الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكل كلمة من هذه الرسالة تنبئ عن دقة الكاتب وحذقه، وأنه يعرف كيف يتخيّر ألفاظه وكيف يصوغها وكأنها عقود جميلة تتألف من جواهر أنيقة. وهو لا يقتدر على اللفظ فحسب، بل هو أيضا يقتدر على جلب المعانى الظريفة، التى تروع بما فيها من منطق عقلى دقيق، وهو يعرضها فى أسلوب من الازدواج الرشيق تزينه الاستعارات والطباقات.
وعلى هذا النحو أخذت الكتابة ترقى لا فى الرسائل الشخصية فحسب، فقد رأينا كتّاب العظات والسياسة يحقّقون نفس الرقى، وحرى بنا الآن أن نتحول إلى كتّاب الدواوين، لنرى ما أصاب الكتابة على أيديهم من تجويد وتحبير.
3 - كتّاب الدواوين
معروف أن عمر أول من دوّن الدواوين فى الإسلام، وتؤكد الروايات التى رافقت صنيعه بأنه استعار هذا النظام من الفرس الأعاجم (1)، إذ أحسّ حاجته إلى سجلاّت يدوّن فيها الناس وأعطياتهم وأموال الفيئ والغنائم، وبذلك وضع أساس ديوانى الخراج والجند، حتى إذا ولى معاوية الخلافة وجدناه يتخذ ديوانين هما ديوان الرسائل، وديوان الخاتم (2)، وفيه كانت تختم الرسائل الصادرة عنه، حتى لا يغيّر فيها من يحملونها إلى الولاة. وظل ديوان الخراج يكتب فى الشام ومصر بالرومية وفى العراق بالفارسية إلى عصر عبد الملك ابن مروان، إذ نراه يطلب إلى سليمان بن سعد الخشنى كاتبه على ديوان الرسائل أن يترجم ديوان الشام الرومى (3)، وفى الوقت نفسه يطلب الحجاج إلى صالح ابن عبد الرحمن كاتبه هو الآخر على ديوان الرسائل أن يترجم ديوان العراق
(1) الوزراء والكتاب للجهشيارى ص 16.
(2)
نفس المصدر ص 24.
(3)
نفس المصدر ص 40.
الفارسى (1)، ويظهر أن ديوان مصر تحول سريعا إلى العربية، أما ديوان خراسان فتأخر نقله إلى عصر (2) هشام بن عبد الملك.
وليس معنى ذلك أن الأجانب خرجوا من الدواوين منذ عصر عبد الملك، فقد أخذوا يحسنون العربية ويشاركون فيها، وكانت هذه المشاركة منذ أول الأمر داعية لأن يطلب العرب معرفة ما يتصل بهذه الدواوين من نظم، وما تواصى به أهلها وخاصة من الفرس فى إتقان العمل بها، ولعل ذلك ما جعل الجهشيارى يقدم لكتابه «الوزراء والكتاب» بمقدمة طويلة عن نظم الدواوين الفارسية.
ونحن فى الواقع إنما يهمنا ديوان الرسائل، لأن أصحابه هم الذين كانوا يدبّجون الكتب على ألسنة الخلفاء والولاة، وبحكم وظيفتهم كانوا يختارون من أرباب الكلام وأصحاب اللّسن والبيان، وكان كل منهم يحاول أن يظهر براعته ومهارته وحذقه فى تصريف الألفاظ وصياغة المعانى، حتى يروق من يكتب على لسانه، وينال رضاه واستحسانه.
وعلى هذا النحو تكونت طبقة كبيرة من كتّاب محترفين، تتابعت أجيالهم على مرّ الزمن فى هذا العصر، وكلّ جيل سابق يسلم إلى خلفه صناعته، وكل جيل لاحق يحاول أن يضيف إلى براعة سلفه براعة جديدة. وكانوا كثيرين، إذ لم تختص بهم دمشق، فقد كان لكل وال وقائد كاتب، وأحيانا كان يتخذ الوالى فى العمل الكبير أو الولاية الكبيرة طائفة من الكتاب. وكثيرا ما كان يطمح كتّاب الولايات إلى أن يلفتوا ببلاغتهم من يكتبون إليهم من الخلفاء، حتى يعّينوهم فى دواوينهم. واشتهر الحجاج بأنه كان كثير التعهد لرسائل قواده، حتى إذا لفتته رسالة ببلاغتها سأل عن كاتبها وطلب مثوله بين يديه (3)، وكان إذا أعجبه كاتب وملأ نفسه ربما أرسل به إلى عبد الملك ابن مروان ليسلكه بين كتّابه، على نحو ما صنع بمحمد (4) بن يزيد الأنصارى.
