الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر النَّوْع الثَّانِي عشر من عُلُوم الحَدِيث
هَذَا النَّوْع من هَذِه الْعُلُوم هُوَ المعضل من الرِّوَايَات فقد ذكر إِمَام الحَدِيث عَليّ بن عبد الله الْمَدِينِيّ فَمن بعده من أَئِمَّتنَا أَن المعضل من الرِّوَايَات أَن يكون بَين الْمُرْسل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَكثر من رجل وَأَنه غير مُرْسل فَإِن الْمَرَاسِيل للتابعين دون غَيرهم
مِثَال هَذَا النَّوْع من الحَدِيث مَا حدّثنَاهُ أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم حَدثنَا ابْن وهب أَخْبرنِي مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ قَاتل عبد مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أذن لَك سيدك قَالَ لَا فَقَالَ لَو قتلت لدخلت النَّار قَالَ سَيّده فَهُوَ حر يَا رَسُول الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْآن فقاتل
فقد أعضل هَذَا الْإِسْنَاد عَمْرو بن شُعَيْب ثمَّ لَا نعلم أحدا من الروَاة وَصله وَلَا أرْسلهُ عَنهُ فَهُوَ معضل وَلَيْسَ كل شَيْء مَا يشبه هَذَا معضلا فَرُبمَا أعضل أَتبَاع التَّابِعين الحَدِيث وأتباعهم فِي وَقت ثمَّ وصلاه أَو أرْسلهُ فِي وَقت
وَالنَّوْع الثَّانِي من المعضل أَن يعضله من أَتبَاع التَّابِعين فَلَا يرويهِ عَن أحد ويوقفه فَلَا يذكرهُ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم معضلا ثمَّ يُوجد ذَلِك الْكَلَام عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُتَّصِلا
هَذَا وَقد قضى الْحَال بِأَن نورد هُنَا مَا قَالَه أنَاس من أَرْبَاب الْفَنّ مِمَّن كَانَ بعد الْحَاكِم إتماما للفائدة قَالَ ابْن الصّلاح المعضل لقب لنَوْع خَاص من الْمُنْقَطع فَكل معضل مُنْقَطع وَلَيْسَ كل مُنْقَطع معضلا وَقوم يسمونه مُرْسل كَمَا سبق وَهُوَ عبارَة عَمَّا سقط من إِسْنَاده اثْنَان فَصَاعِدا
وَأَصْحَاب الحَدِيث يَقُولُونَ أعضله فَهُوَ معضل بِفَتْح الضَّاد وَهُوَ اصْطِلَاح
مُشكل المأخذ من حَيْثُ اللُّغَة وبحثت فَوجدت لَهُم قَوْلهم أَمر عضيل أَي مستغلق شَدِيد وَلَا الْتِفَات فِي ذَلِك إِلَى معضل بِكَسْر الضَّاد وَإِن كَانَ مثل عضيل فِي الْمَعْنى
ومثاله مَا يرويهِ تَابع التَّابِعِيّ قَائِلا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ مَا يرويهِ من دون تَابِعِيّ التَّابِعِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو عَن أبي بكر أَو عمر أَو غَيرهمَا غير ذَاكر للوسائط بَينه وَبينهمْ
وَذكر أَبُو بكر نصر السجْزِي الْحَافِظ قَول الرَّاوِي بَلغنِي نَحْو قَول مَالك بَلغنِي عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ للملوك طَعَامه وَكسوته الحَدِيث وَقَالَ أَي السجْزِي أَصْحَاب الحَدِيث يسمونه المعضل
قلت وَقَول المصنفين من الْفُقَهَاء وَغَيرهم قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَذَا وَكَذَا وَنَحْو ذَلِك كُله من قبيل المعضل لما تقدم وَسَماهُ الْخَطِيب أَبُو بكر الْحَافِظ فِي بعض كَلَامه مُرْسلا وَذَلِكَ على مَذْهَب من يُسمى كل مَا لَا يتَّصل مُرْسلا كَمَا سبق
وَإِذا روى تَابِعِيّ التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ حَدِيثا مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَهُوَ حَدِيث مُتَّصِل مُسْند إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فقد جعله الْحَاكِم أَبُو عبد الله نوعا من المعضل مِثَاله مَا روينَاهُ عَن الْأَعْمَش عَن الشّعبِيّ قَالَ يُقَال للرجل يَوْم الْقِيَامَة عملت كَذَا وَكَذَا فَيَقُول مَا عملته فيختم على فِيهِ الحَدِيث فقد أعضله الْأَعْمَش وَهُوَ عِنْد الشّعبِيّ عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُتَّصِل مُسْند
قلت هَذَا جيد حسن لِأَن هَذَا الِانْقِطَاع بِوَاحِد مضموما إِلَى الْوَقْف يشْتَمل على الِانْقِطَاع بِاثْنَيْنِ الصَّحَابِيّ وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذَلِك بِاسْتِحْقَاق اسْم الإعضال أولى وَالله أعلم
وَقَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ المعضل مَا سقط من إِسْنَاده اثْنَان فَصَاعِدا من أَي
مَوضِع كَانَ سَوَاء سقط الصَّحَابِيّ والتابعي أَو التَّابِعِيّ وَتَابعه أَو اثْنَان قبلهمَا لَكِن بِشَرْط أَن يكون سقوطهما من مَوضِع وَاحِد أما إِذا سقط وَاحِد من بَين رجلَيْنِ ثمَّ سقط من وَمَوْضِع آخر من الْإِسْنَاد وَاحِد آخر فَهُوَ مُنْقَطع فِي موضِعين وَلم أجد فِي كَلَامهم إِطْلَاق المعضل عَلَيْهِ وَأما قَول ابْن الصّلاح المعضل هُوَ عبارَة عَمَّا سقط من إِسْنَاده اثْنَان فَصَاعِدا فَهُوَ وَإِن قَول ابْن الصّلاح المعضل هُوَ عبارَة عَمَّا سقط من إِسْنَاده اثْنَان فَصَاعِدا فَهُوَ وَإِن كَانَ مُطلقًا فَهُوَ مَحْمُول عَلَيْهِ اهـ
وَقَالَ غَيره إِن قَول ابْن الصّلاح إِن المعضل لقب لنَوْع خَاص من الْمُنْقَطع فَكل معضل مُنْقَطع وَلَيْسَ كل مُنْقَطع معضلا إِنَّمَا هُوَ جَار على قَول من لَا يخص الْمُنْقَطع بِمَا سقط من إِسْنَاده راو وَاحِد وَلَا يَخُصُّهُ بالمرفوع وَقد نقلنا سَابِقًا شَيْئا مِمَّا ذكره الْحَاكِم فِي الْمُنْقَطع
وَقَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ اخْتلف فِي صُورَة الحَدِيث الْمُنْقَطع فَالْمَشْهُور أَنه مَا سقط من رُوَاته راو وَاحِد غير الصَّحَابِيّ وَحكى ابْن الصّلاح عَن الْحَاكِم وَغَيره من أهل الحَدِيث أَنه مَا سقط مِنْهُ قبل الْوُصُول إِلَى التَّابِعِيّ شخص وَاحِد وَإِن كَانَ أَكثر من وَاحِد سمي معضلا وَيُسمى أَيْضا مُنْقَطِعًا فَقَوْل الْحَاكِم قبل الْوُصُول إِلَى التَّابِعِيّ لَيْسَ بجيد فَإِنَّهُ لَو سقط التَّابِعِيّ كَانَ مُنْقَطِعًا أَيْضا فَالْأولى أَن يعبر بِمَا قُلْنَا قبل الصَّحَابِيّ
وَقَالَ ابْن عبد الْبر الْمُنْقَطع مَا لم يتَّصل إِسْنَاده والمرسل مَخْصُوص بالتابعين فالمنقطع أَعم وَحكى ابْن الصّلاح عَن بَعضهم أَن الْمُنْقَطع مثل الْمُرْسل شَامِل لكل مَا لَا يتَّصل إِسْنَاده قَالَ وَهَذَا الْمَذْهَب أقرب وَإِلَيْهِ صَار طوائف من الْفُقَهَاء وَغَيرهم وَهُوَ الَّذِي ذكره الْخَطِيب فِي كِفَايَته إِلَّا أَن أَكثر مَا يُوصف بِالْإِرْسَال من حَيْثُ الِاسْتِعْمَال مَا رَوَاهُ التَّابِعِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم واكثر مَا يُوصف بالانقطاع مَا رَوَاهُ من دون التَّابِعين عَن الصَّحَابَة مثل مَالك عَن ابْن عمر وَنَحْو ذَلِك اهـ