الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الانتفاضة باستخدام السلاح الناري فإن القوات الإسرائيلية لن تبقي لهم أثرًا وأن زعماء منظمة التحرير يدركون ذلك.
أمور تحاك بالخفاء
إن دين الإسلام يلاحق ملاحقة وصدق على المسلمين ما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى بقوله: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: أومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوَهَن. قال قائل: يا رسول الله وما الوَهَن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت" ففي منتصف هذه السنة 25 رجب تكشفت الأحوال وتيقنت الأمة أن زعيم المتمردين في جنوب السودان (جون قرنق) وصاحبه منصور خالد سليمان رشدي الذي كان الأخير يقول أن على أهل السودان أن يتهبوا نفسيًا لتقبل حاكم غير عربي وغير مسلم كان خلفهما من يدفعهما وأتباعهما إلى الردة عن دين الإسلام، فكانوا بذلك عملاء للصليبيين يدعون إلى دين الصليب وينابذون دين الإسلام وأهله ويبغون الكيد للمسلمين ويسعون بالفتنة وتشتيت شمل السودان.
هناك دعاية من الشيوعيين واليهود الصهاينة الذين لا يزالون يبرمون أمورهم ضد الإسلام وأعله، وقد قامت الأمة المفكرة في عواقب الأمور لوضع حد لهذا البلاء والشر المستطير قبل أن يشعل الشر من جديد لأن من ثمرات هذه الدعاية أن قام الشعب السوداني المسلم بعضهم على بعض يتقاتلون وحدثت لذلك فوضى ويريد هؤلاء المفسدون أن يصنع العرب في السودان كما صنع أهل لبنان.
فأما عن كثرة المسلمين ونزع بركتهم كما ثبت في الحديث فهذا شيء مشاهد في كونهم مع كثرتهم لم يقهروا عدوًا ولم ينصروا صديقًا ولم يعرفوا الوسيلة التي تكفل لهم الأمن والسلامة.
وهذا للتخاذل فيما بينهم وعدم ركون بعضهم إلى بعض، فلو أنهم صدقوا
الحملة على العدو لانهزم أمامهم، ولكنهم انشغلوا بالخلافات فيما بينهم ولما رأى أعداء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ضعف المسلمين وانشغالهم فيما بينهم وتفككهم وضعفهم وخورهم واستكانتهم طمعوا فيهم وتداعت أمم الكفر على الإسلام والمسلمين كما تداعى الأكلة على قصعتها لا لقلة المسلمين ولكن كما قال نبينا "غثاء كغثاء السيل" واضرب لذلك مثلًا في صدق العزيمة وقوة الإيمان حينما كانت النية صالحة أن يزحف ألف وخمسمائة بدوي لا يملكون إلا البنادق والسيوف في وقعة تربة التي تقدم ذكرها فيهجمون بقوة الإيمان والدين والعقيدة على جيش العدو البالغ عدده عشرات الألوف ما بين نظام وهجان وما استعدوا به من المدافع والرشاشات والأهوال فيذبحونهم بالسكاكين والسيوف أمام مدافعهم المقيدين فيها، ويعدمون ذلك الجيش عن بكرة أبيهم ويتبعثر اثنا عشر ألف مقاتل مزودين بالأسلحة النارية والقوات العسكرية والبطر والخيلاء يتبعثر ذلك الجيش أمام عدد قليل من المجاهدين الصادقين.
وضد هذا النصر ما جرى في هزيمة حزيران والنكسة المشؤومة التي حصلت على مصر البالغ عددها أربعين مليونًا فيكف الله أيديهم ويمنح العدو أكتافهم ويصيرون لعبة في أيدي اليهود ذبحوا رجالهم وغنموا جميع سلاحهم وسلبوا قواتهم ولولا الإبقاء عليهم لضمت اليهود مصر إلى تل أبيب فخمسمائة مليون مسلم كما يزعمون يعجزون عن عدد قليل من اليهود لا يبلغون عشر معشار المسلمين بل أقل من ذلك مع أن الله سبحانه ذكر عن اليهود أنهم غلت أيديهم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله فيتمكنون مع خستهم أن يفسدوا في الأرض وينتهبوا بلدان العرب ويحرقونها ويهدمونها ويقتلون الرجال والنساء والأطفال.
وكأنما ضرب المسلمون بالذل والخوف والهلع كما روى لنا التاريخ في غزو القرامطة عام (656 هـ) وكيف وصلت الأحوال في انتصارهم على المسلمين وذل المسلمين أن يقوم قرمطي من القرامطة فيضع رأس مسلم على حجر ويقول
انتظرني لآتي بحجر أرضخ به رأسك فيستسلم المسلم كذبيحة مقيدة مع كونه يستطيع الفرار حتى جاء القرمطي بحجر وقتله.
فوالله لو أن كبشًا وضع كذلك لتمكن من الفرار ولم يلبث مستسلمًا فإنا لله وإنا له راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولقد قام المسلمون مستنكرين لذلك ورأوا أن يبذلوا جهودهم قبل أن يتمكن الداء ويصعب علاجه ويأتي يوم شره مستطير، وما أصيب الإسلام وأهله إلا بدعايات سرية لإعادة دين المجوس، ولقد قام سياسيون من الشيوعيين وساسة الفرس الذين يبيتون الغدر بالإسلام وأهله ويسعون بمساعدة جمعيات سرية لإشعال الفتن بين المسلمين من قديم الدهر وحديثه وحصد شوكة الإسلام والمسلمين بمساندة الغرب لهم وغزوا دين الإسلام تارة بالأطماع وتارة بإظهار الصداقة للإسلام وهم عن الإسلام بمعزل ونفذوا أغراضهم بأنواع الحِيل والمكر وعملوا لهدم دين الإسلام والسعي بالإفساد بين المسلمين وتضليل النشء حتى تمكنوا من تفرقة المسلمين وجعلهم أضرابًا وشِيعًا ولكن المسلمين بغفلة عن ذلك، ولو أنهم تنبهوا لذلك وتساندوا وتعاضدوا وتكاتفوا لهان كل عسير وتم كل مراد وفي الأمثال ما تعاونت عليه الرجال خف.
ومن أسباب النقص والبلاء مخالفات وكتابات من بعضهم ضد البعض وانشغالهم بأمور تافهة في الأصول والفروع وغفلتهم من السيل الجارف والوقوف أمام تيار الفتن ومعرفة الشباك التي نصبت لدين الإسلام والكيد لأهله وغلب شر الكفار الذين لا يزالون منذ زمن بعيد ساعين في اضمحلال الشريعة المحمدية.
ومن ضعف نصيره وقل ظهيره وخذله إخوانه وأسلمه للنائبات خلانه وأعوانه يبس عوده وذهب معدوده ومحدوده وعضه الزمان بنابه وكذلك حال المسلمين اليوم وقد ذهبت منهم العزة والنخوة وضعفت بينهم الموالاة والأخوة فلا تقوم لأحدهم قائمة إذا كبا وعثر ولا يجد من يأخذ بيده ويجبره إذا انكسر.