الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الصَّاد
(خَ م د ت س) صَخْر بن جوَيْرِية أَبُو نَافِع وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَابْن سعد وَقَالَ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَالنَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة عَن ابْن معِين لَيْسَ بالمتروك وَإِنَّمَا يتَكَلَّم فِيهِ لِأَنَّهُ إِن كِتَابه سقط قَالَ وَرَأَيْت فِي كتاب عَليّ يَعْنِي ابْن الْمَدِينِيّ عَن يحيى بن سعيد ذهب كتاب صَخْر فَبعث إِلَيْهِ من الْمَدِينَة احْتج بِهِ الْبَاقُونَ إِلَّا ابْن ماجة
حرف الضَّاد خَالِي حرف الطَّاء
(خَ 4) طلق بن غَنَّام الْكُوفِي من كبار شُيُوخ البُخَارِيّ وَثَّقَهُ ابْن سعد وَالْعجلِي وَعُثْمَان بن أبي شيبَة وَابْن نمير وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ أَبُو دَاوُد صَالح وشذ ابْن حزم فضعفه فِي الْمحلى بِلَا مُسْتَند وَاحْتج بِهِ أَصْحَاب السّنَن
حرف الظَّاء خَالِي حرف الْعين
(ع) عَاصِم بن أبي النجُود الْمُقْرِئ أَبُو بكر قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل كَانَ رجلا صَالحا وَأَنا أخْتَار قِرَاءَته وَالْأَعْمَش أحفظ مِنْهُ وَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان فِي حَدِيثه اضْطِرَاب وَهُوَ ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم مَحَله الصدْق وَلَيْسَ مَحَله أَن يُقَال هُوَ ثِقَة وَلم يكن بِالْحَافِظِ وَقد تكلم فِيهِ ابْن علية وَقَالَ الْعقيلِيّ لم يكن فِيهِ إِلَّا سوء الْحِفْظ وَقَالَ الْبَزَّاز لَا نعلم أحدا ترك حَدِيثه مَعَ أَنه لم يكن بِالْحَافِظِ
(ع) عَامر بن وَاثِلَة أَبُو الطُّفَيْل اللَّيْثِيّ الْمَكِّيّ أثبت مُسلم وَغَيره لَهُ الصُّحْبَة وَقَالَ أَبُو عَليّ بن السكن رُوِيَ عَنهُ رُؤْيَته لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من وُجُوه ثَابِتَة وَلم يرو عَنهُ من وَجه ثَابت سَمَاعه وَكَانَ الْخَوَارِج يرمونه باتصاله بعلي وَقَوله بفضله وَفضل أهل بَيته وَلَيْسَ بحَديثه بَأْس قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ قلت لجرير أَكَانَ مُغيرَة يكره الرِّوَايَة عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ نعم وَقَالَ صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل عَن أَبِيه مكي ثِقَة وَكَذَا قَالَ ابْن سعد وَزَاد كَانَ متشيعا
قلت أَسَاءَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فضعف أَحَادِيث أبي الطُّفَيْل وَقَالَ كَانَ صَاحب راية الْمُخْتَار الْكذَّاب وَأَبُو الطُّفَيْل صَحَابِيّ لَا شكّ فِيهِ وَلَا يُؤثر فِيهِ قَول أحد وَلَا سِيمَا بالعصبية والهوى وَلم أر لَهُ فِي صَحِيح البُخَارِيّ سوى مَوضِع وَاحِد فِي الْعلم رَوَاهُ عَن عَليّ وَعنهُ مَعْرُوف بن خَرَّبُوذ وروى لَهُ الْبَاقُونَ اهـ