ولم يعرض علينا الجهشيارى آثار هؤلاء الكتاب إلا قليلا، فقد اكتفى بعرض أسمائهم موزّعا لهم على عهود الخلفاء، وفى عهد كل خليفة يسرد أسماء
(1) الجهشيارى ص 38
(2)
الجهشيارى ص 67.
(3)
البيان والتبيين 1/ 387 والطبرى 5/ 187 والمبرد ص 158.
(4)
طبرى 5/ 208.
كتّاب الولاة. وإذا رجعنا فيه إلى أيام معاوية وجدناه يذكر بين كتّابه عمرو بن سعيد بن العاص الملقب بالأشدق لفصاحته وروعة منطقه وجهارة صوته، وكان خطيبا لا يبارى (1). ولم يؤثر عنه شئ من الرسائل فى عهد معاوية، وقد روى له الجاحظ رسالة فى عهد عبد الملك حين خرج عليه، إذ كتب إليه عبد الملك يتوعده، فأجابه عمرو (2):
والرسالة على قصرها تصور مهارته البيانية وقدرته على التعبير الموجز السريع مع طلاوة اللفظ وحسن الديباجة. وكان يتولّى ديوان الرسائل لمعاوية وابنه يزيد عبيد (3) الله بن أوس الغسّانى، وروى له الجهشيارى رسالة على لسان يزيد إلى عبيد الله بن زياد ليتخذ العدّة فى مقاومة الحسين بن على حين نزوله العراق وهى تمضى على هذا النحو (4):
«أما بعد فإن الممدوح مسبوب يوما ما، وإن المسبوب ممدوح يوما ما وقد انتميت إلى منصب كما قال الأول:
رفعت فجاورت السحاب وفوقه
…
فما لك إلا مرقب الشمس مرقب
وقد ابتلى بحسين زمانك دون الأزمان، وبلدك دون البلدان، ونكبت به من بين العمّال، فإما تعتق أو تعود عبدا، كما يعبّد العبد، والسلام».
والرسالة قصيرة، ويظهر أنهم كانوا يستحبون القصر فى الرسائل الديوانية حتى هذا العهد. وكان أول من أطال فيها كاتب لعبيد الله بن زياد يسمى عمرو (5) بن نافع، ولا شك فى أن هذا الطول رمز لما كان يأخذ به الكتاب أنفسهم فى هذا التاريخ من التفنن فى القول، وهو تفنن كان يفتقر إلى ترتيب
(1) انظر البيان والتبيين 1/ 315 وراجع فهرسه.
(2)
البيان والتبيين 4/ 87.
(3)
الجهشيارى ص 24، 31.
(4)
الجهشيارى ص 31.
(5)
طبرى 4/ 285.
ورياضة فى نسق الكلام وضبط أساليبه، حتى يخلبوا ألباب من يقرءونهم.
ونمضى إلى عصر عبد الملك بن مروان، فنجد بين كتّابه روح بن زنباع الجذامى، وقد وصفه عبد الملك بأنه فارسى (1) الكتابة، وليس بين أيدينا رسائل مأثورة له، وروى له الجهشيارى وغيره كلمة قالها لمعاوية وقد غضب عليه يوما لأمر كان منه، وهمّ به، فقال له (2):
فعفا معاوية عنه.
ورأس كتّاب عبد الملك وأبنائه من بعده سليمان بن سعد الخشنىّ كاتب رسائله الذى حوّل الدواوين من الرومية إلى العربية، ولم تنصّ المصادر القديمة على ما كتب به بين يدى الخلفاء. ومما لا ريب فيه أنه كان من أرباب البلاغة والبيان، وفى الجهشيارى أنه خلا بيزيد بن عبد الله كاتب يزيد بن عبد الملك قبل تولّيه الخلافة وكان يزيد حين ولى أزمة الأمور استدعى أسامة بن زيد والى الخراج على مصر، فقال سليمان لابن عبد الله (4): «لم بعث أمير المؤمنين إلى أسامة بن زيد؟ فقال: لا أدرى، قال: أفتدرى ما مثلك ومثل أسامة؟ قال: لا. قال: مثلك ومثله مثل حيّة كانت فى ماء وطين وبرد، فإن رفعت رأسها وقع عليها حافر دابّة، وإن بقيت ماتت بردا، فمرّ بها رجل، فقالت:
أدخلنى فى كمّك حتى أدفأ ثم أخرج، فأدخلها، فلما دفئت قال لها:
اخرجى، فقالت: إنى ما دخلت فى هذا المدخل قط فخرجت حتى أنقر نقرة، إما أن تسلم منها، وإما أن تموت، وو الله لئن دخل أسامة لينقرنّك نقرة إما أن تسلم معها وإما أن تموت».
والكلمة تدل دلالة بينة على دقة مداخله ومسالكه إلى الإقناع، وإن فى نقله الدواوين ما يدل على سعة ثقافته وهى سعة كانت تقترن بعذوبة المنطق وتزبينه بالألفاظ المستحسنة السائغة على نحو ما توضحه كلمته.
