الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقصد التاسع من مقاصد القرآن إعطاء النساء جميع الحقوق الإنسانية والدينية والمدنية
كانت النّساء قبل الإسلام مظلومات ممتهنات مستعبدات عند جميع الأمم وفى جميع شرائعها وقوانينها حتى عند أهل الكتاب، إلى أن جاء الإسلام، وأكمل الله دينه ببعثه خاتم النبيين محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فأعطى الله النّساء بكتابه الذى أنزله عليه، وبسنته التى بين بها كتاب الله تعالى بالقول والعمل، جميع الحقوق التى أعطاها للرجال إلا ما يقتضيه اختلاف طبيعة المرأة ووظائفها النسوية من الأحكام، ومع مراعاة تكريمها والرحمة بها والعطف عليها، حتى كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول:«ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم» . رواه ابن عساكر من حديث علىّ كرّم الله وجهه.
كان كبار العقول من الصحابة رضى الله عنهم يرون ما أصلحه الإسلام من فساد وظلم ورذيلة فى الأمة العربية فيكبرونه إكبارا ويعدونه من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن يمتاز عليهم قبل النبوة بشيء من العلم لا البلاغة، بل بالأخلاق وسلامة الفطرة فقط، ولذلك كان عمر بن الخطاب المصلح الكبير، والمنفذ الأعظم لسياسة الإسلام وهدى محمد صلى الله عليه وسلم من بعده فى الفتوح والعدل وإدارة شئون الشعوب يقول:
«إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ فى الإسلام من لم يعرف الجاهلية» ، ولو كان رضى الله عنه واقفا على تواريخ الأمم والشعوب لعلم أن ما جاء به الإسلام إنما هو إصلاح لشئون البشر كافة، وثنيهم وكتابيهم، همجيهم وحضريهم، لا فى شىء واحد بل فى كل شىء، وإننى أشير هنا إلى أهم أصول الإصلاح النسوى التى بسطتها فى كتاب وسيط فى حقوق النساء فى الإسلام سميته (نداء للجنس اللطيف)؛ بينت فى مقدمته حالهن قبل البعثة المحمدية عند أمم الأرض إجمالا بقولى:
«كانت المرأة تشترى وتباع، كالبهيمة والمتاع، وكانت تكره على الزواج وعلى البغاء وكانت تورث، ولا ترث، وكانت تملك ولا تملك، وكان أكثر الذين يملكونها يحجرون عليها التصرف فيما تملكه بدون إذن الرجل، وكانوا يرون للزوج الحق فى التصرف بمالها من دونها، وقد اختلف الرجال فى بعض البلاد فى كونها إنسانا ذا نفس وروح خالدة كالرجل أم لا؟ وفى كونها تلقن الدين وتصح منها العبادة أم لا؟ وفى كونها تدخل الجنة أو الملكوت فى الآخرة أم لا؟ فقرر أحد المجامع فى رومية أنها حيوان نجس لا روح له ولا خلود،
ولكن يجب عليها العبادة والخدمة، وأن يكون فمها كالبعير والكلب العقور لمنعها من الضحك والكلام لأنها أحبولة الشيطان، وكانت أعظم الشرائع تبيح للوالد بيع ابنته، وكانت بعض العرب يرون أن للأب الحق فى قتل بنته بل فى وأدها «دفنها حية» أيضا.
وكان منهم من يرى أنه لا قصاص على الرجل فى قتل المرأة ولا دية».
وكتبت فى مقدمة الكلام على حقوق النساء المالية فى الإسلام ما نصه:
«وقد أبطل الإسلام كل ما كان عليه العرب والعجم من حرمان النساء من التملك أو التضييق عليهن فى التصرف بما يملكن، واستبداد أزواج المتزوجات منهن بأموالهن. فأثبت لهن حق التملك بأنواعه، والتصرف بأنواعه المشروعة، فشرع الوصيّة والإرث لهن كالرجال، وزادهن ما فرض لهن على الرجال من مهر الزوجية والنفقة على المرأة وأولادها وإن كانت غنية، وأعطاهن حق البيع والشراء والإجازة والهبة والصدقة وغير ذلك. ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها بالتقاضى وغيره من الأعمال المشروعة، وأن المرأة الفرنسية لا تزال إلى اليوم مقيدة بإرادة زوجها فى جميع التصرفات المالية، والعقود القضائية.
