الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر زلزال يحيق بشهالي إيران
لما أن كان في السنة المتقدمة سنة ألف وأربعمائة وسبع قام الإيرانيون بثورة أمام المسجد الحرام، فقتلوا بعضًا من حجاج بيت الله الحرام، وانتهبوا ما وقعت أيديهم عليه من أموال أهل مكة التي تلي الجهة الجنوبية من الحرم الشريف، واستعملوا سواطير وسكاكين ومقارض زعموا أنها جمعوها لتقطيع لحوم الهدايا والأضاحي، فسطوا على حجاج بيت الله الحرام، وقد دافعت الحكومة السعودية على قد استطاعتها عن المسلمين والحجاج، وأصبحت الأمة يتربصون ماذا يحله الله بهم من العقوبات لأن الله تعالى قال:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، وقد أصيبت إيران بزلزال، غير أنها ليست بكافية لعقوبتهم وما انتحلوه من الأعمال الرذيلة السيئة، نسأل الله تعالى أن يأخذهم بذنوبهم وهو أحكم الحاكمين.
ثم دخلت سنة 1418 ه
ـ
استهلت هذه السنة والأشياء الضروريات في غاية من الغلاء، فهذا سعر محروقات السيارات من البنزين والديزل وما إلى ذلك بقيمة باهظة، وبلغ سعر برميل الديزل سبعة آلاف ريال بعدما كانت قيمته ألف ريال، وسعر الغاز بقيمة باهظة، فبعدما كانت قيمة برميل عيار 25 بسبعة ريالات رفعة قيمتها إلى 14 ريال، وأصبحت هذه القيمة وهلم ما جرى، وإذا كان هو الوقود في هذا الزمان فما على الإنسان إلا أن يشتريه بهذه القيمة الباهظة.
وفيها في ظهر اليوم الرابع من شهر محرم الموافق يوم السبت من هذه السنة أصيب شرقي إيران بزلزال شديد، ولم يعهد مثله، وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، ان أخذه أليم شديد، ولما وقع الزلزال تجلى عن قتل ألفين ومائتي قتيل وأربعين ألف جريح، هذا ما عثر عليه وإلا فقد دمر مائتي قرية منها سبع قرى
فدفنت، وما وقف لهم عن خبر، ومنها ثمانون قرية انتشلت القتلى والجرحى بجثثهم، وبلغت درجة الزلزال سبع درجات، ولما وقع ذلك الزلزال الذي لم يعهد مثله قط منذ زمن بعيد قامت الحكومة الإيرانية بنصب الخيام للجرحى، وبعثت تستغيث الأمم الأخرى والحكومات المجاورة لها يطلبون الغوث والمواسات، فجاءتهم الإعانات، ومن سوء الحظ أن الضربة وقعت والموظفين في أعمالهم فلم يرجعوا إلى وقد خلفهم في أهاليهم وذرياتهم من الهدم والقتل والجرح ما الله به عليم، فقد تهدمت المساكن ووقعت على السكان وتحطمت الأبواب والنوافذ والمكيفات على ما تحتوي عليه من الأثاث، وكانت أثرًا بعد عين، ولم يبقَ في موضع الزلزال ديار ولا نافخ نار، يقول الله تعالى:{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101]، فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم، {قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} [يونس: 102] ، ولما أن نصبت الخيام للمصابين سلم من سلم بعد العلاج الطويل ممن كتبت له النجاة، وهلك معظمهم، وإن في ذلك لعظةً لمن كان له قلب أو ألقى السمح وهو شهيد، وكم أصيبت هذه المجوس من الفرس الذين كانوا أشد الخلق عداوةً للمسلمين، فلم يتعظوا ولم يزالوا في غيهم وضلالهم، وقد عثر على بعضهم في الزحام عند الجمرات أنهم كانوا يحملون أمواس مكائن الحلاقة يصيبون بها أعين الحجاج وجوارحهم، فعياذًا بالله من هذه العداوة للمسلمين، وكان الشاه محمد رضى بهلوي في حال ولايته إيران وسيطرته قد حزمهم حزم السلم، ولكنهم بعد خلعه عادوا إلى أخبث حالة، ولكن فأين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وشجعان الصحابة رضي الله عنهم من هؤلاء، ولما أن خلع الشاه محمد رضا وفرَّ طريد معه أهله الذين غادروا إيران قبله من الخميني الذي عذّب أهل إيران وعرضهم لحرب ضروس مع العراق، كما قدمنا، وما زالوا حتى وضع التاريخ في شر إقامة الفتن والمحن التي زجهم بها الخميني فظنوا أنه سيعيد لهم مجد الغابرين وعز الآخرين.