الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإعصار ما مرَّ عليه من الرجال والبهائم والأشجار فاجتاحها واجتاح المساكن التي مرَّ بها فدمرها تدميرًا، فقد قيل أنه قتل خمسة آلاف نسمة هلكوا بسببه.
وفيها في يوم الثلاثاء 9 الموافق 30 شوال قامت الرابطة الإسلامية فبعثت مواساة إلى جيلوتريان، بعثت إليها مئات من المصاحف ومئات من الكتب وأعادت إعمار مسجدها على نفقة الرابطة الإسلامية في مكة المكرمة، كما أن الحكومة بعثت مساعدات مالية للمنكوبين في بنغلادش قدرها أربعمائة مليون من الريالات السعودية.
وفي هذا اليوم أعلنت أمريكا بأنه لا بد من اتخاذ إجراءات ضد أعمال الرئيس المغلوب العراقي صدام حسين لحمله على الخضوع لتسليم الأسلحة الكيمائية لإتلافها، والأمن مما يتوقع من شره، وبما أنه أقيم مخيمًا للاجئين من الأكراد في شمال العراق الذين أخرجهم الطاغية من بيوتهم واستحل دمائهم وأموالهم، فإنه لا يؤمن من الهجوم عليهم هو وزمرته ولا سيما ما لوحظ من زمرته الفاسدة من عدم الطمأنينة إلى مواعيدهم، وكذبهم بحيث توصلت الأحداث بهم إلى أن كانوا يطلقون النار على رجال الإنكليز الذين كانوا يراقبون حركاتهم وسكناتهم، فبذلك يصبح الأمن غير متوفر من بقية الطغمة الفاسدة، وقديمًا قالت أمريكا: إنه لا يتوفر الأمن، ولا يستقيم أمر العراق ما دام صدام فيه، فلا بد من الإطاحة به واغتياله والاستراحة من بقيَّة شره، وقد استمرت الفتن فيما بين زمرته وبين المناوئين له من أهالي العراق الذين ملوا من ظلمه وأذاه، فلا يزال إطلاق النار بين القبيلين مستمرًا والانشقاق في العراق متواليًا وقويًا لأنه يحكم أمة تريد التخلص منه والقضاء على بقية شره، لأنهم رأوا أن لا خير لهم في الحياة ما زال في الوجود، فقاموا ضده.
إن سياسة الدول الكبرى نحوه ظاهرة لمن تأملها، ولا ريب أن حياته تلك مهددة بالذل والخوف لأنه لم يجد ملجأ بذهب إليه ويكفل له البقاء والسلامة.
ذكر زيارة وزير خارجية أمريكا جمس بيكر
لما أن كان في 29 شوال من هذه السنة قدم الوزير المذكور وكان يريد وضع
صلح واستقرار في الشرق الأوسط ونشر السلام، وقد سعى في هذا الموضوع بجد واجتهاد غير أنه لم يتلقَ جوابًا، ومما يؤسف له حالة لبنان وما هم فيه من التناحر فيما بينهم، والقتال الذي استمر بين حزب أمل الذي من جهة حاكم سوريا، وبين حزب الله المدعوم من جهة إيران، ومن جهة إسرائيل والأهالي استعملت لذلك الصواريخ والطائرات والمدافع والرشاشات واستمرت الحالة بما أضر بلبنان وجعلهم أحزابًا وفرقًا مختلفين، وكذلك ما بين الفلسطينيين وإسرائيل من القتل والتدمير لمنازل الأهالي في فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة والخليل وغيرها، وبما أن أهالي