الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمهيد الثاني: عناية الأصحاب في بيان هذه الطرق
اعْتَنَى جَمْعٌ من علماء المذهب ببيان هذه الطرق، وتتبع مصطلحات الإمام من أَجوبته في مسائل الرواية عنه، وفَسْرِها، وشرح اصطلاحه فيها، وإفراد ذلك بمؤلَّف مُسْتقِل، أو تبعا في كتب المذهب: فقهه، وأصوله، وتراجم رجاله.
وكان أَول من علمناه أَفرد جمع هذه المصطلحات، وفَسْرَها:
إِمامُ المذهب في زمانه، الفقيه ابن حامد الحنبلي: الحسن بن حامد ابن علي البغدادي، المتوفى سنة (403 هـ) - رحمه الله تعالى-
فإِنَّه أَفرد ما وقع له بكتاب سَمَّاه: " تهذيب الأَجوبة "(1) أي تخليص مصطلحات الإمام أَحمد في أَجوبته المعبرة عن مذهبه، من شائبة الخلاف في فَسْر مراده منها، فَبيَن- رحمه الله تعالى- المراد من مصطلح الإمام، بذكر منزلته من أَحكام التكليف: الواجب. المندوب. المحرم. المكروه. المباح. وعقدها في أَبواب جامعة بلغت نحو أَربعين بابا، يتخلل بعضها فصول، ومسائل
(1) طُبعَ هذا الكتاب بتحقيق الأستاذ: صُبحي السامرائي، ثم حُقِّق رسالة في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وقد حَلاهُ محققه الشيخ/ عبد العزيز القائدي، بحاشية نفيسة، وتعليقات جياد، والعزو إليها في هذا الكتاب حيثما مَرَّ.
وقد سَلَك في كل باب مسلكين:
أحدهما: التمثيل لاصطلاح الإمام ببعض أجوبته من مسائل الرواية عنه، سائقا لها بالإسناد إلى الإمام أَحمد.
وثانيهما: التدليل على فَسْره للاصطلاح، وشرحه له، ببيان " وظيفة اللفظ " ومنزلته، بسياق الأَدلة عليه من: اللسان العربي، والقرآن الكريم، والسنة، وعُرْف الناس، وتواطئهم في اصطلاحهم ببعض الألفاظ الجارية على الألسن. وهو نظير عمل الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى- في:" الرسالة ".
وكثيرا ما يذكر الرأي المخالف، ثم يُجْرِي مناقشته بما يدفعه.
والحق أن جميع من جاء بعده عِيَال عليه.
وممن عَوَّلَ عليه، وضمَ إفادات إليه، صاحب الرعايتين: العلَاّمة ابن حمدان: أحمد بن حمدان النمري الحراني، المتوفى سنة (695 هـ) - رحمه الله تعالى- وذلك في كتابه:" صفة الفتوى والمفتي والمستفتي "(84- 15) المشهور باسم: " آداب المفتي ". وَلَخَّصَ ابن مفلح، المتوفى سنة (763 هـ) - رحمه الله تعالى- مقاصد ابن حامد في مقدمة كتابه:" الفروع ".
ثم بسطها المرداوي، المتوفى سنة (885 هـ) - رحمه الله تعالى- في كتابه:" تصحيح الفروع ".
ثم قام المرداوي ببيان أبسط في رسالة مستقلة باسم: " قاعدة نافعة جامعة لصفة الروايات المنقولة عن الإمام أحمد- رضي الله
تعالى عنه- والأَوجه والاحتمالات الواردة عن أَصحابه- رحمنا الله وإيَّاهم، وغفر لنا ولهم وللمؤمنين- ".
وَذَيَّل بها كتابه الحاوي للرواية والتخريج في المذهب: " الِإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أَحمد بن حنبل ": (12/ 240- 296) .
وقد جمعَ المرداوي- رحمه الله تعالى- في هذه القاعدة النافعة، كلام من سبقه من المذكورين، وغيرهم، وَرَتَّبَهُ، ونَسَّقَه، وهَذَّبَه ونَقَّحَه.