أَقُول قد سبق ذكر ذَلِك ولنعده هُنَا فَنَقُول قَالَ البُخَارِيّ فِي كتاب الْعلم بَاب من خص بِالْعلمِ قوما دون قوم كَرَاهِيَة أَن لَا يفهموا وَقَالَ عَليّ حدثوا النَّاس بِمَا يعْرفُونَ أتحبون أَن يكذب الله وَرَسُوله حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى عَن مَعْرُوف بن خَرَّبُوذ عَن أبي الطُّفَيْل عَن عَليّ بذلك اهـ
قَالَ الشُّرَّاح هَذَا الْإِسْنَاد من عوالي الْمُؤلف لِأَنَّهُ يلْتَحق بالثلاثيات من جِهَة أَن الرَّاوِي الثَّالِث وَهُوَ أَبُو الطُّفَيْل صَحَابِيّ وَقدم الْمُؤلف الْمَتْن هُنَا على السَّنَد ليميز بَين طَرِيق إِسْنَاد الحَدِيث وَإسْنَاد الْأَثر أَو لضعف الْإِسْنَاد بِسَبَب مَعْرُوف أَو للتفنن وَبَيَان الْجَوَاز وَمن ثمَّ وَقع فِي بعض النّسخ مُؤَخرا وَقد سقط هَذَا الْأَثر كُله من رِوَايَة الْكشميهني
ومعروف الْمَذْكُور هُوَ من صغَار التَّابِعين ضعفه يحيى بن معِين وَقَالَ أَحْمد مَا أَدْرِي كَيفَ هُوَ وَقَالَ السَّاجِي صَدُوق وَقَالَ أَبُو حَاتِم يكْتب حَدِيثه وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي الطُّفَيْل أَنه رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْحَج
(خَ د ت ق) عبد الله بن صَالح الْجُهَنِيّ أَبُو صَالح كَاتب اللَّيْث لقِيه البُخَارِيّ وَأكْثر عَنهُ وَلَيْسَ هُوَ بِشَرْطِهِ فِي الصَّحِيح وَإِن كَانَ حَدِيثه عِنْده صَالحا فَإِنَّهُ لم يُورد لَهُ فِي كِتَابه إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا وعلق عَنهُ غير ذَلِك على مَا ذكر الْحَافِظ الْمزي وَغَيره وَكَلَامهم فِي ذَلِك متعقب
ثمَّ ذكر وَجه التعقب وَقَالَ بعده قلت ظَاهر كَلَام هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة أَن حَدِيثه كَانَ فِي الأول مُسْتَقِيمًا ثمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ فِيهِ تَخْلِيط فَمُقْتَضى ذَلِك أَن مَا يَجِيء من رِوَايَته عَن أهل الحذق كيحيى بن معِين وَالْبُخَارِيّ وَأبي زرْعَة وَأبي حَاتِم فَهُوَ من صَحِيح حَدِيثه وَمَا يَجِيء من رِوَايَة الشُّيُوخ عَنهُ فَيتَوَقَّف فِيهِ وَالْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا اليخاري عَنهُ فِي الصَّحِيح بِصِيغَة حَدثنَا أَو قَالَ لي أَو قَالَ الْمُجَرَّدَة قَليلَة وَأورد ذَلِك ثمَّ قَالَ
وَأما التَّعْلِيق على اللَّيْث من رِوَايَة عبد الله بن صَالح عَنهُ فكثير جدا وَقد عَابَ ذَلِك الْإِسْمَاعِيلِيّ على البُخَارِيّ وتعجب مِنْهُ كَيفَ يحْتَج بأحاديثه حَيْثُ يعلقها فَقَالَ هَذَا عَجِيب يحْتَج بِهِ إِذا كَانَ مُنْقَطِعًا وَلَا يحْتَج بِهِ إِذا كَانَ مُتَّصِلا
