الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو لأسباب شخصية، وممن أكثر من هجائهم عمر (1) بن هبيرة الفزارى وخالد القسرىّ (2)، وفيهما يقول إسماعيل بن عمار (3):
بكت المنابر من فزارة شجوها
…
فالآن من قسر تضجّ وتجزع
وكان المهالبة ممدّحين كما قدمنا. ومع ذلك لم يسلموا من هجاء الشعراء وعلى رأسهم الفرزدق (4). ومن ولاة الشرق الذين هجاهم غير شاعر قتيبة بن مسلم الباهلى والى خراسان، وسنرى عما قليل هجاء ثابت قطنة له، ومنهم عبد الله العبشمى مهجوّ أبى حزابة (5). ونرى أعشى همدان يهجو خالد بن عتّاب بن ورقاء والى الرّىّ وأصبهان حين جفاه بمثل قوله (6):
ويركب رأسه فى كل وحل
…
ويعثر فى الطريق المستقيم
ويهجو أبو نخيلة المهاجر بن (7) عبد الله والى اليمامة. وفى الحجاز نجد الأحوص مشغوفا بهجاء ابن (8) حزم والى المدينة لعمر بن عبد العزيز كما نجد العرجى مشغوفا بهجاء محمد بن هشام المخزومى والى مكة لهشام بن عبد الملك.
ونحن نقف قليلا عند ثلاثة من الهجائين هم
ابن مفرّغ
البصرى والحكم بن عبدل الكوفى وثابت قطنة الخراسانى.
ابن (9) مفرّغ
هو يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميرى نشأ بالبصرة، ويقال إنه كان حليفا لقريش، وقيل بل كان مسترقّا للضحاك الهلالى فأعتقه. وكان يتقن الفارسية كما أسلفنا فى غير هذا الموضع، ولعل فى ذلك ما يدل على أنه يرجع إلى أصول إيرانية، أما لقبه الحميرى فلعل منشأه أنه كان من حفدة الفرس الذى نزلوا اليمن قبل الإسلام، أو لعله يرجع إلى وضعه سيرة لتبّع.
(1) الديوان ص 282، 647.
(2)
أغانى (ساسى) 19/ 23.
(3)
أغانى (دار الكتب) 11/ 379.
(4)
انظر الديوان ص 10، 187، 252، 262، 412.
(5)
أغانى (ساسى) 19/ 152.
(6)
البيان والتبيين 4/ 50.
(7)
أغانى (ساسى) 18/ 145.
(8)
أغانى (دار الكتب) 4/ 237.
(9)
انظر فى ترجمة ابن مفرغ ابن سلام ص 554 والشعر والشعراء 1/ 319 وأغانى (ساسى) 17/ 51 والطبرى 4/ 235 والاشتقاق ص 529 ومعجم الأدباء 20/ 43 والخزانة 2/ 212، 514
ويظهر أن موهبة الشعر تيقظت عنده مبكرة، وطبيعى وهو قد نشأ فى البصرة أن يتجه بشعره إلى المديح والهجاء اللذين كانا شائعين فيها على ألسنة الشعراء من حوله، غير أن الهجاء هو؟ ؟ ؟ غلب عليه، وقد صبه صبّا على أسرة زياد بن أبيه، وكان الذى؟ ؟ ؟ فيها أن سعيد بن عثمان والى معاوية على خراسان أراد استصحابه فآثر عليه عبّاد بن زياد والى سجستان، وصحبه فلم يحمده، وكان عباد طويل اللحية عريضها، فركب ذات يوم وابن مفرغ يسير معه فى موكبه، فهبّت ريح، فنفشت لحيته. فقال ابن مفرغ توا:
ألا ليت اللّحى كانت حشيشا
…
فنعلفها دوابّ المسلمينا
وعلم عباد بما قال، فأخذ يجفوه ويتنكر له، وأخذ ابن مفرغ يظهر ندمه على صحبته وتركه لسعيد بن عثمان، وفى ذلك يقول:
إن تركى ندى سعيد بن عثما
…
ن فتى الجود ناصرى وعديدى
واتّباعى أخا الوضاعة واللّؤ
…
م لنقص وفوت شأو بعيد
وكان على ابن مفرغ دين، فاستعدى عليه دائنوه عبّادا، فأمر ببيع ماله فى دينه. وكان فيما بيع عليه عبد يقال له برد وجارية تسمى أراكة، فبكاهما طويلا بمثل قوله:
وشريت بردا ليتنى
…
من بعد برد كنت هامه (1)
يا هامة تدعو صدى
…
بين المشقّر فاليمامه (2)
الريح تبكى شجوه
…
والبرق يلمع فى الغمامه (3)
وأخذ يهجو عبّادا وأخاه عبيد الله والى العراق وأباهما زيادا هجاء مقذعا، وكان مما وقف عنده طويلا استلحاق معاوية بزياد، معلنا نكيره على هذا الاستلحاق بمثل قوله:
(1) يقال فلان هامة اليوم أو الغد أى أنه يموت فى يومه أو غده. وشريت هنا: بعت.
(2)
كانت العرب تزعم أن الهامة والصدى يطيران من رأس الميت. المشقر: حصن بين البحرين ونجران.
(3)
يقول إن البرق يبكيه لامعا فى الغمامة.