المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الطريق الثاني: - المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب - جـ ١

[بكر أبو زيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌المدخل الأول: معارف عامة عن التمذهب

- ‌المبحث الأَول: التعريف بلفظ: " المذهب

- ‌1- ماهية " المذهب " وحقيقته لغة

- ‌2- حقيقته العرفية:

- ‌3- ماهية " المذهب " وحقيقته اصطلاحًا

- ‌المبحث الثاني: التعريف بلفظ: " الفقه

- ‌1- ماهية: " الفقه " لغة

- ‌2- ماهية: " الفقه " شرعاً:

- ‌3- الفقه الأكبر

- ‌4- لقب: " القُرَّاء

- ‌5- ماهية: " الفقه " اصطلاحًا:

- ‌المبحث الثالث: أنواع الفقه المدوَّن في كل مذهب

- ‌النوع الأَول: أَحكام التوحيد

- ‌النوع الثالث: أَحكام فقهية اجتهادية

- ‌المبحث الرابع: تاريخ التمذهب، والحث على فقه الدليل

- ‌المبحث الخامس: الاجتهاد في الفقه الإسلامي وأثره في الثروة الفقهية في كل مذهب

- ‌1- من له حق الاجتهاد:

- ‌2- مجالاته:

- ‌3- أَسبابه:

- ‌4- أنواعه:

- ‌5- حُكْمُه:

- ‌6- حِكْمَته:

- ‌المبحث السادس: في شروط نقل المذهب، والتوقِّي من الغلط فيه وأسباب الغلط

- ‌ الأَمر الأول: شروط نقل المذهب

- ‌ الأَمر الثاني: في التوقي من الغلط في نقل المذهب وأسباب الغلط:

- ‌المدخل الثاني: في معارف عامة عن المذهب الحنبلي

- ‌الدور الأول: دور نشأته في حياة الإمام أَحمد

- ‌الدور الثاني: دور النقل والنمو:

- ‌الدور الثالث: دور تحرير المذهب وتنقيحه:

- ‌الدور الرابع: دور الاستقرار:

- ‌الدور الخامس: دور إِحياء التراث

- ‌المبحث الثاني: في مزايا الفقه الحنبلي

- ‌ فقه الدليل

- ‌ كثرة المسائل العلمية والعملية

- ‌ البعد عن الفقه التقديري في المذهب:

- ‌ البعد عن الِإغراق في الرأي:

- ‌ التيسير في الأحكام من العبادات والمعاملات والشروط والنكاح وغيرها:

- ‌المبحث الثالث: في معرفة ما كتب عن التعريف بالمذهب

- ‌ فائدة:

- ‌المذهب الحنفي:

- ‌المذهب المالكي:

- ‌المذهب الشافعي:

- ‌المدخل الثالث: في أصول المذهب

- ‌فصل:الأَصل الثالث من أصوله:

- ‌فصل:الأَصل الرابع: الأَخذ بالمرسَلِ والحديثِ الضعيف

- ‌المدخل الرابع: في معرفة مصطلحات المذهب وتفسيرها

- ‌ تمهيد:

- ‌الفصل الأول: في ألفاظ الإمام أحمد في أجوبته ومراتبها الحكمية

- ‌الفصل الثاني: في مصطلحات الأصحاب العامة

- ‌ القسم الأول

- ‌ القسم الثاني:

- ‌ القسم الثالث:

- ‌ القسم الرابع:

- ‌ القسم الخامس:

- ‌الفصل الثالث: في مصطلحات الأصحاب في نقل بعضهم عن بعض

- ‌المدخل الخامس: في التعريف بطرق معرفة المذهب ومسالك الترجيح فيه

- ‌التمهيد الأول: في ماهية المذهب

- ‌التمهيد الثاني: عناية الأصحاب في بيان هذه الطرق

- ‌التمهيد الثالث: مراتب الناس فيها

- ‌الفصل الأول: في طرق معرفة المذهب

- ‌الطريق الأول: القول:

- ‌أَولَا: أقسام أقواله من جهة القبول أو الرد:

- ‌ القسم الأول:

- ‌ القسم الثاني

- ‌ القسم الثالث:

- ‌ القسم الرابع:

- ‌ القسم الخامس:

- ‌ ثانياً: أَقسام أقواله من جهة إِفادتها مرتبة الحكم التكليفي في منطوقها:

- ‌ القسم الأول:

- ‌ القسم الثاني:

- ‌ القسم الثالث:

- ‌ القسم الرابع:

- ‌ الطريق الثالث: السكوت:

- ‌ الطريق الرابع: التوقف

- ‌ القسم الاول:

- ‌ القسم الثاني:

- ‌الفصل الثاني: في طرق معرفة المذهب، اصطلاحًا من تصرفات الأصحاب في التخريج على المذهب ولازمه

- ‌الطريق الأول

- ‌ الطريق الثاني:

- ‌ الطريق الثالث:

- ‌الفصل الثالث: في مسالك الترجيح عند الاختلاف في المذهب

- ‌المبحث الأول: أنواع الاختلاف في المذهب

- ‌المبحث الثاني: مسالك الترجيح عند الاختلاف

- ‌المبحث الثالث: المرجحات (1)

- ‌المبحث الرابع: من له حق الترجيح في المذهب

- ‌المبحث الخامس: اصطلاح الأصحاب في حكاية الخلاف

- ‌المدخل السادس: في التعريف بالإمام أحمد

- ‌المبحث الأول: عيون المعارف في ترجمته

- ‌نَسَبُهُ:

- ‌منازل بني شيبان في الإسلام:

- ‌تاريخ ولادته ووفاته:

- ‌ابن حنبل:

- ‌ كنيته

- ‌ آل الإمام أَحمد- رحمه الله تعالى

- ‌ صفته:

- ‌ فراسة العلماء عنه في صغره:

- ‌ أَحمد في صِغَرِهِ يرفض أَن يكون وَشَّاء:

- ‌ تواضعه (2) :

- ‌ إِجابته الدعوة:

- ‌ تعبده وزهده غير المتكلف:

- ‌ حبه للوحدة:

- ‌ بعده عن الشهرة:

- ‌ إِجلال علماء زمانه له وهيبته عندهم (2) :

- ‌ كرمه:

- ‌ مصدر نفقته:

- ‌تقوته من عمل يده:

- ‌ حوانيت كان يؤجرها:

- ‌رفضه أعطيات السلطان:

- ‌ تاريخ بدء طلبه للحديث:

- ‌ رحلاته:

- ‌كثرة شيوخه (1) :

- ‌ أَدب أَحمد مع شيوخه:

- ‌ رواية شيوخه عنه (2) :

- ‌ كثرة تلامذته:

- ‌ غرامه بالكتب (1) :

- ‌ إِمامته في علم الجرح والتعديل ومعرفة الرجال:

- ‌ روايته في الكتب الستة (1) :

- ‌ من نفائس أقواله:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ تاريخ تأليفه للمسند:

- ‌ سعة حفظه:

- ‌المبحث الثاني: إِمامته في الفقه (1)

- ‌ كائنة الحنابلة مع الطبري:

- ‌المبحث الثالث: مَدَى تأثر فقه أحمد ومذهبه بفقه الشافعي ومذهبه

- ‌المبحث الرابع: خَبَر القول بخلق القرآن: فِتْنَةٌ. ثم مِحْنةٌ. ثم نصْرةٌ

- ‌ دور فِتْنه القول بخلق القرآن:

- ‌دَوْرُ المحنهِ:

- ‌ المحنة في عهد المأمون: " دور نشأة الامتحان بها

- ‌ المحنة في عهد المعتصم: " دور استفحال المحنة " (2) :

- ‌ دَوْرُ النُّصْرَة:

- ‌ عفوه عمَّن آذاه إلَّا صاحب بدعة:

- ‌ المحنة في عهد الواثق: " دور استمرارها

- ‌ رفع الفتنة والمحنة في عهد المتوكل:

- ‌ المدَّعِي: أَحمد البدعة:

- ‌ المدَّعى عليه: أحمد السنة:

- ‌ الظرف العقدي لزمن الفتنة:

- ‌ محل الدعوى:

- ‌ موضوع الدعوى: " القرآن مخلوق

- ‌ مدة الدعوى:

- ‌ حجة المدعي:

- ‌ حجة المدعى عليه:

- ‌ ماذا لحق المدعى عليه من الأَذى:

- ‌ كسب الدعوى:

- ‌ شهداء الفتنة:

- ‌ الذين لاذوا بِالتَّقِيَّة:

- ‌ الثابت في المحنة:

- ‌ دور النصرة

- ‌ المحنة الثانية:

- ‌ المحنه الثالثة:

- ‌ المحنة الرابعة:

- ‌المبحث الخامس: في معرفة الخصال التي تَمَيَّز بها الإمام أَحمد

- ‌المدخل السابع: في التعريف بعلماء المذهب

- ‌الفصل الأول: في معرفة التآليف المفردة عن علماء المذهب

- ‌ تمهيد:

- ‌ النوع الأول: تسميه الكتب المفردة في ترجمة الإمام أَحمد

- ‌ النوع الثاني: كتب في تراجم تلاميذ الإمام وأَصحاب الرواية عنه:

- ‌ النوع الثالث: كتب في تراجم الأصحاب على اختلاف طبقاتهم وبلدانهم:

- ‌ النوع الرابع: كتب تختص بتراجم الأصحاب حسب بلدانهم:

- ‌ النوع الخامس: كتب تختص بترجمة واحد من علماء المذهب:

- ‌ النوع السادس: التراجم الذاتية:

- ‌ النوع السابع: مؤلفات في تفضيل المذهب، والدفاع عنه وعن أَتباعه:

- ‌الفصل الثاني: في طبقات الأصحاب

- ‌ تمهيد:

- ‌الفصل الثالث: في معارف عامة عن الأصحاب

- ‌المبحث الأول: نظرة تقريبية لعدد علماء الحنابلة من طبقاتهم المطبوعة

- ‌المبحث الثاني: آفاق الحنابلة وأَوطانهم (1)

- ‌ في بغداد:

- ‌ في الشام:

- ‌ وفي مصر:

- ‌ وفي بلاد العجم:

- ‌ وفي جزيرة العرب:

- ‌المبحث الثالث: في معرفة بيوت الحنابلة

- ‌ في: بغداد

- ‌ في بغداد والشام:

- ‌ في الشام:

- ‌ في مصر:

- ‌ الحنابلة في بلاد العجم:

- ‌ في جزيرة العرب:

- ‌المبحث الرابع: التحول المذهبي

- ‌ المبحث الأول: الذين تحولوا إلى مذهب الِإمام أَحمد:

- ‌ المبحث الثاني: الذين تحولوا عن المذهب الحنبلي: منهم:

- ‌ المبحث الثالث: الذين حصل تردد في نسبتهم إلى المذهب الحنبلي:

- ‌ المبحث الرابع: الذين تحولوا من التقليد للمذهب إلى الاجتهاد:

- ‌ المبحث الخامس: من كان متمذهبًا في الفروع حنبليًا في الأصول:

- ‌ المبحث السادس: أصحاب الإمام أحمد والآخذون عنه وهم من غير أهل مذهبه:

- ‌المبحث الخامس: في مشتبه الأسماء

- ‌المبحث السادس: في الكنى والألقاب، والمبهمات

- ‌المبحث السابع: في الأوائل الحنبلية

الفصل: ‌ الطريق الثاني:

في وسطهم.

وفي رواية المروذي: سئِلَ عن العُراة؟ قال: فيه اختلاف، إلَّا أَن إِمامهم يقوم وسطهم، وعاب على من قال: يقعد الإمام.

فلو لم تكن رواية ابن هانئ المذكورة؛ لاستدل المستدل من قول أَحمد: " إِمامهم يقوم وسطهم ": على صلاتهم قياماً، لكن هذا استدلال ضعيف؛ للنص عنه في رواية أخرى:" يصلون جلوساً ".

-‌

‌ الطريق الثاني:

تخريج الفروع على الفروع:

وَيَشْمَلُ استخراج مذهب المجتهد، بواحد من قسمين:

القسم الأول: لازم المذهب بالتخريج عليه:

وفيه ستة أَنواع هي:

1-

قياس المذهب

2-

الوجه.

3-

الاحتمال.

4-

التخريج

5-

النقل والتخريج.

6-

الاتجاه.

ص: 273

النوع الأول: تخريج الفروع على الفروع بطريق القياس (1) :

ويُعبر عنه بلفظ: " القياس على المذهب ".

وبلفظ: " التخريج بطريق القياس ".