وَجَوَاب ذَلِك أَن البُخَارِيّ إِنَّمَا صنع ذَلِك لما قَرَّرْنَاهُ أَن الَّذِي يُورِدهُ من أَحَادِيثه صَحِيح عِنْده قد انتقاه من حَدِيثه لكنه لَا يكون على شَرطه الَّذِي هُوَ أَعلَى شُرُوط الصِّحَّة فَلهَذَا لَا يَسُوقهُ مساق أصل الْكتاب وَهَذَا اصْطِلَاح لَهُ قد عرف بالاستقراء من صَنِيعه فَلَا مشاحة فِيهِ وَالله أعلم
(ع) عبد الْوَارِث بن سعيد أَبُو عُبَيْدَة الْبَصْرِيّ من مشاهير الْمُحدثين ونبلائهم أثنى شُعْبَة على حفظه وَكَانَ يحيى بن سعيد الْقطَّان يرجع إِلَى حفظه وَوَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن سعد وَأَبُو حَاتِم وَذكر أَبُو دَاوُد عَن أبي عَليّ الْموصِلِي أَن حَمَّاد بن زيد كَانَ ينهاهم عَنهُ لأجل القَوْل بِالْقدرِ وَالَّذِي اتَّضَح أَنهم اتَّهَمُوهُ بِالْقدرِ لأجل ثنائه على عَمْرو بن عبيد فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول لَوْلَا أنني أعلم أَنه صَدُوق مَا حدثت عَنهُ وأئمة الحَدِيث كَانُوا يكذبُون عَمْرو بن عبيد وَينْهَوْنَ عَن مُجَالَسَته
فَمن هُنَا اتهمَ عبد الْوَارِث وَقد احْتج بِهِ الْجَمَاعَة
أَقُول عَمْرو بن عبيد الْمَذْكُور كَانَ دَاعِيَة إِلَى الاعتزال وَقد ذكر مُسلم فِي مُقَدّمَة كِتَابه شَيْئا مِمَّا قيل فِيهِ فَقَالَ حَدثنَا حسن الْحلْوانِي حَدثنَا نعيم بن حَمَّاد ح قَالَ أَبُو إِسْحَاق وَحدثنَا مُحَمَّد بن يحيى قَالَ حَدثنَا نعيم بن حَمَّاد حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة عَن يُونُس بن عبيد قَالَ كَانَ عَمْرو بن عبيد يكذب فِي الحَدِيث
وحَدثني عَمْرو بن عَليّ أَبُو حَفْص قَالَ سَمِعت معَاذ بن معَاذ يَقُول قلت لعوف بن أبي جميلَة إِن عَمْرو بن عبيد حَدثنَا عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من حمل علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا قَالَ كذب وَالله عَمْرو وَلكنه أَرَادَ أَن يحوزها إِلَى قَوْله الْخَبيث
وَحدثنَا عبيد بن عمر القواريري حَدثنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ كَانَ رجل قد لزم أَيُّوب وَسمع مِنْهُ فَفَقدهُ أَيُّوب فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا بكر إِنَّه قد لزم عَمْرو بن عبيد قَالَ حَمَّاد فَبينا يَوْمًا مَعَ أَيُّوب وَقد بكرنا إِلَى السُّوق فَاسْتَقْبلهُ الرجل فَسلم
عَلَيْهِ أَيُّوب وَسَأَلَهُ ثمَّ قَالَ لَهُ أَيُّوب بَلغنِي أَنَّك لَزِمت ذَاك الرجل قَالَ حَمَّاد سَمَّاهُ يَعْنِي عمرا قَالَ نعم يَا أَبَا بكر إِنَّه يجيئنا بأَشْيَاء غرائب قَالَ يَقُول لَهُ أَيُّوب إِنَّمَا نفر أَو نفرق من تِلْكَ الغرائب
وحَدثني حجاج بن الشَّاعِر حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب حَدثنَا ابْن زيد يَعْنِي حمادا قَالَ قيل لأيوب إِن عَمْرو بن عبيد روى عَن الْحسن قَالَ لَا يجلد السَّكْرَان من النَّبِيذ قَالَ كذب أَنا سمع الْحسن يَقُول يجلد السَّكْرَان من النَّبِيذ
