الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعل دورات مياه في الشاعر وأنوار كهربائية، وتوفير أرزاق وفواكه وثلوج، وغير ذلك بما يعود بالمصلحة على الحجاج والمسلمين.
إن بطش ربك لشديد
زلزال شديد يصيب إيران عام 1410 هـ، ففي صباح اليوم 28 من ذي القعدة الموافق ليوم الخميس أصيب شمال غربي إيران بزلزال كانت ضحاياه ثلاثين ألف قتيل ومائة ألف جريح، لذلك قام رجال الإنقاذ هناك بانتشال جثث القتلى، وحدث لذلك انزعاج في إيران وبعثوا يطلبون الإغاثة من جميع المسلمين، وكانت الضربة قاسية جدًا بحيث شرد مئات الآلاف، أذاعت بذلك الحكومة الإيرانية وذكرت أن 25241 قتيلًا من إقليم جيلان، و 3709 من إقليم زانجان وكلهم لقوا حتفهم من جراء تلك الحادثة التي تعد أعظم زلزال يكون، مدوا أيديهم يطلبون التبرعات ما عدا إسرائيل، وسبب ذلك الزلزال فوادح من تهديم المنازل والإرجاف بالسكان وإلقاء الرعب في قلوبهم، وكان ذلك الزلزال لم ينته بصورة نهائية، وأصيبت به إيران، وقد يكون مثل هذا من آثار الذنوب والمعاصي التي تجري، ولم يغفل الله عنها.
زلزال وهزات أخرى تصيب إيران
لما كان في اليوم 1/ 12 أصيبت إيران أيضًا بزلزال عنيف في أذربيجان وغيرها، تكسرت منها الجبال وتهدمت الأرض من شدته وقوته، وألقيت البيوت مساوية للأرض، وتعطلت حركة الطرق، وهز الزلزال عاصمة غيلان، وما زالت جثث القتلى تنتشل حتى عجز المنقذون، وكلما وقفوا في جهة تقطعت الأرض من أسفلهم حتى عجزوا عن دفنهم فرادى ودفنوا جماعيًا، ومن جهة أخرى فقد راحت جيف القتلى وخشوا من تسرب الأمراض بينهم، وقد كان يتزايد عدد القتلى في الدقيقة والثانية، فأصبحت إيران المنكوبة بحالة يرثى لها، بحيث أنه لم يمر في سالف الأيام وفيما مضى زلزال إيران أعظم من هذا الزلزال حتى بلغ في أخر يوم الاثنين
الموافق 3 ذي الحجة عدد القتلى ثمانين ألف قتيل وثلاثمائة وخمسين ألف جريح، ومسحت البيوت على ظهر الأرض، وخرت الجبال وتكسرت من عظمة الزلزال، وشرد ثمانمائة ألف من السكان غير مواقع الهلكة، وتنجرف المياه أنهارًا على ظهر الأرض، وانقطعت المواصلات وتيارات الكهرباء، وكان حجم الخسائر البشرية والمادية من مائة وعشرين قرية انمحت عن أخرها ضخمًا جدًا إلى درجة أن الحكومة بقواتها تبذل قصارى جهودها ولا تستطيع أن تفعل الشيء الذي يكفل إنقاذ المصابين ومساعدة الناجين، ودعا المسؤول الإيراني جميع المواطنين في البلاد إلى التطوع لإنقاذ الجرحى، وكان من بين تلك القرى من عمهم الدمار، ولم ينج واحد منهم، وكانت الضربات تهز الإقليم وتدمر على التوالي شيئًا فشيئًا، وتداركت الزلازل وعم الخطر والهول، حتى كانت الأرض كالجحيم ولا يستطيع الدنو من مواضع الدمار أحد من الذين هبوا عن بكرة أبيهم للعلاج من الورطة.
وفيها وفاة الأمير محمد بن تركي، كان من الأسرة السعودية رحمه الله وعفا عنه فرفعت التعازي إلى الملك فهد وولي العهد ووزير الدفاع، وإلى أبنائه وعائلته.
وفيها وفاة علي بن إبراهيم بن علي الرشودي مدير عام المجاهدين، كان من جملة الذين درسوا علينا وأسرته آل علي، كما أن الفخذ الثاني ينتسبون إلى صالح، كان أبوه من زعماء مدينة بريدة، وعمه رئيس علماء القصيم فهد بن علي الرشودي، ويمتاز المتوفى بالعقل والكرم، وقد تولى سابقًا وكالة إمارة بريدة، ثم كان رئيسًا في البلديات رحمه الله وعفا عنه، وكان أديبًا مأمون الشر متزنًا، فرفعت التعازي إلى ذويه وأقربائه، وكانت في أوائل شهر ذي الحجة من هذه السنة.
وفيها في موسم الحج يوم عرفة أصيبت بعض خيام الحجاج في منى والحجاج في الوقوف بحريقة، واستطاعت الحكومة أن تقضي عليها قبل سريان النار، وعرضت الحكومة في الحال خيامًا سواها.