والقياس في المذهب: هو إِثبات حكم شرعي لمسألة لا نص فيها للإمام على مسألة له فيها نص؛ لاشتراكهما في العلة عند القائس، وحكم نسبته إلى ذلك الإمام، سَوَاء قُطِعَ فيه بنفي الفارق، وهو ما يسمى عندهم باسم:" القياس بنفي الفارق " أَو: " القياس في معنى الأَصل ".

أَو نُصَّ على علته، وهو " قياس العلة ويقال له مع سابقه:" القياس الجلي "

وهما أيضا من تحقيق المناط، لإثبات علة حكم الأصل في الفرع.

أَو عُرِفَتْ عِلَّتُهُ عن طريق الاستنباط، كعلة الربا، ويقال له:" القياس الخفي " وهو من باب تخريج المناط.

(1) تهذيب الأَجوبة: 262-277 العدة لأبي يعلى: 5/1627 - 1635، روضة الناظر: صفة الفتوى: 88 شرح مختصر الروضة للطوفي: 3/ 638- 641 إعلام الموقعين 3/51 الفروع مع تصحيحه: 1/ 64، 66- 67 مهم. الإنصاف: 12/ 243- 244، 256 تحريرالمنقول:

2/ 268 شرح الكوكب المنير: 4/ 497-499 المدخل: 54- 55 التخريج: 247- 266 تحرير المقال: 44- 71 وانظر: المجموع للنووي: 1/ 44

ص: 274

وحاصله أن: قياس المذهب هو: تخريج فرع غير منصوص عن الإمام على فرع منصوص عنه؛ لعلة جامعة. وهو بخلاف: " التخريج " فهو قياس فرع غير منصوص عن الإمام على أصل أو قاعدة للِإمام لا على فرع له. ويأتي.

واعلم أَن قول الإمام أَحمد- رحمه الله تعالى (1) :

" يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأَصلين: المجمل، والقياس ": محمول منه على إِنكار قياس خالف نصًّا، وإلَاّ فمن أصول مذهبه:" حجية القياس " كما تقدم في: " المدخل الخامس: في أصول المذهب "

ومعلوم أَن " القياس " بمعناه الأصولي العام هو (1) : " حمل فرع على أَصل في حكم بجامع بينهما "

وقيل:

" إِثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت "

أَما حقيقة: " القياس في المذهب " أي مذهبِ ما، فهو كذلك، لكن يقتصر حكمه على المنتسب لذلك المذهب، سواء اعتبرنا

(1) شرح مختصر الروضة للطوفي: 3/218- 220، 245 المعدول به عن القياس، للشيخ عمر ابن عبد العزيز الشيلخاني: 8-14

ص: 275

المقيس قولاً لإمام المذهب كمنصوصه، أَم اعتبرنا الفرع المقيس وجهاً لمن خرجه في ذلك المذهب.

إِذا تقرر ذلك فاعلم أَن هذا طريق بدأ الأخذ به مبكراً في حياة الإمام، وكان الآخذ به من أَصحابه:" الأثرم ": أَبو بكر أَحمد ابن محمد بن هانئ الطائي الحافظ الفقيه، المتوفَّى سنة (273 هـ) ؛ إذ كان صاحبه محمد بن أَبي عتاب طريف البغدادي المشهور بأَبي بكر الأَعين، المتوفَى سنة (240 هـ) ، أَخذ بعض المسائل التي كان يدونها الأثرم عن أَبي عبد الله أَحمد بن حنبل، فدفعها إلى ابنه صالح فعرضها على- والده- أَبي عبد الله، وكان فيها مسائل في الحيض، فقال: إِيْ هذا من كلامي، وهذا ليس من كلامي، فقيل للأَثرم، فقال: إنَّما أَقيسه على قوله " (1) .

وكذلك صنع الخرقي في: " المختصر "، فإِنَه قاس على قول الإمام أحمد (2) .

وقرر هذا ابن حامد، ثم قال: " والمأخوذ به أن نُفَصِّل، فما كان من جواب له في أَصل يحتوي مسائل خُرِّج جوابه على بعضها؛ فإنَّه جائز أن يُنسب إليه

(1) تهذيب الأجوبة: ص/ 264- 265

(2)

تهذيب الأجوبة: 262

ص: 276

بقية مسائل ذلك الأَصل من حيث القياس " (1) .

