المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر شيء من صرامته وبطشه وحزمه - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ٧

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌ثم دخلت سنة (1297 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ صاحب السمو عبد الله بن عبد الرحمن الفيصل

- ‌ذكر شيء من صرامته وبطشه وحزمه

- ‌وصمة سيئة في وجوه العرب

- ‌اكتشاف مدينة أثرية

- ‌ثم دخلت سنة (1398 ه

- ‌مقتل الآلاف في قصف أثيوبي

- ‌إقامة مدينة الملك خالد

- ‌كائنة غريبة

- ‌اجتماع لبحث إنشاء منظمة العواصم الإسلامية

- ‌ذكر تجديد باب الكعبة المعظمة وجعله من الذهب الخالص

- ‌جهود تبذل لنصر الإسلام ورفعته

- ‌بادرة غريبة

- ‌بيان عن المؤرخ الزركلي

- ‌كائنة عجيبة

- ‌ثم دخلت سنة (1399 ه

- ‌أخبار عن الحرب في هذه الآونة

- ‌حريق في مدينة الرياض

- ‌حريق آخر في الرياض

- ‌الرجل المعمر

- ‌إيران وآية الله الخميني

- ‌الزعازع والبلى الذي حصل بسبب الخميني

- ‌إعصار يجتاح الهند

- ‌أهوال يسببها السلاح الحديث إن استكمل

- ‌تنفيذ الإعدام شنقًا في علي بوتو

- ‌إسلام أسرة

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌أفغانستان والحديث عنها

- ‌طعنة في الصميم

- ‌ثم دخلت سنة (1400 ه

- ‌موقف الحكومة السعودية

- ‌معجزة غريبة

- ‌إمارة عبد الإله بن عبد العزيز في القصيم

- ‌إمارة مقرن بن عبد العزيز بحائل

- ‌انتشار الإسلام

- ‌غرق سفينة

- ‌حادثة غريبة وكائنة عجيبة

- ‌ولادة غريبة

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌وممن توفي فيها من الأعيان

- ‌إقامة حدائق في مدينة الدمام (1400 ه

- ‌إنشاء وحدات لمياه القطيف

- ‌بدء العمل في طريق الجنوب

- ‌عمارة مطار الرياض الدولي

- ‌تطبيق أحكام الشريعة

- ‌ثم دخلت سنة (1401 ه

- ‌ذكر زيارة الملك للقصيم سنة (1401 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌اغتيال رئيس جمهورية مصر

- ‌مؤتمر مكة المكرمة عام (1401 ه

- ‌معرض الكتاب

- ‌زيادة في رواتب الأئمة والمؤذنين

- ‌قتل رئيس جمهورية بنجلاديش

- ‌ضرب المفاعل النووي

- ‌رجل معمِّر 159 عامًا

- ‌ثم دخلت سنة (1402 ه

- ‌انسحاب العراق عن أراضٍ احتلتها قديمًا

- ‌ضرب لبنان سنة (1402 ه

- ‌نداء من السفارة اللبنانية بالمملكة

- ‌ذكر وفاة جلالة الملك خالد

- ‌خسوف كلي للقمر

- ‌انفجار رهيب في إيران

- ‌خسائر وقعت في إيران

- ‌ذكر قتل رئيس لبنان

- ‌قرار ملكي

- ‌النهي عن المخدرات

- ‌كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما جرى على حماة في سوريا

- ‌الإخوان المسلمون

- ‌نشاط الإخوان المسلمين وابتداء تنظيمهم:

- ‌ذكر ياسر عرفات

- ‌ذكر شيء عن مدينة الظهران وما منّ الله به على الحكومة السعودية

- ‌إقامة السوق المركزي في مدينة بريدة

- ‌ذكر حالة القتال بين العراق وإيران

- ‌ذكر شيء من تطور الزمان

- ‌ذكر الحروب والثورات

- ‌احتراق مكتبة بريدة

- ‌ذكر بيوت الله التي هدمت

- ‌ثم دخلت سنة (1403 ه

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌عاصفة تجتاح الإحساء

- ‌زلازل وقوارع تصيب اليمن

- ‌منبر يُصنَع للمسجد الأقصى

- ‌تعذيب إيران للأسرى

- ‌ذكر من توفي فيها

- ‌أهوال تروى عن أهالي ملينة هيروشيما

- ‌مقابلة مع طبيب شعبي

- ‌استمرار الأذى على لبنان

- ‌ذكر إعلان قيام مجلس التعاون الخليجي

- ‌اليوم الوطني

- ‌إقامة دورات المياه في المواقيت

- ‌ثم دخلت سنة (1404 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ذكر بئر العجائب

- ‌مميزات البئر:

- ‌مصلحة الهاتف السيار

- ‌ذكر المذابح والتدميرات في أفغانستان

- ‌تصرف مياه مكة المكرمة

- ‌اليهود تقتل أئمة المساجد وتهدد المسجد الأقصى

- ‌بيان عن رئيس الهيئة الإسلامية في القدس

- ‌أخبار عن مدينة بريدة في القصيم

- ‌سوق الماشية يضيق

- ‌احتفال كبير للأدب

- ‌ثم دخلت سنة (1045 ه

- ‌اغتيال أنديرا غاندي

- ‌حائل والحديث عنها

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ثورة في السودان

- ‌بحث مهم ينبغي الوقوف عنده

- ‌نهضة تعليمية

- ‌برج مياه بريدة

- ‌إيجاد مياه لعفيف والدوادمي

- ‌ثم دخلت سنة (1406 ه

- ‌حادثة

- ‌وفاة عالم من العلماء

- ‌وممن توفي فيها

- ‌مرض الإيدز

- ‌وقوع حادث مؤسف

- ‌حادثة في بنغلاديش

- ‌مستشفى القصيم التخصصي

- ‌حادثة غريبة

- ‌ثم دخلت سنة (1407 ه

- ‌وفاة وزير التعليم العالي

- ‌إنشاء جسر يربط البحرين بالمملكة

- ‌مشروع قرار مجلس الأمن

- ‌مناطق المملكة تحتفل بأسبوع المساجد ونظافتها وخدمتها

- ‌هجوم الإيرانيين على حجاج بيت الله سنة (1407 ه

- ‌نهضة علمية في المملكة السعودية

- ‌النهي عن الإسراف وما جاء في ذمّه

- ‌إصلاح ماقفة بريدة

- ‌عمارة جامع مدينة عنيزة في القصيم

- ‌حادث في مصر

- ‌مؤتمر قمة عام (1408 ه

- ‌زيارة الملك فهد للقصيم

- ‌وقف إطلاق النار

- ‌ظاهرة غريبة، جني يشهر إسلامه

- ‌طاعون الإيدز

- ‌زيارة الوزير الأمريكي

- ‌ذكر ما ألقاه الله من الذل على اليهود

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌حادثة غريبة

- ‌حادثة أخرى

- ‌لبنان والحديث عنه

- ‌بيان عن شبكة الكهرباء في المملكة السعودية

- ‌نبأ وفاة الخميني

- ‌ثم دخلت سنة (1409 ه

- ‌ظهور الجراد في المملكة

- ‌هدّ مسجد عودة الرديني

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌أمطار تجتاح اليمن

- ‌ذكر اغتيال الرئيس الباكستاني

- ‌أمور تحاك بالخفاء

- ‌ذكر قنابل تضرب أم درمان

- ‌حادث غريب من بلاوي الزمان

- ‌قف على هذه التوصيات فهي مهمة

- ‌حادثة غريبة

- ‌قتل قنصلين من السعودية

- ‌تأسيس سفارات للدولة الفلسطينية

- ‌عودٌ على بدء

- ‌مؤتمر قمة

- ‌قرار مجلس هيئة كبار العلماء في شأن المعتدين

- ‌نشرات مؤلمة عن أفغانستان

- ‌امتحانات النقل

- ‌وفاة الخميني

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌وفاة معمّر

- ‌ذكر ثورة يونيو في السودان

- ‌حادثة قصر أفراح جيزان

- ‌ثم دخلت سنة (1410 ه

- ‌ذكر حادثة غريبة (ميت يخرج من قبره بعد دفنه بـ 27 ساعة)

