الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
تمهيد:
حقيقة الاصطلاح: إِخراج الشيء عن معناه اللغوي إلى معنى آخَر خاص به.
وقد أَفْرَدْتُ كتابا في: " المواضَعَة في الاصطلاح " فَصَّلْتُ فيه مسائله، وقضاياه القديمة والمعاصرة وَثَبَتاً في المؤلفات المفردة فيه، والأبحاث عنه
ومن الفوائد فيه أَن: أَلفاظ الوحيين في الحقائق الشرعية، مثل: الصلاة، الزكاة
…
لا يُطلق عليهما لفظ " الاصطلاح " إنَّما يُقال: حقيقتها شرعاً. وأَمَّا ما تواضع عليه أهل كل فن، فيطلق عليه اللفظان: اصطلاحًا، وشرعاً.
ومن الفوائد فيه: أَنّ المصطلحات والحقائق الشرعية، قد أفرد لها أَبو حاتم الرازي ت سنة (322 هـ) كتاباً باسم:" الزينة في المصطلحات الإسلامية " مطبوع في ثلاثة أَجزاء، وعقد لها ابن فارس. ت سنة (395 هـ) في كتابه:" الصاحبي " بابا، باسم:" باب في الأَسباب الإسلامية " وعنه السيوطي في: " المزهر " مع زيادات عليه، وكان لعلماء " أصول الدين و " أصول الفقه " في بحثها أوْفَرُ نَصِيْب، يَغْبِطُهُمْ عليه كلّ مَنْ فَازَ بالنظر في تفاريق كلامهم.
وقد طال بينهم الجدل: هل نقلت هذه الألفاظ في النصوص
الشرعية من حقائقها اللغوية إلى حقائق شرعية، بسبب ما شرع الإسلام من شرائع، مثل لفظ: الصلاة. الزكاة. الصوم
…
؟ أو أَنها استعملت في مسمياتها اللغوية المعروفة، لكن الشرع أَضاف إلى الماهية شروطا لم تكن من قبل؟ ثم نشأ موقف ثالث: وهو القول بالمجاز، ثم قول رابع: وهو التوقف.
أَما الأَلفاظ التي يستعملها أَرباب العلوم، ويتواضع عليها- مثلا - الفقهاء، فلا يختلفون في أَنها منقولة إلى حقائقها الاصطلاحية. وبهذا صارت الحقائق الدائرة منقسمه إلى أَربع:" حقيقه لغوية و " حقيقة شرعية " و " حقيقة عرفية عامة " و " حقيقة عرفية خاصة " و " الحقيقة الاصطلاحية " تشمل الحقيقتين الأخيرتين.
ثم إِنَّ استعمالات الفقهاء وتواطأَهم على بعض المصطلحات ترجع إلى واحد من أَمرين:
1-
مصطلحات ترجع إلى: " المدارك القولية " للأَحكام
- وهي نصوص الكتاب والسنة- مثل: العلة. الحُكم. الحِكمة. القياس. الاستصحاب
…
إلى آخر التسميات، لِمَا عُرِفَ بَعْدُ بِاسْمِ:" الأَدلة التبعية ".
2-
مصطلحات ترجع إلى تلقيب الفروع الفقهية ذاتها، وتسمية صُوَر النوازل، والواقعات، بأَسماء تُميزها، لمَا عُرِفَ بَعْدُ باسْمِ:" لغة الفقهاء ".
ثم نشأ بَعْدُ، في وقت متاخر أَمر ثالث، وهو التواطؤ من أَهل كل مذهب على أَلفاظ، وحروف، للعزو والنقل، وعرفت- بعد باسم:" المصطلحات الفقهية ".
وقد يشمل هذا اللفظ: " المصطلح الفقهي " الأَمرين الأَخيرين.
فلفظ: " المصطلح الفقهي " في أي مذهب يشمل نوعين من المصطلح لدى الفقهاء:
* النوع الأول: صيغ متداولة للأَحكام الفقهية نفسها، وهي المعروفة باسم:" الحدود " و " التعاريف " و " لغة الفقهاء ".
والمؤلفات المفردة في هذا كثيرة، وقد طُبعَ منها كتب في كل مذهب من المذاهب الأربعة.
وللأَصحاب بهذا الاسم كتاب: " لغة الفقهاء " جزآن، لابن الجوزي. ت سنة (597 هـ) .
وطُبعَ في مصطلحاتهم كتابان هما " المطلع و " الدر النقي " يأتي ذكرهما " في المدخل الثامن ".
* النوع الثاني: اصطلاح بأَلفاظ، ورموز ومبهمات، يستعملها فقهاء كل مذهب، ويتواطؤون عليها؛ رغبة في الاختصار لكثرة التكرار بغرض الدلالة على الرواية في المذهب، ومنزلتها، وما يتبعها للأصحاب من وجوه، وتخاريج، ونحوها، ومراتبها الحكمية في
المذهب، أو اختصارا لاسم عَلَمٍ، أو كتاب، وهي التي اشتهرت بهذا الاسم:" المصطلحات الفقهية "، وعند الحنفية باسم:" رسم عقود المفتي " أَي: " العلامة التي تدل المفتي على ما يُفتي به "(1) .
وهذا النوع الثاني هو المراد بحثه هنا بأَقسامه الثلاثة في خصوص مذهب الإمام أَحمد بن حنبل الشيباني- رحمه الله تعالى- وهي:
1-
المصطلحات الدالة على نقل المذهب، ومرتبته الحكمية بالكلمة، أو الرمز بحرف.
2-
المبهمات في أَسماء الأعلام بالكلمة، أو الرمز بحرف.
3-
المبهمات في أَسماء الكتب بالكلمة، أَو الرمز بحرف.
ثم هذه الأَقسام الثلاثة على نوعين:
1-
نوع يخص إمام المذهب، وهو القسم الأول فقط: الأَلفاظ والمصطلحات الدالة على مرتبة الحكم التكليفية، وإبداء رأيه.
2-
نوع يخص أهل المذهب في شتى طبقاتهم، ويشمل الأَقسام الثلاثة المذكورة.
وهذه الرموز الحرفية والمصطلحات الكَلِمِيَّة تُعْلَمُ جَميعُها من مؤلفات مفردة، ومقدمات الكتب الفقهية، وموضعهما من الكتب الأصولية في مباحث: الاجتهاد، والتقليد. ومن خلال كتب التراجم
(1) حاشية ابن عابدين: 1/ 569
وخاصة: " طبقات الحنابلة " وذيوله.
وهذا يَلْفِتُ نظر المتَفَقّهِ أَن لا ينظر في كتاب إِلَاّ بعد قراءة مُقَدَّمَتِهِ، وأَن لا يحكم على كلامه إلَّا بعد معرفة اصطلاحه.
وجميع هذه الرموز، والمصطلحات أيضا، يمكن تصنيفها في ثلاثة فصول هي:
الفصل الأول: مصطلحات الإمام أَحمد في أجوبته وفتاويه.
الفصل الثاني: مصطلحات الَأَصحاب في نقل مذهبه
الفصل الثالث: مصطلحات الأَصحاب في نقل بعضهم عن بعض
فإلى بيانها على هذا الترتيب: