الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو الأسود الدّؤلى
(1)
اسمه ظالم بن عمرو من بنى كنانة، ولى قضاء البصرة فى ولاية عبد الله ابن عباس عليها لعلى بن أبى طالب، ولما خرج على إلى العراق لزمه فى حروبه، ودخل بعد وفاته فيما دخل فيه الناس من بيعة معاوية، ولكنه ظل يعلن تشيعه لآل البيت. وهو أول من وضع النقط فى المصاحف لتصوير حركات الإعراب.
وهو يعدّ من وجوه التابعين وفقهائهم ومحدّثيهم. وله مدائح وأهاج فى معاصريه وأشعار فى أزواجه، ويقال إنه كان بخيلا شحيحا، وهو مع ذلك كان تقيّا صالحا، وله أشعار كثيرة فى الزهد من مثل قوله:
وإذا طلبت من الحوائج حاجة
…
فادع الإله وأحسن الأعمالا
فليعطينّك ما أراد بقدرة
…
فهو اللطيف لما أراد فعالا
ودع العباد ولا تكن بطلابهم
…
لهجا تضعضع للعباد سؤالا (2)
إن العباد وشأنهم وأمورهم
…
بيد الإله يقلّب الأحوالا
وهو فى زهده لا يدعو إلى الخمول بل يدعو إلى السعى فى الدنيا والمشى فى مناكبها، حتى يكسب المرء لنفسه ما يحيا به حياة كريمة، يقول لابنه:
وما طلب المعيشة بالتمنى
…
ولكن ألق دلوك فى الدّلاء
تجئك بملئها يوما ويوما
…
تجئك بحمأة وقليل ماء (3)
ولا تقعد على كسل تمنّى
…
تحيل على المقادر والقضاء
(1) انظر فى ترجمته الأغانى (طبع دار الكتب) 12/ 297 والشعر والشعراء 2/ 707 وأخبار النحويين البصريين ص 13 وطبقات ابن سعد ج 7 ق 1 ص 70 وأسد الغابة 3/ 69 والإصابة 3/ 304 والخزانة 1/ 136 وروضات الجنات ص 341 وطبقات القراء لابن الجزرى 1/ 345 ومعجم الأدباء 12/ 34 وإنباه الرواة على أنباه النحاة 1/ 13 وتاريخ دمشق لابن عساكر 7/ 104 ومعجم الشعراء للمرزبانى ص 67. وله ديوان نشره عبد الكريم الدجيل ببغداد.
(2)
تضعضع: تذل وتخضع.
(3)
الحمأة: الطين الأسود.
وكثيرا ما يتحدث عما ينبغى من الربط بين العلم الدينى والعمل، فالعلم إن لم يقرن بالعمل لم يكن علما، بل كان لهوا وعبثا، بل كان خيانة للعهد ونقضا، يقول:
وما عالم لا يقتدى بكلامه
…
بموف بميثاق عليه ولا عهد
ونراه ساخطا سخطا شديدا على من يتعلقون بالدنيا محيطين أنفسهم بمظاهر الثراء متناسين الشريعة الغراء، على شاكلة قوله:
قد يجمع المرء مالا ثم يحرمه
…
عمّا قليل فيلقى الذّلّ والحربا (1)
وحامع العلم مغبوط به أبدا
…
ولا يحاذر منه الفوت والسّلبا
وتوفى أبو الأسود سنة 69 للهجرة، وقيل بل سنة تسع وتسعين، والقول الأول هو الصحيح.
سابق (2) البربرى
ليس بين أيدينا أخبار كثيرة عن سابق، وكل ما نعرف عنه أنه كان قاضى الرّقة بالموصل وإمام مسجدها وأنه كان يفد على عمر بن عبد العزيز يعظه. فهو من وعاظ العصر، وشعره يفيض تقوى وورعا ودعوة إلى التقشف والفرار إلى الله من الدنيا ومتاعها الزائل، ونراه يثور على الأغنياء الذين يعيشون لجمع المال ثورة عنيفة، يقول:
فحتى متى تلهو بمنزل باطل
…
كأنك فيه ثابت الأصل قاطن
وتجمع ما لا تأكل الدهر دائبا
…
كأنك فى الدنيا لغيرك خازن
ويقول:
أموالنا لذوى الميراث نجمعها
…
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
والنفس تكلف بالدنيا وقد علمت
…
أن السلامة منها ترك ما فيها
(1) الحرب: سلب المال.
(2)
انظر فى سابق تاريخ ابن عساكر 6/ 38 والخزانة 4/ 164 والبيان والتبيين 1/ 206 والمبرد ص 253.