المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَهَذَا من متعلقات مَبْحَث التَّرْجِيح الَّذِي هُوَ من أصعب المباحث - توجيه النظر إلى أصول الأثر - جـ ١

[طاهر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي بَيَان معنى الحَدِيث

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي سَبَب جمع الحَدِيث فِي الصُّحُف وَمَا يُنَاسب ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي تَمْيِيز عُلَمَاء الحَدِيث مَا ثَبت مِنْهُ مِمَّا لم يثبت

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَائِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَائِدَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَائِدَة السَّادِسَة

- ‌الْفَائِدَة السَّابِعَة

- ‌اسْتِدْرَاك

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِي أَقسَام الْخَبَر إِلَى متواتر وآحاد

- ‌الْخَبَر الْمُتَوَاتر

- ‌خبر الْآحَاد

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة الْخَبَر الْمَشْهُور

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي أَقسَام الحَدِيث

- ‌فَائِدَة

- ‌المبحث الأول

- ‌فِي الحَدِيث الصَّحِيح

- ‌وهاك عِبَارَات مِمَّا ذكرُوا فِي مَبْحَث التَّخْصِيص

- ‌وهاك عِبَارَات مِمَّا ذكرُوا فِي مَبْحَث مَا يرد بِهِ الْخَبَر

- ‌ملحة من ملح هَذَا المبحث

- ‌اعتراضات على الْحَد الْمَذْكُور للْحَدِيث الصَّحِيح مَعَ الْجَواب عَنْهَا

- ‌فَوَائِد تتَعَلَّق بمبحث الصَّحِيح

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌فِي أَن من ألف فِي الصَّحِيح الْمُجَرّد هُوَ البُخَارِيّ وَمُسلم

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌فِي شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم

- ‌فصل فِي بَيَان شُرُوط البُخَارِيّ وموضوعه

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌فِي أَن الشَّيْخَيْنِ لم يستوعبا الصَّحِيح وَلَا التزما ذَلِك

- ‌تَتِمَّة فِي بَيَان عدد أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ

- ‌الْفَائِدَة الرَّابِعَة

- ‌فَمَا انتقد عَلَيْهِمَا وَالْجَوَاب عَن ذَلِك

- ‌فِي كتاب الصَّلَاة

- ‌فِي كتاب الْجَنَائِز

- ‌فِي كتاب الْبيُوع

- ‌فِي كتاب الْجِهَاد

- ‌فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام

- ‌فِي كتاب اللبَاس

- ‌حرف الْألف

- ‌حرف الْبَاء

- ‌حرف التَّاء الْمُثَنَّاة

- ‌حرف الثَّاء الْمُثَلَّثَة

- ‌حرف الْجِيم

- ‌حرف الْحَاء

- ‌حرف الْخَاء

- ‌حرف الدَّال

- ‌حرف الذَّال

- ‌حرف الرَّاء

- ‌حرف الزَّاي

- ‌حرف السِّين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصَّاد

- ‌حرف الضَّاد خَالِي حرف الطَّاء

- ‌حرف الظَّاء خَالِي حرف الْعين

- ‌حرف الْغَيْن

- ‌حرف الْفَاء

- ‌حرف الْقَاف

- ‌حرف الْكَاف

- ‌حرف اللَّام خَالِي حرف الْمِيم

- ‌حرف النُّون

- ‌حرف الْهَاء

- ‌حرف الْوَاو

- ‌حرف الْيَاء

- ‌صلَة تتمّ بهَا هَذِه الْفَائِدَة

- ‌الْفَائِدَة الْخَامِسَة

- ‌فِي دَرَجَة أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ فِي الصِّحَّة

- ‌تَتِمَّة

- ‌الْفَائِدَة السَّادِسَة

- ‌فِيمَا يتَعَلَّق بِالصَّحِيحِ الزَّائِد على الصَّحِيحَيْنِ

- ‌المصنفات فِي الصَّحِيح الْمُجَرّد

- ‌المستخرجات على الصَّحِيحَيْنِ

- ‌حكم الزِّيَادَات الْوَاقِعَة فِي المستخرجات

- ‌المبحث الثَّانِي

- ‌فِي الحَدِيث الْحسن

- ‌فَوَائِد تتَعَلَّق بمبحث الحَدِيث الْحسن

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌فِي أَن بعض الْأَحَادِيث قد يعرض لَهَا من الْأَحْوَال مَا يرفعها من درجتها إِلَى الدرجَة الَّتِي هِيَ فَوْقهَا

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌فِي بَيَان الْكتب الَّتِي يَهْتَدِي بهَا إِلَى معرفَة الحَدِيث الْحسن

