الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها في 29/ 3 قدم وزير الدفاع والطيران سلطان بن عبد العزيز منطقة تبوك فأقيم له احتفال وأشرف على إحدى الفرق القائمة بأعمالها ونشاطها في خدمة الدولة.
ذكر افتتاح مشروع الكهرباء في تبوك
وفي تبوك افتتح الأمير سلطان بن عبد العزيز مشروع الكهرباء في مدينة تبوك وضواحيها بحيث عم التيار هناك 46 مدينة وقرية، وقد بلغت تكلفة ذلك العمل الجبار خمسمائة مليون، وكان عدد المشتركين في ذلك التيار ومكائنه سبعة آلاف مشترك، وأصبحت تلك المنطقة مستنيرة بأنوار الكهرباء وما ينتج عنها من الخدمات من تبريد وتسخين وتثليج وطبخ وتغسيل وغير ذلك مما يوفر الكهرباء للأمة من المصالح، ومن الغد يوم الثلاثاء الموافق غرة ربيع الثاني افتتح مستشفى مدينة ضباء الواقعة على ساحل البحر في غربي المملكة الشمالي، وأقيم لذلك احتفال حضره سكان تلك الجهة، وحينئذٍ يقال: سبحان الله العظيم وتبارك اسم ربك الكريم، ففي كل يوم يفتتح مشروع في مدينة من مدن المملكة السعودية مع كثرتها وترامي أطرافها، وبما أن المواصلات اليوم من طائرات وسيارات فإنه أصبح البعيد قريبًا، وكان لما أن فتحها الملك الراحل عبد العزيز واستولى عليها لم تكن المشاريع متوفرة وموجودة، ولكن يعد بأن العمل في الطريق فحقق الله أمنيته، وقام أنجاله الأسود الضياغم يسيرون بالعمل سيرًا حثيثًا، ولقد وفقت المملكة بتيسير من الله بجدٍ ونشاط من أنجاله الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد غفر الله لأمواتهم وأيد أحيائهم ولا سيما من كان على عرش الحكم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، ولله در القائل حيث يقول في مرثيته للإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي رحمه الله (1):
فيا لك بدرًا أعقب الشمس بعده
…
وثجاج مزنٍ أعقبته سيول
(1) هو الشاعر محمد بن عبد الله بن عثيمين رحمه الله.
بدور علًا هذا هوى لمغيبه
…
وذا في سماء المكرمات يجول
وفيها قامت الحكومة السعودية بجد ونشاط في إيجاد الأسلحة الحديثة والاستعداد بالقوة، كما نص علي ذلك القرآن الكريم بقوله:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، لأن بذلك يندحر كيد كل كائد، ولا ينبغي التغافل عن ذلك، ونضرب مثلًا والأمثال تضرب للناس بأن الطائر المعروف بأم سالم كانت تسجع بالتغريد في أيام الربيع، فكانت ترتفع إلى السماء ثم تهبط بسرعة لها تغريد وفرح في أيام الربيع، وبينها وبين النملة تفاوت عظيم في ذلك الوقت، فالنمل يجمع الحب من القمح ويحمله إلى بيوتها وهذه مشغولة بتغريدها فهذه تدخر القوة وهذه مشغولة عنه، فقدر أن نزل ضيف بعد الربيع بأم سالم، فلم يكن لديها شيء فذهبت تقترض من النملة قوتًا لضيفها فقالت لها: يا أم سالم قد ألهتك القصائد يوم الحصائد، فذهب ذلك مثلًا بين الأمة لمن كان يلهو بطرب ساعة ويهمل مصلحة المستقبل، ومن نظر إلى طبيعة النملة في ادخارها القوت فإنه يستفيد من استعدادها لنوائب الزمان، وعليك أيها البارع الأديب الأريب بالنظر في كلام العالم ابن القيم ووقوفه على طبائع الحيوانات وإلهام الله لها حتى ذكر رحمه الله أن الملوك البارعين يأخذون من طبائع النحل مع يعسوبها سياسةً وتقليدًا.
دخول شهر ربيع الثاني من هذه السنة استهل هذا الشهر والأمور بين يوغسلافيا والصرب وكرواتيا هائجة مائجة، وقد تطور الخلاف بينهم وجعلت الدبابات والطائرات والمدافع تلقي بقنابلها من هنا وهناك، وعجزت الأمة في أفريقيا وغيرها عن وقف ذلك القتال والبلاء المتراكم، وسقطت مئات القتلى ومئات الجرحى بين الفريقين، وقد قامت يوغسلافيا فضربت قصر الرئيس الكرواتي، وجرَّت المدافع والدبابات، وأرسلت أسراب الطائرات على منخفض فوق جو كرواتيا فيما سبب لها إدانتها عن هذا الاعتداء الوخيم.
وقد حاصرت قوات أمن إسرائيل الفلسطينيين في المسجد الأقصى، وقتلت فيه خمسة عشر فلسطينيًا، ولم يرعوا ثاني القبلتين وثالث الحرمين الشريفين حرمةً ولا كرامةً فنفذ فيه حريق بقصد إلقاء القذارة والأوساخ وإرادته بالسوء والهدم فيقتلوا المسلمين فيه ويعصون الله ورسوله، ويقتلون الأبرياء ويغتصبون أملاكهم ولا
يرعون للعرب ولا لقرارات مجلس الأمن حرمة، وهكذا أمةً يترك لها الزمام والخطام يفعلون ما يشاءون ويحكمون فيما يريدون، وفي كل ساعة يطلقون النار على أبناء فلسطين فيسقطون ما بين قتيل وجريح ومعوق، وامتلأت السجون بالفلسطينيين فهذا يحكم عليه بسجن المؤبد وهذا بسجن أربعين سنة وخمس عشر وثمان، وامتلأت السجون بأهالي فلسطين وقد ذكرنا في هذا التاريخ قصصًا وأخبارًا مملوءة بأعمال اليهود وظلمهم، وذلك لما ضمه تاريخنا من أعداد السنين التي استولوا بها على فلسطين وما يليه بوعد بلفور من حينما سكنت الحرب العالمية الأولى وما جرى في هذه السنين ولا سيما لما رفع اليهود منذ ست وخمسين سنة لشعار اليهودي على المسجد الأقصى، فعلت صيحات العرب وسائر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وكان الرئيس هتلر زعيم ألمانيا يتكهن وقوع الزلازل والمعارك في الشرق الأوسط ولا سيما حينما وقف مشيرًا بأصبعه إلى فلسطين لعلمه أن اتخاذ اليهود فلسطين سيحدث الزعازع والأهوال، وكان يقول: سيحدث أهوال في فلسطين ويشير إليها، وبما أنه العدو الألد لليهود لما يعرفه عنهم من المكر والخداع والكذب فقد شفى غيظه منهم وأَنذر من فتنهم وشرهم، وقد قدمنا في هذا التاريخ ما فيه كفاية.
ولما أن كان في أواخر شهر ربيع الأول قامت قوات صدام حسين بضرب الأكراد في موقعهم الذي كانوا فيه لاجئين، فجرى بين خريد وبين الأكراد مناوشات وقام الأكراد على ستة وستين أسيرًا عراقيًا فقتلوهم وهم واضعون أيديهم علي رؤوسهم للاستسلام، ثم قام الرئيس صدام فقتل من جنوده ستة وسبعين ضابطًا بيده، كان يزعم أنهم متواطئون على اغتياله، وقد قررت الأمة بإجماعها على أن لا أمن ولا طمأنينة ما بقي صدام في الوجود، أما ما لحق بالعراق من الأضرار والتدمير فشيء كثير، وبما أن أهل العراق قد أظهروا للأمة عجزهم عن اغتياله فإنه لا ذنب لهم فيما أبدوه من مقاسات ظلمه وأعماله، وقد كانت السليمانية موضعًا للمعركة الأخيرة، وبما أن الأمور أصبحت بهذا الوضع فقد مرَّ من العراق مليونان من السكان إلى أطراف البلاد التركية خوفًا على أنفسهم وذرياتهم من هذه الطوارئ.