- ‌فكرة عاطفية

- ‌ذكر فاجعة عظيمة

- ‌ذكر إعادة الكرة للسعي في وضع الحرب ببيروت ولبنان

- ‌زلزال مدمر

- ‌ذكر اغتيال الرئيس اللبناني

- ‌ما جرى فيها من الحوادث

- ‌وفاة الشيخ عبد العزيز

- ‌معجزة من المعجزات

- ‌‌‌كائنة غريبة

- ‌كائنة غريبة

الفصل: ‌ذكر شيء من صرامته وبطشه وحزمه

اختاره الملك عبد العزيز لإمارة بريدة مرتين، ولما فتح حائلًا وجبال طيء لم يجد لها كفوًا سواه، وليكون محافظًا على الحدود الشمالية، وناهيك به من يقظ حازم يراقب الأمور عن كثب، وأرسله لصد تقلبات آل عائض في عسير عام (1340 هـ) فظفر وأخضع تلك القبائل ثم تصدى لابن الدويش عبد العزيز فقضى عليه وعلى من معه وذبحه ذبح شاة لما انتقضت عهودهم وذلك في واقعة أم رضمة، وكان منصور اللواء ومحبوبًا لدى أمته.

وهذه صفته كان ربعة جعيلًا حسَن الصورة مهيب الطلعة أبيض اللون قليل الضحك والمزاح، ذا عبادة وفيه مؤهلات لمهام الأمور، قال الشيخ عثمان بن أحمد بن بشر يمتدحه ويثني عليه من قصيدة:

أتانا بشير من أمير مؤيد

مبارك ميمون الشمائل فاضل

كريم جواد ذي تقى وشهامة

صبور جسور في اللقاء وفضائل

وأعني به الضرغام نجل مساعد

أديب رحيب من كرام أفاضل

يقود جنود المسلمين بعزمه

وهمته العليا إلى كل طائل

فوفقهم ربي لحرب ذوي الردى

ذوي الزيغ والطغيان نسل الأسافل

ولقد كان سيفًا مسلولًا على المعتدين جاءت إليه امرأة تشكو فاسقًا من الأعراب أرادها عن نفسها وفجر بها، وقالت له كأني بك يا أبا عبد الله تقول ائتني بشاهد، فقد قهرني بوادٍ وفعل بي الفاحشة يا ابن مساعد فأمر به فأحضر بين يديه فهمس بأذنه فأقر بفعله سريعًا فأشار إلى الجلاد بنزع رأسه فطار رأس الجاني بلحظة وعجب الحاضرون كيف فهم الجلاد إشارته.

‌ذكر شيء من صرامته وبطشه وحزمه

كان في أيامه أعرابي تزوج بامرأة، غير أن أهلها مانعوا من سفرها إلى بلده فلما كان بعد مضي شهرين من الزواج باح الزوج بما لديه من كونه انقطع عن أهله

