الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المواطنين والأجانب وكانت فرق الدفاع التي شاركت في إخماد الحريق خمس فرق من الدفاع المدني وثلاثون فرقة من الدوريات اللاسلكية فإن مصادر النيران المتعددة بالإضافة إلى إغلاق المحلات وكذلك الباب الرئيسي لمستودع الأخشاب كانت من العوامل التي ساعدت على إبقاء النيران المشتعلة إلى زمن يقارب ست ساعات تقريبًا مما أدى إلى وقوع خسائر في محتويات المحلات وتقدر الخسائر المادية من جراء هذا الحريق إلى رقم يتجاوز المليونين من الريالات.
الرجل المعمر
في 27 من شوال من هذه السنة حصلت مقابلة مع الرجل المعمر المدعو عايض بن معتق بن عتيق الجعيد الذي عمر مائة وخمسين سنة وقد نشرتها جريدة المدينة كان يجلس وعن يساره ابنه ثم ابن ابنه ثم ابن ابنه وحفيده وابن حفيده، وكان يتمتع بنشاط وينصح الشباب إذا أحبوا طول العمر والصحة أن يبتعدوا عما يكدر الذهن ويجلب الهم ويقول عن نفسه لم أمرض ليوم واحد والسبب حليب الإبل والتمر والعسل ويقول في سبب بقائه: الهموم عدو الإنسان، وكان قد ظهر عليه التجاعيد والعروق الخضر وبالنسبة إلى مائة وخمسين عامًا خلفها وراء ظهره فإنه لم يتشوه خلقه بل على وجهه تبدت بوضوح علامات الزمن خلال الغضون والتجاعيد وأفكاره ما زالت شابة وقلبه عامر بحيوية يحسده عليها شباب العصر وذاكرته حافلة وكان يقول لما سئل عن غذائه أن حليب الإبل يقوي العظام فسئل مم يتكون غذاؤك حتَّى حافظت على صحتك، قال الحمد والشكر لله القائل {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (1)، وقد كان غذائي الذي عودني عليه والدي رحمه الله وأسكنه الجنَّةَ حليب الإبل واللحم والتمر. أما الحليب أقصد حليب الإبل يقوي العظام ويشد مختها واللحم يشد العضود والتمر كله قوة ثم أمر حفيده أن
(1) سورة إبراهيم، آية 7.
يأتي بكتاب ويكتب نصيحة بالغذاء وأنه أحسن من الدواء وفيه أن للتمر أكثر من عشرين فائدة واستمريت على هذا الغذاء حتَّى الآن حليب الإبل لا ينقطع عني لا ليل ولا نهار، أما اللحم فقد كنت آكله مع الشحم ولكن في السنين الأخيرة أصبحت لا أستسيغ إلَّا اللحم الأحمر فالشحم لا تقبله نفسي والتمر فما زلت لا أفارقه حتَّى الآن ولا تنسَ العسل فهو قوة من الله بها علي أقابلها بالشكر والعرفان فسئل عن الأحداث التي شهدها في عمره الطويل وليعقد مقارنة ظريفة بين اليوم والأمس فتكلم بصوت الرجل العربي قوي النيرات وبلغة عربية سليمة لا تشوبها الشوائب، شتان الفرق بين الأمس واليوم بالأمس لم ينعم أحد بجزء من هذا الأمن والأمان أو الرغد المتوفر لشباب هذا العصر، كانت الحياة صعبة للغاية فالتعليم والخدمات لم تكن متاحة وكانت القبائل دائمًا في حالة قلق وتأهب لصد أية غارة والدفاع عن النفس والمال فالجميع في خوف ووجل يحذرون بعضهم البعض لأخذ الحيطة من قطاع الطَّرِيق والمغيرين على الناس الآمنين خاصة عندما يتضعضع الأمن في البادية فالواحد لا ينام مليء عينيه لأية حركة يفز من نومه خوفًا من مداهمة القوم الواحد تجده بمشعابه والقديمي والبندق مسلحًا باستمرار حتَّى وهو نايم ليكون مستعدًا لرد آية غارة من القوم المعادين أو الذين يهجمون على حين غرة ينهبون الإبل والمواشي وأكثر الطمعة في الإبل ولو اقتضى الأمر قتل صاحبها ثم يعود إلى من جعل الله الأمن على يديه فيقول المغفور له الملك عبد العزيز جاءنا بالأمن والأمان أما الأمان فانتم ترقدون وبيوتكم مشرعة الأَبواب مع النوافذ ونحن لا ننعم بالنوم إلَّا إذا كنا مجموعة ينام بعضنا ويحرسنا البعض الآخر، لم نعرف الأمن والاطمئنان إلَّا بعد مجيء الملك عبد العزيز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، فمنذ دخوله إلى الحجاز والناس في أمن واستقرار واختفى قطاع الطَّرِيق وهذا راجع إلى حكم الله الذي يطبق على كل عابث كان هناك ناس أغواهم الشيطان في أوائل حكمه فقطعوا الطَّرِيق وسمعنا بأنه نفذ فيهم حكم الشرع وبعدها لم نسمع بأن
هناك قطاعًا للطرق لأن الجميع خافوا أن ينالهم الحد الشرعي من قطع يد ورجل وقد حرص المغفور له جلالة الملك عبد العزيز أن يغرس في أولاده من بعده الحرص على حكم الله سبحانه وتعالى، وعليه سار حكم سعود ومن بعده فيصل الله يرحمهم جميعًا وأنت ونحن نعيش في ظل هذا الحكم في عهد خالد حفظه الله وأبقاه ونصره على من عاداه.
وقال إنه تزوج من ثلاث زوجات ولا مانع من الرابعة كان مهر الأولى عشرة ريالات والثانية جاءته هدية من والدها رغب فزوجني إياها وذلك بعد وفاة الأولى، ثم تزوجت بالثالثة بمهر زهيد لا يتعدى عشرين ريالًا وتوفيت الثانية والثالثة ولديه استطاعة في أن يتزوج رابعة ولو طلب عليه مهر كثير وقال بعد كلام طويل نفيس لما سئل بماذا تنصح إخوانك المسلمين الذين يريدون المحافظة على صحتهم فقال الصحة والعافية بيد الله وهي ميزات يختص بها بعض أمته فيجعلهم عبرة لغيرهم من المصابين، وكما قيل الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلَّا المرضى.
ونصيحتي لإخواني المسلمين أن يبتعدوا عن مواطن الهموم فكثرة التفكير يتعب المخ ويشوش على الإنسان، فاغسل قلبك من كل الضغائن والأحقاد وابتعد عن المشاكل ترتاح نفسيتك وتحس بالاطمئنان وتعيش بسلام الفترة التي يقدرها لك الإيمان، فالأعمار بيد الله ولكن الهموم وما يتبعها من متاعب تؤثر على صحة الإنسان فلا يستطيع مقاومة الأمراض فيشيخ ويكبر قبل أوانه ويستسلم للأمراض لعدم قدرته على المقاومة.
ولما سئل عن صحته أجاب قائلًا: الحمد الله صحتي على أحسن ما يكون سوى تعب بسيط تتعرض له رجلاي عند الوقوف كثيرًا، ونحن في البادية إذا كبر الرجال جعلناه يرعى البهم (صغار) الضأن فأنا أقوم على رعيها والحمد لله على كل حال.