الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدور الأول: دور نشأته في حياة الإمام أَحمد
كان الواحد من علماء الصحابة- رضي الله عنهم ثم من علماء التابعين وتابعيهم- رحمهم الله تعالى- إِماماً من أَئمة الهدى، يُقتدى به في العلم والدِّين، وما زال ذلك ممتداً في القرون المفضلة ومن هؤلاء في القرن الأول الهجري:" الفقهاء السبعة " في المدينة، ولهذا يُقال:" فقهاء المدينة السبعة "؛ لأَن الفتوى بعد الصحابة صارت إِليهم، ولما كانت وفاة أَربعة منهم سنة (94 هـ) سميت:" سنة الفقهاء " وهم:
1-
عروة بن الزبير الأَسدي المدني ت سنة (94 هـ) .
2-
سعيد بن المسيب المخزومي المدني ت سنة (94 هـ) .
3-
راهب قُريش: أَبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي المدني ت سنة (94 هـ) وقيل غير ذلك.
4-
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني ت سنة (94 هـ) . وقيل غير ذلك.
5-
خارجة ابن الصحابي كاتب الوحي: زيد بن ثابت الأَنصاري المدني. ت سنة (100هـ) وقيل: قبلها.
6-
سليمان بن يسار الهلالي مولاهم المدني ت بعد سنة (100 هـ) وقيل: سنة (100 هـ)
7-
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصدِّيق التيمي المدني ت سنة (106 هـ) على الصحيح
ومن هؤلاء الأعلام في القرنين الثاني إلى منتصف الثالث: الأربعة المشهورون، والأَئمة المتْبُوعُون: أَبو حنيفة المولود سنة (80 هـ) ت سنة (150 هـ) في بغداد، ومالك المولود سنة (93 هـ) ت سنة (179 هـ) في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم والشافعي المولود سنة (150 هـ) ت سنة (204 هـ) في مصر وأَحمد. المولود في (20/3/164 هـ) . ت في (12/ 3/ 241 هـ) في بغداد.
وقد أَخذ وروى الشافعي عن مالك، وأَخذ أَحمد عن الشافعي، والشافعي عن أحمد ومضوا كذلك في ركاب علماء تلك العصور المباركة، والمرحلة الزمنية الميمونة، ولحقوا بربهم، وما انحاز واحد منهم عن علماء عصره بمذهب دعا إليه، بل كانوا على سَنَنِ الهدى، وما عرفوا التمذهب أَبداً، لكن بدأ يتقاصر العلم في الناس، وصار لهؤلاء الأَئمة من العلم، والفقه في دين الله، ما بهَرَ العقول، وَحظوا بأَتباع أَبرار وتلامذة أخيار حفظوا علمهم، وأخذوه عنهم، فرووه، ودونوه، ونشروه، واستنبطوا مآخذه، وتتبعوا أصوله، وقواعده، وجُذوره، فالتفت الناس إِليهم كالعنق الواحد.
وكان منهم آخرهم زَمَناً، وأَوسعهم رواية وأَثراً، صاحب ديوان الإسلام في الرواية:" المسند ": الإمام أَحمد بن محمد بن حنبل - رحمه الله تعالى- والناظر إلى فقه من سبقه من كوة الدليل، وناظورة السنة والتنزيل، والذي احتوشه الطلاب من سائر الآفاق، وقصده المستفتون، فصار له في مجالات: التلقي، واللقاء، والإلقاء،
ما جعل له كبير الأَثر في تكوين ملكة فقهية، بعيدة النظر، محفوفة بالكتاب والسنة، وقفو الأَثر، فحدد أصول علمه، وجذور فقهه، وقواعد منهجه، في أصوله الواضحة، ومعالمه الضاحية: الكتاب، والسنة، وفتاوى الصحابة، والقياس.
- أَما التلقي: ففي شيوخه الذين فاقوا الحصر، ومنهم الإمام الشافعي، ولهذا صار له أَثر على مذهبه وفيما كتبه الثلاثة قبله، ودونه عنهم تلامذتهم، وفي رواية وفقه من عاصرهم إلى الأول.
- وأَما اللقاء: فإِن ظهور الإمام أَحمد في الرواية، ونَهَمهُ فيها وفي فقهها، جعل عنده ظاهرة الاستزادة من الرواية، والسماع، يظهر هذا في كثرة شيوخه، واتجهت اليه أَنظار الطلاب من الآفاق الذين يبلغون في درسه أَكثر من خمسمائة ما منهم إلَّا وهو صاحب محبرة، فضلا عن كثرة المستمعين، حتى كان يُقِيمُ في درسه المستملين، والسائلين المستفتين، مما جعل الرواية وفقهها يسيران في حلقات درسه على قدم التساوي، فصار له تفوق في:" الِإلقاء " والتلقي عنه، يشهد لهذا كثرة تلامذته، والآخذين عنه.
ومن هنا دون الأصحاب المسائل عنه، وتابعوه، وتتبعوا علمه، ووطئوا عقبه، واعتنوا بأقواله، وأَفعاله، غاية العناية، حتى فاق أَقرانه، ولم يدرك من بعده مكانه، في تدوين " المسائل عنه " في الفقه، والأصول، والاعتقاد، وسائر أبواب الدِّين، فصار طلابه بهذا أَعلاماً، في زمانهم، وبناة لعلم شيخهم، ومؤسس مدرستهم:" مدرسة فقه الدليل ".