المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر وفاة جلالة الملك خالد - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ٧

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌ثم دخلت سنة (1297 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ صاحب السمو عبد الله بن عبد الرحمن الفيصل

- ‌ذكر شيء من صرامته وبطشه وحزمه

- ‌وصمة سيئة في وجوه العرب

- ‌اكتشاف مدينة أثرية

- ‌ثم دخلت سنة (1398 ه

- ‌مقتل الآلاف في قصف أثيوبي

- ‌إقامة مدينة الملك خالد

- ‌كائنة غريبة

- ‌اجتماع لبحث إنشاء منظمة العواصم الإسلامية

- ‌ذكر تجديد باب الكعبة المعظمة وجعله من الذهب الخالص

- ‌جهود تبذل لنصر الإسلام ورفعته

- ‌بادرة غريبة

- ‌بيان عن المؤرخ الزركلي

- ‌كائنة عجيبة

- ‌ثم دخلت سنة (1399 ه

- ‌أخبار عن الحرب في هذه الآونة

- ‌حريق في مدينة الرياض

- ‌حريق آخر في الرياض

- ‌الرجل المعمر

- ‌إيران وآية الله الخميني

- ‌الزعازع والبلى الذي حصل بسبب الخميني

- ‌إعصار يجتاح الهند

- ‌أهوال يسببها السلاح الحديث إن استكمل

- ‌تنفيذ الإعدام شنقًا في علي بوتو

- ‌إسلام أسرة

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌أفغانستان والحديث عنها

- ‌طعنة في الصميم

- ‌ثم دخلت سنة (1400 ه

- ‌موقف الحكومة السعودية

- ‌معجزة غريبة

- ‌إمارة عبد الإله بن عبد العزيز في القصيم

- ‌إمارة مقرن بن عبد العزيز بحائل

- ‌انتشار الإسلام

- ‌غرق سفينة

- ‌حادثة غريبة وكائنة عجيبة

- ‌ولادة غريبة

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌وممن توفي فيها من الأعيان

- ‌إقامة حدائق في مدينة الدمام (1400 ه

- ‌إنشاء وحدات لمياه القطيف

- ‌بدء العمل في طريق الجنوب

- ‌عمارة مطار الرياض الدولي

- ‌تطبيق أحكام الشريعة

- ‌ثم دخلت سنة (1401 ه

- ‌ذكر زيارة الملك للقصيم سنة (1401 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌اغتيال رئيس جمهورية مصر

- ‌مؤتمر مكة المكرمة عام (1401 ه

- ‌معرض الكتاب

- ‌زيادة في رواتب الأئمة والمؤذنين

- ‌قتل رئيس جمهورية بنجلاديش

- ‌ضرب المفاعل النووي

- ‌رجل معمِّر 159 عامًا

- ‌ثم دخلت سنة (1402 ه

- ‌انسحاب العراق عن أراضٍ احتلتها قديمًا

- ‌ضرب لبنان سنة (1402 ه

- ‌نداء من السفارة اللبنانية بالمملكة

- ‌ذكر وفاة جلالة الملك خالد

- ‌خسوف كلي للقمر

- ‌انفجار رهيب في إيران

- ‌خسائر وقعت في إيران

- ‌ذكر قتل رئيس لبنان

- ‌قرار ملكي

- ‌النهي عن المخدرات

- ‌كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما جرى على حماة في سوريا

- ‌الإخوان المسلمون

- ‌نشاط الإخوان المسلمين وابتداء تنظيمهم:

- ‌ذكر ياسر عرفات

- ‌ذكر شيء عن مدينة الظهران وما منّ الله به على الحكومة السعودية

- ‌إقامة السوق المركزي في مدينة بريدة

- ‌ذكر حالة القتال بين العراق وإيران

- ‌ذكر شيء من تطور الزمان

- ‌ذكر الحروب والثورات

- ‌احتراق مكتبة بريدة

- ‌ذكر بيوت الله التي هدمت

- ‌ثم دخلت سنة (1403 ه

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌عاصفة تجتاح الإحساء

- ‌زلازل وقوارع تصيب اليمن

- ‌منبر يُصنَع للمسجد الأقصى

- ‌تعذيب إيران للأسرى

- ‌ذكر من توفي فيها

- ‌أهوال تروى عن أهالي ملينة هيروشيما

- ‌مقابلة مع طبيب شعبي

- ‌استمرار الأذى على لبنان

- ‌ذكر إعلان قيام مجلس التعاون الخليجي

- ‌اليوم الوطني

- ‌إقامة دورات المياه في المواقيت

- ‌ثم دخلت سنة (1404 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ذكر بئر العجائب

- ‌مميزات البئر:

- ‌مصلحة الهاتف السيار

- ‌ذكر المذابح والتدميرات في أفغانستان

- ‌تصرف مياه مكة المكرمة

- ‌اليهود تقتل أئمة المساجد وتهدد المسجد الأقصى

- ‌بيان عن رئيس الهيئة الإسلامية في القدس

- ‌أخبار عن مدينة بريدة في القصيم

- ‌سوق الماشية يضيق

- ‌احتفال كبير للأدب

- ‌ثم دخلت سنة (1045 ه

- ‌اغتيال أنديرا غاندي

- ‌حائل والحديث عنها

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ثورة في السودان

- ‌بحث مهم ينبغي الوقوف عنده

- ‌نهضة تعليمية

- ‌برج مياه بريدة

- ‌إيجاد مياه لعفيف والدوادمي

- ‌ثم دخلت سنة (1406 ه

- ‌حادثة

- ‌وفاة عالم من العلماء

- ‌وممن توفي فيها

- ‌مرض الإيدز

- ‌وقوع حادث مؤسف

- ‌حادثة في بنغلاديش

- ‌مستشفى القصيم التخصصي

- ‌حادثة غريبة

- ‌ثم دخلت سنة (1407 ه

- ‌وفاة وزير التعليم العالي

- ‌إنشاء جسر يربط البحرين بالمملكة

- ‌مشروع قرار مجلس الأمن

- ‌مناطق المملكة تحتفل بأسبوع المساجد ونظافتها وخدمتها

- ‌هجوم الإيرانيين على حجاج بيت الله سنة (1407 ه

- ‌نهضة علمية في المملكة السعودية

- ‌النهي عن الإسراف وما جاء في ذمّه

- ‌إصلاح ماقفة بريدة

- ‌عمارة جامع مدينة عنيزة في القصيم

- ‌حادث في مصر

- ‌مؤتمر قمة عام (1408 ه

- ‌زيارة الملك فهد للقصيم

- ‌وقف إطلاق النار

- ‌ظاهرة غريبة، جني يشهر إسلامه

- ‌طاعون الإيدز

- ‌زيارة الوزير الأمريكي

- ‌ذكر ما ألقاه الله من الذل على اليهود

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌حادثة غريبة

- ‌حادثة أخرى

- ‌لبنان والحديث عنه

- ‌بيان عن شبكة الكهرباء في المملكة السعودية

- ‌نبأ وفاة الخميني

- ‌ثم دخلت سنة (1409 ه

- ‌ظهور الجراد في المملكة

- ‌هدّ مسجد عودة الرديني

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌أمطار تجتاح اليمن

- ‌ذكر اغتيال الرئيس الباكستاني

- ‌أمور تحاك بالخفاء

- ‌ذكر قنابل تضرب أم درمان

- ‌حادث غريب من بلاوي الزمان

- ‌قف على هذه التوصيات فهي مهمة

- ‌حادثة غريبة

- ‌قتل قنصلين من السعودية

- ‌تأسيس سفارات للدولة الفلسطينية

- ‌عودٌ على بدء

- ‌مؤتمر قمة

- ‌قرار مجلس هيئة كبار العلماء في شأن المعتدين

- ‌نشرات مؤلمة عن أفغانستان

- ‌امتحانات النقل

- ‌وفاة الخميني

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌وفاة معمّر

- ‌ذكر ثورة يونيو في السودان

- ‌حادثة قصر أفراح جيزان

- ‌ثم دخلت سنة (1410 ه

- ‌ذكر حادثة غريبة (ميت يخرج من قبره بعد دفنه بـ 27 ساعة)

- ‌فكرة عاطفية

- ‌ذكر فاجعة عظيمة

- ‌ذكر إعادة الكرة للسعي في وضع الحرب ببيروت ولبنان

- ‌زلزال مدمر

- ‌ذكر اغتيال الرئيس اللبناني

- ‌ما جرى فيها من الحوادث

- ‌وفاة الشيخ عبد العزيز

- ‌معجزة من المعجزات

- ‌‌‌كائنة غريبة

- ‌كائنة غريبة

الفصل: ‌ذكر وفاة جلالة الملك خالد

المواقع السورية والقوات الفلسطينية اللبنانية المشتركة صباح سادس وعشرين من شعبان الموافق ليوم السبت في مصيف سوق الغرب وعين السيدة وقلين في الجبل وكانت مواقع القوات المشتركة في برج البراجنة والليلكي وحي السلم قد تعرضت لقصف مماثل خلال الليل استمر متقطعًا حتى الفجر.

وفي الصباح استؤنف القصف المدفعي قتل ثمانية أشخاص وفقد عشرة آخرون وأصيب ثلاثة عشر بجروح مختلفة وفي عملية تفجير تعرضت لها باخرة الشحن اللبنانية وقد اندلعت النيران في الباخرة وقد طالب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد برفع الحصار من بيروت فورًا وجلاء القوات الإسرائيلية عن كل الأراضي اللبنانية من دون قيد ولا شرط ولقد تأثر أول القصف المتقدم جلالة الملك خالد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية الذي نذر نفسه لنصرة لبنان رغم ما يقاسيه من ألم في القلب أودى به إلى الهلاك وقد عمل طيلة ملكه وخلال سني مسئوليته في الحكم ليعز الإِسلام والمسلمين ولم يحل المرض ولم يحل الإجهاد والتعب دون الدور القيادي الذي اكتسبه بعمله وجهده لبلاده والتصدي والمبادرة إلى الموقف الحاسم من كل قضية تتصل بأمتيه العربية والإِسلامية حتى أتاه اليقين.

‌ذكر وفاة جلالة الملك خالد

غفر الله له وأسكنه في فسيح جناته (1402 هـ) لما كان في الساعة السادسة زوالي وثلاثين دقيقة من صباح اليوم الحادي والعشرين من شهر شعبان الموافق 13 يونيو (1982 م) يوافق الساعة الحادية عشرة و 46 دقيقة توفي الملك خالد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل ملك المملكة العربية السعودية في مدينة الطائف ووافاه أجله المحتوم إثر نوبة قلبية فأصدر الديوان الملكي البيان التالي: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بيان من الديوان الملكي، ببالغ الأسى والحزن ينعى الديوان الملكي باسم صاحب السمو الملكي ولي العهد وكافة أفراد الأسرة ونيابة عن الأمة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حيث وافاه الأجل المحتوم على إثر نوبة قلبية فإنا لله

ص: 125

وإنا إليه راجعون)، ومن ناحية أخرى أعلنت اليوم مبايعة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز ولي العهد ملكًا للمملكة العربية السعودية خلَفًا للمغفور له جلالة الملك خالد بن عبد العزيز كما عين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني وليًّا للعهد ولما أن كان بعد الظهر جيء به محمولًا على طائرة من الطائف إلى الرياض حيث غُسل وكُفن ثم حمل إلى المسجد الكبير والجامع القديم، ووضع جثمانه فيه في الساعة الثالثة و 55 دقيقة انتظارًا لصلاة العصر.

وكان قد غص الجامع الكبير منذ ساعات بالآلاف من المصلين الذين يمثلون مختلف الدول والشعوب العربية والإِسلامية والذين حرصوا على الصلاة على الفقيد سائلين الله له الرحمة والمغفرة وكان يخيم على الجميع الحزن والأسى لفقد واحد من رجالات هذه الأمة الأعزاء الذين نذروا أنفسهم وحياتهم لخدمة دينهم وأمتهم ومعايشتها في السراء والضراء.

والتفت الأسرة المالكة حول المسجد وعلى طول الشوارع يحف المواطنون الوفا لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد وتوديعه الوداع الأخير قبل أن يوارى جثمانه، وكانوا يتهامسون فيما بينهم ومن خلال مشاعر الحزن والإيمان بقضاء الله بمآثره الطيبة.

