الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونشير هنا إلى أن الحكومة الإيرانية لما منيت بالهزائم التي لحقت بها فقد أطارت طائرة من طراز إف 4 في صباح 19 شوال حاولت قصف دار سكن الرئيس صدام حسين في قرية العوجة ولكنها تصدت لها المقاومات الأرضية العراقية فأرغمتها على الفرار بعد أن ألقت قنابلها بشكل عشوائي على منطقة قريبة من دار سكن عائلة الرئيس صدام حسين، ولم ينجم عنها إصابة أحد من المواطنين، وكان ذلك في الساعة السادسة إلا خمس دقائق من صباح اليوم المذكور.
ولما وقف الخميني مكتوف اليدين بأن طلب السكرتير العام للأمم المتحدة تشكيل ثلاثمائة وخمسين مراقبًا ووحدتان جوية وبحرية ل
وقف إطلاق النار
بين العراق وإيران.
وقف إطلاق النار
ففي اليوم 29 من ذي الحجة توقف إطلاق النار بين إيران والعراق، وذلك بقيام هيئة الأمم المتحدة بعدما سادت في اليومين قبله حالة هدوء نسبي قبل وقف إطلاق النار فقد قام السكرتير العام للأمم المتحدة يوم الاثنين 25 ذي الحجة من هذه السنة بطلب تشكيل قوة من (350) مراقبًا بالإضافة إلى هيئة دعم عسكرية ووحدتان جوية وبحرية في إطار هيئة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار بين إيران والعراق، ثم قام المراقبون لتدعيم وقف إطلاق النار في انتظار إعلان (خافيير بيريز دي كويلار) الأمن العام للأمم المتحدة تقريره الخطي إلى المجلس حول ترتيبات وقف إطلاق النار بعد جلسة مشاورات مجلس الأمن أن الطرفين قد وافقا على وقف إطلاق النار، وقد قامت فرقة تابعة للأمم المتحدة قوامها (250) جنديًا بالإشراف على وقف إطلاق النار على طول الحدود الإيرانية العراقية التي تمتد لمسافة ألف كيلو ومائتي كيلومتر، وقد قال الأمين العام يوم الأحد 25 ذي الحجة أنه يعتزم من حيث المبدأ إعلان موعد لوقف إطلاق النار ثم جاء التقدم المفاجئ في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب الخليجية ثم أن مائة سفينة وسفينة كلها حربية
أمريكية وإيطالية وسوفيتية عبرت قناة السويس قادمة من الخليج العربي بعد انتهاء مهمتها وتضم هذه السفن حاملة الطائرات فورستر والمدمرات (سميث)، ومونتجمري، وميلوك، وسيرفيس، (وسوارنش) والفرقاطة (فالي جرين) ومنها سفينتا اتصالات تابعتان للأسطول الحربي السوفيتي هما (س 308 وس بي 535) في طريقهما إلى البحر الأحمر وقافلة الجنوب التي ضمت كذلك مدمرتين إيطاليتين (إدرتو) و (إسبيرو).
ومن العجائب أن حوصر الأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار داخل أحد المصاعد عندما كان في طريقه إلى مكتبه لإجراء محادثات مهمة مع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر ولايتي حينما كان يسعى في مهمته وكان المصعد قد صعد نحو أربعة أقدام فقط عندما توقف فجأة وقد فتح حراس الأمين العام للأمم المتحدة باب المصعد عنوة وساعدوه على الخروج ليستقل مصعدًا آخر.
وفيها حصل في الهند في نيودلهي وباء الكوليرا فذهب ضحيته مائتان وستون شخصًا وهو الالتهاب المعوي، وقد تم تشخيص (23279) حالة منذ بداية الوباء في أعقاب أمطار غزيرة، ولقح ضد الكوليرا حوالي مليونين ونصف مليون وتسببت موجة الفيضانات الحالية باجتياح أجزاء عديدة في الهند وقتل عدد من السكان وارتفع عدد القتلى إلى (178) قتيلًا.
وفيها في آخر السنة دمرت السيول عشرة آلاف مسكن في الخرطوم وكسلا والشوك وذلك في 27 ذي الحجة وعاشت تلك البلدان في أسوأ كارثة منذ عام (1946 م) وعاش مليون شخص في السودان بدون مأوى، وذكرت إحدى المسئوليات أن مائتين وعشرة أشخاص ماتوا جوعًا في السودان وأن ما بين (20) و (30) شخصًا يموتون جوعًا يوميًا في منطقة واحدة وأن الكثيرين سيموتون ما لم تصل المعونات الغذائية قريبًا ومعظم الذين ماتوا من النساء والأطفال فعياذًا بالله، ولقد عظُم هطول الأمطار في السودان حتى بلغ الماء إلى منتصف الأشجار العالية في الشوارع وأثر ذلك تعكيرًا في طقس السودان نشأ عنها حمى وأمراض.