فلسطين يقاتلون بالحجارة والزجاجات الحارقة فإنها تقابلهم إسرائيل بالنار والأعيرة النارية والمسدسات والرشاشات، وإذا رمى الفلسطينيون زجاجة حارقة فتكسر زجاجة سيارة ويصيبوا إسرائيليًا بجروح فإنها تقابلهم إسرائيل بالقبض على الأعداد منهم وتقتلهم وتلقي العشرات في غيابات السجون، بحيث امتلأت السجون بالأهالي ويعاملهم بالتشريد ونسف المنازل، فثلاث وأربعون سنة والحالة بهذا الوضع الشنيع، ولم تعد الانتفاضة الفلسطينية أهالي فلسطين إلا بما عاد عليهم من القتل والدمار والتعذيب والتشريد، وأرادت أمريكا أن تضع حد لهذه الفوضى بصلح بين العرب واليهود لتهدأ الأمور، وبما أن الرئيس ياسر عرفات كان عقوبة على أهل فلسطين ورئيسًا استغلاليًا يقبض المساعدات التي تجري لهم من ملوك العرب ورؤسائهم لنفسه ويبعثها إلى شراء مساكن وقصور لنفسه في الممالك الأخرى، ولا يبعد أن تكون هذه الانتفاضة الذي سوغها لقومه وأشار بها خيانةً منه لإضعاف أهل فلسطين، فإن عقلاء الدول قرروا أن لا صلاح لهم ما دامت له الرئاسة، ومما ظهر من تصرفاته في مناصرة صدام العراق والتفافه إلى زمرته أنه عدو للعرب أو سيء التصرف، أوقع قومه في المهالك ولم ينفعهم، وقد رجع جمس بيكر خالي الوفاض بخفي حنين، ولكن فيما يظهر سيعيد الكرة لوضع السلام ونشر الأمن في الشرق الأوسط إن ساعدت الظروف وعرف العرب ما
يصلحهم، وإن في صلح الحديبية والحالة التي سلكها الرسول صلى الله عليه وسلم قدوةً حسنة عند الحاجة.
وفيها في 5/ 11 قدم سلطان عمان قابوس بن سعيد زائرًا زيارة رسمية للمملكة السعودية، فأقيم له استقبالًا واحتفالًا وترحيب لكونه رئيسًا عربيًا، وقد حامت الآراء على أنه جاء ليضع حسن الصلات بين اليمن والأردن وبين السعودية بعدما ارتكبته الأوليان من الأخطاء والضلال وسلوك طريق الغي.
وفيها أقيم وزير خارجية مصر عصمت عبد المجيد أمينًا عامًا للجامعة العربية في مصر بدلًا عن الأول الذي كان مقره في تونس، هذا ونسأل الله تعالى حسن العافية للمسلمين والعرب.
وفيها في 7/ 11/ 1411 هـ الموافق 21 مايو أيار وفاة راجيف غاندي الرئيس لوزراء الهند سابقًا في حادث اغتيال بقنبلة قضت عليه، كان قد تولى رئاسة الوزراء بعد أنديرا غاندي فلبث في الرئاسة زمنًا غير طويل، وكثرت في أيامه التقلبات في الهند وعم القتل فأطاحوا به لضعفه، وتوفى في هذه السنة اغتيالًا، ونشير إلى حكومة الهند بأنها واسعة الأرجاء، كثيرة السكان، ولديهم مجاعة لسعة رقعتها كما قدمنا، وقد أظهرت الأمة هناك استيائها لاغتياله ولا سيما رئيس وزراء باكستان غلام إسحاق خان، ووصفوه بأنه صاحب سياسية.
وفيها في 7/ 11 قدم رئيس أثيوبيا استقالته وغادر البلاد، وقام المتمردون لمهاجمة العاصمة أديس أبابا.
