الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الجميل}
المعنى في اللغة:
الجمال: الحسن، والبهاء وهو ضد القبح، أو تجمع الخلق وعظمه ومنه الجمل؛ لعظم خلقه (1).
والجمال يكون في الفعل والخلق، وجمّلَّه: زيّنه (2).
المعنى في الشرع:
الله سبحانه هو الجميل بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله فلا يمكن مخلوقاً أن يعبر عن بعض جمال ذاته حتى أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم واللذات والسرور والأفراح التي لايقدر قدرها إذا رأوا ربهم سبحانه وتعالى نسوا ما هم فيه من النعيم، وودوا لو تدوم هذه الحال، واكتسبوا من جماله ونوره جمالاً إلى جمالهم، وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم، ويفرحون بيوم المزيد فرحاً تكاد تطير له القلوب. وهو سبحانه الجميل في أسمائه فإنها كلها حسنى بل أحسن الأسماء على الإطلاق وأجملها قال تعالى:
{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180].
وكذلك هو الجميل في أوصافه، وكذلك أفعاله، كما أن كل جمال في الدنيا والآخرة منه سبحانه فهو أحق بالجمال وهو ليس كمثله شيء (3). وهو سبحانه ذو النور والبهجة وهو المجمِل المحسن (4). وهو حسن الأفعال كامل الأوصاف (5). وهو ذو الأسماء الحسنى، لأن القبائح لاتليق به، وإنما تشتق أسماؤه من صفاته التي كلها مدائح وأفعاله التي كلها حكمة (6).
قال ابن القيم (7):
وهو الجميل على الحقيقة كيف لا
…
وجمال سائر هذه الأكوان
من بعض آثار الجميل فربها
…
أولى وأجدر عند ذي العرفان
فجماله بالذات والأوصاف والـ
…
أفعال والأسماء بالبرهان
(1) معجم مقاييس اللغة (جمل)(1/ 481).
(2)
اللسان (جمل)(2/ 683 - 685).
(3)
انظر: روضة المحبين لابن القيم (418، 419)، الحق الواضح المبين (المجموعة الكاملة 3/ 227).
(4)
شأن الدعاء (102)، إبطال التأويلات (2/ 465).
(5)
النهاية (جمل)(1/ 299).
(6)
انظر: الأسماء والصفات (1/ 115).
(7)
النونية (2/ 214).
وروده في القرآن:
لم يرد الجميل في كتاب الله تعالى اسماً لله ولا وصفاً له، وإنما ورد في السنة.
97 ب- (39) ثبت فيه حديث ابن مسعود رضي الله عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبْر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطْر الحق وغمط الناس} رواه مسلم واللفظ له، والترمذي بنحوه.
التخريج:
م: كتاب الإيمان: باب تحريم الكبر وبيانه (2/ 89).
ت: كتاب البر والصلة: باب ماجاء في الكِبْر (4/ 361) وقال: حسن صحيح غريب.
شرح غريبه:
بطر الحق: هو أن يجعل ماجعله الله حقاً من توحيده وعبادته باطلاً، وقيل: هو أن يتجبر عن الحق فلايراه حقاً، وقيل: هو أن يتكبر عن الحق فلايقبله (النهاية/بطر/1/ 135).
غمط الناس: وفي رواية {غمص الناس} ، الغمط: الاستهانة والاستحقار، وهو مثل الغمص.
غَمِص الناس: احتقر الناس ولم يرهم شيئاً (النهاية/غمط/3/ 386، 387).
الفوائد:
(1)
ذكر الترمذي قول بعض أهل العلم في تفسي قوله: {لا يدخل الجنة} معناه: لايخلد في النار (ت 4/ 361) ورجح النووي أن المراد أنه لايدخل الجنة دون مجازاة إن جازاه، وقيل: هذا جزاؤه لو جازاه، وقد يتكرم سبحانه بأنه لايجازيه فلابد أن يدخل كل الموحدين الجنة إما أولاً، وإما ثانياً بعد تعذيب بعض أصحاب الكبائر الذين ماتوا مصرين عليها (شرح النووي 2/ 91).
(2)
أن الله جميل يحب الجمال، قد أدرج فيه حسن الثياب التي هي المسؤول عنها فعلم أن الله يحب الجميل من اللباس، ويدخل في عمومه وبطريق الفحوى الجميل من كل شيء، واستدل به على استحباب التجمل في الجمع والأعياد؛ إظهاراً لنعمة الله تعالى، وشكراً له سبحانه لالمجرد الجمال (مجموع الفتاوى 22/ 124، 125)، (الجمال/85، 86).
(1)
أن كون الشيء جميلاً يقتضي محبة الله له، وهو سبحانه أحسن كل شيء خلقه؛ إذ كل موجود فلابد فيه من وجه الحكمة التي خلقه الله لها، ومن ذلك الوجه يكون حسناً محبوباً، فهو سبحانه جميل يحب الجمال، والجمال الذي للخُلق من العلم والإيمان والتقوى أعظم من الجمال الذي للخَلق وهو الصورة
الظاهرة، وكذلك الجميل من اللباس الظاهر فلباس التقوى أعظم وأكمل. وهو يحب الجمال الذي للباس التقوى أعظم مما يحب الجمال الذي للباس الرياش، ويحب الجمال الذي للخُلق أعظم مما يحب الجمال الذي للخلق، فذو الصورة الحسنة إما أن يترجح عنده العفة والخلق الحسن، وإما أن يترجح فيه ضد ذلك، وإما أن يتكافآ فإن ترجح فيه الصلاح كان جماله بحسب ذلك وكان أجمل ممن لم يمتحن تلك المحنة، وإن ترجح فيه الفساد لم يكن جميلاً، بل قبيحاً مذموماً فلايدخل في قوله:{إن الله جميل يحب الجمال} ، وإن تكافأ فيه الأمران كان فيه من الجمال والقبح بحسب ذلك، فلايكون محبوباً ولا مبغوضاً والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الكلمة للفرق بين الكبر الذي يبغضه الله والجمال الذي يحبه الله.
(4)
أنه ليس كل ثوب جميل وكل نعل جميل فإن الله يحبه؛ فإنه يبغض لباس الحرير للرجل ويبغض الإسراف والخيلاء في اللباس وإن كان فيه جمال. فإذا كان هذا في لبس الثياب الذي هو سبب هذا القول فكيف في غيره! وقد علم أن مجرد جمال الظاهر في الصور والثياب لاينظر الله إليه وإنما ينظر إلى القلوب والأعمال، فإن كان الظاهر مزيناً مجملاً بجمال الباطن أحبه الله، وإن كان مقبحاً مدنساً بقبح الباطن أبغضه الله.
انظر كتاب (الجمال لشيخ الإسلام 100 - 135) والكتاب كله نفيس في بيان هذا الحديث وقد اقتصرت على ماذكرت خشية الإطالة.