(1) الجهشيارى ص 35.
(2)
البيان والتبيين 1/ 358 والجهشيارى ص 35 والأمالى 2/ 259.
(3)
وقمه: قهره وأذله.
(4)
الجهشيارى ص 56.
وإذا ولّينا وجوهنا نحو العراق والشرق رأينا الكتّاب يعنون برسائلهم عناية لا تقل عن عناية كتاب دمشق، ومما يؤثر من هذه العناية أن نجد عبد الرحمن ابن الأشعث يقول لابن القرّيّة كاتبه حين ثار على الحجّاج:«إنى أريد أن أكتب إلى الحجاج كتابا مسجّعا أعرّفه فيه سوء فعاله وأبصّره قبح سريرته» وينفذ ابن القرية مشيئته، ويردّ عليه الحجاج برسالة مسجوعة (1). ولا تهمنا الرسالتان بقدر ما تهمنا رغبة ابن الأشعث فى أن تكون الرسالة مسجوعة، وكأنما يريد أن يضيف إلى حجته فى الثورة حجة فنية من بلاغة كاتبه.
وفى ذلك ما يدل دلالة صريحة على أن الكتابة السياسية أصبحت تقترن بها غايات بلاغية، وكلّ كاتب يأتى من هذه الغايات بما يتفق وذوقه. ومن طريف ما يروى فى هذا الصدد أن يحيى بن يعمر-أحد علماء اللغة الأوائل-كان يكتب ليزيد بن المهلب فى ولايته على خراسان للحجّاج، ولما انتصر يزيد على ملك الترك فى «باذغيس» انتصارا حاسما أمره أن يكتب إلى الحجاج بالفتح فكتب (2):
وواضح أن ذوق يحيى بن يعمر اللغوى أدّاه إلى أن يسوق رسالته فى هذه الألفاظ الغريبة، وشجّعه على ذلك أنه كان يعرف ذوق الحجاج واستحسانه لأوابد الألفاظ، على نحو ما قدّمنا فى غير هذا الموضع. وفعلا راعت الرسالة الحجّاج، فقد روى الرواة أنه حين قرأها قال: ما يزيد بأبى عذرة هذا الكلام. فقيل له: إن معه يحيى بن يعمر، فكتب إلى يزيد أن يشخصه إليه، فلما أتاه سأله عن مولده فقال له: الأهواز، فسأله: أنّى لك هذه الفصاحة؟ قال: أخذتها عن أبى (7).
(1) الأخبار الطوال للدينورى (طبع ليدن) ص 323.
(2)
البيان والتبيين 1/ 377 والمبرد ص 158 والطبرى 5/ 187.
(3)
عرائر الأودية: أسافلها.
(4)
أهضام الغيطان: مداخلها. والغيطان: جمع غائط وهو المستوى من الأرض.
(5)
عرعرة الجبل: أعلاه.
(6)
الحضيض: القرار من الأرض عند منقطع الجبل.
(7)
البيان والتبيين 1/ 378.
وعلى هذا النحو كان كتّاب الولاة والقواد فى الشرق يحبّرون رسائلهم، كلّ حسب فصاحته وذوقه وقدرته البيانية. وكان ديوان الحجاج نفسه أشبه بمدرسة كبيرة يتخرّج فيها الكتّاب على يد رئيسه صالح بن عبد الرحمن الذى نقل الدواوين من الفارسية إلى العربية، يقول الجهشيارى:«كان عامة كتّاب العراق تلامذة صالح، فمنهم المغيرة بن أبى قرّة كتب ليزيد بن المهلب (فى ولايته لسليمان بن عبد الملك) ومنهم قحذم بن أبى سليم وشيبة بن أيمن كاتبا يوسف بن عمر، ومنهم المغيرة وسعيد ابنا عطية، وكان سعيد يكتب لعمر بن هبيرة، ومنهم مروان بن إياس كتب لخالد القسرى، وغيرهم» (1).
وتلقانا نصوص تدل على أنهم كانوا يعنون بالطّوامير والقراطيس (2) التى كانوا يكتبون فيها، كما كانوا يعنون بنفس كتابتهم وخطوطهم، وفى الجهشيارى أن الوليد أول من كتب من الخلفاء فى الطوامير وأنه أمر بأن تعظّم كتبه ويجلّل (3) الخط الذى يكتب به، وكان يقول: تكون كتبى والكتب إلىّ خلاف كتب الناس بعضهم إلى بعض (4). ويظهر أن الكتاب غالوا فى النفقة على كتبهم، حتى لنرى عمر بن عبد العزيز يأمر بالاقتصاد فى القراطيس، طالبا من الكتّاب أن يوجزوا (5)، وكأنما أصبح الإطناب ظاهرة عامة.
