الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصرف مياه مكة المكرمة
لما كانت أم القرى بحاجة إلى تصريف مياه السيول التي يجتاحها من جهة الشرق ولطالما أحدثت تلك الأودية أضرارًا عظيمة وبما أن الحرم الشريف منخفض موقعه وتأدبًا مع الأمكنة المقدسة لا يتمكن أحد من رفعه لمكان الكعبة الشريفة فإنه موضع اجتياحها.
وكم مرة دخلت المياه في الحرم الشريف فسببت أضرارًا في الكتب والمصاحف وأضرارًا بالكهرباء وأضرارًا في النفوس وتعطلت الصلاة فيه وبكل أتعاب تقوم المعدات والمواطنون بإزالة تلك الأوساخ والأتربة ولا ريب أنه إن تأمن المسجد الحرام من دهماء السيول التي تجتمع من تلك الأودية والشعاب فيه فإنها راحة كبرى للحجاج والعمار والزوار والمواطنين.
ولقد بذلت الحكومة أسبابًا عظيمة قبل ذلك، ولكنها وإن خففت بسيطًا من الأضرار فإنها تفشل، ولقد رصدت الحكومة هذه المرة ثلاثمائة مليون وثمانية وستين مليونًا لهذا المشروع وهو أضخم مشروع يتم تنفيذه بحيث بلغت تكاليفه الإجمالية (868774651) ريالًا صرح بذلك أمين العاصمة المقدسة فؤاد توفيق وقد بدأ العمل فيه منذ عام (1398 هـ) وتم تنفيذ هذا المشروع في هذه السنة في أربع مناطق رئيسية تضم منطقة حي العزيزية ومنطقة شارع المنصور ومنطقة طريق جدة ومنطقة المعابدة حيث نفذتها عبارات خرسانية طولية يبلغ طولها أكثر من عشرة آلاف متر وأنفاق ومواسير (استبس) ويجري العمل حاليًا في تنفيذ باقي المشروع الذي يغطي معظم أحياء مكة ولعل هذه الخطوة الجبارة تكون كفيلة بالنجاح.
ويروي لنا أهالي مكة والمقيمون فيها أن مياه السيول قد تبلغ إلى قفل باب الكعبة وتارة تبلغ مستوى أعلى من ذلك فتحدث أضرارًا وتفسد ما مرت عليه في المسجد الحرام وما حواليه كما تقدمت الإشارة إليه فإنها لا تزال اللجان تفكر في
دراسة تلك المهمة ولقد كنت جالسًا في صحبتي أحد الرفقة في دكان من دكاكين باب السلام قبل إزالته، وذلك في أحد أيام ذي القعدة من سنة (1361 هـ) فهطلت أمطار ونحن جالسون فلم نشعر إلا وبذلك الوادي قد أقبل ولكنه خفيف تلك المرة فامتلأ ما حوالي باب السلام بالأتربة والأوساخ فعجبت كيف تحولت تلك المنطقة النظيفة إلى بحيرة قذرة وقام السكان في تلك الدكادين يزيلونها بشدة وكلفة فقمنا معهم في نظافتها وإعادتها إلى طبيعتها الأولى.
وفي إحدى السنين عملت الحكومة صفائح من الخشب والحديد وجعلوا لها أركانًا من الحديد من بين أبواب الحرم الشريف ولكنها فشلت وكانت ترتفع عند عدم الحاجة وتوضع عند الضرورة ثم جعلت الحكومة سراديب بقدر سعة ستة أمتار تحت المسجد من جهة الجنوب ولكنها ظهرت غير كافية فأمر الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز رحمه الله بتوسيعها إلى اثني عشر مترًا كما عملت سدًا في أعالي مكة لتصريف السيول وتخفيف وطأتها عن الحرم الشريف، وقد مرّ في هذا التاريخ العجب العجاب من أضرار السيول في مكة وطرقها.
وفيها رأت وزارة الحج والأوقاف بعد صدور الفتوى من قبل دار الإفتاء والبحوث أن تحدد أماكن إقامة صلاة الأعياد في القصيم والزلفى وشقراء وذلك لما كثر المصلون وضاقت مساجد الأعياد من كثرة المصلين فقام صاحب السمو الملكي الأمير عبد الإله بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم بإقامة مصلى للعيد بحي الصفراء من بريدة كما كان المصلى القديم في وسط المدينة تقام فيه الصلاة وقام فرع الأوقاف في كل من عنيزة والرس والبكيرية وغيرها من المدن بتنظيف مصليات العيد وفرشها ورشها بالماء كما قامت الوزارة في مليح وعلقة والثوير وما يتبع الزلفى وزودت وزارة الأوقاف المصليات بمكبرات الصوت ورش الأسواق بالماء وتسوية أراضي المصليات كل هذا لراحة المصلين وكذلك تجهيز المصليات بالمدينة المنورة والقرى المرتبطة بها وفي حفر الباطن والقيصومة وغيرها.
وهذا لأول مرة تتكرر صلاة العيد لما اتسعت الرقعة وكثر عدد المصلين.