وفيها في موسم الحج أيضًا يوم عيد النحر وقع ارتباك شديد بين المارة في النفق المعروف بنفق المعيصم بمنى، وحارت الآراء حول أسباب ذلك، ولم تتكشف الأمور
إلى بعد ذلك، وقد عاقب الله من دبر هذه المكيدة بعقاب أليم، كما أنه قتل بعض مدبريه، وصدق الله حيث يقول:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] ، وقامت سيارات الإسعاف تنقل المصابين إلى المستشفيات والمستوصفات، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقد تأثرت الجهات المسؤولة عن ترتيب الحجاج وعلى رأسهم الملك فهد وولي عهده ووزير الداخلية، وكان هذا في منتصف النهار من يوم العيد.
تنبيه: قد ذكرنا فيما تقدم ما أصيبت به إيران من الزلازل العظيمة، وقد استمرت تلك الزلازل بحيث بلغت إلى يوم عيد الأضحى خمسمائة هزة، والله على كل شيء قدير، وارتفع عدد القتلى إلى مائة ألف قتيل وخمسين ألفًا، ولما عجز الأخصائيون عن ضبط العدد لضرورة الدفن الجماعي لم يتمكنوا من التوصل إلى الغرض المقصود الذي استهدفت له إيران، وكنت أظن أن الله عز وجل قد غار لحرمه الشريف وللأماكن المقدسة التي قال تعالى عنها:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] ، لما وقع من جهال إيران عليها، وقد قام المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يبعثون المساعدات التقليدية إلى إيران، وممن بعث إليهم المساعدات الحكومة السعودية، فقد بلغت اثنتين وأربعين طائرة تحمل الأدوية والمساعدات، كما أن حكومة العراق لم يمنعها معاملة الإيرانيين لهم عن أن يبعثوا إليهم المساعدات، وبالرغم من المساعدات التي بعثتها الحكومة السعودية التي بذلت من غير عدد ولا حسبان فإنها لا تزال في غيها وشرها، وما تقوم به المسبة والمهاجمات التي ملأت الفضاء بها انتقاصًا وازدراءً للحكومة السعودية، وفي كلام الحكمة الذي ينبغي إثباته قول المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
…
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
…
مضر كوضع السيف في موضع الندى
تنبيه: قد أشرنا إلى الكارثة التي أصيبت بها قسم من حجاج بيت الله الحرام، وهي حادثة عيد الأضحى في هذه السنة، وذلك في نفق المعيصم الواقع حوالي
الحرم، فلقد أصيب حجاج بيت الله الحرام، وذلك في الساعة الرابعة غروبي من ضحى اليوم المذكور، وكانت الأزمة شديدة لم يعلم المشرفون ما سببها، فقد قيل أنه أصاب مراوح الشفط في ذلك النفق شوط كهربائي تأثرت له المراوح وفرت الخلائق هاربين من دون نظام، واصطدم الواردون بالصادرين مما سبب تلك الورطة التي شوشت على المارة فسقط أناس كانوا السبب في تضخم الواقعة فولى الناس هاربين لا يلوي أحد على أحد، ووطأ بعضهم بعضًا مما أسفر عن مأساة شنيعة، وأصبح جزء كبير قد سقطوا هلكى، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وكان قد عم الهلاك من وجد فيه من أجانب وأهالي، وجاءت التعازي من كل صوب ومن كل جهة من رؤساء الدول وملوكها إلى الملك وولي العهد وإلى الشعب السعودي يواسونهم في هذا المصاب الذي لم يعهد وقوعه منذ زمن بعيد، وقد أصيب الحجاج بضربة من الشمس في أحد أيام مني عامة 1370 هـ ولكنها بسيطة إلى هذه، وكان أكثر من فقد عدد كثير من حجاج تركيا وإندونيسيا، وقد بقيت جثث القتلى في الثلاجات إذا أحب أهلوهم أن يتولوا دفنهم، وفي هذه الآونة أي بعد موسم الحج أذاعت الإذاعات عما ارتكبته حكومة إيران من قتل تسعين ألفًا من شعبها بعد مقاسات أنواع العذاب، والأشياء التي لا يمكن تصويرها، وسجن مائة ألف وأربعين ألفًا لوقاحة وسوء تصرف من تلك الحكومة.
وفيها في 22/ 12 قام الرئيس السوري حافظ الأسد بزيارة رسمية لمصر وكانت هذه الزيارة لأول مرة في نشر الصلات والمودة بين الحكومتين، واستبشرت الأهالي وجميع العرب بذلك مما كان له صدى المحبة والوئام، وقد استقبل في شعب مصر استقبالًا لا يليق إلا برئيس عربي، وقامت الألوف بالتصفيق والترحيب له، ويعتبر الأسد من أكبر رؤساء العرب، نسأل الله له الهداية، هذا ولا تزال الأمة الإِسلامية والعربية والعجم في نزاع واختلاف، كما أن روسيا لا تزال تكابد مشاكل وتعاني أمورًا تتعلق بالمنشقين هناك.