وقد وجه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز كلمة نعى فيها جلالة الملك خالد بن عبد العزيز إلى الأمة العربية والإِسلامية وأبّن فيها الفقيد داعيًا الله أن يتغمده برحمته وأن يوفق خليفته جلالة الملك فهد بن عبد العزيز وسمو ولي العهد إلى ما يحبه ويرضاه ودعا المسلمين إلى الإيمان بقضاء الله في خلقه مؤكدًا أن الموت حق على كل حي وأن على المؤمن أن يواجهه بالصبر والتحمل.

وفي الساعة الرابعة و 10 دقائق دخل جثمان الفقيد محمولًا على أعناق أبنائه المواطنين في الوقت الذي انهالت فيه دموع الجموع الغفيرة التي ملأت المسجد

ص: 126

وارتفعت أصوات المكبرين الداعين له برحمة الله الواسعة ثم أقيمت صلاة العصر وأم المصلين فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز وعقب صلاة العصر أقيمت الصلاة على جثمان الفقيد رحمه الله.

ثم حُمل ووري في الساعة الخامسة إلا رُبعًا من بعد صلاة العصر بمقبرة العود بالرياض، وقد شارك الملك فهد بن عبد العزيز وصاحب السمو عبد الله بن عبد العزيز وصاحب السمو سلطان بن عبد العزيز في حمل فقيد الأمة العربية والإِسلامية على أعناقهم وتوسيده مثواه الأخير داعين الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم أمته الصبر والسلوان.

وكانت الشوارع المحيطة بالمقبرة قد غصت بالآلاف من المواطنين الذين أصروا على الانتظار في حزن وأسى بالغين لساعات طوال ليلقوا النظرة الأخيرة على الفقيد الراحل وليودعوه الوداع الأخير رحم الله الملك خالد وألحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين في الجنة.

لقد مات وهو في اللحظة الأخيرة من أنفاس الحياة جندي من جنود الله المسلمين المؤمنين يعمل كما ظل طوال حياته لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه ونشر عقيدة الإِسلام في الدنيا بين الناس كان ضد الظلم أيًا كان مصدره وأيًا كان سببه لفرد أو لجماعة أو لشعب بأكمله ولقد ظل طوال الساعات الأخيرة لا يعرف النوم ولا الراحة ولا الهدوء وهو يشارك بعقله وبقلبه ومشاعره وبجهد طاقته اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين محنة العدوان الإسرائيلي الغاشم ليقاتل معهم بكل ما أوتي من قوة حتى السماعة الأخيرة.

فلتبكه الأمة العربية والأمة الإِسلامية ولتبكه المملكة بحيث خسرت والدًا شفقيًا ساهرًا لمصلحتها فإلى جنة الخلد يا خالد إلى جنة الخلد يا من زرعت الحب في قلوب أبناء شعبك إلى جنة الخلد يا خالد بعد أن أديت واجبك كإنسان في هذه الدنيا تفعل الخير وتحب الجميع ولا تعرف الكراهية والحقد.

ص: 127

إلى جنة الخلد يا خالد يا من تحمَّل الأمانة وقاد السفينة إلى جنة الخلد يا خادم الحرمين إلى جنة الخلد أيها الملك العادل، لقد عدلت بين أفراد شعبك فكنت بمثابة الأخ الأكبر والأب الرحيم فإنا لله وإنا إليه راجعون ولله در القائل:

فلو كان يفدى بالنفوس ولو غلت

فداه همام أشوس ونبيل

ولو كان من خصم تنمر دونه

رجال بأيديهم قنا ونصول

إذا ما اعتلوا قب الأباطل لم يكن

لهم أوبة أو يستباح قتيل

ولكن قضاء مبرم يستوي به

مليك عزيز في الورى وذليل

ولما مات لبست الدنيا ثياب الحداد عليه وباح الشعراء والفصحاء بالرثاء والتأبين عليه قال الأديب الشاعر غازي القصيبي هذه المرثية وكأنه يتجول بعيونه على المرحوم خالد بن عبد العزيز حين ينظر إليه وكأنه فارس توسد سيفه ونام فيا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي:

