الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حربًا في الصومال
لما طال النزاع في الصومال قام حزبا تنازع السلطة هناك فتدخلت الأمم المتحدة للوقوف أمام هذا التيار الجارف، فلم يزد ذلك التدبير شيئًا، وقام الرئيس هناك وقتل 23 جنديًا باكستانيًا مساندين لرجال الأمم المتحدة مما زاد الأمور توترًا، فعند ذلك صدرت الأوامر الأمريكية إلى رجالها البالغين ألفي مقاتل، وكانوا يدربون في مدينة الكويت بأن يركبوا المراكب الهوائية وهي طائرات هلوكبتر ويتوجهوا لضرب المتمردين في الصومال، ولما أن كان في اليوم 24 من ذي الحجة من هذه السنة قصفت القوات الأمريكية المتمردين في الصومال وأمطرتهم وابلًا من القذائف النارية فتوالى ضرب الطائرات حتى كانت القنابل تتساقط كتساقط حبات المطر مما سبب إصرارًا على مواقع الرئيس المتمرد، وهددت بأن بقية الطائرات سترسل للإبادة والتنكيل بالمتمردين، وكانت الحالة سيئة على المتمردين بحيث كانوا في شر حالة، وقد تهدم قصره من ضرب القنابل، وقامت القوات الأمريكية تطارده وتلاحقه، فقد قيل أنه اختبأ في إحدى المستشفيات ولا تزال القوات الأمريكية في طلبه، وهكذا عاشت الصومال منذ سنتين وثلاثة أشهر بشر حالة.
كما أن البوسنة والهرسك بحالة حصار وتضييق وتشريد وأذى من الصرب ومن والاهم، وانضم إلى الصرب كفارٌ آخرون فكانوا يدًا واحدة على المسلمين تمدهم روسيا علنًا وبريطانيا وفرنسا، وكان رئيس البوسنة علي عزت يبذل جهودًا جبارة لدى مجلس الأمن ويطالب بالحقوق الإنسانية، ولكنها صرخة في وادي خالٍ من البشر.
ثم دخلت سنة 1414 ه
ـ
ففيها في يوم الأحد 7 محرم قامت أمريكا وأطلقت على العراق ثلاثة وعشرين صاروخًا من طراز كروز، وذلك من البحر الأحمر ومياه الخليج، وجعلت هدفها
الاستخبارات العراقية وذلك انتقامًا منها لما أراد أحد عشر عراقيًا وأربعة كويتيًا اغتيال الرئيس السابق بوش في زيارته للكويت، وبعد التحقيق ثبت أن الذين دفعهم إلى ذلك الاستخبارات العراقية فأرادت أمريكا القضاء على ذلك المبنى وتدميره وهدمه وإهلاك موظفيه، وكانت هذه الصواريخ تهتدي إلى هدفها الذي أرسلت عليه بحيث قيل أنها تستطيع أن لا تمس شيئًا إلا ما أطلقت عليه، فدخلت مع النوافذ وسببت دمارًا عظيمًا في الأرواح والمباني والمكاتب، وكانت قد أرسلت من دون سابق إنذار فقامت العراق تحتج لدى مجلس الأمن والأمم المتحدة على مهاجمة أمريكا للعراق وخدمة المخلصون له، وترك العراق يتلمظ جوعًا وأمراضًا وفقرًا، إن العراق كان منذ زمن يعيش تحت الرعاية البريطانية في زمن فيصل بن الحسين الشريف وابنه غازي بن فيصل وابن ابنه فيصل بن غازي الشاب المخلوع المقتول، ولما أن قام عبد الكريم قاسم بثورة 1377 هـ ثورة 14 تموز 1957 تحولت العراق من ملكية إلى جمهورية ترأسها عبد الكريم قاسم كما سمعنا، وتوالى عليها ثورات وكانت تعيش في زمن الحماية البريطانية في رغد من العيش وطمأنينة وأمن، وتعتبر بغداد عاصمة العراق من أعظم المدن في رخاء العيش، ولكنها بسبب الثورات التي جرت من عبد السلام محمد عارف وبعده آلت الجمهورية إلى حسن البكر، ولما أن اغتصب صدام حسين عرش العراق بالقوة والظلم سبب عليها نكبات دمرتها وألحقت بها أضرارًا لغزوه إيران وما جرى من المذابح والأهوال، ثم أوقعها في مهالك لما احتل الكويت وطرد أهلها فسلط الله عليه أمريكا وسامت العراق سوء العذاب، بحيث دمرت العراق وهدمت مبانيها وانتهكت حرمتها وأصبحت بحالة يرثى لها، ولا تزال مهددة بالأخطار بأسباب رئيسها الحالي صدام حسين، ومن العجائب أن الله عز وجل ابتلى تلك الحكومة برجل زين له سوء عمله، ولا تزال الحكومة في كل يوم بنقص وتأخر في الحياة، وقد حاول أهل العراق اغتياله مراتٍ عديدة ليستريحوا من شره ولكن الأمور مرهونة لأوقاتها،
وكان قد اعتصم بمخبأه واحتمى بدروعه وهم ثلة من المغترين به وشعبه يتضور من مرارة العيش وسوء الحال، وكانت أمريكا قد عاملته تلك المعاملة وإن كانت تستطيع القضاء عليه لتذيقه الحسرات ومرارة الحياة، وكلما أنشأ أسلحة ضد الجيران أتت عليها ودمرتها وهو ينظر إليها، قال الله تعالى:{كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167].
وفيها لا تزال العمال يكدحون في عمارة المسجد الجامع الكبير في مدينة بريدة، وقد أحضرت المعدات والتركتورات والشيولات وآلة الحفر وما يطلبه الوضع، وقد استهلت هذه السنة والأمم لا تزال في زعازع وقتال واختلاف فهذه مصر يجري فيها تفجيرات وألغام قد تكون بمن كان يسكنها من غير أهلها، وأفغانستان بينهم فتن وشر مستطير، والجزائر في حالة سيئة، والمسلمون يعذبون في الهند بكشمير من الهندوس، والصومال كما ذكرنا، والعراق كما مرَّ معنا، واليمن يشكون من الجوع والفقر، وبما أن مئات الألوف منهم كانوا يعيشون في السعودية سابقًا فقد رجعوا إلى بلادهم اليمن عاطلين عن العمل، وعمّان الأردن في حالة قلة فيها الألوف عاطلين عن العمل، وهم في حالة جوع وإملاق، قد انقطعت مصالحهم التي كانوا فيها.
ولما أن كان في يوم الثلاثاء 9/ 1 أطلقت أمريكا أيضًا ثلاثة صواريخ من طراز كروز من مياه الخليج على محطة الرادار العراقي فدمرته تدميرًا، وكانت هذه الصواريخ تضرب الأمثال بقوتها وشدة تدميرها وعجائب هدايتها إلى نفس الأهداف التي أرسلت عليها، ومن سوء حظ العراق أنها وجهت صاروخًا على طائرة ظنًا منها أنها أمريكية، فلما وقعت على الأرض محترقة إذا بها عراقية، فأصيب بخسائر أولًا وبتدمير أميركا موضع الاستخبارات في العراق، ثم دهم محطة الرادار العراقية ثم إحراقهم طائرتهم غلطًا، وهذه من النكبات التي عوقبوا بها بشؤم خياناتهم ومكرهم واعتدائهم، ولا تزال أمريكا تمحق الأسلحة العراقية وتدمرها علنًا على رغم أنوفهم، وتذيقهم أنواع الانتقام والإهانات والتضييق