وإننى ألخص من ذلك الكتاب المسائل الآتية بالإيجاز، ولمن شاء مراجعتها فيه بطولها.
1 -
كان بعض البشر من الإفرنج وغيرهم يعدون المرأة من الحيوان الأعجم أو من الشياطين لا من نوع الإنسان، وبعضهم يشك فى ذلك فجاء محمد صلى الله عليه وسلم يتلو عليهم أمثال قول الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى [الحجرات: 13] وقوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً [النساء: 1].
2 -
كان بعض البشر فى أوروبا وغيرها يرون أن المرأة لا يصح أن يكون لها دين، حتى كانوا يحرمون عليها قراءة الكتب المقدسة رسميا، فجاء الإسلام يخاطب بالتكاليف الدينية الرجال والنساء معا بلقب المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، والآيات فى ذلك معروفة.
كان أول من آمن بمحمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم امرأته، وهى زوجته خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، وقد ذكر الله تعالى مبايعته صلى الله عليه وسلم للنساء
فى نص القرآن ثم بايع الرجال بما جاء فيها ولما جمع القرآن فى مصحف واحد جمعا رسميا وضع عند امرأة هى حفصة أم المؤمنين، وظل عندها من عهد الخليفة الأول أبى بكر الصديق إلى عهد الخليفة الثالث
عثمان رضى الله عنهم فأخذ من عندها واعتمدوا عليه فى نسخ المصاحف الرسمية التى كتبت وأرسلت إلى الأمصار لأجل النسخ عنها والاعتماد عليها.
3 -
كان بعض البشر يزعمون أن المرأة ليس لها روح خالدة فتكون مع الرجال المؤمنين فى جنة النعيم فى الآخرة- وهذا الزعم أصل لعدم تدينها- فنزل القرآن يقول: لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً [النساء: 123، 124]، ويقول الله تعالى: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران: 195]، وفيها الوعد الصريح بدخولهن جنات تجرى من تحتها الأنهار ..
4 -
كان بعض البشر يحتقرون المرأة فلا يعدونها أهلا للاشتراك مع الرجال فى المعابد الدينية، والمحافل الأدبية، ولا فى غيرهما من الأمور الاجتماعية والسياسية، والإرشادات الإصلاحية، فنزل القرآن يصالحهم بقوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 71].
فأثبت للمؤمنات الولاية المطلقة مع المؤمنين، وتدخل فيها ولاية النصرة فى الحرب، ولكن الشرع أسقط عنهن فريضة القتال فكان حظهن من النصرة تهيئة الطعام والشراب للمقاتلين ومداواة جرحاهم، وكن يصلين الجماعة مع الرجال ويحججن معهم، ويأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر، حتى أن بعضهنّ كن ينكرون على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قوله جهرا، فيرجع عنه إذا كان خطأ، وهو الذى كان يهابه الرجال كالنساء.
وقد قفى الله تعالى على هذه الآية بأعظم آية فى جزاء الفريقين جمعت بين بيان النعيم الجسمانى والنعيم الروحانى وهى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 72].
5 -
كان بعض البشر يحرمون النساء من حق الميراث وغيره، وبعضهم يضيّق عليهن حق التصرف فيما يملكن، فأبطل الإسلام هذا الظلم، وأثبت لهن حق التملك والتصرف
بأنفسهن فى دائرة الشرع، قال الله تعالى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً [النساء: 7].
ونحن نرى أن دولة الولايات المتحدة الأمريكية لم تمنح النساء حق التملك والتصرف إلا من عهد قريب فى عصرنا هذا «1» ، وأنّ المرأة الفرنسية لا تزال مقيدة بإرادة زوجها فى التصرفات المالية والعقود القضائية، وقد منحت المرأة المسلمة هذه الحقوق منذ ثلاثة عشر قرنا ونصف قرن.
