المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في أن الشيخين لم يستوعبا الصحيح ولا التزما ذلك - توجيه النظر إلى أصول الأثر - جـ ١

[طاهر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي بَيَان معنى الحَدِيث

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي سَبَب جمع الحَدِيث فِي الصُّحُف وَمَا يُنَاسب ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي تَمْيِيز عُلَمَاء الحَدِيث مَا ثَبت مِنْهُ مِمَّا لم يثبت

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَائِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَائِدَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَائِدَة السَّادِسَة

- ‌الْفَائِدَة السَّابِعَة

- ‌اسْتِدْرَاك

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِي أَقسَام الْخَبَر إِلَى متواتر وآحاد

- ‌الْخَبَر الْمُتَوَاتر

- ‌خبر الْآحَاد

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة الْخَبَر الْمَشْهُور

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي أَقسَام الحَدِيث

- ‌فَائِدَة

- ‌المبحث الأول

- ‌فِي الحَدِيث الصَّحِيح

- ‌وهاك عِبَارَات مِمَّا ذكرُوا فِي مَبْحَث التَّخْصِيص

- ‌وهاك عِبَارَات مِمَّا ذكرُوا فِي مَبْحَث مَا يرد بِهِ الْخَبَر

- ‌ملحة من ملح هَذَا المبحث

- ‌اعتراضات على الْحَد الْمَذْكُور للْحَدِيث الصَّحِيح مَعَ الْجَواب عَنْهَا

- ‌فَوَائِد تتَعَلَّق بمبحث الصَّحِيح

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌فِي أَن من ألف فِي الصَّحِيح الْمُجَرّد هُوَ البُخَارِيّ وَمُسلم

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌فِي شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم

- ‌فصل فِي بَيَان شُرُوط البُخَارِيّ وموضوعه

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌فِي أَن الشَّيْخَيْنِ لم يستوعبا الصَّحِيح وَلَا التزما ذَلِك

- ‌تَتِمَّة فِي بَيَان عدد أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ

- ‌الْفَائِدَة الرَّابِعَة

- ‌فَمَا انتقد عَلَيْهِمَا وَالْجَوَاب عَن ذَلِك

- ‌فِي كتاب الصَّلَاة

- ‌فِي كتاب الْجَنَائِز

- ‌فِي كتاب الْبيُوع

- ‌فِي كتاب الْجِهَاد

- ‌فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام

- ‌فِي كتاب اللبَاس

- ‌حرف الْألف

- ‌حرف الْبَاء

- ‌حرف التَّاء الْمُثَنَّاة

- ‌حرف الثَّاء الْمُثَلَّثَة

- ‌حرف الْجِيم

- ‌حرف الْحَاء

- ‌حرف الْخَاء

- ‌حرف الدَّال

- ‌حرف الذَّال

- ‌حرف الرَّاء

- ‌حرف الزَّاي

- ‌حرف السِّين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصَّاد

- ‌حرف الضَّاد خَالِي حرف الطَّاء

- ‌حرف الظَّاء خَالِي حرف الْعين

- ‌حرف الْغَيْن

- ‌حرف الْفَاء

- ‌حرف الْقَاف

- ‌حرف الْكَاف

- ‌حرف اللَّام خَالِي حرف الْمِيم

- ‌حرف النُّون

- ‌حرف الْهَاء

- ‌حرف الْوَاو

- ‌حرف الْيَاء

- ‌صلَة تتمّ بهَا هَذِه الْفَائِدَة

- ‌الْفَائِدَة الْخَامِسَة

- ‌فِي دَرَجَة أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ فِي الصِّحَّة

- ‌تَتِمَّة

- ‌الْفَائِدَة السَّادِسَة

- ‌فِيمَا يتَعَلَّق بِالصَّحِيحِ الزَّائِد على الصَّحِيحَيْنِ

- ‌المصنفات فِي الصَّحِيح الْمُجَرّد

- ‌المستخرجات على الصَّحِيحَيْنِ

- ‌حكم الزِّيَادَات الْوَاقِعَة فِي المستخرجات

- ‌المبحث الثَّانِي

- ‌فِي الحَدِيث الْحسن

- ‌فَوَائِد تتَعَلَّق بمبحث الحَدِيث الْحسن

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌فِي أَن بعض الْأَحَادِيث قد يعرض لَهَا من الْأَحْوَال مَا يرفعها من درجتها إِلَى الدرجَة الَّتِي هِيَ فَوْقهَا

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌فِي بَيَان الْكتب الَّتِي يَهْتَدِي بهَا إِلَى معرفَة الحَدِيث الْحسن

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌ذكر أول نوع من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث من أَنْوَاع الحَدِيث

- ‌ذكر الوع الرَّابِع من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس من هَذِه الْعُلُوم

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْعَاشِر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الرَّابِع عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْعشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الرَّابِع وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر الْإِخْوَة عُلَمَاء نيسابور على غير تَرْتِيب

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌وَكَذَلِكَ يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي وَهِشَام بن عُرْوَة وَغَيرهم

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن وَالثَّلَاثِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي وَالْأَرْبَعِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر من سكن الْكُوفَة من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل مَكَّة من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل الْبَصْرَة من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل مصر من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل الشَّام من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل الجزيرة

- ‌ذكر من نزل خُرَاسَان من الصَّحَابَة وَتُوفِّي بهَا

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر موَالِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر النَّوْع الرَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌وَهَذِه آدَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمَغَازِي الَّتِي كَانَ يُوصي بهَا أُمَرَاء الأجناد

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخمسين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي وَالْخمسين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌صلَة مهمة يتَعَلَّق معظمها بِالصَّحِيحِ وَالْحسن

- ‌تَنْبِيهَات

- ‌الشاذ وَالْمَحْفُوظ وَالْمُنكر وَالْمَعْرُوف

- ‌فَوَائِد تتَعَلَّق بمبحث التَّعَارُض وَالتَّرْجِيح

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌فصل فِيمَا ادَّعَاهُ قوم من تعَارض النُّصُوص

- ‌فصل فِي تَمام الْكَلَام فِي تعَارض النُّصُوص

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي وَالْخمسين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌وَهَاهُنَا مسَائِل مهمة تتَعَلَّق بِهَذَا المبحث

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

الفصل: ‌في أن الشيخين لم يستوعبا الصحيح ولا التزما ذلك

قَالَ شَارِحه إِن مُسلما رتب كِتَابه على الْأَبْوَاب فَهُوَ مبوب فِي الْحَقِيقَة وَلكنه لنم يذكر تراجم الْأَبْوَاب فِيهِ لِئَلَّا يزْدَاد حجم الْكتاب أَو لغير ذَلِك وَقد ترْجم جمَاعَة أبوابه بتراجم بَعْضهَا جيد وَبَعضهَا لَيْسَ بجيد إِمَّا لقُصُور فِي عبارَة التَّرْجَمَة أَو لركاكة فِي لَفظهَا وَإِمَّا لغير لَك وَأَنا أحرص على التَّعْبِير عَنْهَا بعبارات تلِيق بهَا فِي مواطنها

وَأما قَول ذَلِك الْقَائِل إِن الْعبْرَة بالرواية لَا بالمسودة الَّتِي ذكر صفتهَا فَالْجَوَاب أَن الرِّوَايَة إِنَّمَا تلقيت من نسخ الْأُصُول الْمَأْخُوذَة تِلْكَ المسودة وَهِي فِي الْحَقِيقَة مبيضة

‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

‌فِي أَن الشَّيْخَيْنِ لم يستوعبا الصَّحِيح وَلَا التزما ذَلِك

قد ظن أنَاس انهما قد التزما ان يخرجَا كل مَا صَحَّ من الحَدِيث فِي كِتَابَيْهِمَا فاعترضوا عَلَيْهِمَا بِأَنَّهُمَا لم يقوما بِمَا التزما بِهِ وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك

فقد رُوِيَ عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ مَا أدخلت فِي كتابي الْجَامِع إِلَّا مَا صَحَّ وَتركت جملَة من الصِّحَاح خشيَة أَن يطور الْكتاب

وَرُوِيَ عَن مُسلم أَنه لما عوتب على مَا فعل من جمع الْأَحَادِيث الصِّحَاح فِي كتاب وَقيل لَهُ إِن هَذَا يطْرق لأهل الْبدع علينا فيجدون السَّبِيل بِأَن يَقُولُوا إِذا احْتج عَلَيْهِم بِحَدِيث لَيْسَ هَذَا فِي الصَّحِيح قَالَ إِنَّمَا أخرجت هَذَا الْكتاب وَقلت هُوَ صِحَاح وَلم أقل إِن لم أخرجه من الحَدِيث فِي هَذَا الْكتاب فَهُوَ ضَعِيف وَإِنَّمَا أخرجت هَذَا الحَدِيث من الصَّحِيح ليَكُون عِنْدِي وَعند من يَكْتُبهُ عني وَلَا يرتاب فِي صِحَّته