وفيها وفي السنين التي قبلها قل نبات الكمأة بأسباب تأخر الأمطار في الوسمي لأن أمطار الوسمي سبب لوجودها فلأسباب تأخر الأمطار في زمن نفعها وكثرتها في عدم نفعها إذا كدست الزروع أو جعلت في البيادر فيكابد المزارعون مشقة من ذلك لتعفنها، وهذا بأسباب الذنوب والمعاصي، قلت الكمأة جدًا وإن وجدت فإنها تباع بقيم باهظة فلا يحصل عليها إلا الأثرياء وأصحاب الجدة من الأقوياء.
وقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين" ففي هذه السنة في 21 من جمادى الثانية 21 برج الدلو بلغت قيمة الكمأة حينما وجدت إن بيع الكرتون المحتوي على أربع كيلوغرام ثلاثة آلاف ريال وخمسمائة ريال وبيعت أربع حبات من الكمأة (الفقع) بأربعمائة ريال، وهذا يعتبر من نوادر الزمان بحيث كانت قيمة الوزنة التي تعتبر في زمننا كيلوغرام وربعًا منذ ستين سنة ببيشيله ونصف من العملة القديمة أي بقدر عُشْر ريال جزء من عشرة ووزنتين بخمس ريال جزء من خمسة فكانت قيمة أربع كيلوغرامات إذ ذاك بثلث ريال فسبحان المتصرف في خلقه على وفق مراده.
وكنت أذكر أنه في عام (1374 هـ) يجلس البائع ولديه على بساط أمامه في ماقفة بريدة كومة من التمر وكومة من الإقط وكومة من الكمأة (الفقع) وكومة من الجراد فيأخذ المشتري مما يشاء الوزنة بعُشر ريال بضم العين المهملة.
وما زالت مواد الغذاء تزداد في الغلاء حتى كان المشلح بعدما كان بثلاثين ريالًا بلغت قيمته أربعة آلاف ريال، وقد حدثني المسنون أن بلغت قيمة التمر عشر وزنات بريال وبلغت قيمة البر إن كان خمسة أصواع بريال، وما زالت المؤونة تشتد كما ذكره الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه في حديث ابن عمر رضي الله عنه:"ما طفف قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجوْر السلطان" فقد بلغت قيمة صاع البُرّ الممتاز أربعة عشر ريالًا وبلغت قيمة الشعير الممتاز للأكل نحوًا من خمسة ريالات وهلم جرا.
كما أن قيمة السيارة الممتازة للركوب في هذه السنة بلغت ثلاثمائة ألف ريال، وبلغ كيلو التمر السكري الممتاز في هذه السنة أربعة وعشرين ريالًا.
وقد اشتريت هدي التمتع عام (1359 هـ) بثلاثة ريالات، فحدثت الأخ الزاهد محمد بن إبراهيم النجيدي بذلك متعجبًا من الرخص فذكر لي أنه ضحى تلك السنة بمنى بتيس من المعز قيمته ريال واحد.
كما أني أذكر أنني خرجتُ معي أحد الرفقة على أثر هطول أمطار نزلت بالأمس لنرى آثار نعم الله فمررنا على بئر تقع على مسافة عشرين دقيقة من المدينة قد تعطلت فوجدنا بقعة على نثيلتها تقدر بمتر ونصف في متر ونصف قد انشالت وارتفعت بقدر ثلاثين سنتمترًا فرفعناها فوجدنا قد رفعها نوع من الكمأة يسمى الفطر وتسميه العامة فطيراء كانت النباتات التي وجدناها تقدر بعشرين لكننا اقتصرنا على عشر منها بحيث كانت تملأ قدرًا متوسطًا من قدور الطبخ، وقد رأيت منذ خمسين عامًا قرب السمن البري المستخرج من ضروع الأغنام ملقى على ظهر الأرض حوالي دكاكين الماقفة المذكورة فعددت أمام دكان واحد أربعين قربة من النحاء التي ملئت بالسمن.
وكانت عِقيل الذين كانوا ينحدرون إلى العراق ويذهبون إلى مصر والشام للتجارة يفرّغون ذلك السمن العظيم في براميل كبار يسع الواحد منها أربعًا وعشرين مصفحة فيجعلونه في تلك المصفحات.
وأقسم بالله لو كانت تلك القِرب تملأ ماءً لا سمنًا لنزفت الآبار التي تؤخذ منها، وفي زمننا هذا قلّت تلك البركات ونُزعت الخيرات، فقد بلغ كيلو السمن البري إن كانت قيمته بخمسة وستين ريالًا ولولا ما كان يرد من الجوالين المعروفة بعافيه وفقيه ونحوها من الأسماء لأوشك أن يعدم السمن وكانوا يسمونه السمن الشجري.
أما عن الودك المصفى قبل من شحوم بهيمة الأنعام والذي كان قوتًا للأمة قبل