ونحن لا نصل إلى ديوان هشام بن عبد الملك (105 - 124) حتى نحس أنه كان مدرسة كبيرة، وهى مدرسة رقى فيها النثر الفنى لهذا العصر إلى أبعد غاية كانت تنتظره، إذ كان يتولّى ديوان الرسائل سالم مولى هشام، وأخذ يخرّج غير كاتب، وقد اشتهر له تلميذان أحدهما من بيته هو ابنه عبد الله والثانى من غير بيته، هو صهره وختنه عبد الحميد.
وكان سالم يجيد اليونانية، ونقل منها-كما مر بنا-بعض رسائل لأرسططاليس، ونرى صاحب الفهرست يجعله أحد البلغاء العشرة الأول (6)، ويقول عنه إن له رسائل تبلغ نحو مائة ورقة (7). ومن يرجع إلى الجهشيارى
(1) الجهشيارى ص 39.
(2)
الطوامير والقراطيس: الصحف الكبيرة.
(3)
يجلل: يعظم.
(4)
الجهشيارى ص 47.
(5)
الجهشيارى ص 53.
(6)
الفهرست ص 182.
(7)
الفهرست ص 171.
يجده ينص على أن هشاما كان يأمره بالكتابة عنه إلى ولاته فى الشئون التى تعرض له (1).
فالخليفة لم يعد يملى كتبه على كتّابه كما كان الشأن فى القديم، بل أصبح الكاتب يكتب الرسالة، ثم يعرضها عليه، ومن ثمّ لم يعد الضمير فى الرسالة ضمير متكلم، بل أصبح ضمير غائب، فالكاتب يقول فى مستهل رسالته:
«بلغ أمير المؤمنين كتابك» ونحو ذلك. ومن هنا كنا نزعم أن كتب هشام بصفة عامة لم يكتبها هو وإنما كتبها سالم وتلميذاه عبد الله وعبد الحميد. وقد ينصّ على التلميذين، أما سالم فقلما نصّت المصادر على اسمه. وتحوّل عبد الحميد من ديوان هشام إلى ديوان مروان بن محمد عامله على أرمينية.
ولعل من الطريف أن الرسائل التى صدرت عن ديوان هشام تطبع بطوابع أسلوبية واحدة، إذ تجرى فى أسلوب من الازدواج ومن اللغة الجزلة الرصينة، على شاكلة القطعة التالية من رسالة على لسان هشام إلى يوسف بن عمر وقد استخفّ ببعض أهله (2).
والرسالة طويلة، وهى كلها من هذا النسيج الأنيق الذى يزينه الازدواج والصور البيانية، وقد أثرت لسالم رسالة يشكر بها بعض إخوانه على صنيع قدّمه إليه، وهى على هذا النمط (8).
«أما بعد فقد أصبحت عظيم الشكر لما سلف إلىّ منك، جسيم الرجاء فيما بقى لى عندك. قد جعل الله مستقبل رجائى منك عونا لى على شكرك، وجعل
(1) الجهشيارى ص 62.
(2)
طبرى 5/ 68. وما بعدها.
(3)
تنحو: تشرف وتطل.
(4)
يدهده: يسقط.
(5)
وقيذا: صريعا.
(6)
المجرشة: الماشطة.
(7)
فاوضته: حدثته.
(8)
انظر جمهرة رسائل العرب لأحمد زكى صفوت 2/ 431.
ما سلف إلىّ منك عونا على مؤتنف الرجاء فيك».
وفى الرسالة ما يصوّر دقة تفكيره ولطف مداخله إلى ما يريد من إخوانه، فهو يشكر ويرجو، ويجعل ما سلف آية على تحقيق رجائه. واحتفظ المبرد فى كامله برسالة لابنه عبد الله كتب بها على لسان هشام سنة تسع عشرة ومائة إلى خالد القسرى حين أخذ ابن حسان النبطى وكيل هشام على ضياعه بالعراق فضربه بالسياط. وهو يفتتحها بقوله (1):
وأطنب عبد الله فى الرسالة مبينا لخالد ما بلغ هشاما من فلتات لسانه، ومصغرا لأمره بالقياس إلى سلفه الحجاج وقضائه على الفتن والثورات، وكيف أن هشاما أعلى من شأنه بتوليته على العراق مع وجود من يعلوه ويغمره. ويمضى يعدد عليه أخطاءه فى سياسته وكيف أنه يستعين بالمجوس فى أعماله، وكيف ضيّع أموالا كثيرة، هى أموال المسلمين، فى حفر نهر المبارك، وكيف يبتزّ أموال رعاياه باسم هدايا النّيروز والمهرجان وينجى عليه باللائمة فيما صنع بابن حسان، ويسجّل عليه نقص الخراج وأنه ولّى أسدا أخاه خراسان، مظهرا بها العصبية اليمنية متحاملا على المضرية. وهو فى ثنايا ذلك يتهدده برواجع بغيه وأنه إن لم يكف عن غيّه فقبل أمير المؤمنين كثيرون خير منه عاقبة وعملا.