قال النووي الشافعي- رحمه الله تعالى - (2) : " وله - أي مجتهد المذهب - أن يفتي فيما لا نص فيه لِإمامه، بما يخرجه على أصوله، وهذا الصحيح الذي عليه العمل، وإليه مفزع المفتين من مدد طويلة " انتهى.

فالخلاف الحاصل إذا هو خلاف نظري، أَمَّا في نفس الأَمر فقد تتابع على العمل به جماعة من الأصحاب، كالموفق، وغيره، كما قرره ابن مفلح- رحمه الله تعالى (3) .

ورأيت أَبا القاسم محمد بن الخضر بن تيمية- رحمه الله تعالى - كثير الاستعمال له تصريحا في كتابه: " بلغة الساغب

" فيبقى الخلاف في دائرة نسبة القول المخرج إلى إِمام المذهب أو إلى من خَرَّجه، وهذا الأَخير هو الذي لا ينبغي تجاوزه والله أعلم.

وفي حُكم هذ الطريق: إِلحاقا ما سكت عنه إِمام المذهب المجتهد بما نص عليه، اختلف العلماء فيه على أقوال ثلاثة (4) :

1-

الصحة والجواز، وهو قول جمهور الأصحاب في المذاهب

(1) تهذيب الأَجوبة: 263

(2)

المجموع: 1/ 44، كما نقله محقق: تهذيب الأجوبة: 263

(3)

تصحيح الفروع: 1/66-67

(4)

تهذيب الأجوبة: ص/ 262 -363 صفة الفتوى: ص/ 88 الفروع: 1/ 65 الإنصاف: 12/243

ص: 277

الأربعة، وعملهم في مصنفاتهم جارٍ على إثبات المذهب بالقياس مطلقاً وفي: المذهب المالكي: ألف العتبي كتابه: " المستخرجة على

المدونة ".

2-

عكسه: أي عدم الجواز إلأَ أن ينص المخرِّج على عدم الفرق بينه وبين الفرع المنصوص عليه.

3-

يجوز بشرط أن ينص إمام المذهب على علة المسألة التي أَفتى فيها.

وما دام سبق تقرير أَنَّ على من خرَّج فرعاً في مذهبه على منصوص إِمامه أن ينسبه إلى نفسه لا إِلى إِمامه؛ يبقى الخلاف نظرياً واستمرار التخريج منسوباً إلى من خرَّجه. والله أعلم.

مثاله: الترتيب والموالاة في الوضوء، من فرائض الوضوء في إحدى الروايات في المذهب، وعليه جمهور الأصحاب، فهل الترتيب والموالاة من فرائض التيمم؟

ليس فيهما نص عن الإمام، فهل تكونُ فرضيتهما في التيمم قياساً على المذهب في فرضيتهما في الوضوء؟

قيل: نعم، وعليه جمهور الأصحاب، وهو الصحيح من المذهب.

وقال المجد ابن تيمية: قياس المذهب عندي: أن الترتيب لا يجب في التيمم، وإن وجب في الوضوء؛ لأَنَّ بطون الأصابع لا يجب مسحها بعد الوجه في التيمم بالضربة الواحدة، بل يعتد

ص: 278

بمسحها معه.

وقال ابن عقيل: رأيت المتيمم بضربة واحدة قد أسقط ترتيباً مستحقاً في الوضوء، وهو أنه يعتد بمسح باطن يديه قبل مسح وجهه (1) .

وما اختاره المجد، وقرر أنه قياس المذهب، هو اختيار حفيده شيخ الإسلام ابن تيمية، والسنة تشهد له كما في حديث عمار في الصحيحين. والله أعلم

- النوع الثانى: " الوجه ":

الحكم المنقول في مسألة من بعض الأصحاب المجتهدين في المذهب ممن رأى الإمام فمن بعدهم جارياً على قواعد الإمام، وربما كان مخالفاً لقواعده إذا عضده الدليل (2) .

ويؤخذ غالباً من نص لفظ الإمام، ومسائله المتشابهة وإيمائه، وتعليله (3) .

والمسألة قد يكون فيها نص برواية عن الإمام، ورواية مخرجة من الأصحاب، وقد لا يكون فيها نص عن الإمام فتجدهم يقولون:

(1) انظر الإنصاف: 1/ 287،

(2)

مقدمة شرح المنتهى: 1/ 7 مقدمة الإنصاف ا/ 6. وخاتمته 12/ 256 شرح المنتهى لابن النجار 1/ 41

(3)

خاتمة الإنصاف 12/ 266

ص: 279

فيها وجه أو وجهان، مريدا بذلك عدم وجود رواية عن الإمام.