وحَدثني حجاج حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب قَالَ سَمِعت سَلام بن أبي مُطِيع قَالَ بلغ أَيُّوب أَنِّي آتِي عمرا فَأقبل عَليّ يَوْمًا فَقَالَ أَرَأَيْت رجلا لَا تأمنه على دينه فَكيف تأمنه على الحَدِيث اهـ
نبيه حَدِيث من حمل علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا صَحِيح مَرْوِيّ من طرق وَقد ذكرهَا مُسلم فِي كتاب الْإِيمَان وَقد أول عُلَمَاء أهل السّنة هَذَا الحَدِيث فَقَالَ بَعضهم هُوَ مَحْمُول على المستحيل لذَلِك بِغَيْر تَأْوِيل فيكفر وَيخرج من الْملَّة وَقيل مَعْنَاهُ لَيْسَ على سيرتنا الْكَامِلَة وهدينا وَهَذَا مَا يَقُول الرجل لوَلَده إِذا لم يرض فعله لست مني
وَهَكَذَا القَوْل فِي جَمِيع الْأَحَادِيث الْوَارِدَة بِنَحْوِ هَذَا القَوْل كَقَوْلِه عليه السلام من غَشنَا فَلَيْسَ منا فَإِن مَذْهَب أهل السّنة أَن من حمل السِّلَاح على الْمُسلمين بِغَيْر حق وَلَا تَأْوِيل وَلم يستحله فه عَاص وَلَا يكفر بذلك وَكَانَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة يكره قَول من يفسره بليس على هدينَا وَيَقُول بئس هَذَا القَوْل يَعْنِي انه يمسك تَأْوِيله ليَكُون أوقع فِي النُّفُوس وأبلغ فِي الزّجر
وَحَمَلته الْمُعْتَزلَة على ظَاهره فَقَالُوا إِن من ارْتكب كَبِيرَة وَلم يتب خرج من الْإِيمَان وخلد فِي النَّار وَلَا يسمونه مُؤمنا وَلَا كَافِرًا وَإِنَّمَا يسمونه فَاسِقًا وَلكَون
ظَاهر هَذَا الحَدِيث يُؤَيّد مَذْهَب الْمُعْتَزلَة قَالَ عَوْف كذب وَالله عَمْرو وَلكنه أَرَادَ أَن يحوزها إِلَى قَوْله الْخَبيث يَعْنِي أَنه أَرَادَ أَن يعضد بِهَذِهِ الْكَلِمَة مذْهبه الْبَاطِل وه مَذْهَب الْمُعْتَزلَة
وَمُرَاد مُسلم بِذكر لَك هُنَا بَيَان أَن عوفا جرح عَمْرو بن عبيد وَكذبه وَقد حاول الْعلمَاء بَيَان وَجه لتكذيب عَوْف فَقَالُوا إِنَّمَا كذبه مَعَ ان الحَدِيث صَحِيح إِمَّا لكَونه نسبه إِلَى الْحسن وَالْحسن لم يرو هَذَا أَو لكَونه لم يسمعهُ من الْحسن وَكَانَ عَوْف من كبار أَصْحَاب الْحسن وَلنْ بَقِي أَن يُقَال فَمَاذَا أَرَادَ عَوْف بقوله وَلكنه أَرَادَ أَن يحوزها إِلَى قَوْله الْخَبيث
وَاعْلَم أَن هَذَا الحَدِيث وأشباهه لَو انْفَرد بروايته ثِقَات الروَاة من الْمُعْتَزلَة وَلَو لم يَكُونُوا دعاة إِلَى مَذْهَبهم لَا يقبل عِنْد الْمُحدثين الْبَتَّةَ لما عرفت من أَن المبتدع إِذا كَانَ متحرزا من الْكَذِب وموصوفا بالديانة لَا يقبل من رِوَايَته عِنْد من يقبلهَا لَا مَا لَا يكون مؤيدا لبدعته ظَاهرا
وَلَو لم يرو هَذَا الحَدِيث من طَرِيق غير طَرِيق عَمْرو وإخوانه لجعل مِثَالا للْحَدِيث الْمَوْضُوع الَّذِي وَضعته الْمُعْتَزلَة تشييدا لمذهبهم وغن كَانُوا أبعد النَّاس عَن الْوَضع