6 -
كان الزواج فى قبائل البدو وشعوب الحضارة ضربا من استرقاق الرجال للنساء فجعله الإسلام عقدا دينيا مدنيا لقضاء حقّ الفطرة بسكون النفس من اضطرابها الجنسى بالحب بين الزوجين وتوسيع دائرة المودة والألفة بين العشيرتين، واكتمال عاطفة الرحمة الإنسانية وانتشارها من الوالدين إلى الأولاد، على ما أرشد إليه قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21].
7 -
القرآن ساوى بين المرأة والرجل باقتسام الواجبات والحقوق بالمعروف مع جعل حق رئاسة الشركة الزوجية للرجل؛ لأنه أقدر على النفقة والحماية بقول الله عز وجل فى الزوجات: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة: 228]، وقد بين هذه الدرجة بقوله تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ [النساء: 34] فجعل من واجبات هذه القيامة على الزوج نفقة الزوجة والأولاد، لا تكلف الزوجة منه شيئا ولو كانت أغنى منه، وزادها المهر، فالمسلم يدفع لامرأته مهرا عاجلا مفروضا عليه بمقتضى العقد حتى إذا لم يذكر فيه لزمه مهر مثلها فى الهيئة الاجتماعية، ولهما أن يؤجلا بعضه بالتراضى، على حين ترى بقية الأمم حتى اليوم تكلف المرأة دفع المهر للرجل.
وكان أولياء المرأة يجبرونها على التزوج بمن تكره أو يعضلونها بالمنع منه مطلقا وإن كان زوجها وطلقها، فحرم الإسلام ذلك، والنصوص فى هذا معروفة فى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وسنته.
8 -
كان الرجال من العرب وبنى إسرائيل وغيرهم من الأمم يتخذون من الأزواج ما شاءوا غير مقيدين بعدد، ولا مشترط عليهم فيه العدل، فقيدهم الإسلام بأن لا يزيدوا على
(1) طبع هذا الكتاب أول مرة فى أوائل القرن العشرين عام 1935 م.
أربع، وأن من خاف على نفسه أن لا يعدل بين اثنتين وجب عليه الاقتصار على واحدة، وإنما أباح الزيادة لمحتاجها القادر على النفقة والإحصان لأنها قد تكون ضرورة من ضرورات الاجتماع فى أحوال. منها: أن تكون الأولى عقيما أو تدخل فى سن اليأس من الحمل. أو تكون ذات مرض مانع منه، أو من إحصان الرجل، وقد يكون التعدد من
مصالح النساء خاصة إذا كثرن فى أمة أو قبيلة كما يكون فى أعقاب الحروب، أو هجرة كثير من الرجال لأجل الكسب.
وناهيك بأمة تحرم شريعتها الزنا وتعاقب عليه، فهل من مصلحة النساء أو الإنسانية أن تبقى النساء الزائدات على عدد الرجال محرومات من الحياة الزوجية وحصانتها، وكفالة الأزواج، ومن نعمة الأمومة؟ وهل من المصلحة أو المنفعة العامة أو الخاصة أن يباح لهن الزنا وما يترتب عليه من المصائب البدنية والاجتماعية التى نراهن مرهقات برجسها فى بلاد الإفرنج والبلاد التى ابتليت بسيطرتهم عليها أو تقليدها لهم؟.
وقد فصلنا ذلك فى تفسير آية التعدد من سورة النساء، ثم زدنا عليه فى كتاب «حقوق النساء فى الإسلام» ما هو مقنع لكل عاقل منصف بأن ما شرعه الإسلام فى التعدد هو عين الحق والعدل ومصلحة البشر كافة والنساء خاصة، فهو قد أباح ذلك بشرطه الشديد ولم يوجبه، وهن فى شريعته مخيرات فى قبول العقد على رجل متزوج وعدمه، بل تجيز الشريعة للمرأة أن تشترط فى عقد نكاحها جعل عصمتها بيدها لتطلق نفسها إذا شاءت بناء على ما ذهب إليه بعض أئمة الفقه فى صحة كل شرط يتعاقد عليه الناس غير مخالف لنص قطعى فى الكتاب والسنة ولا سيما شروط الزوجية عملا بحديث:«أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج» . رواه البخارى فى مواضع من صحيحه وأصحاب السنن.