- النوع الثالث: " الاحتمال ":

في معنى الوجه، إلَّا أَن الوجه مجزوم بالفتيا به، والاحتمال: تبيين أَن ذلك صالح لكونه وجها (1) .

والاحتمال أَن يكون: إِما لدليل مرجوح بالنسبة إلى ما خالفه، أَو لدليل مساوٍ له.

ولا يكون التخريج والاحتمال إلَّا إذا فهم المعنى.

- النوع الرابع: " التخريج ":

نقل حكم إِحدى المسألتين المتشابهتين الى الأُخرى ما لم يفرق بينهما، أَو يقرب الزمن، وهو في معنى الاحتمال (2) .

والتخريج يكون من القواعد الكلية للِإمام، أو الشرع، أو العقل. وحاصله: بناء فرع على أَصل لجامع مشترك، فهو أَعَمُّ من، " النقل والتخريج "، إذ النقل والتخريج بناء فرع له فيه نص على فرع آخر ليخرج للِإمام فيه حكمان: حكم بالنص، وحكم بطريق النقل والتخريج، ويأتي.

(1) شرح المنتهى: 1/ 7، مقدمة الإنصاف 1/ 6، وخاتمته 12/ 253

(2)

شرح المتتهى: 1/ 7 وخاتمة الأنصاف 12/ 257

ص: 280

وينتظم هذه المصطلحات الثلاثة للأصحاب كلام المرداوي في مقدمة الِإنصاف: (1/ 6) وهذا نصه:

" وتارة يذكر- أي الموفق في المقنع - حكم المسألة، ثم يقول: " وعنه كذا. أَو قيل، أَو: قال فلان. أَو: ويتخرج. أو: ويحتمل كذا ". والأول هو المقدم عند المصنف وغيره، وقلَّ أَن يوجد ذلك التخريج أو الاحتمال إِلَاّ وهو قول لبعض الأصحاب، بل غالب الاحتمالات للقاضي أَبي يعلى في " المجرد " وغيره. وبعضها لأَبي الخطاب ولغيره، وقد تكون للمصنف، وسنبين ذلك إِن شاء الله تعالى.

فـ " التخريج " في معنى الاحتمال، و " الاحتمال " في معنى " الوجه " إلَّا أَنَّ الوجه مجزوم بالفتيا به، قاله في " المطلع " يعني من حيث الجملة، وهذا على إِطلاقه فيه نظر، على ما يأتي في أَواخر كتاب القضاء، وفي القاعدة آخر الكتاب.

و" الاحتمال ": تبيين أَن ذلك صالح لكونه وجها.

و" التخريج ": نقل حكم مسألة إلى ما يشبهها، والتسوية بينهما فيه.

و" الاحتمال " يكون: إِما لدليل مرجوح بالنسبة إلى ما خالفه، أو لدليل مساوٍ له، ولا يكون التخريج أو الاحتمال إلَّا إذا فهم المعنى " انتهى.

ص: 281

النوع الخامس: تخريج الفروع على الفروع بطريق " النقل والتخريج " قياسًا (1) :

وحقيقة هذا النوع: هو أَن يصدر من المجتهد حكم على مسألة، ثم يصدر منه حكم يخالفه على مسألة أخرى تشبهها، ولم يظهر ما يصلح موجبًا للتفريق بينهما في الحكم، فيأتي الأصحاب بسلطة هذا المصطلح:" النقل والتخريج " فينقلون حكم كل مسألة إلى الأخرى، فيصبح في كل مسألة قولان: منصوص، ومخرج.

* مثاله:

النص عن الإمام أَحمد - رحمه الله تعالى- أَن من لم يجد إِلَاّ ثوبًا نجسًا صلى فيه وأَعاد.

والنص عن الإمام أَحمد - رحمه الله تعالى- أَن من صلى في موضع نجس لا يستطيع الخروج منه، فإِنَّه يصلي فيه ولا إِعادة عليه.

