الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القوات قد اندفعت على الفور وتقدموا بالرشاشات ولم يعلموا ما كان عليه أولئك الطغاة بحيث جاءهم وابل الرصاص من فوق وكان اندفاعهم حرصًا على الفوز بتطهير المكان المقدس ومنهم من يؤثر الشهادة في سبيل الله فسقط من جنود الله خمسة وستون قتيلًا وجرح مائتان ولما أن دخلت القوات في الحرم الشريف انقطع عنهم الزاد بحيث أن أولئك الطغاة قاموا في المنائر يطلقون النار على الأمة برها وفاجرها فلا يستطيع أحد الدنو من المسجد الحرام غير أن أهالي مكة عملوا حيلة لإيصال الأغذية إلى القوات وذلك بواسطة عربات يحملون فيها الطَّعام مغطاة يدفعها الصبيان كأنها من القمام بحيث توصلوا إلى المقصود وهذا من باب التعاون على البر والتقوى وبذلت الحكومة أسبابًا لهلاك البغاة بحيث أطلقت مدافع الهاون على إحدى المنائر التي كانوا فيها فدخلت القنبلة في وسط المنارة ولم تؤثر فيها لقوة المنارة ومناعتها فاضطر البغاة إلى النزول إلى الأقبية بحيث ترصد لها رجال قتلوا أربعين منهم، ولما أن دخلوا في الأقبيلة أرسلت عليهم الحكومة الماء وأسلاك الكهرباء ليتمكنوا من القبض عليهم أحياء فاستفادوا من الماء شربًا ونقبت عليهم سقوف الأقبية لإسقاط القنابل عليهم غير أنهم كانوا يتلقونها ببراميل مملوءة بالماء فيبطل عملها.
معجزة غريبة
مما جرى من العجائب وحماية الله لبيته أن أحد أولئك الأشقياء وقف أمام الحجر الأسود وجعل يطلق النار على المسلمين لعلمه أنَّه لا يصوب عليه السلاح وهو في ذلك الموقف، فخرج مخلوق على هيئة الهر الأسود من فجوة حجر إسماعيل التي تلي باب الكعبة وجعل يواثبه في وجهه ورقبته ويخدشه حتَّى طرده عن ذلك الموضع، نقله إلى أسماعنا شهود العيان الحاضرون.
ثم أنَّه بعد عشرة أيام طلب الدفاع أن يمنح حرية التصرف للقبض عليهم أو قتلهم فنزلوا يحملون أكياس الرمل أمامهم وهم خلفها برشاشاتهم حتَّى تم القبض
على (170) منهم وأعدم خمسة وثلاثون وكان من الذين ألقي القبض عليهم رئيس الفتنة جهيمان بن محمد قد طالت شعور وجهه ورأسه كأنه متصف بصفة الأسد.
ولما قُبض عليه جعل يفتخر ويعتزي بقوله لو بقي معي رصاصة واحدة لما استطعتم الدنو مني واستمر يهاجم بكلامه السيئ وبأفعاله القبيحة، قال الله تعالى في حق هؤلاء وأمثالهم:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)} (1) وقال جل ذكره: " {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} (2) أما بقية الأشقياء فقد اختفوا في السراديب وهلكوا فيها ووجدوا جثثًا هامدة ثم أنَّه وزع على مدن المملكة السعودية ثلاثة وستون مجرمًا قتلوا بالسيف منهم رئيس الفتنة جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي واثني عشر معه أعدموا أمام باب السلام ضربًا بالسيف في أعناقهم.
وهذه الفئة غالبها من السعودية ومنها أفراد من الكويت ومصر والمغرب واليمن الشمالي واليمن الجنوبي وباكستان ومن ضمن الذين قتلوا في الأقبية مهديهم المزعوم وقد ادعى هذا الدجال بأن الأرض ستخسف بالقوات التي تحاصره.
وبعد التحقيق ثبت أن لا صلة لأي دول أجنبية بالحادث ثم إنها جاءت البرقيات من سائر المملكة أفراد وأسرًا وأمراء وانهالت على الديوان الملكي تستنكر وتهنئ بإبادة الفئة الباغية وتبين حقيقة مشاعر المسلمين وشجبها للعدوان الأثيم ثم إنه بعد تطهير المسجد وتنظيفه فتحت أَبوابه للمسلمين مساء يوم الخميس 17 محرم بعد انقطاع 17 يومًا تعطلت الصلاة وقال صاحب السمو وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز أنَّه لا يمكن معاقبة الأطفال الذين اشتركوا مع آبائهم لأنهم كانوا مجبرين من آبائهم، أما النساء فسيقدمن للقضاء ليحكم في مصيرهن.
(1) سورة الكهف، الآيتان 103 و 104.
(2)
سورة فاطر، آية 8.