الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليوم الوطني
ففيها في اليوم الخامس عشر من ربيع الأول وافق أول يوم من برج الميزان ويعتبر هذا هو اليوم الوطني في المملكة العربية السعودية، وبما أنه لا يسمح الإسلام بإقامة أعيادًا غير ما شرعه الله ورسوله من عيد الفطر والأضحى فإن الحكومة وتنفيذًا لهذا لم تجد موعد ولادته عيدًا ولا يوم ارتقائه عرش المملكة أعيادًا، ولكنه اليوم الوطني لتوحيد المملكة، ومرور إحدى وتسعين سنة من توحيدها لأنه لولا ذلك لكانت المملكة التي تضم شبه الجزيرة دويلات صغيرة ولكن كان هذا اليوم يوم ذكرى وتعداد لما أعطى الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن من التأييد ومكارم الأخلاق بحيث وحد الجزيرة وجعلها مملكة واحدة، ويذكر في هذا اليوم ما مَنَّ الله به على المسلمين من الألفة، وكان لما تم لولايته خمسون عامًا أرادت أن تجعل ذلك اليوم عيدًا ذهبيًا، وبينما كانت العواصم في المملكة تستعد للفرح لإقامة العيد وجلبت الإبل لنحرها في أرجاء المملكة، والخطباء مستعدون بالقصائد والخطب إذا بها تصدر الأوامر بالمنع وأن لا عيدًا إلا ما شرعه الله، وقد قدمنا ذلك في موضعه مما أغنى عن إعادته هنا فكانت الإذاعة السعودية والجرائد والمحلات تنطق بها للملك عبد العزيز من الحسنات والمكارم والرأفة بالشعب، وما بذله من جهود تعجز الأقلام عن عدها وحسبانها، ولم يقتصر ذلك على المملكة فحسب بل كانت الدول المجاورة تبوح بذلك وتنشر تلك الموهبة التي وهبها الله عبد العزيز، وأنها لذكرى خالدة، وتوارثها أنجاله النجباء الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا، ذلك لما قاموا به من نصرة الحق وقمع الباطل فحدث عن الفضائل ولا حرج.
رجعنا إلى ما نحن في صدده والتاريخ يعيد نفسه فيقول في هذا اليوم عثر في الكويت على مدافع عملاقة خلفها الجيش العراقي كان يبلغ طول الواحد منها ستة أمتار بمدى ثلاثين كيلو، وقد أكدت أمريكا باستئصال ما في العراق من الأسلحة الكيماوية والذرية وإتلافها، ولكن الحكومة العراقية تراوغ ولم تمكن اللجنة القادمة
من هذه المهمة فجاء الجواب الأخير بأنها إذا لم تخضع العراق لقرار مجلس الأمن القاضي بذلك فلا بد من العدول إلي القوة، وكانت لا تزال تتظاهر بالعناد وعدم اليأس من ضم الكويت كما عدتها في نفوسها مع ما هم من السيطرة عليهم وفرض السلطة على العراق.
أما عن يوغسلافيا وكرواتيا والصرب فقد تطورت الأوضاع فيها وكثر القتل وإراقة الدماء فيها، وكانت الدبابات والمدافع لها شأن عظيم في ذلك التناحر، وعجزت الأمة عن الصلح فيما بينهم، ووقف إطلاق النار فيها، ولا تزال من حين نشوب الخلاف فيما بينهم إلى 15/ 3 من هذه السنة.
أما عن لبنان فإن الحرب فيها لم تضع أوزارها ولا يزالون في عناء من اليهود، وكذلك القتال مستمر بين اليهود المحتلين لفلسطين وبين أهلها، وكثرت الإصابات بأهل فلسطين رجالًا ونساءً وذلك لأن اليهود يطلقون عليهم النار من البنادق والرشاشات والمسدسات وأولئك يقاتلون بالزجاجات الحارقة، وامتلأت سجون اليهود بأهالي فلسطين، كما أن القتال مستمر ومستعرة نيران الحروب بين المجاهدين المسلمين وبين الكفار الذين في كابول تمدهم روسيا، ومطالع الأمور تبشر بانتصار الإسلام على الشيوعية هناك، ومما يؤسف له أن تكون فرقة تحرير فلسطين منشقة ويصبح العرب بين فتنة صدام منشقين فمنهم من تبع المذكور في ضلاله كالسودان واليمن ودويلة الأردن وتونس، وأصبح المسلمون بحالة يرثى لها، وقد آثر عمان واليمن والسودان البقاء على ما هم عليه من الانشقاق ونسوا ما هم عليه من ضيق المعيشة والجوع والفقر والاقتصاد، وسوء الحال، ووقع بما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلي يوم القيامة"، فخذ ما شئت من هذا التفكك والتمزق الذي من أجله كانوا به مسخرة للأجانب، وضحكة لهم، ولقد أدبنا الله عز وجل بقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} ثم قال: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا} [الأنفال: 45، 46]، وكنت أظن أنه لو كان لبعض المنحرفين عقول ولم يستحوذ
عليهم شيطان العراق بغروره وخداعه، وزين لهم الباطل فلا أفلحوا وافتضحوا بين الناس بحيث كشفوا عوراتهم بأيديهم وأخزاهم الله، ولكن الله تعالى قال:{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الممتحنة: 5]، اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه.
