‌{الغفار ومعه الغفور} - إفراد أحاديث اسماء الله وصفاته - جـ ١

‌

‌{الغفَّار ومعه الغفور}

المعنى في اللغة:

الغَفْر: السَّتر، والتغطية.

يقال: غفر الله ذنبه غَفْراً ومغفرة وغفراناً.

والمغفرة: إلباس الناس الغفران وتغمدهم به (1).

المعنى في الشرع:

الغفار: هو الساتر لذنوب عباده وهو مغطيهم بستره فلا يطلع على ذنوبهم غيره وهو المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم؛ لأنه سبحانه إذا سترها فقد صفح عنا وعفا وتجاوز، وهو غفور يغفر لهم مرة بعد مرة إلى مالا يحصى، وفي الآخرة يستر على بعضهم، ويأخذ آخرين ببعض ذنوبهم

ويستر غيرها (2).

وفرق بعضهم بين الغفور والغفار بأن الأول مغفرته في الآخرة وتجاوزه عن العقوبة فيها، والثاني ستره في الدنيا على عباده وأنه لايفضحهم (3)، وقيل الغفار: هو المبالغ في الستر فلا يشهر الذنب لا في الدنيا ولا في الآخرة (4).

وهو الغفار الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد أخرى كلما تكررت التوبة من الذنب من العبد تكررت المغفرة، وستره سبحانه لذنوب عبده بأن لايكشف أمره لخلقه، ولايهتك ستره بالعقوبة التي تشهره في عيونهم (5)، ولو علم المخلوق ذنباً لآخر لأفشاه، ولعله لو ستره عليه ثم غضب أدنى غضبه لأبداه كما أنه يمن عليه إذا غفر له زلة، أما الله سبحانه فإنه يغفر ولا يوبخ ثم إن العبد يتعرض لمعاصي الله في كل وقت وستره عليه مسبل فالحمد لله على إحسانه إلى خلقه (6)، وقد فتح سبحانه الأسباب لنيل مغفرته بالتوبة والاستغفار والإيمان والعمل الصالح والإحسان إلى عباد الله والعفو عنهم وقوة الطمع في فضله سبحانه وحسن الظن به وغير ذلك مما يقرب إلى مغفرته (7).

قال ابن القيم (8):

وهو الغفور فلو أتى بقُرابها

…

من غير شرك بل من العصيان

لأتاه بالغفران ملء قُرابها

…

سبحانه هو واسع الغفران

وروده في القرآن:

جاء اسم الغفور في أحد وتسعين موضعاً قرن بالرحيم في اثنين وسبعين منها، وبالحليم في ستة منها، وبالعفو في أربعة منها، وبالشكور في ثلاثة منها، وبالعزيز في موضعين، وبالودود في موضع قال تعالى:

{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)} [القصص: 16].

وجاء الغفور ذو الرحمة في قوله تعالى:

{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: 58].

وجاء بلفظ: خير الغافرين في موضع واحد قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام:

{أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)} [الأعراف: 155].

وجاء الغفار في خمسة مواضع اقترن بالعزيز في ثلاثة مواضع، وجاء مفرداً في قوله تعالى:

{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)} [نوح: 10].

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)} [طه: 82].

{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)} [ص: 66].

وجاء غافر الذنب في قوله تعالى:

{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3].