وطالت الرسالة، حتى لكانها تاريخ مختصر لخالد القسرى وولايته الطويلة
(1) المبرد ص 790 وما بعدها.
(2)
رب الصنيعة: إتمامها وتنميتها.
(3)
الغير: حوادث الدهر.
(4)
انكشطت: انكشفت.
على العراق. وهى جميعها مكتوبة بهذا الأسلوب الذى رأيناه فى فاتحتها، والذى ثبّته سالم فى دواوين هشام، وقد انتهى هذا الأسلوب عند تلميذه عبد الحميد إلى الغاية المرتقبة.
عبد الحميد (1) الكاتب
اسم أبيه يحيى بن سعيد، من موالى بنى عامر بن لؤى، وهو فارسى الأصل. ويقول أكثر من ترجموا له إنه من أهل الأنبار بالعراق (2) وسكن الرّقّة. وكان فى أول أمره يتنقل فى القرى معلما فى كتاتيبها، وعرف فى نفسه فصاحة ومهارة بيانية، فالتحق بديوان هشام بن عبد الملك، وأعجب به سالم فأصهر إليه، وما زال به حتى خرّجه كاتبا لا يبارى. وعرفه مروان ابن محمد، وكان عاملا لهشام، كما مرّ بنا، على أرمينية، فاتخذه كاتبا له. ولعلنا لا نخطئ فى الحكم إذا قلنا إن ما أثبته الطبرى من رسائل لمروان فى ولايته إلى هشام ومن تلاه من الخلفاء وإلى أبناء عمومته إنما كان بقلم عبد الحميد. ويتولّى مروان الخلافة (127 - 132 هـ) فيصبح عبد الحميد رئيس ديوانه، وتتوالى رسائله الرائعة، وعبتا حاول أن يلم الشّعث حين انقضّت جيوش أبى مسلم من خراسان، حتى إذا هزم مروان فى موقعة الزّاب ولّى وجهه معه إلى مصر حيث قتلا معا فى معركة بوصير.
وهكذا كان وفيّا لمروان حتى الأنفاس الأخيرة من حياته. وزعم بعض الرواة أنه فرّ بعد موقعة الزاب على وجهه، واختفى مدة، ثم وقف عليه السفاح فأحضره وعذبه، حتى مات. وزعم آخرون أنه اختقى عند ابن المقفع قبل عثور السفاح عليه. وهى مزاعم لا تؤيدها الروايات الوثيقة، ولعل مما يدل
(1) انظر فى عبد الحميد الوزراء والكتاب للجهشيارى ص 72 وما بعدها ووفيات الأعيان لابن خلكان؟ ؟ ؟ الميمنية) 1/ 307 والفهرست ص؟ ؟ ؟ والمسالك والممالك للإصطخرى؟ ؟ ؟ ص 145 والبيان والتبيين 1/ 8؟ ؟ ؟ ، 251، 3/ 29 وعيون الأخبار 1/ 26 والصناعتين للمسكرى (طبعة الحلبى) ص 69 وصبح الأعشى 1/ 85، 10/ 195 واليتيمة للثعالبى (طبعة الصاوى) 3/ 137 والجزء الثانى من جمهرة رسائل العرب لأحمد زكى صفوت ومن حديث الشعر والنثر لطه حسين ص 40 وما بعدها.
(2)
انظر الفهرست ص 170 حيث يقول إنه من أهل الشام.