ص: 11

ووطنه وأخبرها أنه لا يمكن أن يجلس في تلك الصفة منقطعًا عن التكسب ومصلحة دنياه فذهبت إلى أبيها فمانع من سفرها فاشتكى الزوج على الأمير وكان والدها قد تهددها بالقتل إن سافرت قائلًا لئن ذهبت معه لأجعلن صدرك مخرقًا بمشط الرصاص، فدعا بها الأمير وسألها عن رغبتها في السفر مع زوجها فأجابت بما هددت به، وإلا فإنها ترغب الذهاب مع زوجها ولكنه حيل بينها وبينه فدعى بأبيها وقال له أحضر مطيتين إحداهما للزوج والعفش والأخرى تركبها مع ابنتك حتى تؤديهما إلى أهله على مسافة مائة وعشرين كيلو حتى توصلها ثم أقسم بالله لئن أصابه أو أصابها شوكة في الحال أو في المستقبل بسببك لأجعلنك عبرة ونكالًا للخلق فقام مبادرًا وحملهما حتى وصلا بالسلامة وأشهد على ذلك الحاضرين، ورجع.

وحدثني صالح بن محمد أبا الخيل بأنه كان مسافرًا ورفقته أربعة إلى فلسطين ومصر من جملة العقيلات فلما صفوا بضاعتهم وباعوا جمالهم وأحمالهم رجعوا إلى أهليهم في القصيم قال: فلما كان في منتصف الطريق بين الشام والسعودية ظهر خلفنا ثمانية من الركب على إبلهم، فقال البعض منا للآخر إنكم مقفيون فاستعدوا، وكان معنا رجل ماهر في الرماية يحمل أم خمس قصيرة فاختبأ خلفنا في ظل شجرة، ولما أن قربوا منه قال جنبوا عنا فوالله الذي لا رب غيره لأن لم تجتنبوا لتتفاقدوا والعدة فقالوا له استعذ بالله من الشيطان فنحن إسلام وإخوانكم ونعاهدكم بالله أن لا يصلكم منا ما تكرهون، فانخدعنا لهم كما قال عمر ابن الخطاب من خدعنا بالله انخدعنا له، فركب الرجل راحلته وأغلق بندقيته في مؤخر الرحل ثم تقدم أحدهم لما كنا نسير على السواء وأخذ البندقية كأنه يريد رؤيتها وبحيلة أنه يريد شراءها فلما استولى عليها داخلنا منه خوف وكثر غمزهم وهمسهم فأيقنا بالخيانة، ثم أنزلوهم عن رواحلهم وسلبوا ما معهم ثم قالوا تشهدوا قال وكنا نحمل كمرين من الذهب أخذوا أحدها والآخر تمكنت من أن ألقيه على خفية

ص: 12

بجحر ضب، ثم قلنا لهم بلين كلام لنسلم من شرهم، ما أخذتم فهو كرامة لكم فإننا لا نسلم من الرسوم على الحدود فقالوا لي تقدم للقتل وجعلوه غرضًا على بعد عشرين مترًا واستسلم للقتل فأطلق عليه أحدهم البندقية فأصابت ما فوق أذنه خدشًا بسيطًا وقدموا الآخر فأصابت الرمية ما بين فخذيه وأصابت الثوب، فلما رأوهما سالمين قالوا يا جماعة هل فيكم أحد قريبًا لعيسى بن رميح، قال قلت نعم إنه عمي، فأجابوا يقولون له سلمتم فعندنا ملحة له وهذه عادة عند الأعراب فتركونا وأعطونا نعالنا والشمع التي استلبوها من رؤوسنا وفروا ذاهبين فكنا لا نملك زادًا ولا مزادًا، وقمنا ننظر يمنة ويسرة علنًا نجد أحدًا نستقي منه ماء، حتى نزلنا إلى موضع منخفض من الأرض فوجدنا أعرابًا من بينهم الأمير فبكينا في وجهه وطلبنا منه المساعدة على أولئك اللصوص، فلبى طلبنا وشد ومعه أربعة وعشرون فارسًا في طلب اللصوص وكان ذلك بين الصلاتين الظهر والعصر فما زلنا في طلب القوم حتى أشرفت الشمس على الغروب فلم يبق سوى نصف ساعة.

