المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌زيارة الرئيس الأمريكي - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ٨

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر التقلبات والمخاوف والمجازر في فلسطين ولبنان وأفغانستان

- ‌مناظر غريبة في مخلوقات الله

- ‌اتفاق عام بشأن عودة مقر الأمانة العامة للجامعة إلى القاهرة

- ‌حادث مؤسف

- ‌محطة القطار

- ‌قتل مجرم

- ‌إن بطش ربك لشديد

- ‌زلزال وهزات أخرى تصيب إيران

- ‌كوارث في الفلبين

- ‌ذكر عجائب وغرائب من العالم

- ‌ثم دخلت سنة 1411 ه

- ‌هجوم على الكويت

- ‌فصل

- ‌عقد مؤتمر في القاهرة

- ‌مؤتمر في مكة المكرمة

- ‌ذكر شيء عن صدام حسين

- ‌ذكر ما وقع في لبنان

- ‌ذكر ما جرى بعد مذبحة القدس

- ‌ذكر استسلام صاحب الأذى في لبنان

- ‌ذكر حالة الكويتيين في المملكة

- ‌زلازل تصيب الهند

- ‌كفاح أهالي فلسطين

- ‌هدوء يسود لبنان

- ‌مذابح في سيريلانكا

- ‌زيارة الرئيس الأمريكي

- ‌ذكر الطمأنينة والأمن في السعودية

- ‌ذكر الفوضى في العراق

- ‌إعصار يصيب بنغلادش

- ‌ذكر ما جرى في أفغانستان

- ‌ذكر ما نتج عن إعصار بنغلادش

- ‌ذكر زيارة وزير خارجية أمريكا جمس بيكر

- ‌ذكر ما جرى على اليابان

- ‌إعصار روسيا

- ‌ثم دخلت سنة 1412 ه

- ‌سعي المصلحين لوضع سلام في الشرق الأوسط

- ‌عجائب من نجائب القدر وحادثة من حوادث القرن الخامس عشر

- ‌فشل الثورة وعودة الرئيس

- ‌مذابح في يوغسلافيا

- ‌ذكر سوء الاقتصاد في بعض أقطار الأرض

- ‌اليوم الوطني

- ‌ذكر افتتاح مشروع الكهرباء في تبوك

- ‌ذكر زيارة رئيس باكستان

- ‌ذكر أسبوع نظافة المساجد

- ‌مؤتمر السلام في الشرق الأوسط 30 أكتوبر 1991 م

- ‌مؤتمر مدريد

- ‌إطفاء آخر بئر في الكويت

- ‌ذكر ما تجلى عنه المؤتمر

- ‌استمرار القتال والخلافات

- ‌خطر يخشى منه

- ‌صلاة الاستسقاء

- ‌حادثة

- ‌ذكر الحركة في الصومال

- ‌ذكر انهيار الحكومة الروسية وانقسامها إلى دويلات

- ‌استقالة الرئيس ميخائيل غوربتشوف

- ‌انفجار في غربي بيروت

- ‌كائنة غريبة

- ‌ذكر حالة الفريقين

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌كائنة غريبة

- ‌ذكر من توفى فيها من الأعيان

- ‌زلزال يصيب إيران

- ‌وفاة رجل معمّر

- ‌استقالة عبد الإله

- ‌سقوط طائرة الرئيس الفلسطيني

- ‌ضرب الحصار على ليبيا

- ‌حادثة من الحوادث

- ‌تحرير أفغانستان

- ‌شرور وبلاء مستطير

- ‌ذكر المحنة والبلاء والخذي الذي جرى على المسلمين في يوغسلافيا

- ‌إمارة فيصل بن بندر بن عبد العزيز

- ‌حادثة من الحوادث

- ‌عذاب وتعذيب لمسلمي كشمير في الباكستان من أهل الهند

- ‌ثم دخلت سنة 1413 ه

- ‌ذكر ما جرى في الصومال

- ‌ذكر حادثة شنيعة

- ‌ذكر أفغانستان وما جرى عليه

- ‌حادثة

- ‌ذكر ما جرى على ليبيا

- ‌ذكر حادثة كريهة

- ‌زلزال يصيب مصر

- ‌ذكر ما تجلى عن ذلك البلاء

- ‌انفجار بركان

- ‌انتشار الكتب وإيجادها

- ‌عود على بدء

- ‌ذكر نزاع بين أهل مصر والرئيس حسني مبارك

- ‌افتتاح المعهد البري في القصيم

- ‌زلزال في تركيا

- ‌العراق والحديث عنه

- ‌هطول أمطار على القصيم

- ‌أخبار حول الرئيس الجديد في أمريكا

- ‌ذكر حركة في باكستان

- ‌زلزال يصيب إندونيسيا

- ‌ذكر جلاء بعض الفلسطينيين

- ‌ذكر وصمة عظيمة

- ‌جلسة في مجلس التعاون

- ‌ذكر ما جرى من الحوادث

- ‌صدمة نفسية ووقفة

- ‌زلزال يصيب اليابان

- ‌عمارة جامع بريدة عام 1413 ه

- ‌ذكر أمطار تجتاح مدينة الخرج

- ‌حربًا في الصومال

- ‌ثم دخلت سنة 1414 ه

- ‌نكتة غريبة وكائنة عجيبة

- ‌فيضانات في أمريكا

- ‌ثورة في السودان

- ‌الفراغ من توسعة مسجد المدينة المنورة

- ‌ذكر موجة حر

- ‌إعصار يصيب اليابان

- ‌نقم تصيب قوات أمريكا في الصومال

- ‌تركيب كاميرات أمريكية

- ‌انهيار فندق

- ‌وفاة أمير من الأمراء

- ‌محاريب المسجد الحرام تنعى إمامها

- ‌وفاة صاحب السمو الملكي فهد بن عبد الله

- ‌حريق بمكة

- ‌قتال

- ‌عدم التقيد بالمسافة يسبب الحوادث

- ‌عود على بدء

- ‌زيارة وزير الدفاع للقصيم

- ‌ضرب الأهواز

- ‌وفاة أمير من الأمراء

- ‌ذكر المجزرة الكبرى في فلسطين

- ‌النداء بالتبرع

- ‌فيضانات تصيب روسيا

- ‌نزاع وشقاق في اليمن

- ‌ذكر البلاء والنزاع ما بين الأمم

- ‌وفاة وزير من الوزراء

- ‌ضربات في البوسنة

- ‌حروب ومخاوف حول العالم

- ‌ذكر ما منَّ الله به على المملكة العربية السعودية

- ‌حروب وقتال في اليمن

- ‌احتفال

- ‌ذكر الصلح بين اليهود وأهل فلسطين

- ‌ذكر ما جرى بعد منح الفلسطينيين الحكم الذاتي

- ‌ذكر الحج في هذه السنة

- ‌حادثة من الحوادث

- ‌حادثة سماوية

- ‌ذكر موجة حر في آخر ذي الحجة

- ‌ثم دخلت سنة 1415 ه

- ‌حالة اليمن المريرة

- ‌تأسيس دولة فلسطينية

- ‌سقوط عدن

- ‌زحف العراق إلى الحدود الكويتية

- ‌عواصف رعدية وصواعق

- ‌حريق في منى

- ‌حادثة من الحوادث

- ‌خطوط دائرية

- ‌وظائفه التي نالها

- ‌إلقاء قنبلة

- ‌حادثة سماوية تهز الأرض

- ‌وفاة رجل من الرجال

- ‌حادثة من الحوادث

- ‌كسوف طمس القمر

- ‌حصار تفرضه اليهود على أهل الحكم الذاتي

- ‌ذكر ما جرى من اليهود

- ‌ثم دخلت سنة 1417 ه

- ‌وفاة عبد الله بن إبراهيم بن سليم

- ‌ذكر عجائب من عجائب التاريخ

- ‌ذكر سنة المؤنة

- ‌ضربات من كيد الأعداء

- ‌ذكر ما حل ونزل في الخبر

- ‌ذكر بادرة من بوادر النقص والرذيلة

- ‌عود على ما تقدم

- ‌ذكر الانتهاء من عمارة الكعبة

- ‌زلزال يقض إيران

- ‌سفرنا لزيارة المدينة المنورة

- ‌ذكر أعمال الشياطين ومضرتهم على أمة الإسلام

- ‌ذكر زلزال يحيق بشهالي إيران

- ‌ثم دخلت سنة 1418 ه

- ‌إعصار قوي يصيب بنغلادش

- ‌ذكر وفاة أناس من الأعيان

- ‌حادثة غريبة

- ‌ذكر حريق في مدينة الرياض

- ‌حادثة عجيبة

- ‌ذكر ترحيل الأجانب عن السعودية

- ‌هطول أمطار على السعودية

- ‌الصواعق تحرق أجهزة بني مالك

- ‌برد شديد وظل في القصيم

- ‌ذكر زلزال شمالي شرقي أفغانستان

- ‌وفاة رجل معمّر

- ‌نادرة من النوادر في إحدى مزارع البطين

- ‌ثلوج وبرد

- ‌عود على بدء

- ‌ذكر غريبة من الحوادث

- ‌ذكر جرائم من جرائم القتل

- ‌حادثة أخرى

- ‌رياح عاصفة في مدينة بريدة

- ‌زلزال يهز بلاد أفغانستان

- ‌ذكر موجة حر

- ‌زيارة سلطان بن عبد العزيز لحائل

- ‌فيضانات تدمر خمسمائة قرية في السودان

- ‌إعصار اجتاح جنوب شبه الجزيرة الكورية

- ‌حالة نادرة

- ‌ضرب العراق

- ‌ذكر وصمة شنيعة في وجوه العراق

- ‌مرور مائة عام لتأسيس المملكة

- ‌زلزال يصيب إيران

- ‌ثوران بركان جبل كاميرون

- ‌زلزال قوي

- ‌ذكر من توفى من الأعيان

- ‌ذكر مقتل أحمد بن عودة

- ‌ذكر حادث في الأردن

- ‌ذكر زيارة الرئيس الإيراني إلى المملكة

- ‌ذكر حالة مؤسفة

- ‌عاصفة على الأسياح

- ‌ذكر مهاجمات ومصادمات

- ‌ثم دخلت سنة 1419 ه

- ‌ذكر حالة محزنة

- ‌ذكر وفاة أمير البحرين

- ‌ذكر وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌ذكر حريق

- ‌ذكر حادثة

- ‌ثم دخلت سنة 1420 ه

- ‌اتقاء شر السباع وأخذ الحيطة

- ‌وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌طعنة في الصميم

- ‌ذكر فاجعة من الفجائع وأمر القوارع

- ‌ذكر وفاة حاكم المغرب

- ‌كسوف الشمس

- ‌ذكر زلزال عظيم أصاب تركيا

- ‌تفاصيل هذا الزلزال

- ‌وفاة ابن الملك فهد

- ‌عود على بدء

- ‌زلزال يصيب تايوان

- ‌وفاة الشيخ الألباني

- ‌ذكر ما احتوى عليه الجزء الثامن

- ‌كتب الشيخ إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن

الفصل: ‌زيارة الرئيس الأمريكي

‌زيارة الرئيس الأمريكي

لما أن كان في اليوم المذكور الموافق ليوم الأربعاء وفي الغد يوم الخميس قدم الظهران ليشرف على القوات التي تكامل عددها هناك ليقف على الفيالق والمعدات الحربية، ثم سار إلى جنيف ليجتمع بالرئيس حافظ الأسد، وكان هذا الاجتماع أو اجتماع بين الرئيس الأمريكي وبين حافظ الأسد منذ بضع عشرة سنة، وكان في استقباله بالسعودية إقامة تكريم واحتفاء من الملك فهد وولي العهد وسائر الأسرة السعودية مرحبين بقدومه، كما أنه اجتمع بالرئيس حسني مبارك رئيس الجمهورية المصرية، وكان لجولته هذه أهمية عظيمة، وتأثر لها العراق خوفًا وذعرًا، واهتزت الجزيرة العربية لهذه الزيارة، ولا سيما أن الدول المرابطة في مياه الخليج تنتظر النتيجة المنتظرة في استخدام القوة على العراق، وقد أمر بجلب مائة ألف أمريكي إلى الجبهة التي كان فيها مائتا ألف من الجنود الأمريكية قبل ذلك، ولديهم الأهوال والقنابل والصواريخ والعذاب الذي لا تطيقه القوى البشرية، وكان بوش قد استعد بما لديه من السلاح المهيأ لخوض المعركة.

وفيها في 5/ 5 من هذه السنة قامت رئيسة وزراء بريطانيا "تاتشر" بتقديم استقالتها من منصبها لقيام من يزاحمها، فأحدث ذلك هزة في وسط حكومتها ولا سيما لما أصرت على طلبها، وكان قد تقدم لها في الخدمة أحد عشر عامًا ونصفًا فاغتنم هذه الفرصة الرئيس صدام معربًا بأن ذلك لقيامها ضد العراق، وتقدمها في صد هجومه على الكويت، وكان قد أقذع في مسبتها والنيل منه كعادته في السباب والقذف والشتم، ولا يعلم حقيقة ما الذي حملها على ذلك في هذا الوقت، غير المناسب لتنازلها.

مغريات الأردن لما أظهر ملك هذه الدويلة الصغيرة الضعيفة في عداوته للسعودية التي غمرته بنعيمها وأمدته بمئات الملايين قديمًا وحديثًا، وأنقذته من كبواته مرات عديدات، كما في النكسة التي جرت عليه وعلى جمال عبد الناصر عام 1387 هـ، وغير ذلك من عطفها عليه كما قدمنا من غزو الرئيس صدام له وإيقاعه

ص: 59

بريبة الغرور ومنع منتوجات الأردن وتوريدها على السعودية من جميع الخضروات، فإنه لم يزهد أن يطلق خطباء مساجده ألسنتهم بالسب والافتراء، وآخر شيء أن قام خطيب جامعهم المسمى العالم الفقير بأن الأردن لا تقوم بفريضة الحج في هذا العام لوجود أمريكا والحلفاء في مهابط الوحي، ويشيرون إلى الظهران من مهابط الوحي، وأن وجودهم في البلاد السعودية سواءً كانوا في شرقيها أو غربيها يمنع الحج حتى ولو كان ما بينهم وبين مكة المكرمة ألفا كيلو متر، وكان المدعو الشيخ على الفقير يتكلم بما يوافق هوى حكومته، فنشرت الحكومة السعودية نشرة معناها:"الحج فريضة لا تلغيها دعاوي السياسيين والمغرضين"، وأقول أن مما يثير الأسى ويبعث الأحزان أن تكون شعائر الإسلام في مطالع الأهلة وأداء الحج والعمرة تبعًا للسياسة، أو أن تكون مكة المكرمة هدفًا لسهام الراشقين وتفجير عبوات المفسدين، وملتقى نقمة المتذرعين أن مكة والمدينة يجب احترامهما وتقديسهما كما قدسهما تعالى، فلا سبيل إلى النيل منهما وإدراك الأغراض الشخصية بدوس كرامتهما، ولقد كانت كرامتهمًا واحترامها وتقديسهما كما قدستهما الحكومة السعودية وطهرتهما وأبعدت كل الأخطار عنهما، ولكن أين من يتكلم بالحقيقة وينطق بالحق يا أولي الألباب؟ {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 41] ، ولو أن العدو إذا أراد أن ينال من عدوه لا يتذرع بالدين هدانا الله جميعًا إلى سواء السبيل.

وفيها حصل انقلاب في تشاد وأطيح الرئيس حسن حبري، وقام المتمردون يفعلون ما يشاءون ويحكمون بما يريدون، وفرَّ جميع القواد المتقدمين إلى موضع غير معلوم، وقد يكون ذلك بسعي من العقيد معمر القذافي.

وفي يوم السبت الموافق 21 جمادى الأولى دخلت الانتفاضة عامها الرابع من هذه السنة، وقد تأزمت الأمور في فلسطين بغزة والخليل والقدس، بل في الضفة الغربية، وكان يخشى من شباب المقاومة والانتفاضة العدول عن القتال بالحجارة والزجاجات الحارقة إلى السلاح، ولقد أحصى الذين قتلوا وجرحوا وأصبحوا

ص: 60

معوقين، وهدمت منازلهم ومساكنهم في فلسطين المحتلة ونابلس وغيرها، فكانوا كما يأتي من قيام الانتفاضة إلى يوم السبت 21/ 5 من هذه السنة سبعة آلاف معوق، وخمسة وسبعون ألف سجين، وأحد عشر ألف جريح، وتسعة آلاف قتيل، وهدمت المساكن التي تعد بالألوف.

وفيها في 29 جمادى الأولى وقعت هزة في جنوب إيران تأثرت الأهالي لذلك، ووقعت في الهند معارك ضد الإسلام من أناس متطرفين من الهندوس، كثر التقلب والتفكك في روسيا، وكثرت الثورات فيها، وذلك في مبتدى 2 صفر، وكان ذلك من حسن حظ أفغانستان المسلمة ضد حكومة كابول الموالية للروس، فأخذت الثوار ثأرها منهم، وأنزلت بهم خسائر فادحة.

وفيها في أوائل شهر جمادى الثانية قامت أمريكا تعمل مناورات وتجارب لأسلحتها التي رست في الدمام وما يلي الحدود السعودية من جهة الشمال جهة العراق، ورئيسها صدام حسين، فأحدثت أفزاعًا عظيمة تأثر لها السكان، وأزعجت الأمة هناك مما كان له أعظم التأثير على العدو، وبما أنه مضى على المهلة للعراق 25 يومًا، إما أن ينسحبوا أو تشن عليهم حرب لا قبل لهم بها، ولم يبقَ من هذه المهلة سوى واحد وعشرين يومًا، لأن مبتدى هذه المهلة في 1 ديسمبر ومنتهاها منتصف يناير آخر جمادى الثانية من هذه السنة، وكانت العراق لم يتغير عن موقفها، فلم يبقَ إلا مقابلة الشر بمثله، كما أنها قامت مناورات وتجربة بالسلاح في حفر الباطن، وكانت زجاجات النوافذ في الدمام قد تأثرت من أصوات الصواريخ والأهوال، مما سيضطر الأهالي إلى عدم السكينة والطمأنينة أو البعد عنها.

وفيها في يوم الجمعة الموافق 4/ 6 وفاة معتمد المعارف السابق الشيخ صالح بن سليمان العمري من أهالي مدينة بريدة، تولى إدارة مدرسة الملك فيصل بعد مديرها عام 1366 هـ، ثم رأت المعارف أن يكون معتمدها في القصيم، فقام بجد ونشاط في هذه الوظيفة أربع سنوات، ثم نقل إلى الرياض في عام 1375 هـ ليكون مساعدًا لمدير دور الأيتام والرعاية، ثم نقل إلى وظيفة في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، ثم

ص: 61

إلى الإحالة على التقاعد، وقد قام قبل ذلك في إصدار جريدة القصيم استمرت ثلاث سنين لكنها فشلت عام 1376 هـ، وبعد الإحالة فكر أناس في إنشاء مصنع إسمنت في القصيم فقامت شركة قوية لذلك، وكان موضع المصنع يقع شرق موضع القويطير، وتوفى في هذه السنة عن عمر يناهز الرابعة والسبعين لأن ولادته عام 1337 هـ، رحمه الله وعفا عنه.

وفيها في يوم الاثنين 7/ 6 أصيبت أمريكا بموجة برد شديدة، ونزلت الدرجة إلى 40 تحت الصفر، فأصيب من شدة الصقيع خمسون قتيلًا، وهذا شيء يعتبر من أعظم ما كان في أمريكا.

وفيها في يوم السبت 12/ 6 وقع اشتباك عنيف بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الصهاينة، فسقط من أهالي فلسطين ستة قتلى وجرح منهم مائتان، وقد تأثر العرب لذلك فأصبحت أبناء فلسطين ألعوية في يدِ الصهاينة، وبما أن اليهود لم ترَ من يقف أمامها من المدافعين العرب، فقد عزمت على إقامة ستة آلاف مسكن في أحياء سكنية في القدس للمهاجرين اليهود، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وتزداد الفتن في فلسطين وتوالي تلك المجازر ولم تتوفق إلى حل مجلس الأمن الدولي رغم كثرة الشكايات، بل لا تزال في تعقيد منذ ثلاثة وأربعين عامًا.

وفيها في 13/ 6 يجند الملك إعانات ومساعدات للمجاهدين في أفغانستان ثلاثين مليون روبيه رغم نفقات الدولة، وما هي فيه من أزمة الحرب وملاقات الأهوال التي كانت تكابدها، كما بعثت أثني عشر مليونًا لإكمال مستشفى صعدة في اليمن، مع ما كان بينها وبين اليمن من الخلافات وسوء التفاهم، وفي هذه الأثناء يقوم الشعب السعودي بجلب ما يتطلبه الموقف وما تدعوا إليه الحاجة من سرج وفتائل ووقود لها من الغاز، وتأمين البيوت بالأرزاق استعدادًا لكارثة تتوقع من نتائج هذه الحرب التي كانت أمريكا وبريطانيا وفرنسا تستعد لها منذ خمسة شهور وثمانية أيام، ودخل في جبهتها الرئيس حسني مبارك والرئيس حافظ الأسد، وذلك بعدما فشلت جميع المحاولات للصلح، وأن يقف الرئيس العراقي عند حده ويرجع

ص: 62

عن غيه، ولم تزده هذه المهلة الطويلة إلا غطرسة وتمسكًا فيما هو عليه، وقد لاقى بقية أهل الكويت المتبقون فيه أنواعًا من العذاب والمعاملة اللا إنسانية من جنود صدام وزبانيته، وقد ارتفعت أسعار الحاجيات فبلغت قيمة السراج العادي مائة ريال بعد ستة ريالات وهذا في يوم الجمعة 18/ 6 من هذه السنة، وارتفعت قيمة الأرزاق والمأكولات في العراق لشدة الحصار عليها درجة لا يكاد يصدق بها، وكان الرئيس المغرور قد ضيق على سائر مدن العراق في النفقات، وجلب ما يضمه له ولجنوده المحيطين به، فأصبحت العراق بحالة يرثى لها، وقد فرَّ من السكان تخلصًا من ظلم صدام من استطاع الفرار، وهددت جملة السكان بأنهم غير خاضعين لسياسته التي سلكها رغم بطشه والتنكيل بمن لا يخضع لأوامره، ولقد أشار عليه جميع العرب والناصحين له أن يسلك غير ما هو ثابت فيه وتظاهره بالعناد والأذى، ولكنه أبى أن يقبل نصيحة أحد كائنًا من كان، وقاوم الموقف جدًا، وأضافت أمريكا أهوالًا أخرى إلى ما جاءت به من القوات، وكان لغروره وما يريده الله به يتظاهر بأن لديه قوات لا تغلب وجنودًا لا تقهر، ويستهزئ بالسعودية وأمريكا وبريطانيا، أما الجنود التي أعدتها الحلفاء لمقابلته فبلغت على الصحيح ستمائة ألف لديهم من الأسلحة من الأساطيل والدبابات والطائرات والمدافع والقنابل والصواريخ شيء لا تبلغه العبارة، ويقول الرئيس جورج بوش أن ذكاء صدام حسين لا يحتاج إلى زمن طويل، وكان لخيانته لشعبه وخذلانه له قد أعد طائرات للهرب وتركهم فريسة لعدوهم إذا ما أحس في أدنى انهزام وخلل في جبهة حربه هذه خطته التي كان يسلكها بعابرة يريد أن يلقيهم في المهالك ويتبرأ منهم، وما أشبه هذه الحالة، نسأل الله الهداية بما قصه الله في كتابه علينا بحيث يقول:{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ} [الأنفال: 48]، فسبحان الله من ابتلى به من غره الناس.

وفي الساعة التاسعة وعشر دقائق بتوقيت غرينتش توافق الثانية وثمان وثلاثين دقيقة زوالي من ليلة اليوم الثاني من شهر رجب 1411 هـ قامت الحرب على

ص: 63

العراق وبدأت الطائرات تضربها، وركزت قذف القنابل على مطارات العراق والمراكز العسكرية فيها، وسمعت الانفجارات ودوي ضرب القابل، وذلك بعد المعذرة وإمهال العراق وقتًا طويلًا لتتراجع عن غيها، فلما لم تعد المفاوضات في كل تلك المدة عدلت أمريكا وحلفائها بريطانيا العظمى وفرنسا إلى اللجوء إلى القوة، وقد أحضرت في ضمن تلك الأسلحة أسلحة نووية كيماوية لاستعمالها ضد العراق إن دعت الضرورة إليها، وكان ذلك في منتصف الليل من يوم 17 يناير كانون الثاني 1991 م، وقد رجعت الطائرات التي باشرت الضرب سالمة، وقد ظهر في أول وهلة عجز العراق وضعف غطرستها، ولما أن وقعت الواقعة كان من المعلوم أن العراق بغرورها لا تستطيع الصمود أمام تلك الأهوال، وكان فجر يوم الخميس وقتًا لمطالع الحرب الضروس التي تنفست في ذلك اليوم، وأعدت الأحوال لها من أمريكا ولندن وباريس والسعودية ومصر وسوريا، وما يحتوي عليه ذلك الجيش من الإمارات الخليجية قطر ودبي وعمان وأبو ظبي والبحرين وغيرها، وكان أول شيء إطلاق أربعين صاروخًا من السفن الأمريكية على المواضع الحساسة، واستطاعت مع قاذفات القنابل التي ركزت على القضاء على المواقع النووية والكيماوية في العراق، وكانت الطائرات التي اشتركت في ضرب العراق قد بلغت الفين وخمسمائة طائرة، وأصيبت العراق بأربعمائة غارة أسقطت عليها أربعة آلاف طن من الحديد وأصيب نصف جيش صدام المحيط به، وضرب موضعه وأصيبت المواضع الكيماوية والمواضع النووية والهاتف والمطار العراقي والمواضع العراقية العسكرية في الكويت، وأصيبت مدينة الخفجي من ضرب مدافع العراق فاستهدفت بعض خزانات الزيت، وقد سهل الله إطفائها، واستمرت هجمات أمريكا وحلفائها طيلة ذلك اليوم حتى بلغت غاراتها ألف غارة، وتم إنزال ثماني عشر ألف طن من الحديد على العراق، ودمر قصر الرئاسة تدميرًا كاملًا، كما أن الصواريخ التي وجهها العراق إلى إسرائيل في تل أبيب قد دمرت هذا في أول يوم من غزو الحلفاء للعراق، وما زالت القوات الإسلامية ومساعدوها تشن غاراتها

ص: 64

على العراق حتى قضى يوم وليلة وهي مصرة على غيها، وقد انقطعت المواصلات بين العراق والعالم بحيث أن الهاتف السلكي واللاسلكي قد دمرت ودمرت الشبكة الكهربائية، وقد ألقت أمريكا مناشير تنصح الأهالي بالعراق بالفرار إلى خارجها، وفعلًا قد فرَّ بعضهم إلى إيران والتحق إليها وإلى غيرها فقد التجأ إلى الأردن سبعمائة وخمسون عراقيًا وبعثت الأول المساعدات لأولئك اللاجئين من بطانيات وملابس ومواد غذائية وتوقع أن يبلغ العدد من اللاجئين في الأردن إلى ثلاثة آلاف لاجئ، وكانت أمريكا قد أمهلت العراق تسع عشرة ساعة من صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 في ضربها لعلها تفيء، ولكنها ما دامت في عنادها وغيها، وفي هذه الأثناء قامت قوات العراق ترسل صواريخًا إلى مدن السعودية على الرياض والظهران، ولكن القوات الأمريكية كانت تضادها جوًا، فكانت تلك الصواريخ العراقية تنفجر في الجو، كما أن الصواريخ الموجهة إلى تل أبيب "سكود" تصاب بمضادات أمريكا، ولما أن أرادت إسرائيل الدفاع عن كيانها وما تحت يدها وأن ترد على العراق سيحدث منها غضب من بعض ملوك العرب ورؤسائها تعلقًا بخيط من العنكبوت لمساعدة العراق، وزودت أمريكا لإسرائيل بصواريخ طراز باتريوت قوية التأثير على صواريخ العراق، وتكفلت لإسرائيل بحمايتها.

ولما أن كان في يوم الاثنين سادس رجب قامت الطائرات الأمريكية بضرب مدينة البصرة واشتد القصف عليها حتى اهتزت مدينة الأهواز الإيرانية من ضرب القنابل التي فاقت بضخامتها واستهدفت البصرة، فقام كافر الخليج زنديق القرن الخامس بتفجير آبار الزيت في الكويت وأضرمها نارًا، كما كان يطلق صواريخ سكود السوفيتية على الرياض والظهران، ولكن الله أبطل كيده فكان يقابلها الصواريخ الأمريكية فتفجرها في الجو، وتبطل مفعولها، ولقد أصيبت إحدى عمائر مدينة الرياض بشظية صاروخ من صواريخ الشقي فأحدثت أضرارًا بسيطة ولكن غالب سكان الرياض لما رأوا الرياض تصاب كذلك امتطوا السيارات على اختلاف أنواعها بعوائلهم وفروا هاربين إلى القصيم، ولا ريب أن هذا الشقي

ص: 65

أصبح كما قال الله تعالى في كتابه: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة: 205، 206]، ولقد اشتد الحرب والضرب في منطقة الخليج، وشاركت القوات الفرنسية في ضرب العراق، كما أنها استطاعت أن تأسر عشرات الجنود العراقيين في الكويت، وأصيبت القوات البحرية العراقية بتدمير لبعضها، كما أنها قطعت المواد الغذائية عن العراقيين المرابطين في الكويت حتى جعلوا يطوفون في الشوارع ليحصلوا على كسرة من الخبز، وما زالت الإمداد المحاربة من بريطانيا وغيرها تتواصل لنجدة القوات المشتركة، وكان من أعظم ما لدى العدو اللئيم صواريخ سكود، فكان يطلقها إطلاقًا عشوائيًا لعدم معرفة شياطينه لها، لأن الرجال المدربين لمعرفة هذه الصواريخ قد أعدمهم غضبًا لما لم ينتصروا ولم يحرزوا تقدمًا، ومما يؤسف له أن جعل هذه الصواريخ متفرقة وفي أمكنة غير معلومة لئلا يحصل تدميرها القبض عليها، كما كنت أظن أنه تصرفه هو وكلابه برؤوسها جهلًا بمعرفتها أضعف قوتها، وإلا فلو كانت على وضعها الأول لكان لها تأثير عظيم لقوتها وعظم ضررها، ومع ذلك فإنها شديدة الانفجار وقوية التدمير، ولا أدري كيف غفلت الأمة عن شرائها والحصول عليها، كما أن حصل تسخط المجتمع الدولي على روسيا بحيث لم تبذلها لغير هذا المجنون الشقي، ولقد تقدمت قوات العراق إلى مدينة الخفجي وهجمت عليها هجومًا انتحاريًا، ولكن القوات السعودية بمساندة الجيش القطري استطاعت إخراجها وطردها ناكصةً على أعقابها وكبدتها خسائر جسيمة، وحطمت آليتها تحطيمًا فكانت قوات صدام ما بين أسير وقتيل، واستمرت الطائرات المشتركة في ضرب البصرة حتى اهتزت قصور مدينة الأهواز الإيرانية.

وقد فرَّ من العراق طيارون بطائراتهم إلى إيران فاحتجزتهم إيران متظاهرة أنها لا تطلق سراحهم حتى تضع الحرب أوزارها، غير أن إيران بالرغم من أنها كانت على الحياد في هذه الحرب لا تدخر وسعًا بالعطف على صدام الذي كان مبارزًا لها

ص: 66

بالعداوة والكيد والحروب الدائرة رحاها ثمان سنوات، والدليل على ذلك سعيها بالصلح بين العراق والحلفاء لما رأوا انتصاراته عليه، وهذا شيء يعجب له.

ولما أن كان في دخول شهر شعبان 14 فبراير اشتد الضرب على العراق واهتزت حيطان مدينة عبادان والأهواز من قوة الانفجارات، ودمرت الطائرات الأمريكية جميع ما مرت عليه في العراق من الصواريخ، وأصيبت محطات الكهرباء وخزانات المياه والمواصلات، وكانت الجنود الذين جعلهم الرئيس العراقي من أهالي العراق دونه وحرسه الجمهوري مقصورين على وجبة واحد، كانت خمس ملاعق من الأرز في اليوم والليلة بينما يتنعم في مخابئه التي أعدها في جرف الأرض وأهالي العراق بحالة يرثى لها قد استهدفت بعض مساكن الأهالي المدنيين للقصف لما كان ذلك الطاغية العراقي يطلق صواريخه على الرياض والحفر والمدن السعودية إطلاقًا عشوائيًا فتصيب النساء والأطفال في فرشهم، وأصبح ذلك المؤذي بطبعه عقوبةً على شعبه خاصة وعلى المسلمين عامة وكان إطلاقه صواريخه الشديدة الانفجار على اليهود في فلسطين وعلى العاصمة السعودية الرياض، فقد أصيبت جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، ولم يكن فيها ليلًا سوى الخدم الضعفاء الذين أصيبوا، وقد تصيب بعض الأهالي المدنيين العزل، ونذكر إصابة من شظية صاروخ من صواريخه لما أطلق آخر الليل إنه هدم بعض المساكن فما أخرج المصابون في تحت الأنقاض إلا وقت العصر من ذلك اليوم لما انتشلت جثثهم فوجدوا ما بين قتيل وجريح تكسرت الأبواب والنوافذ التي تقع عليها تلك الأهوال، وأصبحت مدينة الرياض التي كانت زهرة الدنيا مهددة بالأخطار ولا تزال صفارات الأنذار عالية أصواتها وتارةً تنادي الإذاعة بالاستعداد وأخذ الحيطة لما سيجري، وتارةً تنادي بأنه زال الخطر والحمد لله فاذهبوا إلى أعمالكم، ولما أن رأى الأهالي ما دهى ركبوا الصعب والذلول وفروا هاربين على ما حصلوا عليه من قلابيات وغيرها مكشوفةً إلى القصيم فاستأجروا مساكن فيها، ومنهم من لم يحصل إلا على خيام نصبوها في البراري، وقد كانت

ص: 67

فرصة لما أجلت الدراسة في المدارس لهذا العارض، فكانوا يذهبون لأخذ العمرة والجلوس في مكة والمدينة، ولما أن توسطت روسيا بالصلح تظاهر عدو الله بقبوله الانسحاب من الكويت، كما تفرضه جميع الدول عليه وتباشر الجنود العراقية الذين ثبتهم في الكويت لأذية أهلها وتفتشهم وتشريدهم والتمثيل بهم، ولكنها قليلة وخدعة من خدعه، فعاد إلى ضباطهم ورؤسائهم يطلقون النار عليهم ويلعنونهم، وكانت النتيجة من طلبه للصلح ورضوخه للانسحاب أن فجر مأتي بئر في الكويت من آبار النفط والبترول، وأشعل الحرائق فيها، حتى ارتفعت النيران والدخان الأسود في أجواء الكويت وما يليها، حتى حالت دون ضياء الشمس، وأصبحت الدنيا هناك جحيمًا أسودًا لا يستطاع السير في سادسة النهار، وهذا انتقامًا من قوات الحلفاء التي قيل أنه في معدل اليوم الواحد تصاب مائة دبابة من قوات العراق. وأحصى ما قامت به طائرات الحلفاء في قصف العراق من آخر ليلة خامس 8 إلى تمام أربع وعشرين ساعة فبلغ الفين وثمانمائة طلعة، أي ليلة سادس من 8.

ولما أن كان من آخر ليلة الأحد عاشر شعبان في الساعة الرابعة زوال قبل طلوع الفجر بدأت الحرب البرية، وهذا بالرغم مما بذلته جهود روسيا من سعيها بالصلح وإقناع المجرم صدام حسين، فقد قتل شباب الكويت وألقى بجثثهم في شوارع الكويت، وفجر الآبار، كما ذكرنا وتقدمت قوات الحلفاء بمدافعها وصواريخها ودباباتها متجهةً نحو الكبريت لطرد العدو عنه وإخراجه ذليلًا، وكان الرئيس قد طوقه بحواجز من الرمل، وبعدها أسلاك شائكة ثم حفر خنادق لئلا تخترقها القوات الآلية، ولكنه بالرغم من ذلك دخلت القوات المتحالفة ولم تعبأ بها وأسرت خمسة آلاف من الجنود العراقية، واستسلم آخرون حتى بلغ الأسراء خمسة وعشرين ألف عراقي، وجاءت التدابير من القائد الأعلى بالإحسان إليهم ونقلهم من الجبهة إلى مواضع الأسر حتى تضع الحرب أوزارها، ولم تجد القوات المتحالفة أمامها قوة تذكر كما يتصوره الطاغية، واستطاعت القوات المتحالفة تحطيم خمسين

ص: 68

دبابة روسية، ولقد صفقت الكويت لما رأت قوات التحالف تنتشر في أرض الكويت تأسر وتدمر القوات العراقية، وكانت دبابات أمريكا تفوق في القوة والاستعداد، كما أن الدبابات البريطانية لها مفعول عظيم، هذا وقد كانت الطائرات المتحالفة تضرب العراق وتطالع عن كثب سير الدبابات والمحافظة عليها، وقد دمر الحلفاء وقتلوا أعدادًا كثيرة، وتقدمت ولم يفقد من جيشها سوى ثمانية قتلى وعشرين جريحًا، وما زالت قوات التحالف تحطم والجنود العراقيون يستسلمون، وذلك لما أنهكهم الجوع لأن خمس ملاعق من الأرز للجندي العراقي في اليوم والليلة غير كافية لأن تقيم صلبه، ولا سيما لما رأوا بمعاملة المملكة السعودية للأسراء العراقية من الرأفة والرحمة، لكن غالبهم مسخرون ومغلوبون على أمرهم عندما رأوا من تقتيل إخوانهم المسلمين.

وفي يوم الجمعة الموافق 8/ 8 صدرت أوامر الرئيس صدام على جنوده في الكويت بأن يترصدوا للمسلمين بعد صلاة الجمعة بأبواب المساجد فيلقون القبض عليهم ويجعلون عيونهم مغطاة ويحملوهم أسراء لا يعلمون إلى أي جهة ذهبوا فيلقونهم في العراق ويفجر بقية آبار البترول في الكويت حتى تم تفجير خمسمائة بئر في الكويت وأصبحت الأمور لا تبشر بخير بعد اندلاع النيران وإشعال الحرائق في أحياء الكويت، وقتل النساء والأطفال وهتك المحارم، وكانت الأمور لا تبشر بخير وتنذر بشرها وويلاتها، وفي تلك الأثناء تطلق العراق بتوجيه من رئيسها صواريخ سكود السوفيتية على المدن السعودية، وكانت آية من آيات الله في قوة القصف وشدة التدمير، لولا أن الله جعل لها صواريخ مضادة في الجو وهي صواريخ باتريوت الأمريكية، فقد أطلق الشقي صاروخًا على مدينة الخبر في الشرقية فسقط على عمارة فيها ذات طابقين، فقتل أربعين وجرح مائة وخمسين، وفقد أربعون تحت الأنقاض، كما كان يطلق الصواريخ على مدينة الرياض فأصيبت بعض المدارس وبعض البيوت فيها، ولولا أن الله دافع بفضله عن المسلمين لكان الأمر أدهى وأعظم، ولما أن توغلت جيوش الأمم المتحالفة ضد العراق في مدينة الكويت

ص: 69

استطاعت أن تطرد الجيوش العراقية وتأخذهم أسرًا وقتلًا وتحطم دباباتهم حتى خرجوا أذلة وهم صاغرون، وأسر منهم خمسون ألفًا ودمرت دباباتهم ولم تكتفِ أمريكا بذلك حتى سدوا الطريق بينهم وبين العراق يقتلون ويأسرون ولا يزال الضرب في مدن العراق مما حمل على الرئيس أن يعلن سحبه من الكويت، ويعترف بأن الكويت ليست جزءًا من العراق، ويخضع لقرارات مجلس الأمن صاغرًا مرغمًا، وأخذ يفكر في الفرار من العراق بجعل طائرتين على استعداد، ولكن أمريكا جعلت له أقمارًا صناعية تمنعه من الهرب حتى تخضع لجميع الخسائر التي أنزلها بالكويت، وقد شوهد من مصر التي بلغت جيوشها تسعة وثلاثين ألفًا، تقدمًا عظيمًا في طرد الجيوش العراقية أيضًا عن الكويت، ورفع العلم الكويتي في الكويت وفتحت السفارة الأمريكية بعد إغلاقها، كما فتحت بقية السفارات فيها، وقام الأهالي في الكويت يهزجون بالدعاء والثناء والشكر لصاحب الفضل عليهم الملك فهد بن عبد العزيز، وأصبح الذين ناصروا الشقي المعتدي رئيس العراق وزجوه في غيه وضلاله يعضون على أيديهم أسفًا على ما بدر منهم، بحيث جحدوا المعروف وأنكروا الفضل وجاهروا بعداوتهم كيف لا وهم يتربصون الدوائر ويظهرون في وقت العافية مالا يبطنون قال الله تعالى في محكم كتابه:{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء: 107 - 109].

كان الحكماء قد قرروا على أن يجعل صدام في قفص المحاكمة بعدما أطيح في حكمه وخذله الله، وكان رفع العلم الكويتي فيها يوم الأربعاء في 13 شعبان من هذه السنة.

وفي صباح يوم الرابع عشر الموافق 28 من فبراير شباط 1991 م تلقى السفير السعودي في واشنطن بلاغًا من الرئيس جورج بوش بالأمر بوقف إطلاق النار،

ص: 70

وذلك في الساعة الثامنة صباحًا بتوقيت الرياض، ولما أن أعلن القرار كان فيما قبله وبعده سوء تصرف من العراق بحيث أنه لم يتوقف إطلاق النار منهم بصورة قطعية مما اضطر المشاركة إلى رد الفعل بالفعل بحيث سقط من أهالي العراق بالبصرة جملة قتلوا وحطمت من دباباتهم ثمانون دبابة، إضافةً إلى أربعة آلاف دبابة حطمتها أمريكا والقوات المشاركة، وخلفوا ورائهم حينما انهزموا مائة ألف قتيل وخمسين ألفًا وأسر منهم مائة ألف وخمسة وسبعون ألف أسير، ثم وقعت فوضى في اليوم الثاني عشر في مدينة البصرة وكسرت صور الرئيس صدام، ونودي بالإطاحة في حكمه وجرح الثوار في البصرة ابن صدام حسين وهو عدي بعد محاولة اغتياله، وقتل حاكم البصرة ورئيس البلديات فيها وخسر العراق مدينة الزبير والسماوة والبصر والناصرية، وقام الجيش ضد الرئيس الأول بقصف للحرس الجمهوري، ومظاهرات عنيفة بحيث سمع في إيران أصوات الانفجارات من ضرب المعارضين لصدام، وقام الرئيس المخلوع يفكر في جهة يلجأ إليها فمانعت روسيا من إيوائه، وقد يكون فرض بنفسه على أعوانه الذين زجوه في ورطة وعرض نفسه على الجزائر ملحًا فأجابت بأنه لا مانع من ذلك إذا وافقت أمريكا.

ولما أن كان في يوم الاثنين 18/ 8 قدم ولي عهد الكويت رئيس الوزراء فيها سعد بن عبد الله بن صباح الكويت على متن طائرة سعودية بعد غيابه عنها سبعة أشهر وسبعة أيام، وقد أجمعت ظنون الأعداء ومن على نحوهم بأنها غابت شمس الصباح فلا يعودون إليها، وهذا يدل على تمام قدرة الله تعالى، وأن الإنسان لا ييأس من روح الله، فأول شيء بداية ركعتان ركعهما على مدرج الطائرة شكرًا لله تعالى وخضوعًا لعظمته، هذا وقد كانت سماء الكويت غمامة سوداء من دخان آبار الزيت التي فجرها طاغية العراق وبلغ عددها تسعمائة بئر، ومثل بمن وقعت يده عليه من أهالي الكويت المفقودين فيها بأن قلع أعينهم وأحرق بعضه فلم تعرف أجسامهم، وقتل الشباب والأطفال وألقاهم في الشوارع جثثًا هامدة، وأصبحت الكويت بمرأى حزينٍ تقشعر له الجلود وتحزن له القلوب وتنكره العقول البشرية،

ص: 71

وقد كانت بقايا من الفلسطينيين في الكويت لم يزهدوا في الأذى والانضمام إلى الطاغية ولكن أحيط بهم لما جاء النصر من الله.

ولما أن أصبح الرئيس صدام قد خسر الحرب ونودي بالإطاحة بحكمه، وكان كأسير في مخبأه قام الأهالي ضده بثورات عنيفة من الشيعة والأكراد، واستعملت الطائرات والمدافع بين أهالي العراق والجيش الجمهوري المحيط بالرئيس السابق، وحصلت فوضى في العراق وأصبح الذي يريد السيطرة على الدنيا كلها عاجزًا عن تخليص نفسه من شعبه الحانقين عليه، ولما أراد أن يستعمل على الثائرين عليه زيت الخردل والمواد الكيماوية وهددته أمريكا، وأصبح بحالة لا يحسد عليها، وهناك قام الفريقان بتبادل الأسرى، غير أن الأسرى العراقيين رفضوا العودة إلى العراق لما يتوقعونه من سوء الحالة فيها كيف وقد فرَّ من تمكن من الفرار إلى إيران وتركيا والأردن وغيرها.

وفي بقية أيام شعبان عادت الأمور إلى ما كانت عليه، أولًا في الدمام والخبر وحفر الباطن من الأمن والطمأنينة والهدوء، وقام أهالي الكويت ينظمون شؤون بلادهم بعد رجوعهم إليها، وقد التزمت العراق حسب قرار مجلس الأمن بإرجاع جميع ما سلبته وانتهبته من الكويت سواء من الذهب والفضة والحلي والنقود كذا أعمدة الكهرباء والإشارات التي في شوارعها، أو كان غير ذلك من السيارات والمكيفات وما يلتحق بها، وطلبت حضور من يستلمها، ولكن أهل المعرفة يقدرون ما انتهب من الكويت وخرب ودمر فيها بمائة ألف مليون على أقل تقدير، كما أن آبار البترول التي فجرت فيها لا يمكن القضاء على لهبها إلا بعد سنتين، وقد أثر الدخان على الطبقة الجوية بدخان أسود تراكم منه تطع سحب انتشر دخانها في شمالي المملكة السعودية بما في ذلك القصيم.

وفيها في ليلة الثلاثاء تاسع عشر شعبان هبت رياح شديدة السرعة على القصيم فأثرت على غربي القصيم الشمالي بأن سقطت أعمدة الكهرباء وخزانات الكهرباء بأن تحطمت وسقط لذلك الأشجار في الشوارع ونخيل ولا سيما في عقلة

ص: 72

الصقور، وكانت تلك الرياح مصحوبة ببرد شديد وغبرة وقترة، وكان من آثار تلك الرياح سقوط خيام في البراري استهدفت لتلك العاصفة.

وفيها في 17 شعبان وفاة الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز الجبيلي رحمه الله وعفا عنه، كان من حملة المشايخ الذين أخذوا العلم عن الشيخ عمر بن محمد بن سليم، وعن الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي، وتولى قضاء مدينة الخبراء في القصيم، ثم كان مدرسًا في مدينة تحفيظ القرآن في مدينة بريدة، وأخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد حال كونه في مدينة بريدة، وكان ضرير البصر وله صوت جهوري في تلاوة القرآن.

وفيها في اليوم 28/ 8 قدم أمير الكويت جابر بن أحمد إلى بلد الكويت بعد مغادرته إياها سبعة أشهر وثمانية عشر يومًا، ولما أن ظفر الرئيس الأمريكي جورج بوش ذلك الظفر وتقدمت جيوشه محتلة من العراق وأراضيه مائة وخمسين كيلوا صفقت له الأمة معلنةً المديح له والثناء عليه، وقد كان باستطاعته أن يمحق العراق بأسرها ويزيلها من الكرة الأرضية، لكنه قال إني لم أت مخربًا ولا مدمرًا، بل جئنا لتحرير الكويت وطرد المغتصب عنها، فلذلك لم يفجر آبار النفط ولم يسع بالإفساد فيها، وهتك الأعراض، ونهب الأموال كما فعله رجل يدعي الإسلام ويبهرج بأنه عربي وغيور، فأصبح بضد ذلك، نسأل الله العافية وأذله الله وأخزاه وجعله أحدوثة للأمة إلى يوم القيامة وهكذا فعل الله عز وجل كن سعى فسادًا، ولقد ألقى الله عليه الخوف والذعر فبعث إلى الموالين له وهم السودان وتونس وحسين الأردن وعلي عبد الله صالح اليمني يطلب منهم أن يبعثوا المنهوبات التي وزعها عليهم في الكويت يردها إلى أهلها الذين أنتهبها منهم حسب قرار مجلس الأمن.

فيا عجبًا ويا سبحان الله كيف توصلت الأحوال به إلى هذه الدرجة، وقد ثار العراق بأجمعه عليه وأصبح في قتال مع الأهالي، وكان قد لجأ إلى استعمال الغازات السامة والكيماوية على الأكراد، ولكن أمريكا التي استولت على سدس مدينة العراق حدت من ذلك وإلا فإنها لا تزهد في ضربه في قبوه، والبقاء عليه.

ص: 73

وفي رابع شهر رمضان قام الرئيس المخلوع يفجر آبار بترول العراق ويسعى بتخريب بلاده.

وفيها في آخر اليوم السادس من 9 أصيب القصيم بصفرة وظلمة شديدة، واستمرت قبل وقت العصر إلى الغروب، وفي هذه الأيام التي توافق آخر برج الحوت وأوائل الحمل، كانت أراضي القصيم مزدهرة بالأعشاب وأنواع الربيع، فكانت الأمة يخرجون إلى رياض السكة وما يليها التي كانت قد أنبتت من كل زوج بهيج، وقد كانت السماء مدرارة بالأمطار الوابلة عليها بحيث كانت الشوارع المسفلتة داخل المدن قد اخضرت من طول بقاء الماء فيها في غير كثرة المستنقعات، ولكن لتدارك الأمطار، ولما أن كان في 10/ 9 قامت قوات صدام حسين بضرب الثائرين عليه من جهة الشمال والجنوب، وامتلأت الشوارع في البصرة في جثث القتلى، وكان معظمهم من الأكراد، وبما أن الحكومة القديمة في العراق تملك بقية قواتها التي دمر معظمها فإن الثائرين من الأكراد والشيعة واجهوا قوات من عدوهم ولم يتلقوا مساعدات من المجاورين، فقد استهدفوا للقتل والدمار.

وفي 18/ 9 أصيبت مدنهم بالدمار بحيث قضت قوات صدام بما فيها الطائرات العمودية وطائرات الهلوكبتر على المدينة، وجعلتها أكوامًا من الحجارة، وفرَّ المتبقون من الملايين عنه ميسرةً عن العراق، ولقد ضجت الأمة ولا سيما فرنسا من أعمال صدام الإجرامية الذي لا يعرف عن الحياة إلا القتل والأذى التدمير، نسأل الله العافية، وكانت المعارك ضارية جدًا في العراق بين الأهالي بما انتحله الطاغية، وكأنه لما فشل في حرب إيران وفي هجومه على الكويت وتعذيب أهلها، وأخرج منهد طريدًا قد قتل رجاله وأبيدت قواته، ورد الله كيده في نحره لم يجد مندوحة عن أن يعدل إلى قتل قومه وشعبه لما كان يسعى به من التخريب والإفساد، فقد قام هذا اللئيم على شعب العراق بقتل الأطفال فيها والنساء، إضافةً إلى ما أصيبوا بأسبابه من الجوع والأمراض الفتاكة، وإلى ما حل بهم.

وكان موقف أمريكا ومن حالفها أن تنظر إليه بعين المتفرج وتقف وقفة المتفرج، وذلك لثلاثة أمور:

ص: 74

أولًا: إن ذلك كحرب داخلية وثورات داخلية نصيبها عدم التدخل في شؤون العراق.

ثانيًا: أن أمريكا لا تزهد في تشتيت شمل العراق وضعفه لما سولت لرئيسه نفسه أن تسفر حالته عن أن يكون بارزًا على إسرائيل حليفة أمريكا لأن مما حفظ عنه في حالة طغيانه بأنه يستطيع القضاء على نصف اسرائيل، وفعلًا حصل على ما تمليه عليه نفسه من جمعه الطائرات والدبابات والصواريخ بعيدة المدى التي أبيدت.

ثالثًا: لعله يسترد شيئًا من حياته حتى يطالب بقرارات مجلس الأمن التي أدانته بجميع تعويضات ما قام به من الإفساد في الكويت وغيرها، والسرقة والتخريب ثم ترجع عليه بعد ذلك بالإطاحة بحكمه وقتله أو طرده، وكان في تلك المدة التي بلغت ثمانية أشهر وعشرة أيام لا يزال الجبن والضعف، ولو كان شجاعًا لظهر يقاوم الأبطال ويدير المعارك بنفسه لكنه كان يرسل شياطينه وأذنابه الحرس الجمهوري الذين باعوا إخوتهم برضاه واتكل عليهم فخاب وفشل وخسر الحروب كلها، وجرَّ على نفسه وقومه وشعبه واقعة بلاء ودمارًا، قد لا يتلاقى في عشرات السنين بحيث كان غير مفكر ولا عاقل ولا محنكًا إنما كان همجيًا لم يجد في شعبه رجالًا يوقفونه عند حده، ولقد حاولوا عدة مرات لاغتياله فلم يفلحوا بحيث بلغت العشرات، ولكن لما يريد الله بهم من بقايا شره لم يصب، وإذا قارنا بين حالته في إرغام قومه على أن يسكتوا عنه ويقبلوه رغمًا على أنوفهم وبين حالة أبي بكر الصديق وعمر بن عبد العزيز وعقلاء الرؤساء الذين كانوا يفرضون على شعوبهم إقالتهم من البيعة إن كانوا لا يرتضونهم، بل كان دكتاتوريًا مجنونًا أنزل على أمة لا تريده لا ترتضيه رئيسًا فجاء بإطاحة الرئيس حسن البكر واغتصبه عرشه، وآذى المسلمين عامة وأهل العراق خاصة، وفي الحقيقة إنه لم يروي التاريخ من نزول دم على الأرض عن ملك أخرق فعل مثل أفعال هذا الرجل، وليس العجب من مجنون يلعب بالنار ويقتل الأبرياء ويسفك الدماء إنما العجب من شعبه كيف لا يهجموا عليه هجوم رجل واحد ويستريحوا منه، ولكن الله سبحانه وتعالى له حكمة من وراء ذلك كله.

ص: 75