الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: في معرفة بيوت الحنابلة
قال ابن أبي يعلى في ترجمة: أحمد بن محمد الصائغ: " قال أبو الحارث: سمعت أبا عبد الله يقول: إنما العلم مواهب، يؤتيه الله من أحب من خلقه، وليس يناله أحد بالحسب، ولو كان لِعِلَّة الحسب؛ لكان أَوْلَى الناس به: أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.
ثم اعلم أَن أَتباع كل مذهب نُزَّاغ من القبائل والأَوطان، ثم قد ترى العَالِم الواحد، وليس معه أَحد من أَهله فهو ورث العلم كَلَالَةً، ودرج كلالَةً فَلَمْ يُعَقَب من نَسْلِهِ عالماً، ولا ضير فالحال كما قال أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف البغدادي المعتزلي ت سنة (381 هـ) (1) :
العالم العاقل ابن نفسه
…
أغناه جنس علمه عن جنسه
كُن ابن من شئت ولكن كَيّسًا
…
فإنما المرء بفضل كَيْسِه
كم بين من تكرمه لغيره
…
وبين من تكرمه لنفسه
من إنما حياته لغيره
…
فيومه أولى به من أمْسِه
وترى العالم ومعه الرجل والرجلان من أهله وعقبه، والعالم
(1)" نشوار المحاضرة " 6/ 150 رقم/92
ومعه الرهط منهم، والعالم وَيَتْبَعةُ الجمعُ من آله وذراريهم عدة قرون، فيتوارثون العلم، والفقه في الدِّين، كما قال كعب- رضي الله عنه:
ورثوا الكرامةَ كابراً عن كابر
…
إن الأكابر هم بنو الأخيار
وهذا من الأَبحاث الجامعة الماتعة، فمفرداته كالقواعد في علم النسب، تجمع ما تناثر في بطون الكتب ولهذا تراهم في التراجم، يذكرون آل المتَرْجَمِ له من العلماء أَحياناً.
وَقَدْ تَمَيَّزَ كتاب: " السحب الوابلة " بالإشارة إلى ذلك في صدر الترجمة فيقول مثلًا: فلان بن فلان: الآتي أَبوه، وجده، المتقدم أَخوه، وابنه، ويُسَمِّيْهم، وهكذا.
وهي لَفْتة نفيسة من ابن حُميد لمعرفة " البيوت الحنبلية "، وكان طرفا منها لدى ابن رجب في:" الذيل "، كثيرة الدوران لدى السخاوي في:" الضوء اللامع ".
ثم إن أهل البيت الحنبلي الواحد قد ينتظمهم اسم واحد اشتهروا به، من كنية مثل: آل أَبي يعلى، أو لقب مثل: بيت ابن الحنبلي
وقد تبقى هذه الشهرة لعموم البيت، لكن ينفصل عنه واحد
ومن جاء من نسبه بلقب مثل " آل قدامة " صار منهم: " بنو قاضي الجبل " و " بنو زُريق " و " بنو عبد الهادي " ومن بني عبد الهادي صار: " بنو المبرد ".
وقد ينقطع البيت ولم يعقب.
وقد يزول اللقب الذي اشتهر به البيت؛ لِعَارِضٍ ما، ويكون عقبه متعاقباً، لكن لخمول الذكر وخلوه من أهل العلم والذكر، تنقطع النسبة ظاهراً، وفي حقيقته أَنه يلتحق نسباً بذاك العَلَم المشهور أو البيت المرفوع.
فمثلًا: آل قدامة، وآل تيمية، وآل ابن قيم الجوزية، لا نعلم اليوم على وجه الأرض من ينتسب ويجر نسبه إليهم، مع أن كتب التراجم لا تحدثنا عن انقطاع العقب في جميعهم، فهل انقطع عقبهم، أَم ذراريهم بين ظهرانينا؟
على أَننا لو استزدنا من كتب التراجم، والمشيخات، والأنساب؛ لأَبْرَزَتْ لنا معالم نستطيع بها جر النسب لهذه البيوتات الشريفة إلى زَمَن متأخر.
وقد رأيت أثارة مِنْ عِلْمِ تُنْبِئ عن وجود نسل من آل تيمية إلى مطلع القرن الثالث عشر الهجري في بيت المواهبي والمشتهر أيضا بـ " بيت ابن بدر " كما يأتيك خبره في هذا المبحث عند ذكر: " آل تيمية ".