فقال لنا يا جماعة هذه حدودي ولا أستطيع تجاوزها، وأيضًا غربت الشمس فرجع بأربعة عشر من صحبه وطلبناهم بالمعروف أن يستمروا ولكنه رجع بثلة من أصحابه وبقي عشرة فقلنا لهم نرجو أن تبلغونا نقطة ابن مساعد في ذلك المركز على الحدود لا أقل ولا أكثر جزيتم خيرًا فاستحيوا وساروا معنا حتى وصلنا المركز، وكنا لما أشرفنا عليه رجعوا ولما أن وصلنا إلى المركز استقبلنا ابن عبد الواحد وروينا له القصة ونحن بحالة يرثى لها من التعب والجوع والمشقة ففكر قليلًا ثم قال أيا ليت فلانًا حاضر فإنه خوي طيب ولقد ذهب لحاجة ولكن فلانًا حاضر وفيه بركة إن شاء الله فبكينا أمامه وقلنا له تكفى يا ابن الحرة تكفى يا ولد البيضا وهذه نخوة عربية فدعا بالخادم والمري وأمرهما أن يستصحبا رشاشتين معبأتين فاستويا على صهوتي الخيل وقال لا ترجعوا إلا بهم.

ص: 13

نعم كان في شمالي المملكة رجال محنكون شذبتهم التجارب وخلقوا رجالًا للأمن وقال لنا استريحوا لما رأى ما بنا من تعاسة الحظ وسوء الحال، فلما كان بعد منتصف الليل جيء باللصوص وما استلبوه من المطايا وما بين أيديهم من الحلال فأحكم قيودهم بالحديد ثم سيرهم معنا تحت الحراسة وقال سلمهم لبو عبد الله.

فما كان وقت جلوسه في الضحى إلا ونحن وخصومنا ماثلون أمامه في مدينة حائل، فشققنا جيوبنا وصحنا تكفى يا أبو عبد الله تكفى يا ولد مساعد وأريناه مضارب الرصاص في أجسامنا وثيابنا وروينا له القصة فدعى بالعصا والخشب وضربهم حتى انقطعت أنفاسهم وسكتت حركاتهم فأمر بإبلهم فوسمت وسم الحكومة وقال لنا خذوا شيئكم ولا تجاوزوه فركبنا مطايانا وسرنا من عنده شاكرين فرحمة الله عليه.

هذا ابن مساعد الذي حزم شمالي الملكة حزم السلم وما كنت أظن أعداء الفضيلة وأصحاب الرذيلة من قطاع الطريق الذين يسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين تأمن الأمة منهم إلا بمثل ذلك الصنيع والقبض عليهم بأيدٍ من حديد ليستريح البررة ويستراح من الفجرة.

وكان الملك عبد العزيز يعتمد عليه اعتمادًا كبيرًا في رسم خطط جهاده ومعاركه ومجابهة خصومه، فكان عند حسن ظنه وله رأي ثاقب وشجاعة نادرة وقوس نصر يرمي به الملك عبد العزيز أعداءه وخصومه.

وعندما هاجم الملك قلعة الرياض كان في مقدمة المهاجمين رغم صغر سنة بحيث لا يملك إلا عصًا معقوفة من شجر السلم وخنجرًا أصيلًا وله دوره في فتح الرياض بحيث ألقي على قدمه حجر كبير أصاب أصابعه برضوض ولا زالت وسام شرف الوفاء والفداء.

وقد شارك الملك عبد العزيز في جل غزواته في البكيرية وقتل الصنديد عبد العزيز بن رشيد وواقعة جراب وواقعة كنزان كما شهد فتح الإحساء.