على أنه قتل فى مصر أننا نجد بها أبناءه وأحفاده، وقد استخدمهم بعض الولاة فى دواوينهم (1)
وعبد الحميد بدون ريب أبلغ كتّاب هذا العصر وأبرعهم، وقد سماه الجاحظ فى بيانه عبد الحميد الأكبر، ونصح الكتاب أن يتخذوا كتابته نموذجا لهم (2)، وظلت شهرته مدوية على القرون حتى قيل:«فتحت الرسائل بعبد الحميد وختمت بابن العميد» وفيه يقول ابن النديم: «عنه أخذ المترسّلون ولطريقته لزموا، وهو الذى سهّل سبيل البلاغة فى الترسل» . وقد أجمع كثيرون على أنه أول من استخدم التحميدات فى فصول الكتب، وكأنه تأثر فى ذلك بتحميدات واصل وغيره من الوعّاظ، وقد احتفظ كتاب المنظوم والمنثور لابن طيفور بطائفة منها لا تقل كمّا ولا كيفا عن تحميد واصل الذى مرّ بنا فى أول خطبته المنزوعة الراء. ولا تلفتنا عند عبد الحميد براعته الأدبية فى صنع رسائله فحسب، وإنما يلفتنا أيضا أنه تحول بطائفة منها إلى رسائل أدبية بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، محاكيا فى ذلك ما كان يعرفه من رسائل الفرس الأدبية التى أثرت عن الساسانيين والتى يقال إنه كان أحد نقلتها إلى العربية (3). وليس معنى ذلك أنه وقف عند النقل والترجمة، فقد مضى يحاكى هذه الرسائل لا محاكاة طبق الأصل وإنما هذه المحاكاة التى تنتهى إلى التمثل وصنع الأعمال الأدبية المبتكرة، من ذلك رسالته إلى الكتّاب (4) وهى رسالة عامة ليست موجّهة إلى شخص معين أو كاتب بعينه، إنما هى موجهة إلى هذه الطائفة التى أصبح لها كيان واضح فى حياة الدولة، وقد وصف فيها عبد الحميد صناعة الكتابة وأهمية الكتّاب فى تدبير الحكم وما ينبغى أن يتحلوا به من آداب ثقافية وأخرى خلقية وسياسية تتصل بالخلفاء والولاة والرعية. ونحن لا نقرنها إلى ما استهلّ به الجهشيارى كتابه «الوزراء والكتاب» من وصايا كان يوصى بها ملوك الفرس ووزراؤهم الكتّاب حتى نحس أن عبد الحميد تأثر هذه الوصايا فى رسالته التى تعدّ دستورا دقيقا لوظيفة الكاتب وما عليه من حقوق للخلفاء والولاة وحقوق للرعية فى سياستها
(1) الجهشيارى ص 82.
(2)
رسائل الجاحظ نشر فنكل ص 42.
(3)
الصناعتين ص 69 والبيان والتبيين 3/ 29.
(4)
الجهشيارى ص 73 وصبح الأعشى 1/ 85.
وضبط شئونها فى الخراج وغير الخراج، ونراه يرسم فيها ما ينبغى أن يحسنه الكتّاب من ضروب العلم والثقافة، يقول:
فهو يطلب إليهم أن يتجمّلوا بحلى العلم والأدب، ويصرّح بأن عليهم أن يوسّعوا ثقافتهم فى الدين والفرائض حتى يقفوا على أحكام الشريعة فيما يتصل بمعاملة أهل الذمة ومعاملة المسلمين أنفسهم فى شئون الخراج. وقد طلب أن يضيفوا إلى ذلك إتقانا لعلم الحساب، وعيّن لهم الينابيع التى تعينهم على إحسان التعبير عما فى أنفسهم وعلى رأسها القرآن الكريم ثم الأشعار ليعرفوا غريبها ومعانيها. ومضى فطلب إليهم أن يتثقفوا بتاريخ العرب، وتاريخ العجم وأحاديث ملوكها وسيرها، لينتفعوا بذلك فى كتاباتهم السياسية. ونراه فى تضاعيف رسالته يطلب إلى الكتّاب أن يؤلفوا بينهم ما يشبه النّقابة فى عصرنا، فقد حضّهم على الأخذ بيد من ينبو به الزمان منهم ومساعدته، حتى يعود إلى ما كان عليه من الرّفه فى العيش.
ولعبد الحميد بجانب هذه الرسالة رسالة فى وصف الإخاء رواها ابن طيفور (1) وهى فى رأينا تكملها، فقد عرض فى رسالة الكتّاب لأخوّتهم وما ينبغى أن يجمعهم من إلف الوداد والصداقة، ومضى فى هذه الرسالة يفصّل الحديث فى معنى الإخاء وحاجة الأفراد إليه مبينا دعائمه التى تكفل له البقاء وتجعل حياة الناس صفاء مستحبّا وعشرة عذبة، بما يبرّ به الأخ أخاه حين تنزل به عوارض الأقدار وحوادث الزمان. وبذلك تدخل الرسالة فى هذا الضرب من الأدب الأخلاقى الذى شاع فى بلاط الساسانيين، وصدر عنه ابن المقفع فى كتابيه
(1) انظر جمهرة رسائل العرب 2/ 434.
الأدب الكبير والأدب الصغير (1).