وَقد نقلنا سَابِقًا قَول بعض الْعلمَاء الْأَعْلَام إِن من يعْتَقد انه يخلد فِي النَّار على شَهَادَة الزُّور أبعد فِي الشَّهَادَة الكاذبة مِمَّن لَا يعْتَقد ذَلِك فَكَانَت الثِّقَة بِشَهَادَتِهِ وخيره أكمل من الثِّقَة بِمن لَا يعْتَقد ذَلِك وَدَار قبُول الشَّهَادَة وَالرِّوَايَة على الثِّقَة بِالصّدقِ وَذَلِكَ مُتَحَقق فِي أهل الْأَهْوَاء
وَقد حاول حَكِيم أهل الْأَثر ابْن حبَان حل هَذِه الْعقْدَة على وَجه رُبمَا أرْضى الْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ كَانَ يكذب فِي الحَدِيث وهما لَا تعمدا وَلَا يخفى أَن الْكَذِب وهما
عبارَة عَن وُقُوع خطا فِي حَدِيثه على طَرِيق السَّهْو أَو الْغَفْلَة وَنَحْو ذَلِك وَهُوَ مِمَّا لَا يَخْلُو عَنهُ إِنْسَان مهما جلّ حفظه وانتباهه
قَالَ الْحَافِظ التِّرْمِذِيّ قَالَ وَكِيع إِن لم يكن الْمَعْنى وَاسِعًا فقد هلك النَّاس وَإِنَّمَا تفاضل أهل الْعلم بِالْحِفْظِ والإتقان والتثبت عِنْد السماع مَعَ انه لم يسلم من الْخَطَأ والغلط أحد من الْأَئِمَّة مَعَ حفظهم
وَالظَّاهِر أَن عَمْرو بن عبيد كَانَ جَارِيا على سنَن جُمْهُور أهل الْأَثر فِي قبُول خبر الْوَاحِد إِذا استوفى الشُّرُوط الْمَشْهُورَة قَالَ ابْن حزم فِي كتاب الإحكام فِي إِثْبَات خبر الْوَاحِد وَلَا خلاف بَين مُؤمن وَلَا كَافِر قطعا فِي أَن كل صَاحب وكل تَابع سَأَلَهُ مستفت عَن نازلة فِي الدّين أَنه لم يقل لَهُ قطّ لَا يجوز لَك أَن تعْمل بِمَا أَخْبَرتك بِهِ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُخْبِرك بذلك الكواف كَمَا قَالُوا لَهُم فِيمَا أخبروا بِهِ انه رَأْي مِنْهُم فَلم يلزموهم قبُوله
ثمَّ قَالَ فصح بِهَذَا إِجْمَاع الْأمة كلهَا على قبُول خبر الْوَاحِد الثِّقَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يجْرِي على ذَلِك فِي كل فرقة علماؤها كَاهِل السّنة والخوارج والشيعة والقدرية حَتَّى حدث متكلموا الْمُعْتَزلَة بعد المئة من التَّارِيخ فخالفوا الْإِجْمَاع فِي ذَلِك وَلَقَد كَانَ عَمْرو بن عبيد يتدين بِمَا يروي عَن الْحسن ويفتي بِهِ هَذَا أَمر لَا يجهله من لَهُ أقل علم اهـ
وَلَا يخفى مَا فِي هَذِه الْعبارَة من الْإِشْعَار بفرط شهرة هَذَا الرجل مَعَ عظم موقعه فِي نفوس الْمُعْتَزلَة ولنذكر شَيْئا من تَرْجَمته مِمَّا ذكره أهل الْأَثر حاذفين كثيرا مِمَّا يتَعَلَّق بذمه فقد عرف رَأْيهمْ فِيهِ فَنَقُول
هُوَ أَبُو عُثْمَان عَمْرو بن عبيد الْبَصْرِيّ روى عَن الْحسن وَأبي قلَابَة وروى
عَنهُ الحمادان وَيحيى الْقطَّان وَعِيد الْوَارِث وَهُوَ الَّذِي ذكرنَا آنِفا أَنه اتهمَ بالاعتزال لنفيه الْكَذِب عَن عَمْرو وَقَالَ حَمَّاد بن زيد كنت مَعَ أَيُّوب وَيُونُس وَابْن عون فَمر عَمْرو فَسلم عَلَيْهِم ووقف فَلم يردوا عليه السلام