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌ذكر أول نوع من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث من أَنْوَاع الحَدِيث

- ‌ذكر الوع الرَّابِع من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس من هَذِه الْعُلُوم

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْعَاشِر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الرَّابِع عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع عشر من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْعشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الرَّابِع وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع وَالْعِشْرين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر الْإِخْوَة عُلَمَاء نيسابور على غير تَرْتِيب

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌وَكَذَلِكَ يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي وَهِشَام بن عُرْوَة وَغَيرهم

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن وَالثَّلَاثِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي وَالْأَرْبَعِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر من سكن الْكُوفَة من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل مَكَّة من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل الْبَصْرَة من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل مصر من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل الشَّام من الصَّحَابَة

- ‌ذكر من نزل الجزيرة

- ‌ذكر من نزل خُرَاسَان من الصَّحَابَة وَتُوفِّي بهَا

- ‌ذكر النَّوْع الثَّالِث وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر موَالِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر النَّوْع الرَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخَامِس وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّادِس وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع السَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الثَّامِن وَالْأَرْبَعِينَ من عُلُوم الحَدِيث

- ‌وَهَذِه آدَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمَغَازِي الَّتِي كَانَ يُوصي بهَا أُمَرَاء الأجناد

- ‌ذكر النَّوْع التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ من معرفَة عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْخمسين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌ذكر النَّوْع الْحَادِي وَالْخمسين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌صلَة مهمة يتَعَلَّق معظمها بِالصَّحِيحِ وَالْحسن

- ‌تَنْبِيهَات

- ‌الشاذ وَالْمَحْفُوظ وَالْمُنكر وَالْمَعْرُوف

- ‌فَوَائِد تتَعَلَّق بمبحث التَّعَارُض وَالتَّرْجِيح

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌فصل فِيمَا ادَّعَاهُ قوم من تعَارض النُّصُوص

- ‌فصل فِي تَمام الْكَلَام فِي تعَارض النُّصُوص

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌ذكر النَّوْع الثَّانِي وَالْخمسين من عُلُوم الحَدِيث

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌وَهَاهُنَا مسَائِل مهمة تتَعَلَّق بِهَذَا المبحث

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

الفصل: وَهَذَا من متعلقات مَبْحَث التَّرْجِيح الَّذِي هُوَ من أصعب المباحث

وَهَذَا من متعلقات مَبْحَث التَّرْجِيح الَّذِي هُوَ من أصعب المباحث مسلكا وأبعدها مدْركا

وَاعْلَم أَن الَّذِي أوجب خَفَاء تفَاوت الْعَدَالَة عِنْد بعض الْعلمَاء أَنهم رَأَوْا أَن أَئِمَّة الحَدِيث قَلما يرجحون بهَا وَإِنَّمَا يرجحون بِأُمُور تتَعَلَّق بالضبط وَسبب ذَلِك أَنهم رَأَوْا أَن التَّرْجِيح بِزِيَادَة الْعَدَالَة يُوهم النَّاس أَن الرَّاوِي الآخر غير عدل فيسوء بِهِ ظنهم ويشكون فِي سَائِر مَا يرويهِ وَقد فرض أَنه عدل ضَابِط

فَإِن قلت فَمَا يَفْعَلُونَ إِذا كَانَ كِلَاهُمَا فِي دَرَجَة وَاحِدَة فِي الضَّبْط قلت يُمكن التَّرْجِيح فِيهَا بِأُمُور عارضة ككون الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ قد تَلقاهُ عَمَّن كثرت ملازمته لَهُ وممارسته لحديثه وَنَحْو ذَلِك بِخِلَاف الرَّاوِي الآخر

وَقد زعم بَعضهم عدم تفَاوت الضَّبْط أَيْضا ورد عَلَيْهِ بَعضهم بقوله لَا شكّ فِي تحقق تفَاوت مَرَاتِب الْعَدَالَة والضبط فِي الْعُدُول والضابطين من السّلف وَالْخلف وَقد وضح ذَلِك حَتَّى صَار كالبديهي

وَهَذِه الْمَسْأَلَة لَهَا نَظَائِر لَا تحصى قد غلط فِيهَا كثير مِمَّن لَهُ موقع عَظِيم فِي النُّفُوس فَإِنَّهُم يذهلون عَن بعض الْأَقْسَام فتراهم يَقُولُونَ الرَّاوِي إِمَّا عدل أَو غير عدل وكل مِنْهُمَا إِمَّا ضَابِط أَو غير ضَابِط غير ملاحظين أَن الْعَدَالَة والضبط مقولان بالتشكيك فَيَنْبَغِي الانتباه لذَلِك فَإِنَّهُ ينْحل بِهِ كثير من المشكلات

