الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
المبحث الأول
أحاديث الأسماء المبدوءة بحرف الألف
المعنى في اللغة:
الأحد: أصله وَحَدٌ ثم قلبت الواو همزة، وهو يدل على الانفراد ومنه الوَحْدة، ويقال: هو واحد قبيلته إذا لم يكن فيهم مثله، والواحد المنفرد (1) أو الفرد الذي لاثاني له من العدد، ويقال: واحد القوم إذا كان رئيسهم وعمدتهم (2)، والأحد اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول: ما جاءني أحد، والواحد: أول عدد الحساب (3)، ولم يستعمل أحد في الإثبات وصفاً لشيء من الأعيان إلا الله تعالى، وإنما يستعمل في غير الله تعالى في النفي والشرط والاستفهام، ونحو أحد عشر (4).
المعنى في الشرع:
الأحد: هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر (5).
وهو المنفرد بوحدانيته في ذاته وصفاته، وقد فرق بعضهم بين الواحد والأحد: أن الواحد يفيد وحدة الذات فقط والأحد يفيده بالذات والمعاني (6). فقيل: الواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير، والأحد بني على الإنفراد والوحدة بين الاصحاب فالواحد منفرد بالذات والأحد بالمعنى والأحد من صفات الله عز وجل التي استخلصها لنفسه، ولايشركه فيها شيء (7)، فالله عز وجل الواحد الأحد الذي لاثاني له ولاشريك ولامثل ولانظير، وهو سبحانه الواحد الذي يعتمده عباده، ويقصدونه، ولايتكلون إلا عليه عز وجل (8)، وهو سبحانه الواحد الذي ليس كمثله شيء، وكل شيء سواه يدعى واحداً فهو واحد من جهه غير واحد من جهات (9).
وقد اختار ابن جرير أن معنى وحدانية الله نفي الأشباه والأمثال عنه، فالله لامثل له ولانظير، وهو سبحانه معبود واحد ورب واحد لايستحق الطاعة غيره ولايستوجب العبادة سواه (10)
وقد قال تعالى:
(1) معجم مقاييس اللغة (1/ 67، 6/ 90، 91)، تفسير أسماء الله للزجاج (58).
(2)
اشتقاق أسماء الله للزجاجي (90، 91).
(3)
اللسان (أحد)(1/ 35).
(4)
شرح التوحيد للغنيمان (1/ 257).
(5)
النهاية (أحد)(1/ 27).
(6)
تفسير أسماء الله للزجاج (58).
(7)
اللسان (أحد)(1/ 35)، (وحد)(8/ 4779 - 4783).
(8)
اشتقاق أسماء الله للزجاجي (90 - 093).
(9)
شأن الدعاء (82، 83).
(10)
تفسير ابن جرير (3/ 265، 266).
{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163].
فالله سبحانه هو الذي توحد بجميع الكمالات بحيث لايشاركه فيها مشارك ويجب على العبيد توحيده عقداً وقولاً وعملاً بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانيه ويفردوه بأنواع العبادة (1).
ورودهما في القرآن:
ورد الأحد مرة واحدة في سورة الإخلاص {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1].
وورد بلفظ إله واحد في اثنى عشر موضعاً منها قوله تعالى:
وبلفظ الواحد في ستة مواضع اقترن فيها باسم القهار ومنها قوله تعالى:
{قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)} [الرعد: 16].
(1) تيسير الكريم الرحمن (5/ 485).
75 -
(28) ثبت فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قال الله: كذَّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفأ أحد} ، وفي لفظ:{فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولداً} رواه البخاري باللفظين، ونحوه عند النسائي وفيه: {وليس آخر الخلق بأعز علي من أوَّله
…
وأنا الله الأحد}.
التخريج:
خ: كتاب التفسير: سورة الصمد قوله: {قل هو الله أحد} ، ثم باب قوله:{الله الصمد} (6/ 222)(الفتح 8/ 739)
باب {وقالوا اتخذ الله ولداً سبحانه} (6/ 24)(الفتح 8/ 168).
ورواه مختصراً: في كتاب بدء الخلق: باب ما جاء في قوله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} (4/ 129)(الفتح 6/ 286).
س: كتاب الجنائز: أرواح المؤمنين (4/ 112).
شرح غريبه:
كذبني ابن آدم: أي بعض من بني آدم (العمدة 20/ 9).
شتمه إياي: الشتم وصف الرجل بما فيه إزراء ونقص سيما فيما يتعلق بالنسب (مجمع بحار الأنوار 3/ 177)، وإنما سماه شتماً؛ لما فيه من التنقيص لأن الولد إنما يكون عن والدة تحمله ثم تضعه، ويستلزم ذلك سبق النكاح والناكح يستدعي باعثاً له على ذلك. والله سبحانه منزه عن جميع ذلك (الفتح 8/ 168)(6/ 291).
الفوائد:
(1)
إثبات اسمي الأحد والصمد لله تعالى وهما ثابتان في كتاب الله.
(2)
أن من نسب غيره إلى أمر لايليق به يطلق عليه أنه شتمه (الفتح 8/ 739).
(3)
فيه الرد على منكري البعث من عباد الأوثان (العمدة 15/ 110).
76 -
رود فيه حديث تميم الداري رضي الله عنه:
قال الترمذي رحمه الله تعالى: حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن الخليل بن مرة عن الأزهر بن عبدالله عن تميم الداري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من قال أشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحداً أحداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولم يكن له كفواً أحدٌ عشر مرات كتب الله له أربعين ألف ألف حسنة} .
التخريج:
ت: كتاب الدعوات: باب رقم (63)(5/ 514)
ورواه أحمد في (المسند 4/ 103)
وابن عدي (الكامل 3/ 928) في ترجمة الخليل بن مرة.
كلاهما من طريق الليث به.
وللحديث شواهد:
(1)
حديث أنس رضي الله عنه:
رواه ابن عدي (الكامل 3/ 930) ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل المتناهية 2/ 351)
كلاهما من طريق الليث عن الخليل بن مرة عن يزيد الرقاشي وابن أبي مريم عن أنس وفي العلل
(2)
حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه:
ذكره الهيثمي في (المجمع 10/ 85) وفيه {كتب الله له ألفي ألف حسنة} وعزاه إلى الطبراني، ولم أجده في المطبوع ولا في التكملة من مسانيد من اسمه عبدالله.
(3)
حديث جابر رضي الله عنه:
ذكره ابن أبي حاتم في (العلل 2/ 182) من رواية فايد عن محمد بن المنكدر عن جابر، وفيه {كتب له ألفي ألف حسنة، ومن زاد زاده الله} .
دراسة الإسناد:
(1)
قتيبة: هو ابن سعيد، تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 228)
(2)
الليث: هو ابن سعد، تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 309)
(3)
الخليل بن مرة الضُّبَعي: ـ بضم المعجمة وفتح الموحدة ـ البصري:
مختلف فيه: فقد ضعفه أكثر النقاد، قال البخاري: منكر الحديث، وقال: خليل عن أزهر، روى عنه الليث: فيه نظر، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، هو شيخ صالح، وقال أبو زرعة: شيخ صالح، وقال الترمذي: ليس بالقوي عند أصحاب الحديث، وضعفه ابن معين، والنسائي، وقال ابن حجر: ذكره الساجي، والعقيلي، وابن الجارود، والبرقي، وابن السكن في الضعفاء، قال ابن حبان: منكر الحديث عن المشاهير كثير الرواية عن المجاهيل، وقال ابن عدي: له أحاديث غرائب، وهو
شيخ بصري، ولم أر في أحاديثه حديثاً منكرا قد جاوز الحد، وهو في جملة من يكتب حديثه، وليس هو بمتروك الحديث.
ووثقه ابن شاهين ونقل قول أحمد بن صالح: ما رأيت أحداً يتكلم فيه ورأيت أحاديثه عن قتادة ويحيى بن أبي كثير صحاحاً وإنما استغنى عنه البصريون لأنه كان خاملاً ولم أر أحداً تركه وهو ثقة.
قال ابن حجر: ضعيف، من السابعة، مات سنة 160 هـ (ت).
ترجمته في:
التاريخ الكبير (3/ 459)، الجرح والتعديل (3/ 379)، التاريخ لابن معين (4/ 111)، ت (5/ 39، 514)، الضعفاء للنسائي (173)، الكامل (3/ 928 - 930)، المجروحين (1/ 286)، الضعفاء للعقيلي (2/ 19)، تهذيب الكمال (8/ 342 - 345)، الثقات لابن شاهين (79)، الميزان (1/ 667، 668)، الكاشف (1/ 376)، المغني (1/ 214)، التهذيب (3/ 169، 170)، التقريب (196).
(4)
الأزهر بن عبدالله بن جُمَيْع الحرازي: ـ بمهملة وراء خفيفة وبعد الألف زاي ـ حمصي، ويقال هو الأزهر بن سعيد الحرازي، وقال البخاري: أزهر بن يزيد، وابن سعيد، وابن عبدالله الثلاثة واحد نسبوه مرة مرادي ومرة حمصي ومرة هوزني ومرة حرازي، وقال ابن حجر: وافقه جماعة على ذلك، وفرق ابن حبان بين الثلاثة وأضاف رابعاً هو أزهر بن عبدالله الذي قال: كنت في الخيل الذين سَبَوا أنس ابن مالك وكان فيمن يولب على الحجاج، وقال: أزهر بن عبدالله يروي عن تميم الداري إن لم يكن الحرازي فلا أدري من هو. قال ابن حجر: إن ابن حبان جعل الواحد أربعة. والأزهر بن عبدالله وثقه العجلي، وقال الأزدي: يتكلمون فيه، قال ابن الجارود: كان يسب علياً رضي الله عنه.
روايته عن تميم الداري مرسلة فهو لم يسمع منه.
قال الذهبي في الكاشف: ناصبي، وفي الميزان: حسن الحديث لكنه ناصبي ينال من علي رضي الله عنه.
وقال ابن حجر: صدوق تكلموا فيه للنصب، جزم البخاري بأنه ابن سعيد، من الخامسة (د ت س)، ثم ترجم لأزهر بن سعيد، قال ابن حجر: صدوق، ويقال هو أزهر بن عبدالله، من الخامسة، مات سنة 128 هـ أو 129 هـ (بخ د س جه).
ترجمته في:
التاريخ الكبير (1/ 456 - 459) وفيه ترجمة كل راوٍ على حدة، الجرح والتعديل (2/ 312) ولم يذكر إلا ابن عبدالله، الثقات لابن حبان (4/ 38، 39)، الثقات للعجلي (1/ 215)، الضعفاء لابن الجوزي (1/ 94)، الميزان (1/ 173)، الكاشف (1/ 231)، التهذيب (1/ 203 - 205)، التقريب (97، 98).
درجة الحديث:
الحديث بإسناد الترمذي فيه: الخليل بن مرة وهو ضعيف، والأزهر صدوق لكنه ناصبي، ثم إنه لم يسمع من تميم رضي الله عنه، فالحديث ضعيف لضعف خليل، وإرسال الأزهر.
وقد نص البخاري على ضعف هذا السند فقال في (التاريخ الكبير 3/ 459): الخليل عن الأزهر روى عنه الليث فيه نظر، وفي (1/ 459) أزهر عن تميم الداري روى عنه الخليل بن مرة ولا يصح حديث الخليل.
كما ضعفه الترمذي (5/ 514، 515) قال: هذا حديث غريب لانعرفه إلا من هذا الوجه، وذكر ضعف الخليل.
وذكر الذهبي الحديث في (الميزان 1/ 668) من مناكيره.
وانظر (تحفة الأحوذي 9/ 443)، (ضعيف الجامع 5/ 225)، (ضعيف ت/450، 451).
أما الشواهد المذكورة:
(1)
حديث أنس رضي الله عنه:
ضعفه ابن الجوزي في (العلل 2/ 351) بالخليل، ويزيد، وابن أبي مريم، وتعقبه محقق (تلخيص العلل 3/ 1151) بأن ابن أبي مريم هو بُريد السلولي وهو ثقة، لكن الحديث ضعيف لضعف الخليل، ويزيد، وقد قال الذهبي في تلخيص العلل: هالك.
(2)
حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه:
سكت عنه المنذري في (الترغيب والترهيب 2/ 401) لكنه صدره بصيغة (رُوى).
وقال الهيثمي في (المجمع 10/ 85): فيه فايد أبو الورقاء وهو متروك.
فالحديث ضعيف جداً.
(3)
حديث جابر رضي الله عنه:
سئل عنه أبو حاتم (العلل 2/ 182) فقال: هذا حديث منكر.
وعلى هذا فالحديث ضعيف بجميع الرويات المذكورة، لكن ثبت في الصحيح فضل قول:{لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} وسيأتي بإذن الله ص
…
.