أما عن رئيس باكستان غلام إسحاق فقد وصفوه بالخير، وأثنوا عليه، عندما اجتمع بنا مدراء مدارس لتعليم القرآن الذين فتحوا مدارس لتحفيظ القرآن في باكستان ذكروا عن الرجل خيرًا، وكان هو الذي تولى الرئاسة بعد خلع بنازير بوتو ابنة الرئيس علي بوتو، وكانوا يتألفون في عدم نصرة الدين وقتل المنتسبين إلى الله، فقد قيل أنها قتلت سبعة عشر عالمًا دينيًا وسموها بلقب "خنازير" بعد خلعها، ويستفاد من ذلك أن من تولى شيئًا من الأعمال فإنه ينبغي له أن يكون محسنًا
ويكون ذكرى خير لا ذكرى شر، لأنها تَفْنى الذوات، وتبقي الأذكار، وكما قيل إذا كنت في أمر فكن فيه محسنًا فعما قليل أنت ماضٍ وتاركه، المسامع لقد تشفت الأسماع بمديح العالم الملك صديق بن حسن القنوجي النجاري وغيره من العلماء المستقيمين مثله.
وفيها في 8/ 11 قدمت رئيسة وزراء بنغلادش خالدة ابنة ضياء الرحمن على المملكة العربية السعودية للزيارة فاستقبلت بالترحيب بعدما أدت مناسك العمرة، وزارت مسجد المدينة المنورة ثم سلمت على المصطفى عليه الصلاة والسلام فلبثت أيامًا ورجعت إلى بلادها في 14 الشهر المذكور، وكانت بلادها قد أصيبت بحادثة الإعصار المدمر كما مرَّ وذكرناه مفصلًا.
وفي 14 المذكور أصيبت طائرة باحتراق في الجو أجنبية وكانت تحمل مائتي راكب هلكوا بأجمعهم، وفي تلك الأيام كانت الحكومة السعودية باستقبال حجاج بيت الله الحرام وضيوف الرحمن فاتحةً أبوابها للحجاج والعمار على الترحيب والدعة والسكون، نسأل الله تعالى حسن القبول، ونشر وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز التعليمات المرادة من كل حاج.
وفيها عقدت اتفاقية بين لبنان وسوريا تقتضي هذه الاتفاقية سحب سوريا قواتها الكائنة في لبنان، وقد استبشر العرب لذلك لعلها نهاية الأمور في لبنان، وفعلًا بدأت سوريا تسحب قواتها في 15/ 11 من هذه السنة.
ولما أن قام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ضد السعودية وانضم إلى رئيس العراق المخذول صدام حسين ساءت العلاقات بين البلدين وقام شعب اليمن ضد الرئيس علي الذي استهوته الشياطين وجحد المعروف وأنكر الإحسان إليه، وعاقبه الله بتشتيت اليمن وقام الشعب ضد الحكومة وأصبحت الأمور في اليمن تنذر بشرها وويلاتها، وكانت سعادة الرئيس يجاهر بلؤمه وجهله، وأنه لما يثير الاستهجان ويبعث الحزن أن تقابل أيادي السعودية وبذلها الأموال الطائلة وبناية المستشفيات في اليمن، وشق الطرق
فيها وبناء المدارس، وجلب المدرسين إليها من السعودية على نفقتها، وتنكر تلك النعم وتكفر ولا تشكر، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وما أحسن ما قاله زهير بن أبي سلمى:
ومن يصنع المعروف في غير أهله
…
يكن حمده ذَمًّا عليه ويندم
وفيها في صباح اليوم 19 من شهر ذي القعدة الموافق ليوم الأحد من هذه السنة أصيبت بنغلادش بإعصار عظيم وارتفع موج البحر أربعة أمتار، وأصيبت تلك البلاد بكارثة إضافة إلى ما أصابها قبل ذلك، وهذا يعتبر من الكوارث التي تصيب تلك المملكة وغيرها، فمن يريد الله بها سوءًا.
فيها ثار الشعب الجزائري فأطيح برئيس الوزراء ومن معه، وشكلت وزارة جديدة فقامت الحكومة التي يرأسها بن جديد في 26/ 11 في تنظيم الوزارة الجديدة.
