند ابن مفرحة المقرئ، فَلَقَّنه:" العبادات من مختصر الخِرَقي " ثم استزاده أَبو يعلى فرده ابن مفرحة إلى الحسن بن حامد، فلازمه وتلقى المذهب عنه حتى مات ابن حامد سنة (453 هـ) - رحمه الله تعالى - ومازالت حال أبي يعلى في علو حتى صار ممن يشار
(1) ومنها في كتاب: الحنابلة في بغداد: ص: 175-188