وعلى نحو ما تتضح ثقافة عبد؟ ؟ ؟ بالأدب الأخلاقى الساسانى فى الرسالتين السابقتين تتضح ثقافته؟ ؟ ؟ السياسى فى رسالته الطويلة التى كتبها على لسان مروان إلى ابنه (2)؟ ؟ ؟ عبد الله حين أمره بمحاربة الضحاك بن قيس الشيبانى الخارجى؟ ؟ ؟ ، وكانت ثورته قد استفحلت بالعراق والموصل سنة 128. ولا نكاد نلمّ بهذه الرسالة حتى نراها طويلة طولا غير مألوف، إذ امتدت إلى نحو أربعين صحيفة من القطع الكبير. وهو يستهلها بمقدمة يذكر فيها اختيار أمير المؤمنين له فى محاربة الضحاك وأصحابه الذين انتهكوا حرمة الإسلام وعاثوا فى الأرض مستحلّين دماء المسلمين، وأنه رأى أن يكتب إليه بعهد يؤدى به حقّ الله الواجب عليه فى إرشاده. ويمضى العهد بعد ذلك موزّعا على موضوعات ثلاثة كبيرة، وكل موضوع يتشعب شعبا كثيرة، وكل شعبة تستقل بفقرة محدودة تحيط بدقائقها. وأول هذه الموضوعات يتناول فيه عبد الحميد آداب قائد الجيش فى سلوكه مع نفسه ومع حاشيته ورؤساء جنده. ويتناول الموضوع الثانى سياسته فى لقاء العدو وما ينبغى أن يتخذ من عيون ترصد حركاته، ويفيض فى بيان الخصال التى ينبغى أن يتصف بها رؤساء جيشه والأخرى التى ينبغى أن تتصف بها طلائعه. وفى الموضوع الثالث يتناول نظام الجيش فى الحرب، ويقول إنه ينبغى أن لا يسير إلا فى مقدمة وميمنة وميسرة وساقة أو مؤخرة، ويصور له كيف يعدّ جيشه حين اللقاء وكيف يقسمه إلى وحدات، كل وحدة مائة رجل عليهم شخص من أهل المروءة والنجدة. ويشير إلى ما ينبغى أن يتحلى به خازن أمواله من خلال.
وينصحه أن يتخذ كل وسيلة لإفساد رجال العدو عليه بمكاتبتهم ووعده لهم بالمنالات والولايات. ودائما ينصحه بالتقوى والاعتماد على الله فى غدوّه ورواحه ومنازلة خصمه. ويختم الرسالة بالدعاء له.
والرسالة على هذا النحو دستور كبير لقائد الجيش، وهو دستور استعان
فيه عبد الحميد بما قرأه فى أدب الفرس السياسى من وصايا وتعاليم، كانوا يديرونها فى كتبهم. هى خلاصة تجاربهم فى حروبهم وسياسة حكّامهم وماوكهم.
وقد شفعها بتعاليم الإسلام الزّكيّة واطّرد له فيها أسلوبه المرن الشفاف الذى لا يحجب شيئا من الفكرة، بل يوضّحها من جميع شعبها وأطرافها بما أتيح له من بيان باهر استطاع أن ينفذ من خلاله إلى صياغة محكمة، وهى صياغة لا تكاد تفترق فى شئ عن صياغة الحسن البصرى وواصل بن عطاء وأضرابهما من الوعاظ الذين ألانوا اللغة ومرّنوها لأداء معانيهم، وكأنما تحوّل إلى عبد الحميد أسلوبهم، حتى أصبح لا يفترق عنهم فى شئ، فهو يزاوج فى ألفاظه، وهو يتخذ إلى ذلك طريقتهم فى الترادف، موشّيا كلامه بالصور والطباقات والمقابلات الكثيرة.
وقد حاول طه حسين أن يصل عبد الحميد بالثقافة اليونانية (1)، معتمدا فى ذلك على تقسيمه الجيش إلى وحدات كل وحدة مائة على شاكلة ما كان معروفا عند اليونان، وعلى أنه بالغ فى استخدام الحال ونشرها فى كلامه.
ويضعف الحجة الأولى أن عبد الحميد كان يعيش فى الشام، وكانت الحروب قائمة بين العرب والبيزنطيين منذ الفتوح، وكان العرب بعامة يعرفون نظم الجيوش عند البيزنطيين والفرس جميعا، فمعرفة عبد الحميد بذلك لا تصله مباشرة بالثقافة اليونانية. أما مسألة استخدامه الحال فلم يوضّح طه حسين كيف كانت خاصة من خصائص اللغة اليونانية، ومعروف أنها من خواصّ اللغة العربية، وهى شائعة فى الشعر الجاهلى والقرآن الكريم، ومرّت بنا قطع من كتابات سالم وابنه عبد الله، وفيها الحال واضحة. والحق أن عبد الحميد إذا كان قد اتصل بالثقافة اليونانية، فعن طريق غير مباشر، نقصد طريق أستاذه سالم الذى كان يحسنها وينقل عنها أحيانا على نحو ما مرّ بنا.
وليس من شك فى أن صلة عبد الحميد بالثقافة الفارسية أوضح منها بالثقافة اليونانية. وكان يضيف إلى ذلك ثقافة واسعة بالشعر العربى، وهى تتضح فى رسالة ولى العهد السالفة حين نراه يقف ليفصّل له ما ينبغى أن تكون عليه
(1) من حديث الشعر والنثر ص 40 وما بعدها.