وَقَالَ عبد الْوَهَّاب الْخفاف مَرَرْت بِعَمْرو بن عبيد وَحده فَقلت مَالك تركوك قَالَ نهى النَّاس عني ابْن عون فَانْتَهوا وَقَالَ عَمْرو بن النَّضر سُئِلَ عَمْرو بن عبيد يَوْمًا عَن شَيْء وَأَنا عِنْده فَأجَاب فِيهِ فَقلت لَيْسَ هَكَذَا يَقُول أَصْحَابنَا فَقَالَ وَمن أَصْحَابك لَا أَبَا لَك فَقلت أَيُّوب وَيُونُس وَابْن عون والتيمي قَالَ أُولَئِكَ أرجاس أنجاس أموات غير أَحيَاء
وَقَالَ مَحْمُود بن غيلَان قلت لأبي دَاوُد إِنَّك لَا تروي عَن عبد الْوَارِث قَالَ كَيفَ أروي عَن رجل يزْعم ان عَمْرو بن عبيد خير من أَيُّوب وَابْن عون وَيُونُس
وَقَالَ عبيد الله بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ كُنَّا إِذا جلسنا إِلَى عبد الْوَارِث كَانَ أَكثر حَدِيثه عَن عَمْرو بن عبيد وَقَالَ نعيم بن حَمَّاد قيل لِابْنِ الْمُبَارك لم رويت عَن سعيد وَهِشَام الدستوَائي وَتركت حَدِيث عَمْرو بن عبيد قَالَ كَانَ عَمْرو يَدْعُو إِلَى رَأْيه وَيظْهر الدعْوَة وَكَانَا ساكتين
وَقَالَ احْمَد بن مُحَمَّد الْحَضْرَمِيّ سَأَلت ابْن معِين عَن عَمْرو بن عبيد فَقَالَ لَا يكْتب حَدِيثه فَقلت لَهُ أَكَانَ يكذب فَقَالَ كَانَ دَاعِيَة إِلَى دينه فَقلت لَهُ فَلم وثقت قَتَادَة وَابْن أبي عرُوبَة وَسَلام بن مِسْكين فَقَالَ كَانُوا يصدقون فِي حَدِيثهمْ وَلم يَكُونُوا يدعونَ إِلَى بِدعَة
وَقَالَ كَامِل بن طَلْحَة قلت لحماد يَا أَبَا سَلمَة رويت عَن النَّاس وَتركت عَمْرو بن عبيد فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت كَانَ النَّاس يصلونَ يَوْم الْجُمُعَة إِلَى الْقبْلَة وَهُوَ مُدبر عَنْهُم فَعلمت أَنه على بِدعَة فَتركت الرِّوَايَة عَنهُ وَذكروا مرائي كَثِيرَة من هَذَا الْقَبِيل رَآهَا النَّاس فِي حَقه
وَذكروا عَن الْحسن أَنه قَالَ نعم الْفَتى عَمْرو بن عبيد إِن لم يحدث وَكَانَ الْخَلِيفَة أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور يعجب بزهد عَمْرو وعبادته وَيَقُول
(كلكُمْ يطْلب صيد
…
كلكُمْ يمشي رويد
…
غير عَمْرو بن عبيد)
وَتُوفِّي بطرِيق مَكَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين مئة وَقيل سنة أَربع ورثاه الْمَنْصُور فَقَالَ
(صلى الْإِلَه عَلَيْك من مُتَوَسِّد
…
قبرا مَرَرْت بِهِ على مران)
(قبرا تضمن مُؤمنا متحنفا
…
صدق الْإِلَه ودان بِالْقُرْآنِ)
(لَو أَن هَذَا الدَّهْر أبقى صَالحا
…
أبقى لنا حَقًا أَبَا عُثْمَان)
(خَ م د س) عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة الْكُوفِي أحد الْحفاظ الْكِبَار وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَابْن نمير وَالْعجلِي وَجَمَاعَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم كَانَ أكبر من أَخِيه أبي بكر إِلَّا أَن أَبَا بكر ضَعِيف وَعُثْمَان صَدُوق وَذكر لَهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب التَّصْحِيف أَشْيَاء صحفها من الْقُرْآن فِي تَفْسِيره كانه مَا كَانَ يحفظ الْقُرْآن وانكر عَلَيْهِ أَحْمد أَحَادِيث وتتبعها الْخَطِيب وَبَين عذره فِيهَا روى لَهُ الْجَمَاعَة سوى التِّرْمِذِيّ