(واخالداه) وضج الجرح في كبدي

فسرت بالجرح لا ألوي على أحد

يبكون منك وقد ناحوا على ملك

أما أنا فبكائي حرقة الولد

يطوف وجهك في روحي فاسأله

بالله قل لي أهذي فرقة الأبد

فأين نظرته بالحب طافحة

كأنما هي بشرى ثرة الرغد

وأين بسمته السمحاء هل سقطت

شمس النهار على ليل من الكمد

(واخالداه) يغص الشعر من ألم

كما تذوب عيون الشوق من سهر

ويخطر الموت فوق البيد عاصفة

من الدموع فناد الصبر يا بلدي

هرعت بعدك للذكرى معطرة

بالبشر صافية كالقطر نبع دد

وغبت في الأمس علّ الأمس يسعفني

إذا أفقتُ ولم أبصرك صبح غد

فلحت لي وجدار الموت منتصب

حتى لأوشك شوقًا أن أمدّ يدي

أراك رغم ضباب البين يا رجلًا

به تزايد ملك وهو لم يزدِ

ص: 128

هل كالبساطة تاج عز لابسه

هل كالبراءة عرش ثابت العمد

(واخالداه) وعاد الناس وانصرفوا

وأنت في القبر لم تبرح ولم تعد

تبارك الله نجري كلنا زمرًا

نحو المنون ولا يبقى سوى الصمد

فقل لمن يعشق الدنيا أتخطبها

وهي الولود وغير الموت لم تلد

ولقد امتلأت وجوه الجرايد بالكلمات الرمزية والحروف المكبرة بالتعازي من الشركات والمؤسسات وغيرها بهذه العبارة وغيرها بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره نرفع تعازينا ونشاطر الأسرة المالكة الكريمة والشعب العربي السعودي والأمة الإِسلامية أحزانها في الفقيد الغالي جلالة المغفور له الملك خالد بن عبد العزيز أسكنه الله فسيح جنانه.

ونبايع على كتاب الله وسُنة رسوله خلفه العظيم جلالة الملك فهد بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز وقدمت إلى الرياض الملوك والرؤساء والوزراء من سائر المعمورة للتعزية بالفقيد والتهاني لخلفه.

وقدمت إلى الرياض ضمن الذين ساروا بطائرات الحكومة مجانًا لبيعة الملك فهد بن عبد العزيز نسأل الله تعالى أن يوفقه وأن يجعله خير خلف لخير سلف، وقد نكست الأعلام في الأردن على الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة والسفارات الأردنية في الخارج، وأعلن الحداد في الأردن لمدة أربعة عشر يومًا وأعلن العراق الحداد لمدة سبعة أيام ونكست الأعلام فيه.

وقام أمير قطر خليفة بن حمد آل ثاني فألقى هذا البيان: (بقلوب مفعمة بالحزن ونفس مثقلة بالأسى والألم تلقينا نبأ انتقال المغفور له أخينا العزيز صاحب الجلالة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود إلى رحاب الله، إن المصاب فادح لقد فقدت أمتنا العربية والإِسلامية واحدًا من أعظم قادتها في وقت هي أشد الحاجة إليه وهي تواجه أحداثًا حاسمة وتحديات مصيرية، لقد كرس رحمه الله كل وقته وفكره

ص: 129

وطاقته لخدمة بلاده وأمته العربية والإِسلامية وترك تاريخًا حافلًا بجلائل الأعمال سيظل دومًا نبراسًا يضيء لها طريق الرشد والسداد، إن المرء ليعجز عن التعبير عن مدى الفجيعة في فقد هذا القائد الكبير في هذه الآونة العصيبة من تاريخ أمتنا وإن كنت أنعاه إلى شعبنا في قطر وإلى شعوب العالم العربي والإِسلامي قاطبة، فإنما أنعاه وقلوبنا جميعًا تقطر مرارة وأسى .. ) إلى آخر كلامه المتضمن للتعزية والدعاء للراحل وقد أعلن الديوان القطري الحداد وتنكيس الأعلام في كافة أنحاء دولة قطر وسفاراتها في الخارج لمدة أربعين يومًا وتعطيل الوزارات والأجهزة الحكومية والمؤسسات والشركات لمدة ثلاثة أيام اعتبارًا من يوم الغد الموافق 13 يونيو كما أعلن الديوان رسميًا بأن سموه قد توجه إلى المملكة العربية السعودية على رأس وفد دولته للمشاركة في تشييع جثمان الفقيد وأعلن الديوان القطري الحداد العام وتنكيس الأعلام في كافة الدولة.