‌اسْتِدْرَاك

وَبعد أَن وصلت إِلَى هَذَا الْموضع وقفت على عبارَة لِلْحَافِظِ أبي مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد بن حزم الظَّاهِرِيّ خَالف فِيهَا الْجُمْهُور فِي تَرْجِيح الأعدل على الْعدْل فَأَحْبَبْت إيرادها ملخصة

ص: 102

وَقد علم من وقف على كثير من مؤلفاته أَنه يجنح فِي أَكثر الْمَوَاضِع إِلَى مُخَالفَة الْجُمْهُور وَهُوَ فِي أَكثر مَا خالفهم فِيهِ أقرب إِلَى الْخَطَأ مِنْهُ إِلَى الصَّوَاب

وَقد أطلق فكره فِي ميادين جمح بِهِ فِيهَا أَشد جماح غير أَنه يلوح من حَاله أَنه لم يكن يُرِيد إِلَّا الْإِصْلَاح وَمن أعظم مَا ينقمون عَلَيْهِ أَنه أفرط فِي التشنيع على من يرد عَلَيْهِم وَلَو كَانُوا من الْعلمَاء الْأَعْلَام وَلَعَلَّ ذَلِك نَشأ عَمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي كتاب مداواة النُّفُوس حَيْثُ قَالَ وَلَقَد أصابتني عِلّة شَدِيدَة ولدت عَليّ ربوا فِي الطحال شَدِيدا فولد ذَلِك عَليّ من الضجر وضيق الْخلق وَقلة الصَّبْر والنزق أمرا حاسبت نَفسِي فِيهِ فأنكرت تبدل خلقي وَاشْتَدَّ عجبي من مفارقتي لطبعي ولنرجع إِلَى الْمَقْصُود فَنَقُول

قَالَ فِي كتاب الإحكام فِي أصُول الْأَحْكَام فِي صفة من يلْزم قبُول نَقله وَمِمَّا غلط فِيهِ بعض أَصْحَاب الحَدِيث أَن قَالَ فلَان يحْتَمل فِي الرَّقَائِق وَلَا يحْتَمل فِي الْأَحْكَام وَهَذَا بَاطِل لِأَنَّهُ تَقْسِيم فَاسد لَا برهَان عَلَيْهِ بل الْبُرْهَان يُبطلهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو كل حد فِي الأَرْض من أَن يكون فَاسِقًا أَو غير فَاسق فَإِن كَانَ غير فَاسق كَانَ عدلا وَلَا سَبِيل إِلَى مرتبَة ثَالِثَة فالفقيه الْعدْل مَقْبُول فِي كل شَيْء وَالْفَاسِق لَا يحْتَمل فِي شَيْء

وَالْعدْل غير الْحَافِظ لَا تقبل نذارته خَاصَّة فِي شَيْء من الْأَشْيَاء لِأَن شَرط الْقبُول الَّذِي نَص الله تَعَالَى عَلَيْهِ لَيْسَ مَوْجُودا فِيهِ وَمن كَانَ عدلا فِي بعض نَقله

ص: 103

فَهُوَ عدل فِي سائره وَمن الْمحَال أَن يجوز قبُول بعض خَبره وَلَا يجوز قبُول سائره إِلَّا بِنَصّ من الله تَعَالَى أَو إِجْمَاع فِي التَّفْرِيق بَين ذَلِك وَإِلَّا فَهُوَ تحكم بِلَا برهَان وَقَول بِلَا علم وَذَلِكَ لَا يحل

قَالَ عَليّ وَقد غلط أَيْضا قوم آخَرُونَ مِنْهُم فَقَالُوا فلَان أعدل من فلَان وراموا بذلك تَرْجِيح خبر الأعدل على من هُوَ دونه فِي الْعَدَالَة قَالَ عَليّ وَهَذَا خطأ شَدِيد وَكَانَ يَكْفِي من الرَّد عَلَيْهِم أَن يُقَال إِنَّهُم أترك النَّاس لذَلِك وَفِي أَكثر أَمرهم يَأْخُذُونَ بِمَا روى الْأَقَل عَدَالَة ويتركون مَا روى الأعدل ولعلنا سنورد من ذَلِك طرفا صَالحا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَلَكِن لَا بُد لنا من إبِْطَال هَذَا القَوْل بالبرهان الظَّاهِر فَأول ذَلِك أَن الله عز وجل لم يفرق بَين خبر عدل وَخبر عدل آخر أعدل من ذَلِك وَمن حكم فِي الدّين بِغَيْر أَمر الله تَعَالَى أَو أَمر رَسُوله عليه الصلاة والسلام أَو إِجْمَاع مُتَيَقن مَقْطُوع بِهِ مَنْقُول عَن رَسُول الله فقد قفا مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم

وَأَيْضًا فقد يعلم الْأَقَل عَدَالَة مَا لَا يُعلمهُ من هُوَ أتم مِنْهُ عَدَالَة وَأَيْضًا فَكل مَا يتخوف من الْعدْل فَإِنَّهُ متخوف من أعدل من فِي الأَرْض بعد الرُّسُل وَأَيْضًا فَإِن الْعَدَالَة إِنَّمَا هِيَ الْتِزَام الْعدْل وَالْعدْل هُوَ الْقيام بالفرائض وَاجْتنَاب الْمَحَارِم والضبط لما روى وَأخْبر بِهِ فَقَط

وَمعنى قَوْلنَا فلَان أعدل من فلَان أَنه أَكثر نوافل فِي الْخَيْر فَقَط وَهَذِه صفة لَا مدْخل لَهَا فِي الْعَدَالَة فصح أَنه لَا يجوز تَرْجِيح رِوَايَة على أُخْرَى وَلَا تَرْجِيح شَهَادَة على أُخْرَى بِأَن أحد الراويين أَو أحد الشَّاهِدين أعدل من الآخر

وَهَذَا الَّذِي تحكموا بِهِ إِنَّمَا هُوَ من بَاب طيب النَّفس وَطيب النَّفس بَاطِل لَا معنى لَهُ فَمن حكم فِي دين الله عز وجل بِمَا اسْتحْسنَ وَطَابَتْ نَفسه عَلَيْهِ دون

ص: 104

برهَان من نَص ثَابت أَو إِجْمَاع فَلَا أحد أضلّ مِنْهُ نَعُوذ بِاللَّه من الخذلان إِلَّا من جهل وَلم تقم عَلَيْهِ حجَّة فالخطأ لَا يُنكر وَهُوَ مَعْذُور مأجور فَيجب قبُول مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيل سَوَاء طابت عَلَيْهِ النَّفس أَو لم تطلب وَبِمَا ذكرنَا يبطل قَول من قَالَ هَذَا الحَدِيث لم يرو من غير هَذَا الْوَجْه

تَنْبِيه الضَّابِط من الروَاة هُوَ الَّذِي يقل خَطؤُهُ فِي الرِّوَايَة وَغير الضَّابِط هُوَ الَّذِي يكثر غلطه ووهمه فِيهَا سَوَاء كَانَ ذَلِك لضعف استعداده أَو لتَقْصِيره فِي اجْتِهَاده قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي الْعِلَل كل من كَانَ مُتَّهمًا فِي الحَدِيث بِالْكَذِبِ وَكَانَ مغفلا يُخطئ كثيرا فَالَّذِي اخْتَارَهُ أَكثر أهل الحَدِيث من الْأَئِمَّة أَن لَا يشْتَغل بالرواية عَنهُ

وَقد توهم بعض النَّاس أَن الضَّبْط لَا يخْتَلف بِالْقُوَّةِ والضعف فَزعم أَن الرَّاوِي إِمَّا أَن يُوصف بالضبط وَإِمَّا أَن يُوصف بِعَدَمِهِ والموصوفون بالضبط نوع وَاحِد لَا يخْتَلف بَعضهم عَن بعض فِي الدرجَة فَلَا يُقَال فلَان أتم ضبطا من فلَان وَقد عرفت أَنهم ثَلَاثَة أَنْوَاع والعيان يُغني عَن الْبُرْهَان

وَأما الثِّقَة فَهُوَ الَّذِي يجمع بَين الْعَدَالَة والضبط وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر وثق تَقول وثقت بفلان ثِقَة ووثوقا إِذا ائتمنته ولكونه مصدرا فِي الأَصْل قيل هُوَ وَهِي وهما وهم وَهن ثِقَة وَيجوز تثنيته وَجمعه فَيُقَال هما ثقتان وهم وَهن ثِقَات وَتقول وثقت فلَانا توثيقا إِذا قلت إِنَّه ثِقَة وَمثل الثِّقَة الثبت قَالَ فِي الْمِصْبَاح رجل ثَبت بِفتْحَتَيْنِ إِذا كَانَ عدلا ضابطا وَالْجمع أثبات والثبت أَيْضا الْحجَّة تَقول لَا أحكم إِلَّا بثبت وَقد ذكرُوا أَنه من أَعلَى الْأَلْفَاظ الَّتِي تسْتَعْمل فِي الرِّوَايَة

ص: 105

المقبولة ثِقَة ومتقن وَثَبت وَحجَّة وَعدل حَافظ وَعدل ضَابِط

ص: 106