(ع) عدي بن ثَابت الْأنْصَارِيّ الْكُوفِي التَّابِعِيّ الْمَشْهُور وَثَّقَهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْعجلِي وَالدَّارَقُطْنِيّ إِلَّا أَنه قَالَ كَانَ يغلو فِي التَّشَيُّع وَكَانَ غمام مَسْجِد الشِّيعَة وقاضيهم قلت احْتج بِهِ الْجَمَاعَة وَمَا أخرج لَهُ فِي الصَّحِيح شَيْء مِمَّا يُقَوي بدعته
(ع) عِكْرِمَة أَبُو عبد الله مولى ابْن عَبَّاس احْتج بِهِ البُخَارِيّ وَأَصْحَاب السّنَن وَتَركه مُسلم فَلم يخرج لَهُ سوى حَدِيث وَاحِد فِي الْحَج مَقْرُونا بِسَعِيد بن جُبَير وَغنما تَركه لكَلَام مَالك فِيهِ وَقد تعقب جمَاعَة من الْأَئِمَّة ذَلِك وصنفوا
فِي الذب عَن عِكْرِمَة مِنْهُم أَبُو جَعْفَر بن جرير الطَّبَرِيّ وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي وَأَبُو عبد الله بن مندة وَأَبُو حَاتِم ابْن حبَان وَابْن عبد الْبر وَغَيرهم
ومدار طعن الطاعنين فِيهِ على ثَلَاثَة أَشْيَاء وَهِي الْكَذِب وموافقة الْخَوَارِج فِي مَذْهَبهم وَقبُول جوائز المراء
ومدار جَوَاب الذابين عَنهُ على ان قبُول جوائز الْأُمَرَاء لَا يُوجب الْقدح إِلَّا عِنْد المشددين وَأهل الْعلم على جَوَاز ذَلِك وَقد صنف فِي ذَلِك ابْن عبد الْبر
وَأما الْبِدْعَة فَإِن ثبتَتْ عَنهُ فَلَا تضر فِي رِوَايَته لِأَنَّهُ لم يكن دَاعِيَة مَعَ أَنَّهَا لم تثبت عَلَيْهِ
وَأما نسبته إِلَى الْكَذِب فأشد مَا ورد فِي ذَلِك مَا رُوِيَ عَن عبد الله بن عمر انه قَالَ لنافع لَا تكذب عَليّ كَمَا كذب عِكْرِمَة على ابْن عَبَّاس
قَالَ ابْن حبَان أهل الْحجاز يطلقون كذب فِي مَوضِع أَخطَأ وَيُؤَيّد ذَلِك قَول عبَادَة بن الصَّامِت كذب أَبُو مُحَمَّد لما أخبر أَنه يَقُول إِن الْوتر وَاجِب مَعَ انه لم يقلهُ راوية وَإِنَّمَا قَالَه اجْتِهَادًا وَلَا يُقَال للمجتهد فِيمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده إِنَّه كذب فِيهِ وَغنما يُقَال أَخطَأ فِيهِ وَقد ذكر ابْن عبد الْبر أَمْثِلَة كَثِيرَة تدل على أَن كذب تَأتي بِمَعْنى أَخطَأ
وَيَتْلُو مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر فِي الشدَّة مَا يروي عَن ابْن سِيرِين من قَوْله لمَوْلَاهُ برد لَا تكذب عَليّ كَمَا كذب عِكْرِمَة على ابْن عَبَّاس وَقد عرفت ان كذب قد يكون بِمَعْنى أهخطأ
وَقَالَ بعض الْعلمَاء كَانَ عِكْرِمَة رُبمَا سمع الحَدِيث من رجلَيْنِ فَيحدث بِهِ عَن احدهما تَارَة وَعَن الآخر تَارَة أُخْرَى فَرُبمَا قَالُوا مَا أكذبه فَرُبمَا قَالُوا مَا أكذبه وه صَادِق