أسلحته وخيله من صفات، وكأنه ينثر أشعار أوس بن حجر وغيره من الجاهليين فيها نثرا. ومن هذا الباب رسالته (1) التى وصف بها الصيد، وجوارحه ومعاركها مع الظباء والآرام وحمر الوحش، وما وقعوا عليه من بعض الغدران والرياض وما أصابهم من بعض الأمطار، وكأنه يتحدث بلسان امرئ القيس وزهير ومن على شاكلتهما من الشعراء الجاهليين.
والحق أن النثر الفنى تطور تطورا واسعا عند عبد الحميد، فقد تحولت الرسائل عنده إلى رسائل أدبية حقيقية تكتب فى موضوعات مختلفة من الإخاء وقيادة الحروب والصيد. وهى لا تكتب فى ذلك كتابة موجزة، فلم تعد الكتابة وحدها كافية، بل أصبح أساسا فيها أن تسند بالتفنن فى القول وتشعيب المعانى معتمدة على ثقافات مختلفة: أجنبية وعربية. وأخذت تزحم الشعر وتحاول أن تقتحم عليه ميادينه أو على الأقل بعض هذه الميادين، إذ نرى عبد الحميد يجرى قلمه فى وصف الخيل والسلاح ووصف الصيد. ودائما تروعنا براعته البيانية، ولا نستطيع أن ننقل إلى القارئ إحدى رسائله الأدبية الطويلة ليتبين هذه البراعة، غير أنه ينبغى أن لا نمضى دون تقديم نموذج من كتابته، ونحن نسوق للقارئ هذه الرسالة (2) التى كتب بها إلى أهله يعزّيهم عن نفسه، وهو منهزم مع مروان:
«أما بعد فإن الله جعل الدنيا محفوفة بالكره والسرور، وجعل فيها أقساما مختلفة بين أهلها، فمن درّت (3) له بحلاوتها، وساعده الحظّ فيها سكن إليها ورضى بها، وأقام عليها، ومن قرصته بأظفارها، وعضّته بأنيابها، وتوطأته بثقلها، قلاها (4) نافرا عنها، وذمّها ساخطا عليها، وشكاها مستزيدا منها، وقد كانت الدنيا أذاقتنا من حلاوتها وأرضعتنا من درّها أفاويق (5) استحلبناها، ثم شمست (6) منا نافرة، وأعرضت عنا متنكرة، ورمحتنا (7) مولّية، مالح عذبها، وأمرّ
(1) جمهرة رسائل العرب 2/ 544.
(2)
الجهشيارى ص 72.
(3)
درت: من الدر وهو اللبن.
(4)
قلاها: كرهها وأبغضها.
(5)
الأفاويق: ما يتجمع فى الضرع من اللبن.
(6)
شمست: من شمس الفرس إذا جمح.
(7)
رمحتنا: من رمحه الفرس إذا ركله.
حلوها، وخشن ليّنها، ففرّقتنا عن الأوطان، وقطّعتنا عن الإخوان، فدارنا نازحة، وطيرنا بارحة (1)، قد أخذت كلّ ما أعطت، وتباعدت مثلما تقرّبت، وأعقبت بالراحة نصبا (2)، وبالجذل (3) هما، وبالأمن خوفا، وبالعزّ ذلاّ، وبالجدة (4) حاجة، وبالسرّاء ضراء، وبالحياة موتا، لا ترحم من استرحمها، سالكة بنا سبيل من لا أوبة له، منفبّين عن الأولياء، مقطوعين عن الأحياء».
والرسالة تحمل جميع خصائص عبد الحميد التى تميّز بها فى أسلوبه ومعانيه، فالألفاظ منتخبة وليس فيها توعّر ولا غريب وحشىّ، وإنما فيها العذوبة والحلاوة. والمعانى غزيرة مرتبة ليس فيها غموض ولا خفاء، وإنما فيها الوضوح وانكشاف الدلالة. وهو يعنى بالترادف فى أسلوبه ترادفا ينتهى به إلى ازدواج واضح، ازدواج من شأنه أن يؤكّد المعانى بما يحمل من معادلات موسيقية تثبّتها فى الذهن وتجلوها جلاء تامّا. وهو يضيف إلى ذلك حلى من طباقات وتصويرات تضفى على أسلوبه روعة بيانية خلابة، بل إننا لا ندقق فى القول حين نزعم أنه يضيف هذه الحلى، فإنها عنده جزء لا يتجزأ من جوهر الكلام، وكأنها سداه ولحمته. والحق أن عبد الحميد أوفى بالكتابة الأدبية فى العصر الأموى على كل ما كان ينتظر لها من رقى وإبداع فنى.
(1) الطير البارحة: التى تمر من اليمين إلى اليسار، والعرب القدماء كانوا يتشاءمون بها.
(2)
نصبا: تعبا
(3)
الجذل: السرور.
(4)
الجدة: الميسرة.