ص: 14

وفي سنة (1338 هـ) بعث به عبد العزيز بن عبد الرحمن ليقود جيشًا ضد آل عايض في عسير كما قدمنا وكانت تلك الإمارة قد رفضت أن تتحد مع بقية أجزاء هذه الملكة فنازلها وأخضعها وقدم بزعمائها مخفورين إلى الرياض، وقد لبث في إمارة حائل اثنتين وخمسين سنة ولما أن تم له من العمر اثنتان وتسعون سنة طلب من حكومته الإعفاء من الخدمة وتفرغ للعبادة حتى وافاه أجله المحتوم في مدينة الرياض بعدما قدمها عام اثنين وتسعين، وكان إلى جانب شجاعته وصرامته يتحلى بالتقى والورع والتمسك بالدين الحنيف محافظًا على الصلوات مع الجماعة وقورا صامتًا متدينًا إذا أردت أن يحدثك عن جهاده وكفاحه يقول ما نحن إلا جنود صغار نؤمر فنأتمر ويخطط لنا فننفذ، قال الشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل يرثاه بهذه القصيدة ويذكر مناقبه الشريفة:

رحيل الأمير الأريحي المساعد

هزبر الشراى عبد العزيز المساعد

مصاب ورزء فادح أجج الأسى

لفقدانه من كل ناعٍ وفاقد

هو الفارس المغوار في حومة اللقا

أبو الشبل عبد الله فرع الأماجد

حسام نضال والقنا يقرع القنا

ونار الوغى ما بين صال وواقد

لقد كان حدا في الصوارم ماضيًا

بكف المليك الفيصلي المجاهد

أجل إنه عبد العزيز أخو العلى

مؤسسها مجدًا بأرسى القواعد

وحامي حمى الإسلام والعدل والتقى

مؤمنها من كل طاغٍ وحاقد

من البحر حتى البحر شرقًا ومغربًا

وشامًا جنوبًا حول أَطوار حاشد

بنصر وتوفيق الإله وفضله

برغم الأعادي والألد المعاند

فلله عهد شامل الأمن والهنا

بعز مكين ساطع السعد سائد

وكم للأمير ابن المساعد كم له

مواقف صدق في الرخا والشدائد

مواقف ميمون أمين محبب

وغيظ على الأشرار أهل المكائد

فآهًا على فقدان شهم مظفر

ومسعر حرب للجحافل قائد

دهاء وتوفيق ورأي مسدد

وحظ من الله العلي المساعد

ص: 15

أكيد الإخاء منذ الشبيبة ساعد

قوي من الأبطال أقوى السواعد

إلى آخر العمر المديد جهاده

بعزم طموح في ذرا المجد صاعد

على الصدق والإيمان والنصح والولا

بأخلص أعمال وأنقى المقاصد

سماحة أخلاق ونبل وهيبة

وحكمة تدبير الصبور المكابد

وسمت وصمت لائق وتواضع

سجايا تجلت من أجل العوائد

عن الحق والإعجاب كل بمعزل

وشيمة طبع ثابت غير حائد

يسارع في الخيرات سيرة سيد

تقي وتقوى الله أزكى الفوائد

وكم مسجد لله دينًا أقامه

ومن أشرف الأعمال رفع المساجد

تلاوة آيات الكتاب تدبرًا

بخشية أواب منيب وعابد

صلاح ورشد واستقامة منهج

وخدمة هذا المجد إخلاص جاهد

غني عن الإطناب خير شمائل

يدوي بها التاريخ أوضح شاهد

تدوم على مر الزمان مطنب

بها الصوت من حاد وراوٍ ووافد

فأكرم وأنعم بالسجايا وبالوفا

وأطيب ذكر في المحامد خالد

سقى صيب الغفران مثوى بحله

سليل الحماة الأكرمين الأماجد

إلى الله كل الخلق لا بد صائر

وسبحانه المعبود من كل حامد

وصل على الزاكي الأمين مسلمًا

وأصحابه والآل أهل المحامد

واتباعهم ما لا نجم وما هوى

وهب الصبا وانهل وبل الرواعد

وكانت وفاته في ربيع الأول من هذه السنة رحمه الله وعفا عنه، وكان آخر الأربعين وفاة من الذين شاركوا في فتح مدينة الرياض ورافق الملك فيصل في تثبيت الأمن كما رافق الملك سعود والملك عبد العزيز، فكان العضد الأشد وموضع الثقة من الجميع.

وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ علي الضالع رحمه الله وعفا عنه وهذه ترجمته: هو الشيخ علي بن سليمان بن علي بن سليمان الضالع ذكروا لي عشيرته

ص: 16

أنهم من التواجر يجمعهم الجد السادس، ولد رحمه الله سنة (1329 هـ) في قرية الشقة الكائنة على بُعد مسافة 7 كيلو من مدينة بريدة وتقع في الشمال الغربي عن المدينة فتعلم القراءة والكتابة على مقرئ فيها، كما أخذ مبادئ في الحساب ثم أنه رحل إلى بريدة للأخذ من علمائها فأخذ عن الشيخ عمر بن محمد بن سليم وأخذ عن الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي وأخذ عن الشيخ سليمان بن عبد الله المشعلي وأخذ عن الشيخ محمد بن عثمان الشاوي.

وأكثر الأخذ عن الشيخ عمر بن سليم وحظي لديه فكان ملازمًا له في الحضر والسفر كجملة رفقته، فقلما يحج أو يذهب إلى الرياض إلا والمترجم في صحبته حتى قال عنه بعض زملائه هذا ولد للشيخ سوى أنه لم يلده وجد واجتهد وأعجب به شيخه عمر بن سليم كما أخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد لما بعثته الحكومة إلى بريدة مدرسًا وقاضيًا في إقليم القصيم. وكان المترجم رجلًا اجتماعيًا يحب المذاكرة والبحث وكان مرحًا مع رزانة وهيبة عضدًا إلي أشد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم ويغشى الناس في مجامعهم ويذكرهم، وذهب مرة إلى القاضي حسب دعواته لأهل الحسبة والأئمة والمؤذنين لتشجيعهم في القيام بامر الله فذكر أنه متبرع بنفسه لتوجيه الأمة إلى صراط الله المستقيم، وأنه صابر على ما يناله في الدعوة إلى الله تعالى من جهل الجهال والنيل منه وأنه وقف نفسه لذلك.

وكنت أذهب وهو في معيتي إلى المستشفيات والدارس الحربية والزراعية والصناعية وقد قمنا وفي صحبتنا بعض الموجهين لزيارة المدرسة الحربية في بريدة وكان مديرها إذ ذاك رجلًا طيبًا من أهالي عسير يدعى حسن مستور فأحضر الطلاب في ساحة المدرسة وحصل منهم إقبال وقبول لتوجيهاتنا إليهم بحيث نحثهم قبل كل شيء على المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة والثبات على تعاليم الدين والإخلاص لحكومتهم ولشعبهم.

ص: 17

وهكذا كل دعوة على بصيرة وحسن نية وبحكمة وموعظة حسنة ودعوا لنا وشكروا لنا حتى أنهم كانوا قد تعلقوا بنا وطلبوا منا أن نكثر من زيارتهم وأقسموا لنا بأن زيارتنا كالغيث أصاب الأرض المجدبة.

وزرنا مستشفى مدينة بريدة المركزي بعدما ضربنا موعدا للزيارة فلا نفاجئهم وقد حضر الأطباء والممرضون والممرضات والمدراء والمراقبون والبوابون وأعطيناهم توجيهات حسنة تعود على مصلحة المجتمع، وهذا باعتماد ثلاثة أشياء أن لا تدخل امرأة إلا ومعها ذو محرم وأن يحافظوا على الصلوات الخمس في جماعة وهذا خاص بالرجال، بحيث جعلت الحكومة مسجدًا وإمامًا ومؤذنًا وكلفت عضو الهيئة الدينية بالمحافظة على ذلك. ثالثًا: اجتناب الدخان ومن ابتلاه الله بهذه البلوى فإنه يكون متسترًا بحيث لا يجاهر بذلك علنًا، وكنا ممتطين سيارة من قبل المحكمة الشرعية وسيارة من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وظائفه:

أما عن أعماله التي كان متصفًا بها فإنه لما قدم مدينة بريدة لطلب العلم كان من جملة الغرباء الذين سكنوا في حجرات مسجد ناصر بن سيف؛ لأن المسجد فيه خمس حجرات قد يسكن الحجرة الواحدة ثلاثة أو أربعة لما كان ينتاب المسجد من الطلاب والدارسين على فضيلة الشيخ عمر بن محمد بن سليم، وما هناك من المستمعين الذين اجتمعوا لاستفراغ منطوقه وجثوا أمامه بالركب ولما أن نقل الشيخ عمر إلى جامع بريدة بعد وفاة أخيه الشيخ عبد الله كان المترجم قد تزوج بابنة عمه فولاه الشيخ إمامة المسجد وذلك في سنة (1351 هـ) وذلك لحسن قراءته وتجويده ومؤهلاته في العلم فقام بالإمامة والتدريس والوعظ والإرشاد فلبث في ذلك المسجد خمس عشرة سنة ثم إنه بنى مسجدًا في شمالي بريدة حوالي بيته ويعرف باسمه وفي عام (1373 هـ) فتح المعهد العلمي في بريدة فعين فيه مدرسًا في العلوم الدينية وانتفع بعلمه خلائق كثيرون فكان يدرس في المعهد وفي المسجد واستمر

ص: 18

على ذلك في نشر الدعوة وكتابة الوثائق وعقد الأنكحة وما رغب في وظيفة القضاء وما زال على حالته في الوعظ والإرشاد والتدريس ثم أنه سار إلى الرياض لبعض شؤونه فلما وصل هجرة ساجر أصيب بحادث انقلاب السيارة فحمل إلى المستشفى ولم يفد فيه العلاج وتوفاه الله تعالى فنقل جثمانه إلى مدينة بريدة رحمه الله وذلك في 15 ربيع الأول فالله المستعان.

وممن توفي فيها الشيخ علي السالم المحمد أخذ عن إمام مسجدهم إبراهيم الجبيلي وعن الشيخ صالح السكيتي وعن الشيخ سليمان المشعلي وعن الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، ونال قضاء المستعجلة في مدينة بريدة ثم نقل إلى حائل فكان قاضيًا في المستعجلة ثم أعيد إلى بريدة فكان إمامًا في مسجد في شماليها ولبث في محكمة بريدة كمساعد للرئيس وكان قد أصيب بمرض التشنج ونوع من الجنون فزاد عليه المرض فرفع موظفو المحكمة برقية بموضوعه إلى وزير العدل بأنه غير صالح للعمل فبعثت الوزارة طائرة لحمله وعلاجه لكنه توفي من ذلك المرض في هذه السنة رحمه الله.

وممن توفي فيها من الأعيان أمين بلدة مكة المكرمة عبد الله عريف كان رجلا نشيطًا في أعماله وحصل في أيامه تخطيط لمكة المكرمة وتطورت إلى درجة مثلى في النشاط وممن يذكر عنه أنه اشترى بقيمة تعويض أحد شوارع مكة البالغة (24) مليونًا معدات للبلدية من سيارات ودركتورات وما يتطلبه الوضع وعند صرف التعويض أطلع الحكومة على ذلك وأبرز الفواتير بذلك قائلًا لقد سئمت من الاستعارة فلتصرف الحكومة مرة أخرى فوافقوا على ذلك تقديرًا لإخلاصه وتفانيه في العمل.

وفيها في 8 ربيع الثاني وقع اصطدام بين طائرتين جمبو إحداهما أمريكية والأخرى هولندية وتحولتا إلى شعلة من اللهب وقد نجم عن ذلك الحادث وفاة (563) راكبًا وهذه أكبر خسارة وقعت في حوادث الطائرات.

ص: 19