وفيها في 16/ 3 قدم مبعوثوا الأمم المتحدة إلي العراق للتفتيش على الأسلحة الكيماوية والنووية وعددهم 4 أعضاء، ولما أن قدموا على العراق قامت الحكومة العراقية القبض عليهم كأسراء واحتجزوا الوثائق التي يحملونها، وأثار ذلك غضبًا، وأمر بالقوات الأمريكية والإنكليزية أن تكون على أتم استعداد للحرب وضرب العراق، وقد أنسدت الطرق بالدبابات وحاملاتها، وامتلأ البحر بإحضار الطائرات القاذفة للقنابل على اختلاف أنواعها، وجعلت الأمة تنتظر لضرب العراق، وأصبح الشر على قاب قوسين أو أدنى، ومن نظر إلى ما كان عليه الرئيس المزعوم المخذول من التقلبات والكذب والخيانة وما يبيته من الشر والمكر والكيد فإنه يكون على علم ويقين بأنه لا صلاح للعرب ولا للعراق إلا بالقضاء عليه، وها هو يجلب قوات من سائر الأنحاء يعد العدة ويبرم حبال الفتنة كما قيل:
ويربو وينمو كلما كان مهملًا
…
كجذوة نارٍ شرها يتوقع
فإن لم تجد قبل التوقد مطفئًا
…
عجولًا خوت منها بيوت وأربع
كذا أصل أتلاف الرعايا رعاعها
…
إذا لم يقم للمفسدين مروع
ولم سُئل أبو مسلم الخراساني عن سبب زوال ملك بني أمية قال: لأنهم قربوا العدو تآلفًا له وأبعدوا الصديق ثقةً به فما صار العدو صديقًا وصار الصديق عدوًا ويقول شاعر العرب الحكيم:
وإذا الصديق لفيته متملقًا
…
فهو العدو وحقه بتجنب
لا خير في ود امرؤٍ متملقٍ
…
حلو اللسان وقلبه يتلهب
يلقاك يحلف أنه بك وائقٌ
…
وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوةً
…
ويروغ منك كما يروغ الثعلب
وفيها في يوم الجمعة 19 ربيع الأول هب إعصار شديد على اليابان فهلك بسببه أنفس وأصيب آخرون، وقد هلك على التحقيق خمسة وثلاثون قتيلًا وفقدوا ستة، فلا يعلم مصيرهم، كما أن زائير حدث فيها تقلبات ونزاع.
وفيها في ليلة الخميس الموافق 25 جمادى الأولى الموافق 11 الميزان نزلت أمطار غزيرة على القصيم والجمعة والرياض، وأصيبت جهة بإعصار شديد حطم بعض المحاور التي مرَّ عليها فألقاها مكسرة على ظهر الأرض، كما أن مدَّرج وما يليه في القصيم أصيب برياح شديدة أوقفت السيارات عن السير، وبهطول الأمطار كانت برد، أوقدت لأجلها النيران، كان ذلك وقت صَرام النخيل.
وفيها في إندونيسيا تحطمت طائرة في الجو وأصيب ركابها وكانوا مائة وثمانين قضوا نحبهم وكانت من طراز الطائرات الأمريكية.
تنبيه: قد قدمنا معاملة العراق للجنة التفتيش على أسلحتهم، ولما أن احتجزوهم، وقامت العراق بقيادة صدام بعدم الخضوع، لكنها رأت علامات الهلاك مظللة على العراق خضعوا صاغرين وخلوا بينهم وبين مهمتهم فعثرت اللجنة البالغ عددها أربعين عضوًا على مصانع كيماوية هناك ومعدات نووية، وعلى المدفع العملاق الذي يبلغ طوله 56 مترًا، وعززت أمريكا اللجنة فقضت اللجنة بإعدام تلك الأسلحة والقضاء عليها، وما أحسن ما قيل وكأنه يصف حالة صدام في تصرفاته التي عادت عليه بالخزي والعار حيث أراد الإسلام وأهله بسوء وأحاط به مكره، ويصف الشجاعة للرئيس الأمريكي بوش:
ورب مريد قبره ضر نفسه
…
وهاد إليه الجيش أهدا وما هدا
ومستكبرٍ لم يعرف الله ساعةً
…
رأي سيفه في كفه فتشهدا
تظل ملوك الأرض خاشعةً له
…
تفارقه هلكى وتلقاه سجدا
وتجبى له المال الصوارم والقنا
…
ويقتل ما بحي التبسم والجذا