وَقد رفع بذلك العتب ولسان حَاله يَقُول إلام على مَا يُوجب الْحبّ

ص: 226

وَمن الْغَرِيب أَن بعض النَّاس لنفرته من تَجْرِيد الصِّحَاح صرح بتفضيل سنَن النَّسَائِيّ على صَحِيح البُخَارِيّ وَقَالَ إِن من شَرط الصِّحَّة فقد جعل لمن لم يستكمل فِي الْإِدْرَاك سَببا إِلَى الطعْن على مَا لم يدْخل وَجعل للجدال موضعا فِيمَا أَدخل

وَهُوَ قَول شَاذ لَا يعول عَلَيْهِ وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَو لم يكن النَّاقِل عَن هَذَا الْقَائِل وَأَمْثَاله مِمَّن يوثق بنقله لشك اللبيب فِي صُدُور ذَلِك عَمَّن لَهُ أدنى سهم فِي الْفَهم وكانهم لم يشعروا بِمَا نَشأ عَن مزج الصَّحِيح بِغَيْرِهِ من الضَّرَر الَّذِي حصل لكثير من النَّاس

وليتهم نظرُوا فِي مُقَدّمَة كتاب مُسلم نظرة ليقفوا على الْبَاعِث لتجريد الصَّحِيح لَعَلَّهُم يسكتون فيسكت عَنْهُم وَلَكِن الْميل إِلَى الإغراب غريزة فِي بعض النُّفُوس

وَالْمَقْصُود هُنَا قَول مُسلم وَبعد يَرْحَمك الله فلولا الَّذِي رَأينَا من سوء صَنِيع كثير مِمَّن نصب نَفسه مُحدثا فِيمَا يلْزمهُم ن طرح الْأَحَادِيث الضعيفة وَالرِّوَايَات الْمُنكرَة وتركهم الِاقْتِصَار على الْأَخْبَار الصَّيْحَة الْمَشْهُورَة مِمَّا نَقله الثِّقَات المعروفون بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أَن كثيرا مِمَّا يقذفون بِهِ إِلَى الْأَغْنِيَاء من النَّاس وَهُوَ مستنكر ومنقول عَن قوم غير مرضيين مِمَّن ذمّ الرِّوَايَة عَنْهُم أَئِمَّة الحَدِيث مثل مَالك بن أنس وَشعْبَة بن الْحجَّاج وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَيحيى بن سعيد الْقطَّان وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَغَيرهم لما سهل علينا الانتصاب لما سَأَلت من التَّمْيِيز والتحصيل وَلَكِن من أجل مَا أعلمناك من نشر الْقَوْم الْأَخْبَار الْمُنكرَة بِالْأَسَانِيدِ الضِّعَاف المجهولة وقذفهم بهَا إِلَى الْعَوام الَّذين لَا يعْرفُونَ عيوبها خف عل قُلُوبنَا إجابتك إِلَى مَا سَأَلت اهـ

وَقد نقلنا فِيمَا سبق مقَالَة أُخْرَى فِي ذمّ هَذِه الْفرْقَة قَالَ فِي آخرهَا وَمن

ص: 227

ذهب فِي الْعلم هَذَا الْمَذْهَب وسلك هَذَا الطَّرِيق لَا نصيب لَهُ فِيهِ وَكَانَ بِأَن يُسمى جَاهِلا أولى من أَن ينْسب إِلَى علم

وَبِمَا ذكرنَا من عدم التزامهما إستيعاب الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة أجمع يظْهر لَك أَن لَا وَجه لإلزام من ألزمهما إِخْرَاج أَحَادِيث لم يخرجاها مَعَ كَونهَا صَحِيحَة على شرطيهما قَالَ فِي شرح مُسلم ألزم الإِمَام الْحَافِظ أَبُو الْحسن عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره البُخَارِيّ وَمُسلمًا رضي الله عنهما إِخْرَاج أَحَادِيث تركا إخراجهما مَعَ أَن أسانيدها أَسَانِيد قد أخرجَا لرواتها فِي صَحِيحهمَا بهَا

وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره وَغَيره أَن جمَاعَة من الصَّحَابَة رضي الله عنهم رووا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَرويت أَحَادِيثهم من وُجُوه صِحَاح لَا مطْعن فِي نَاقِلِيهَا وَلم يخرجَا من أَحَادِيثهم شَيْئا فليزمهما إخراجهما على مذهبيهما

وَذكر الْبَيْهَقِيّ أَنَّهُمَا اتفقَا على أَحَادِيث من صحيفَة همام بن مُنَبّه وَأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا انْفَرد عَن الآخر بِأَحَادِيث مِنْهَا مَعَ ان الْإِسْنَاد وَاحِد وصنف الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي هَذَا النَّوْع الَّذِي ألزموهما

وَهَذَا الْإِلْزَام لَيْسَ بِلَازِم فِي الْحَقِيقَة إنَّهُمَا لم يلتزما اسْتِيعَاب الصَّحِيح بل صَحَّ عَنْهُمَا تصريحهما بِأَنَّهُمَا لم يستوعبا وَإِنَّمَا قصد جمع جمل من الصَّحِيح كَمَا يقْصد المُصَنّف فِي الْفِقْه جمع جملَة من مسَائِله لَا أَنه يحصر جَمِيع مسَائِله

لكنهما إِذا كَانَ الحَدِيث الَّذِي تركاه أَو تَركه أَحدهمَا مَعَ صِحَة إِسْنَاده فِي الظَّاهِر أصلا فِي بَابه وَلم يخرجَا لَهُ نظيرا وَلَا مَا يقوم مقَامه فَالظَّاهِر من حَالهمَا أَنَّهُمَا اطلعا

ص: 228

فِيهِ على عِلّة إِن كَانَا روياه وَيحْتَمل أَنَّهُمَا تركاه نِسْيَانا أَو إيثارا لترك الإطالة أَو رَأيا أَن غَيره مِمَّا ذكرَاهُ يسد مسده أَو لغير ذَلِك وَالله أعلم

وَالظَّاهِر أَن المعترضين عَلَيْهِمَا فِي ذَلِك لم يبلغهم تصريحهما بِمَا ذكر وَمِنْهُم ابْن حبَان فَإِنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي أَن يناقش البُخَارِيّ وَمُسلم فِي تَركهمَا إِخْرَاج أَحَادِيث هِيَ من شَرطهمَا

وَقَالَ بَعضهم لَعَلَّ شُبْهَة المعترضين نشأت من تَسْمِيَة البُخَارِيّ كِتَابه بالجامع وَهِي شُبْهَة واهية لَا سِيمَا إِن نظر إِلَى تَتِمَّة الِاسْم وَقد عرفت سَابِقًا أَنه سَمَّاهُ الْجَامِع الصَّحِيح الْمسند الْمُخْتَصر من أُمُور رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه وَأما الْحَاكِم فَإِنَّهُ الْحَاكِم فَإِنَّهُ اقْتصر على ان قَالَ وَلم يحكما وَلَا وَاحِد مِنْهُمَا أَنه لم يَصح من الحَدِيث غير مَا خرجه وَقد نبغ فِي عصرنا هَذَا جمَاعَة من المبتدعة يشتمون برواة الْآثَار وَيَقُولُونَ إِن جَمِيع مَا يَصح عنْدكُمْ من الحَدِيث لَا يبلغ عشرَة آلَاف حَدِيث

وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي مِقْدَار مَا فاتهما من جِهَة الْقلَّة وَالْكَثْرَة فَقَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن الأخرم شيخ الْحَاكِم قَلما يفوت البُخَارِيّ وَمُسلمًا مِمَّا يثبت من الحَدِيث وَيرد على ذَلِك قَول البُخَارِيّ فِيمَا نَقله الْحَازِمِي والإسماعيلي وَمَا تركت من الصِّحَاح أَكثر

وَقَالَ لانووي قد فاتهما كثير وَالصَّوَاب قَول من قَالَ إِنَّه لم يفت الْأُصُول الْخَمْسَة إِلَّا الْيَسِير

وَالْأُصُول الْخَمْسَة هِيَ صَحِيح البُخَارِيّ وصحيح مُسلم وَسنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ

وَقد جعل بَعضهم الْأُصُول سِتَّة بِضَم سنَن ابْن ماجة إِلَيْهَا قيل أول من فعل ذَلِك ابْن طَاهِر الْمَقْدِسِي فتابعه أصحال الْأَطْرَاف وَالرِّجَال على ذَلِك وتبعهم

ص: 229

غَيرهم وَإِنَّمَا لم تذكر هُنَا لما قَالَ الْمزي وَهُوَ ان كل مَا انْفَرد بِهِ ابْن ماجة عَن الْخَمْسَة فَهُوَ ضَعِيف قَالَ الْحُسَيْنِي يَعْنِي من الْأَحَادِيث وَقَالَ ابْن حجر إِنَّه انْفَرد بِأَحَادِيث كَثِيرَة وَهِي صَحِيحَة فَالْأولى حمل الضعْف على الرِّجَال

وَقد جمع مجد الدّين ابْن الْأَثِير الْأُصُول الْخَمْسَة فِي كتاب وَضم إِلَيْهَا موطأ الإِمَام مَالك حَتَّى صَارَت بذلك سِتَّة وَسَماهُ جَامع الْأُصُول من حَدِيث الرَّسُول فَصَارَ الْوُصُول إِلَى هَذِه الْأُصُول سهل المسلك قريب الْمدْرك

وَالْمرَاد بسنن النَّسَائِيّ هُنَا هِيَ الصُّغْرَى لما رُوِيَ أَنه لما صنف الْكُبْرَى أهداها لأمير الرملة فَقَالَ لَهُ أكل مَا فِيهَا صَحِيح فَقَالَ فِيهَا الصَّحِيح وَالْحسن وَمَا يقاربهما فَقَالَ ميز لي الصَّحِيح من غَيره فصنف لَهُ الصُّغْرَى وسماها الْمُجْتَبى من السّنَن

وَيرد على مَا ذكر النَّوَوِيّ أَيْضا قَول البُخَارِيّ فِيمَا نقل عَنهُ أحفظ مئة ألف حَدِيث صَحِيح ومئتي ألف حَدِيث غير صَحِيح وَالْأَحَادِيث الَّتِي فِي الْأُصُول الْخَمْسَة لَا تبلغ خمسين ألفا فضلا عَن ان تقرب من مئة ألف فَيكون مَا فاتها من الصَّحِيح كثير جدا

قَالَ بعض أهل الْأَثر إِن كثيرا من الْمُتَقَدِّمين كَانُوا يطلقون اسْم الحَدِيث على مَا يَشْمَل آثَار الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم وفتاويهم ويعدون الحَدِيث الْمَرْوِيّ بِإِسْنَادَيْنِ حديثين وَحِينَئِذٍ يسهل الْخطب وَكم من حَدِيث ورد من مئة طَرِيق فَأكْثر

ص: 230

وَهَذَا حَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ نقل مَعَ مَا فِيهِ عَن الْحَافِظ أبي إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ الْهَرَوِيّ أَنه كتبه من جِهَة سبع مئة من أَصْحَاب يحيى بن سعيد وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ عقب قَول البُخَارِيّ لم أخرج فِي هَذَا الْكتاب إِلَّا صَحِيحا وَمَا تركت من الصَّحِيح أَكثر إِنَّه لَو أخرج كل حَدِيث صَحِيح عِنْده لجمع فِي الْبَاب الْوَاحِد حَدِيث جمَاعَة من الصَّحَابَة وَلذكر طرق كل وَاحِد مِنْهُم إِذا صحت فَيصير كتابا كَبِيرا جدا

وَقَالَ الجوزقي إِنَّه استخرج على أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ فَكَانَت عدَّة الطّرق خَمْسَة وَعشْرين ألف طَرِيق وَأَرْبع مئة وَثَمَانِينَ طَرِيقا

قَالَ بعض الْمُحَقِّقين وَإِذا كَانَ الشَّيْخَانِ مَعَ ضيق شَرطهمَا بلغ جملَة مَا فِي كِتَابَيْهِمَا بالمكرر ذَلِك فَمَا لم يخرجَاهُ من الطّرق للمتون الَّتِي أَخْرَجَاهَا لَعَلَّه يبلغ ذَلِك أَيْضا أَو يزِيد وَمَا لم يخرجَاهُ من الْمُتُون من الصَّحِيح الَّذِي شَرطهمَا لَعَلَّه يبلغ

ص: 231