وَقَالَ أَيُّوب قَالَ عِكْرِمَة أَرَأَيْت هَؤُلَاءِ الَّذين يكذبونني من خَلْفي أَفلا يكذبونني فِي وَجْهي يَعْنِي انهم إِذا واجهوه بذلك أمكنه الْجَواب عَنهُ والمخرج مِنْهُ
وَأما طعن مَالك فِيهِ فقد بَين سَببه أَبُو حَاتِم قَالَ ابْن أبي حَاتِم سَأَلت أبي عَن عِكْرِمَة فَقَالَ ثِقَة قلت يحْتَج بحَديثه قَالَ نعم إِذا روى عَنهُ الثِّقَات وَالَّذِي أنكر عَلَيْهِ بِهِ مَالك إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب رَأْيه
على انه لم يثبت عَنهُ من وَجه قَاطع أَنه كَانَ يرى ذَلِك وَغنما كَانَ يوافقهم فِي بعض الْمسَائِل فنسبوه إِلَيْهِم وَقد برأه أَحْمد وَالْعجلِي من ذَلِك
وَقَالَ ابْن جرير لَو كَانَ كل من ادعِي عَلَيْهِ مَذْهَب من الْمذَاهب الرَّديئَة ثَبت عَلَيْهِ مَا ادعِي بِهِ وَسَقَطت عَدَالَته وَبَطلَت شَهَادَته بذلك للَزِمَ ترك أَكثر محدثي الْأَمْصَار لِأَنَّهُ مَا مِنْهُم إِلَّا وَقد نسبه قوم إِلَى مَا يرغب بِهِ عَنهُ
وَأما ثَنَاء النَّاس عَلَيْهِ من أهل عصره وَمِمَّنْ بعدهمْ فكثير قَالَ الشّعبِيّ مَا بَقِي أحد اعْلَم بِكِتَاب الله من عِكْرِمَة وَقَالَ جرير عَن مُغيرَة قيل لسَعِيد بن جُبَير تعلم أحدا أعلم مِنْك قَالَ نعم عِكْرِمَة وَقَالَ حبيب بن الشَّهِيد كنت عِنْد عَمْرو بن دِينَار فَقَالَ وَالله مَا رَأَيْت مثل عِكْرِمَة قطّ
وَحكى البُخَارِيّ عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ أَعْطَانِي جَابر بن زيد صحيفَة فِيهَا مسَائِل عَن عِكْرِمَة فَجعلت كَأَنِّي أتبطأ فانتزعها من يَدي وَقَالَ هَذَا عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس هَذَا أعلم النَّاس وَقَالَ البُخَارِيّ لَيْسَ أحد من أَصْحَابنَا إِلَّا احْتج بِعِكْرِمَةَ
وَقَالَ مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي أجمع عَامَّة أهل الْعلم على الِاحْتِجَاج بِحَدِيث عِكْرِمَة وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر كَانَ عِكْرِمَة من جلة الْعلمَاء وَلَا يقْدَح فِيهِ كَلَام من تكلم فِيهِ لِأَنَّهُ لَا حجَّة مَعَ أحد تكلم فِيهِ وَكَلَام ابْن سِيرِين فِيهِ لَا خلاف بَين أهل الْعلم انه كَانَ أعلم بِكِتَاب الله من ابْن سِيرِين وَقد يظنّ الْإِنْسَان ظنا يغْضب لَهُ وَلَا يملك نَفسه
(خَ د س) عمرَان بن حطَّان السدُوسِي الشَّاعِر الْمَشْهُور كَانَ يرى رَأْي الْخَوَارِج وَكَانَ دَاعِيَة إِلَى مذْهبه وَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَقَالَ قَتَادَة كَانَ لَا يتهم فِي الحَدِيث قَالَ يَعْقُوب بن شيبَة أدْرك جمَاعَة من الصَّحَابَة لم يخرج لَهُ البُخَارِيّ سوى حَدِيث وَاحِد وَهُوَ إِنَّمَا يلبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا من لَا خلاق لَهُ فِي الْآخِرَة أخرجه البُخَارِيّ فِي المتابعات