الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى الطائف لمأدبة الغداء، مررت عليه في المحكمة، ولما أن مررت على المحكمة وجدت المدير العام يخاصم أحد الأشراف بدعوى أن الشريف عون الرفيق قد منح هذا الشريف قطعة أرض بعرفات ليجعل فيها قهوة ومطبخًا، فأنكر الشيخ هذا التصرف وأبطل المنحة بحجة أن مشاعر الحج لا يجوز فتحها لأحد، لأنه لو فتح هذا الباب لفسد المجتمع، ولضاقت عرفة بالحجاج، وما أحسن هذا الحكم لعودته بالمصلحة، وكان قد أخذ رأيي بحضور الخصم، فشكرته على ذلك ودعوت له الله أن يجعلها في موازين حسناته، نعم إنه لا يجوز منح أي شيء من المشاعر لأحد كائنًا من كان ولو أنصف الناس لاستراح القاضي.
إلقاء قنبلة
ثم نعود إلى التاريخ فنقول إلقاء قنبلة في جامع قرية قويا من عسير، لما كان في يوم الجمعة الموافق 26 جمادى الأولى قام مواطن من أهل القرية المذكورة فألقى قنبلتين من صنع روسيا على المصلين، فسبب أضرارًا جسيمة بحيث قتلت ستة مصلين وجرحت ما لا يقل عن تسعين رجلًا، وطارت الفرش والدواليب والمصاحف والأردية من فوق الروس متمزقة بحالة مخيفة، وخربت ودمرت، وكان الباعث لهذا الشقي هو أنه طلب منحة أرض، فلما لم يوافق الأهالي واعترضوا فعل ذلك الانتقام، ولما أن فعل تلك الفعلة الشنيعة فرَّ على سيارته، غير أنه اهتدى صبي لمعرفته فأخبرهم، وكاد أن يدهس الصبي، ودخل الجاني بيته وغلَّق الأبواب، فقامت القوات الحكومية فأحاطت بالبيت، وفتشوا على جميع أهالي قرية القوباء، وكان مع الجاني رفيق له، وكان الجاني شريرًا وذا عائلة، وقد نصحته إحدى زوجتيه قبل ذلك، ولكنه لم يقبل لما يريده الله به من النقص على نفسه وعلى المسلمين الأبرياء، ويقدر عمره إذ ذاك بخمسين سنة، واسمه عبد الله محمد سعد العمري، يلقب بابن معمر، كما أن زوجته ناشدته لما فعل فعلته الشنعاء وجريمته النكراء أن يسلم نفسه للعدالة، ولكنه اختفى بغار في جبل، فلما كان يذهب يمنةً
ويسرةً ويختفي لم يغنه ذلك عن الله شيئًا، ولما أن أحاطت به القوات كان معه قنبلة أخرى ففجرها بنفسه قبل القبض عليه، فطارت بعض أضلاعه، وتمزق لحمه والعياذ بالله.
وفيها في يوم السبت الموافق حادي عشر جمادى الثانية اغتيل رئيس وزراء دولة اليهود في فلسطين إسحاق رابين، قتله يهودي متطرف غضبًا وانتقامًا منه لأنه عقد الصلح مع العرب، فأحدث ذلك جزعًا لدى اليهود ولدى بعض رؤساء العرب وملوكها لأنهم وصفوه بكمال العقل والمعرفة، ويحب مسالمة العرب، وأقيم لقتله في اليهود حدادًا عليه ورنة أسف، ومن أعظم ملوك العرب الذين جزعوا لقتله حسين بن طلال ملك الأردن.
وفيها في اليوم الاثنين الموافق 20 جمادى الثانية في الساعة الحادية عشرة زوالي قبل الظهر فجرت عبوة ناسفة في مدينة الرياض عاصمة المملكة السعودية في حارة العليا حوالي بقالات، فأحدثت أضرارًا شديدة وقتلت عدة أشخاص، وجرحت آخرين، فحصل بذلك رنة أسف في الداخل والخارج، وجاءت برقيات الاستنكار لهذا الحادث المؤسف من المغرب والإمارات وعمان ولبنان ومصر والبحرين واليمن وغيرها، وقامت الحكومة السعودية بالبحث والتدقيق، وانبعثت قوات الأمن ورجال الأمن بالتفتيش للتوصل إلى من حدثته نفسه بالكيد والأذى إلى هذه الدرجة الرذيلة.
وفيها في شهر جمادى الآخرة حصل في مدينة أبها من أعمال عسير في جنوبي المملكة السعودية حريق لا يعلم ما سببه في هجعة الليل، فأصيب بعض الطلاب الكائنين في سكن إحدى المدارس وهم نائمون فلم يستيقظوا إلا وهم فحم، نسأل الله السلامة، كما أن الفرش وما إلى ذلك احترقت، وما زالت الحكومة تبحث وتجري التحقيقات للتوصل إلى من كان السبب في هاتين الجريمتين، وقد أغلقت الشوارع في مدينة الرياض للقبض على من سبب ذلك، وقد كثر جلب المخدرات سرًا في كل أنحاء المملكة السعودية بالرغم من عقوبات القتل والتنكيل لكل من
يجلبها، وغلَّظت العقوبات الصارمة على كل من يجلبها أو يتعاطاها، ولكن النفوس جبلت على الإقدام على ما نهيت عنه ابتلاء وامتحان، حتى قال أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك: لولا أن الله ذكر اللواط في القرآن الكريم وعقوبة فاعله لما سطت بعض النفوس الرذيلة على فعله.
وفيها في صباح اليوم 26 من جمادى الآخرة فجرت السفارة المصرية في الباكستان في إسلام آباد، فتهدمت السفارة وسقطت مبانيها، وزعم الذين فجروها أنهم إنما يريدون الرئيس حسني مبارك وهم الذين أرادوا اغتياله سابقًا بأن دخلت سيارة تحمل تسعة من الأشقياء على السفارة ففجروها، فسقط عشرة من الموظفين هلكى، وجرح ستون نفر، فقامت الباكستان لذلك وقعدت وأرغت وأزبدت استنكارًا لذلك، وكيف تقع تلك الفوضى في أراضيها، وقد قبل أن الذين أقدموا على ذلك من المتطرفين بمصر الذين يعارضون حكومة الرئيس حسني مبارك، وإنه عما يبعث الأسى في القلوب والأحزان في الصدور وقوع مثل هذا العمل الإجرامي الذي لا يقدم عليه إلَّا من فقد إنسانيته وقل نصيبه من الدين، وإلا فما ذنب أولئك الذين ذهبوا ضحيةً لهذا الحادث الإجرامي المؤسف، يريدون التأثير على الرئيس بإصابة غيره، وقد مرَّ بنا ما وقع في مدينة الرياض منذ سبعة أيام من مرور هذا الحادث الذي وقع الاستنكار له، وانهالت مئات البرقيات من أنحاء المعمورة إلى الملك فهد بن عبد العزيز وأسرته في هذه الحادثة التي وقعت في العاصمة، ويشجبونها، وما زالت الحكومة بالبحث والتدقيق، ويمكن أن لا يعجزوا في القبض عليهم والتنكيل بهم، وقد كثرت هذه الأفعال الشنيعة من أعداء الإسلام وأهله، وقيام شرذمة مفسدة على وجه الأرض يؤذون المسلمين بأفعالهم وأقوالهم الرذيلة لأنهم فقدوا إنسانيتهم وأضاعوا دينهم، وسعوا في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين، نسأل الله تعالى أن يقطع دابرهم وما عمل عامل برذيلة سرًا إلا ألبسه الله إياها علانية،