نظر الأصحاب إلى هذين الحكمين المختلفين، فوجدوهما في مسألتين متشابهتين، فنقلوا حكم الإمام في مسألة الثياب إلى مسألة المكان، والعكس، فصار في المذهب لكل مسألة حكمان، ويُقال: قولان: منصوص، ومخرج بالقياس.

(1) تهذيب الأجوبة. روضة الناظر 380 شرح مختصر الروضة: 3/ 641 صفة الفتوى: 88- 89 المسودة: 468-469 إعلام الموقعين: 4/ 209 المحرر 1/ 44- 45 المقنع: 1/ 17-118 الإنصاف: 1/460 تحرير المقال: 62- 71 التخريج 267-279

ص: 282

والفقهاء في حكم هذا النوع على قولين: المنع، والجواز؛ والجمهور على المنع، ومن المانعين، الذين منعوا " النوع الأول: التخريج بطريق القياس لفرع على آخر في المذهب " كما تقدم. والله أعلم

وَقَدْ جَلَّى المرداوي- رحمه الله تعالى- هذا في: " الِإنصاف: 1/ 460- 462 " فقال عند قول الموفق في: " المقنع ": " ويتخرج أن لا يعيد " ما نصه: " ويتخرج أن لايعيد ": بناء على الأَصل

- القسم الثاني: تخريج الفروع من الفروع بطريق لازم المذهب (1) :

ويعبر عنه لدى الأصوليين وغيرهم بلفظ:

- " لازم المذهب هل هو مذهب أم لا؟ ".

وبلفظ:

- لازم المذهب هل يكون مذهبًا لصاحبه أم لا؟ ".

وبلفظ:

- " لازم قول المجتهد: هل يكون مذهبًا وقولًا له، أم لا؟ ". ومشهور لدى الفقهاء بلفظ:

(1) التخريج عند الفقهاء، والأصوليين: ص/ 280- 294

ص: 283

* " ثمرة الخلاف في تكييف الأَحكام الفقهية، هل تكون مذهبًا للمجتهد أَم لا؟ ".

وبلفظ:

" فائدة الخلاف: هل تكون مذهبًا للمجتهد، أَم لا؟ ".

وبلفظ:

" أَثر قول المجتهد في الخلافيات: هل يعتبر قولًا له، أَم لا؟)

وبلفظ:

" ما ينبني على الخلاف من أَحكام فقهية: هل تكون مذهبًا للمجتهد، أم لا؟ .

وبلفظ:

" أَثر الخلاف في تكييف الأَحكام الفقهية ".

ومؤدَّى هذه التراجم والتعريفات واحد؛ إذ هو من باب اختلاف العبارات؛ لاختلاف الاعتبارات

معناه: إذا قال المجتهد قولًا في مسألة خلافية، فهل يلزمه ما تولد عن هذا الخلاف من لازم قوله، وثمرة خلافه، فيكون له حُكمان في مسألتين:

حُكمٌ قاله، وحُكم يلزمه على إثر قوله، فيكون بمثابة ما قاله؟

ص: 284

مثاله:

القصر في السفر هل هو رخصة أَم عزيمة؟ من قال: رخصة؛ لزمه جواز الإتمام، ومن قال: عزيمة؛ لزمه عدم جواز الإتمام.

ومثاله:

الخلع هل هو طلاق أم فسخ؟

وقد عقد ابن رجب- رحمه الله تعالى- في آخر كتابه: " القواعد " فصلًا حافلًا جلب فيه مجموعة من الأمثلة لثمرة الخلاف هذه.

وابن قدامة- رحمه الله تعالى- في: " المغني " كثيرا التعرض لها كأَثر من آثار الخلاف العالي.

ولابن الساعاتي في مختصره في أصول الفقه؛ بيان ما ينبني على قضاياه المختلف فيها من الأَثر الفقهي كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في: " المقدمة: 2/ 140 " وهكذا عند علماء كل مذهب، رغم اختلافهم في ملزوميته لصاحب المذهب على أقوال ثلاثة: الاعتبار وعدمه، والثالث ما نزع إِليه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- بقوله (1) :

" وعلى هذا فلازم قول الإنسان نوعان:

أحدهما: لازم قول الحق: فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه، فإن لازم الحق حق، ويجوز أن يُضاف إليه؛ إذا علم من حاله أنه لا

(1) الفتاوى: 29/ 41- 42.

ص: 285