ولابن النجار الفتوحي، المتوفى سنة (972 هـ) في آخر كتابه:" شرح المنتهى " خاتمة حافلة، لاسيما في مسالك الترجيح في المذهب والتخريج.
وكان لعلماء أصول الفقه، في أَبواب الاجتهاد والتقليد، من كتب " أصول الفقه " نصيب وافر، وعناية ظاهرة في الكشف عن اصطلاح الإمام في أَجوبته، وطرق أَصحابه وأتباع مذهبه في التخريج على المذهب، والترجيح فيه، كما في كتاب:" العُدَّة " لتلميذ ابن حامد: القاضي أَبي يعلى، المتوفى سنة (458 هـ) - رحمه الله تعالى-:(4/1622- 1640) .
وفي كتاب: " المسودة: 524- 535 " لسلسلة الذهب من آل تيمية وهم: شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، المتوفى سنة (728 هـ) ، ووالده عبد الحليم، المتوفى سنة (682 هـ) ، وجده المجد عبد السلام،
المتوفى سنة (652 هـ) .
وفي: " شرح مختصر الروضة " للطوفي، المتوفى سنة (716 هـ) - رحمه الله تعالى-:(3/638-645)
وفي غيرها من كتب الأصول كثير.
وقد حَلَّى شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- في مواضع من فتاويه، جُمْلَةً منها، كما في فهارسها:" 37/26- 27 " وتلميذه ابن قيم الجوزية، المتوفى سنة (751 هـ) - رحمه الله تعالى- في مواضع من كتبه، كما بينته في:" التقريب لعلوم ابن القيم: ص/ 51- 52 "
وكان لعلماء المذهب في عدد من مقدمات كتبهم، ومثاني شروحهم لها بيان لِجُمَلِ مُهِمَّةِ في ذلك، كما عمل صاحب " الفروع " العلَاّمة ابن مفلح، المتوفى سنة (763 هـ) - رحمه الله تعالى- في مقدمته له:" 1/63- 71 ". والمرداوي في " تصحيحه " له، وفي مقدمة تصحيحه:" 1/ 22- 59 " وفي خطبة الِإنصاف " 1/ 4- 18 " ثم جاء العلَاّمة ابن بدران: عبد القادر بن أَحمد بن مصطفى ابن بدران الدمشقي الدومي الحنبلي، المتوفى سنة (1345 هـ) - رحمه الله تعالى- فألف كتابه:" المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ابن حنبل " فكتب فيه: " العقد الرابع في مسالك كبار أصحابه في ترتيب مذهبه واستنباطه من فتياه والروايات عنه، وتصرفهم في ذلك الإرث المحمدي الأحمدي ": (ص/ 46- 56) وفي كتابه الآخر " العقود
الياقوتية ": (ص/ 115- 142) .
ثم طبع حال تدوين هذا الباب، كتابان:
أَحدهما: " التخريج عند الفقهاء، والأصوليين " للشيخ الأصولي يعقوب أَبا حسين. وكتابه هذا عمدة في مباحث: " الفصل الثاني من هذا المدخل ".
وثانيهما: " تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهد من الأقوال " للشيخ عياض السُّلَمي.
ورأيت بحثاً باسم: " أسباب تعدد الرواية في المذهب الحنبلي " أَعَدَّهُ: فايز بن أحمد حابس.
ورأيت في: " فهرس رسائل جامعة أم القرى ": ص/ 30 برقم/ 89 تسمية رسالة بعنوان: " تعدد الأقوال للمجتهد " لحسين ابن صالح بن عبد الله القرني.
هذه جملة مصادر هذا الباب لدى الأصحاب، ويضاف إليها مصادر لدى علماء المذاهب الثلاثة الأخرى، ففيها إِفادات حِسان تَعُمُّ كُلَّ مذهب، وقد مضت تسمية عدد منها في آخر " المدخل الثاني ".