9 -
الطلاق قد يكون ضرورة من ضروريات الحياة الزوجية إذا تعدل على الزوجين القيام بحقوق الزوجية من إقامة حدود الله، وحقوق الإحصان والنفقة والمعاشرة بالمعروف، وكان مشروعا عند أهل الكتاب والوثنيين من العرب وغيرهم، وكان يقع النساء منه وفيه ظلم كثير وغبن يشق احتماله فجاء الإسلام فيه بالإصلاح الذى لم يسبقه إليه شرع ولم يلحقه بمثله قانون، وكان الإفرنج يحرمونه ويعيبون الإسلام به، ثم اضطروا إلى إباحته، فأسرفوا فيه إسرافا منذرا بفوضى الحياة الزوجية وانحلال روابط الأسرة والعشيرة، ومما نقلته الصحف من أسباب حكم القضاة بالطلاق عندهم مسائل شعر رأس المرأة ووجه الرجل فى إرساله أو قصه وحلقه وشكوى المرأة من اشتغال الرجل عنها بمطالعته الكتاب أو الصحف فى الدار،
وشكواها من نتن رائحته لعدم استحمامه، وشكوى الرجل من كثرة كلام المرأة حتى بالمسرة (التليفون) ومثله كثير «1» .
جعل الإسلام عقدة النكاح بيد الرجال ويتبعه حق الطلاق لأنهم أحرص على بقاء الزوجية بما تكلفهم من النفقات فى عقدها وحلها وكونها أثبت من النساء جأشا وأشد صبرا على ما يكرهون، وقد أوصاهم الله تعالى فوق هذا بما يزيدهم قوة على ضبط النفس وحبسها على ما يكرهون من نسائهم فقال الله تعالى: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء: 19]، وأعطت الشريعة المرأة حق طلب فسخ عقد الزواج من القاضى إذا وجد سببه من العيوب الخلقية أو المرضية كالرجل، وكذا إذا عجز الزوج عن النفقة. وجعلت للمطلقة عليه حق النفقة مدة العدة التى لا يحل لها فيها الزواج، وذم النبى صلى الله عليه وسلم الطلاق بأن الله يبغضه للتنفير عنه .. إلى غير ذلك من الأحكام التى بيناها فى تفسير الآيات المنزلة فيها وفى كتابنا الجديد فى حقوق النساء فى الإسلام (نداء للجنس اللطيف).
10 -
بالغ الإسلام فى الوصية ببر الوالدين فقرنه بعبادة الله تعالى، وأكد النبى صلى الله عليه وسلم فيه حق الأم فجعل برها مقدما على بر الأب، ثم بالغ فى الوصية بتربية البنات وكفالة الأخوات. بأخص مما وصى به من صلة الأرحام، بل وجعل لكل امرأة قيّما شرعيا يتولى كفايتها والعناية بها، ومن ليس لها ولى من أقاربها وجب على أولى الأمر من حكام المسلمين أن يتولوا أمرها، وقد أثبتنا فى ذلك الكتاب طائفة من تلك الوصايا.
وجملة القول: أنه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون فى أمة من الأمم أعطى النساء ما أعطاهن الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة، أفليس هذا كله من دلائل كونه من وحى الله العليم الحكيم الرحيم إلى محمد النبى الأمى المبعوث فى الأميين؟
بلى وإنا على ذلك من الشاهدين المبرهنين، والحمد لله رب العالمين.
(1) نشرت جريدة الأهرام فى هذا الشهر (المحرم سنة 1354 هـ- 1935 م) اعتقادا للقاضى «لندسى» أشهر قضاة الطلاق فى (لوس أنجلوس) من ولاية (كاليفورنيا)؛ خلاصته أن الحياة الزوجية ستزول من بلادهم (أمريكا الشمالية) وتحل محلها الإباحة والفوضى فى العلاقة بين النساء والرجال فى زمن قريب وهى الآن كشركة تجارية ينقضها الشريكان لأوهى الأسباب خلافا لهداية جميع الأديان إذ لا دين ولا حب يربطهما، بل الشهوات والتنقل فى وسائل المسرات- الطبعة الثالثة.