وفيها في هذا اليوم ثار بركان عظيم في الفلبين وارتفعت حممه الساخنة في الجو فأحرقت ما مرت عليه من قريب وبعيد واتخذت إجراءات الأمن هناك لإنقاذ ما سببه من قتيل وجريح، وكانت تدمير عجيب بإذن الله تعالى، وهم وإن كانوا رأوا أمرًا بديعًا فقد كانوا يتوقعون ماذا ينتهي أمر هذا البركان فقد انفجر مرةً أخرى في اليوم الثامن والعشرين من ذي القعدة أي بعد انفجاره بثلاثة أيام، وسبب أضرارًا عظيمة من رمي الحجارة وغير ذلك.
وفي 26/ 11 قام الملك فهد بن عبد العزيز بزيارة لبلاد الكويت فاستقبل استقبالًا حارًا مظهرين له كمال الشكر كمنقذٍ لهم من ورطتهم التي وقعوا فيها، ثم تجلت بإذن الله، ثم سعوا بحيث حرروا البلاد من الرئيس الغاشم لها.
أما عن انفجار البركان المتقدم ذكره الذي كان في حينه لم ينفجر منذ ست سنوات فقد بالغوا في قوة انفجاره، ولحقت أضراره بالسيارات وطائرات حواليه، وأصيبت المساكن وأخليت من أهلها، وقد هلك من الأنفس البشرية أربعون، وجرح خمسون.
نكتة غريبة: في فصل الصيف من هذه السنة امتد وقت البرودة في الليل بحيث
كانت الأمة في السطوح يلتحفون بالبطانيات وغيرها من الأغطية الثقيلة، وذلك طوال برج الثور وعامة برج الجوزاء، وذكر أهل الأرصاد أن سبب ذلك الغبار الناشئ من الرياح، فقد أثر على أشعة الشمس وأنه لم يمر ذلك منذ سنين عديدة، وقد ملء الحيطان والثياب وستائر النوافذ والفرش مما كان له أثر سيء في باب الصحة، بحيث امتلأت المستشفيات بالمراجعين من ألم الربو وتلقوا عشرات الألوف، كما أن الكراسي والنمارق وغيرها استهدفت لذلك، وهذا شيء نادر الوقوع، فعياذًا بالله من سوء القضاء وحلول المصائب والنواكب.
ومن العجائب أعشاب من أنواع الكلأ في برج الحوت والحمل كان لها منظر عجيب في بعض الأماكن، فما هي إلا عشية أو ضحاها حتى أصبحت هشيمًا كأن لم تغن بالأمس بسرعة فائقة بالسحق والمحق.
وفيها في 20 ذي الحجة حصل انقلاب في يوغسلافيا وتمردت عاصمتان كلٍ منها يريد الاستقلال بنفسها، وحصل انشقاق وأحضرت كل جهة قوتها من دبابات ومدافع واشتد الخطب، وكانت السيادة أولًا فيها لتوتو، وبعد وفاته بمدة طويلة تعددت الأطراف على الحكومة، ولقد حاولت الحكومة الأخرى إقناع الحكومة بالرضوخ لتلك الجهتين ومنحهما حق الاستقلال بدون الرجوع إلى السلاح، ولكنه لابد من اللجوء إليه.
أما عن الجزائر فقد استمرت الزعازع فيها وعدم الاستقرار، ولما أن كانت الحالة في العراق بعد ضربه وإعطاء حاكم العراق درسًا لا ينسى، ولعدم سكونه وخضوعه ظاهرًا أو باطنًا لقرارات مجلس الأمن، وأصبح الأكراد غير آمنين وذلك لما يتوقع من صدام حسين فإن الرئيس الأمريكي هدد بضرب العراق مرةً أخرى، فرفع صدام قبوله رسميًا لوقف إطلاق النار وتمكين هيئة المنتدبين من قبل الأمم المتحدة من التفتيش عن الأسلحة الكيماوية وإتلافها وإعدام السلاح الذري فيه، وفعلًا جرى القبض على قواعد من تلك الأسلحة المدمرة، وقام بدوره لجمع التعويضات التي التزم بها عن إفساده في الكويت وتدمير ما دمرت