الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: في طرق معرفة المذهب، اصطلاحًا من تصرفات الأصحاب في التخريج على المذهب ولازمه
مضى في " الفصل الأول " طُرق معرفة المذهب من جهة قول الإمام، وفعله، وتنبيهه، وسكوته، وتوقفه، وأَن معرفة مذهبه من جهة خطه، وأَجوبته، وأقواله، هي الطريق الأم في معرفة المذهب، وعرفت ما فيها من التقاسيم والأَنواع باعتبارات مختلفة. وأنه " المذهب حقيقة ".
والآن إلى معرفة المذهب اصطلاحاً من جهة لازم قول الإمام، ويُقال " لازم المذهب من قول الإمام: هل يكون قولا ومذهباَ له أَم لا؟ ".
ويُقال: " التخريج في المذهب ".
ولفظ: " التخريج " هُنا أطلق بمعناه العام، وإلا فإن لفظ:" التخريج " يعني أموراً:
1-
" تخريج الأصول من الفروع " وهذا من عمل علماء أصول الفقه.
2-
" تخريج الفروع على الأصول ". وهذا من عمل الفقهاء،
وفيه أفردت مؤلفات خاصة، مثل:، "كتاب تخريج الفروع على الأصول " اللزنجاني الشافعي، وغيره.
3-
" تخريج الفروع على الفروع " وهو محل البحث في هذا الفصل، بجميع طرقه، وتقاسيمه، وأنواعه. ويقال:" التخريج في المذهب " أو " القياس فى المذهب ".
4-
" التخريج " وهو واحد من مفردات لازم المذهب، التي يسلكها الأصحاب بطريق القياس على أصول المذهب حقيقة.
5-
" النقل والتخريج " وهو واحد من مفردات لازم المذهب، التي يسلكها الأصحاب بطريق القياس على المذهب حقيقة؛ لنقل حكمين مختلفين في مسألتين متشابهتين من كُلِّ واحدة إلى الأخرى، فيصبح في كل مسألة: حكم رواية، وحكم آخر نقلاً وتخريجاً
والثلاثة الأَخيرة هي محل البحث هنا، وهي الطريق لِمَدِّ كتب المذهب، وكثرتها، وشَحْنِها بالفروع وأحكامها أمَامَ الواقعات، والنوازل، والمستجدات.
ومن أبرز ما في تخريج الفروع على الفروع: " مفهوم كلام
المجتهد: هل يكون مذهباً له كمنطوقه أم لا؟ ".
ويُقال: " توابع المنصوص في المذهب ".
وقد كنت أدرجت هذا الفصل في آخر " الفصل الأول " قبله، لكن بما أَن طُرُقَهُ من عمل الأصحاب، وفقههم في إِطار المذهب، مع شدة الخلاف في عَدّها مذْهَبًا للِإمام في أي مذهب؛ فقد رأيت إفرادها في هذا:" الفصل الثاني ".
وهذه من فقه الأصحاب في إِطار أصول المذهب، وقواعده، والتنظير بمسائله فيما لا نص فيه، ولا رواية عن الإمام حينما تعوزهم الرواية عن الإمام، ويفقدون النص عنه، فإن الفقيه المتمذهب يفزع إلى نصوص إمامه فيجيل نظره في ذلك النص: في منطوقه، ومفهومه، وعامه، وخاصه، ومطلقه، ومقيده، مستظهرا علته، مبيناً مدركه، حتى يتم له بيان الحكم التكليفي فيما لم يتكلم فيه الإمام في إطار مذهب على وجه الترجيج، أو الوجه، أو الاحتمال، أو قياس المذهب، فيحصل للفقيه المتمذهب أمران:
أولهما: بيان حكم الواقعة، أو الفرع المقرر المفترض.
وثانيهما: أَن يكون ذلك الحكم في دائرة المذهب بواحد من المسالك الممنوحة لمجتهد المذهب من الأصحاب:
الوجه. الاحتمال. التخريج. النقل والتخريج. قيانس المذهب. القول.
قال أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون. ت سنة (808 هـ)(1) :
" ولما صار مذهب كل إمام عِلما مخصوصاً عند أهل مذهبه، ولم يكن لهم سبيل إلى الاجتهاد، والقياس، احتاجوا إلى تنظير المسائل في الِإلحاق، وتفريقها عند الاشتباه بعد الاستناد إلى الأصول المقررة من مذهب إمامهم، وصار ذلك كله يحتاج إلى ملكه راسخة، يقتدر بها على ذلك النوع من التنظير، أو التفرقة، واتباع مذهب إمامهم فيهما ما استطاعوا، وهذه الملكة هي علم الفقه لهذا العهد " انتهى.
وعليه: فإِن معرفة المذهب اصطلاحًا من عمل الأصحاب تنقسم إلى ثلاثة طرق:
- الطريق الأول: مفهوم كلامه. ويُقال: الاستدلال
- الطريق الثاني: تخريج الفروع على الفروع.
وفيه قسمان:
القسم الأول لازم المذهب بالتخريج عليه. ويقال:
القياس على المذهب بالتخريج عليه. ويقال: " التخريج "
ويشمل أَنواعا ستة هي:
1-
قياس المذهب
2-
الوجه
(1) المقدمة: 2/ 132 رقم/ 1885
3-
الاحتمال
4-
التخريج.
5-
النقل والتخريج
6-
الاتجاه، ويقال: التوجيه
القسم الثاني: لازم المذهب. ويُقال: أَثر الخلاف في تكييف الأَحكام الفقهية.
- الطريق الثالث: توقفات الأصحاب في المذهب. والمراد من الطرق في هذا الفصل: بعد بيان حقائقها، بيان حكم تخريج رأي في المذهب في مسألة ما بواحد من هذين الطريقين: هل يكون مذهبا لِإمإم المذهب فينسب إليه اصطلاحًا، أَم لا تجوز نسبته إليه وإنما هو من تخاريج المنتسب إِليه؟ فتكون أقوالا في المذهب، ولا تنسب إلى إمام المذهب
وثمرة الخلاف في هذه الطرق. هي أَنه على رواية الجواز.
يكون مَا خَرَّجَهُ الأصحاب: رواية مخرجة كرواية الإمام المنصوصة، وعلى المنع: يكون مَا خَرَّجَهُ الأصحاب: وَجْهاً، أو قولاً، أو احتمالاً، ونحو ذلك من الأَنواع، هو لمن خَرَّجَه (1) ، ولا تجوز نسبته إلى إمام ذلك المذهب، بل لا ينسب إلى المذهب
والآن إلى بيان هذه الطرق:
(1) انظر تصحيح الفروع: 1/ 65-66