وكذلك دولة البحرين أشادت بمواقف المغفور له ببيانها وهي تتلو {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} (1) صدق الله العظيم وأصدر مجلس الوزراء البحريني في جلسة استثنائية عقدها في ذلك اليوم برئاسة سمو الشيخ عيسى بن سليمان آل خليفة أمير دولة البحرين أمرًا بإعلان الحداد في البلاد ولمدة أربعين يومًا وتعطيل الدولة ثلاثة أيام وكذلك سلطنة عُمان وكذلك السودان يعلن الحداد وكذلك الرابطة الإِسلامية للعالم الإِسلامي قامت تنعى الملك خالد وكذلك أمين منظمة المؤتمر الإِسلامي أمسى ينعى المغفور له وغيرها من الدول الإِسلامية والعربية وقد أكثر المحزونون من الرثاء شعرًا نبطيًا وعربيًا ولا سيما حينما نشرت جريدة الجزيرة غرف قصره للناظرين وأبرزت رسوم أبنائه وبعض خدمه المختصين للمعتبرين وشيئًا من أخلاقه وعفته وتواضعه.

(1) سورة الفجر، الآيات 27، 28، 29 و 30.

ص: 130

ونحن نسوق هذه المرثية التي جادت بها قريحة الأديب الشاعر عبد الله بن محمَّد بن خميس في هذه الرائعة والنازلة المحزنة.

إن شاعرنا الأديب هو أحد أدباء هذا الزمن لما أوتيه من عاطفة تجسد مشاعر الفقيد الراحل ودمعة تحدرت من وجنتيه ولوعة ساكنة بين أضلاعه وخفقة حزن في أعماقه فقال:

حبيب وما كل الملوك حبيب

وراع إلى كل القلوب قريب

وما بهم أن يجمعوا في مودة

فسنة أخلاق الأنام ضروب

ولكن إذا اختاروا مودة خالد

فما هو حب في القلوب مريب

ألم يك طبًا في هواها وعارفًا

له من مجاري نبضهن نصيب

تولى قياد الشعب سبعًا فما أتى

مريبًا ولم يزورَّ عنه لبيب

يعادي ولكن في مخافة ربه

ويشجع في مرضاته ويؤوب

وما مد يمناه الْحَصَان لريبة

ولكن عليها من تقاه رقيب

ويعرف أن الْمُلْك ظل مبارح

وأن خطوب النائبات تئوب

وأن لسان الخلق يشهد بالذي

تبادر منه مخطئ ومصيب

فويل من التاريخ يأتي وما له

حبيب ولا غير الصلاح ربيب

أيطمع أن تروى المحاسن جمة

بهاله مدح يصطفيه مريب

يدل بها والخلق تشهد أنه

به من ضروب المخزيات ندوب

تحاشيت هذا خالد وأنفته

فعرضك عما قد يشين قشيب

تبعت الأولى من دوحة طاب أصلها

لها في المراقي الصالحات وثوب

تباروا على الدين الحنيف خائفًا

أريب مضى تتلو خطاب أريب

خلائق ما فيها منال لغامز

ومآربها في المكرمات جديب

بها غرسوا في العالمين مودة

لتبقى إذا خان النسيب نسيب

وما الحكم إلا أن يتوج حاكم

بحب وأن تحنو عليه قلوب

ص: 131

فبالأمس غص القصر بل ضاق ربعه

وما حوله مع أنه لرحيب

وتتلوه أيام تنوء بعارم

من الحشد من كل البقاع تصوب

وفي كل إقليم حشود تتابعت

إلى بيعة فيها النفوس تطيب

وهذا لعمري منتهى الحب أخصبت

رباه وبعض المدعين كذوب

أخالد لا ينفك ربعك آمنًا

وواديك مخضر الجناب خصيب

تعهدته بالبر حتى تأرجت

مغانيه روض بالعطاء عشيب

فنم في رحاب الله عفوًا ورحمة

عليك شآبيب الرضاء تصوب

وأن بني عبد العزيز تآزروا

وكلهم في النائبات جنيب

لأخوة صدق لا يفل غرارهم

إذا استخرت يومًا وعم قطوب

يؤمهم فهد الرضا من تجمعت

عليه قلوب حمة وشعوب

خليق بها عدلًا وحلمًا ونائلًا

ورأيًا إذا عمت عليه دروب

ربيب غلا لا يسبر الضد غوره

وفي كل محمود الخصال ربيب

ولد الملك خالد عام (1331 هـ) ورباه والده تربية طيبة كجملة أولاده وسعى في نجابتهم وكرائم أخلاقهم ورجولة أخوالهم ونشأ في كنف والده الملك عبد العزيز حتى وصل إلى سن الدراسة فالتحق بإحدى مدارس الرياض التي ولد فيها ودرس العلوم الإِسلامية بشكل خاص واشترك مع والده في الجهود التي قام بها والده لتوحيد المملكة وتثبيت كيانها وعين مساعدًا لأخيه فيصل حيث باشر معالجة القضايا السياسية العامة وقد يتميز برجاحة العقل وسعة الاطلاع والحكمة وحينما تولى الملك فيصل عرش المملكة صدر مرسوم ملكي يجعله ولي العهد وقد صحب أخاه فيصلًا في بعض رحلاته الرسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتولى رئاسة الوزراء بالنيابة وتقدم في عام (1363 هـ) قدومه من أمريكا في رفقة أخيه فيصل ومديح الشاعر حسين خطاني له في قصيدته العصماء التي يقول فيها:

إذا قيل من تهوى السيوف يمينه

تنادت به الأيام لا زلت أوحدا

ص: 132

وإن قيل من يعتاد للعز منصبا

أجابت أرى في خالد من تعودا

أميران في الدنيا الجديدة أشرقا

وسيفان من غمد العروبة جردا

فحدث عن الإجلال ما شئت معلنًا

وحدث عن الإكبار ما شئت منشدا

وبين بلاد الإنجليز حاوة

بضيفين كانا للمحامد منتدا

وفي غرب إفريقية وشمالها

وداد قديم بالوصال تأكدا

لقد عدتما والشوق مليء ربوعنا

فأضحى نشيد اليمن فيها مرددا

أعدا لنا من خير ما قد شهدتما

فإن من الإصلاح أن تتعهدا

وإن بلاد العرب ظمأ لنهضه

يحدث عنها كل من راح أو غدا

فسيرا بها نحو العلاء بهمة

وكونا لها قلبًا وكونا لها يدا

وكان الملك فيصل يعتمد عليه وناب عن الملك فيصل في تصريف أمور الدولة مرات عديدات أثناء قيام الفيصل بمهام خارج المملكة ونودي به ملكًا بعد وفاة أخيه فيصل على المملكة العربية السعودية في 13/ 3 / 1395 هـ فسار بالمملكة مسيرة حميدة شكره عليها الكبير والصغير ونال رضا الجميع برفق وحنان وشفقة أبوية ونالت المملكة ازدهارًا في أيامه ولقد صدق عليه قول الشاعر ابن هانئ الأندلسي:

هموا ورثوه المجد لا مجد غيره

وهم خير حافٍ في البلاد وناعل

أولئك من لا يحسن الجود غيرهم

ولا الطعن شزرًا بالرماح الذوابل

لهم من مساعيهم دروع حصينة

توقيهم من كل قول وقائل

توفي المغفور له عن ثلاثة بنين بندر وعبد الله وفيصل وست بنات الجوهرة ونوف وموضي وحصة والبندري ومشاعل، ولما سئل نجله فيصل وهو يتحدث عن والده كيف كانت الساعات الأخيرة حينما كان يصارع الموت قال كان يرحمه الله قبل انتقاله للطائف يوم السبت يعاني من تعب بسيط ونصحه الأطباء بعدم السفر إلى الطائف وتأجيله يومًا أو يومين لكنه أصر وقال لا بد أن نمشي وذكر أنه كان

ص: 133