الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الَّذِي حدّثنَاهُ سُلَيْمَان بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مَاجَه حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا حَفْص بن سُلَيْمَان حَدثنَا كثير بن شنظير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم
صلَة مهمة يتَعَلَّق معظمها بِالصَّحِيحِ وَالْحسن
اعْلَم أَن بعض الْعلمَاء قد سلك فِي بَيَان هَذَا الْفَنّ وَحصر أقسامه الْمَشْهُورَة وتعريفها مسلكا صَار قَرِيبا قريب الْمدْرك وَقد أَحْبَبْت أَن نتبع أَثَره فِي ذَلِك موردين لباب مَا أوردهُ مَعَ زيادات يقتضيها الْمقَام وَرُبمَا وَقع فِي أثْنَاء ذَلِك تكْرَار لبَعض مَا سبق لأمر يحمل عَلَيْهِ فنذكره من غير إِشَارَة وَقد آن أَن نشرع فِي ذَلِك فَنَقُول
الْخَبَر إِمَّا ان يرويهِ جمَاعَة يبلغون فِي الْكَثْرَة مبلغا تحيل الْعَادة تواطؤهم على الْكَذِب فِيهِ أَولا فَالْأول الْمُتَوَاتر وَالثَّانِي الْآحَاد
والمتواتر لَيْسَ من مبَاحث علم الْإِسْنَاد لِأَن علم الْإِسْنَاد علم يبْحَث فِيهِ عَن صِحَة الحَدِيث أَو ضعفه من حَيْثُ صِفَات رُوَاته وصيغ أدائهم ليعْمَل بِهِ أَو يتْرك
والمتواتر صَحِيح قطعا فَيجب الْأَخْذ بِهِ من غير توقف وَهُوَ يُفِيد الْعلم بطرِيق الْيَقِين والمتواتر ينْدر أَن يكون لَهُ إِسْنَاد مَخْصُوص كَمَا يكون لأخبار الْآحَاد لاستغنائه بالتواتر عَن ذَلِك وَإِذا وجد لَهُ إِسْنَاد معِين لم يبْحَث عَن أَحْوَال رِجَاله بِخِلَاف خبر الْآحَاد فَإِن فِيهِ الصَّحِيح وَغير الصَّحِيح وَالصَّحِيح مِنْهُ لَا يحكم لَهُ بِالصِّحَّةِ على طَرِيق الْيَقِين نعم قد تقترن قَرَائِن تفِيد الْعلم بِالصِّحَّةِ
وَلَا بُد ف خبر الْآحَاد ان يكون لَهُ إِسْنَاد معِين يبْحَث فِيهِ عَن أَحْوَال رِجَاله وصيغ أدائهم وَنَحْو ذَلِك ليعلم المقبول مِنْهُ من غَيره فانحصر الْبَحْث هُنَا فِي خبر الْآحَاد
وَخبر الأحاد إِن كَانَت رُوَاته فِي كل طبقَة ثَلَاثَة فَأكْثر يُسمى مَشْهُورا
وَإِن كَانَت رُوَاته فِي بعض الطَّبَقَات اثْنَيْنِ وَلم تنقص فِي سائرها عَن ذَلِك يُسمى عَزِيزًا
وَإِن انْفَرد فِي بعض الطَّبَقَات أَو كلهَا راو وَاحِد يُسمى غَرِيبا
وَالْمَشْهُور عِنْدهم أَنه لَا يشْتَرط فِي الْمَشْهُور والعزيز التَّعَدُّد فِي الطَّبَقَة الأولى فيسمون الحَدِيث مَشْهُورا إِذا رَوَاهُ فِي كل طبقَة ثَلَاثَة فَأكْثر وَإِن كَانَ من رَوَاهُ من الصَّحَابَة أقل من ثَلَاثَة ويسمون الحَدِيث عَزِيزًا إِذا رَوَاهُ فِي بعض الطَّبَقَات اثْنَان وَلم تنقص رُوَاته فِي سائرها عَن ذَلِك وَإِن كَانَ الرَّاوِي لَهُ من الصَّحَابَة وَاحِدًا فَقَط
والغريب إِن كَانَت الغرابة فِيهِ فِي أصل السَّنَد يُسمى الْفَرد الْمُطلق وَيُقَال لَهُ أَيْضا الْغَرِيب الْمُطلق وَإِن كَانَت الغرابة فِيهِ فِي غير أصل السَّنَد يُسمى الْفَرد النسبي وَيُقَال لَهُ أَيْضا الْغَرِيب النسبي وَالْمرَاد بِأَصْل السَّنَد أَوله
وَقد عرفت آنِفا أَن الْغَرِيب مَا ينْفَرد بروايته شخص فِي أَي مَوضِع كَانَ من مَوَاضِع السَّنَد وَأَن انْفِرَاد الصَّحَابِيّ فَقَط بِالْحَدِيثِ لَا يُوجب الحكم لَهُ بالغرابة
فالفرد الْمُطلق هُوَ مَا ينْفَرد بروايته عَن الصَّحَابِيّ وَاحِد من التَّابِعين وَذَلِكَ كَحَدِيث النَّهْي عَن بيع الْوَلَاء فَإِنَّهُ تفرد بِهِ عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر
وَقد يتفرد بِهِ راو عَن ذَلِك المتفرد وَذَلِكَ كَحَدِيث شعب الْإِيمَان فَإِنَّهُ تفرد بِهِ أَبُو صَالح عَن أبي هُرَيْرَة وَتفرد بِهِ عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح وَقد يسْتَمر التفرد فِي جَمِيع رُوَاته أَو أَكْثَرهم وَفِي مُسْند الْبَزَّار والمعجم الْأَوْسَط للطبراني أَمْثِلَة كَثِيرَة لذَلِك
والفرد النسبي هُوَ مَا ينْفَرد بروايته وَاحِد مِمَّن بعد التَّابِعين وَذَلِكَ بِأَن يرويهِ عَن الصَّحَابِيّ أَكثر من وَاحِد ثمَّ ينْفَرد بالرواية عَن وَاحِد مِنْهُم أَو أَكثر وَاحِد
ويقل إِطْلَاق اسْم الْفَرد على الْفَرد لانسبي وَغنما يُطلق عَلَيْهِ فِي الْغَالِب اسْم الْغَرِيب قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر إِن أهل الِاصْطِلَاح قد غايروا بَين الْفَرد والغريب
من حَيْثُ كثر الِاسْتِعْمَال وقلته فالفرد أَكثر مَا يطلقونه على الْفَرد الْمُطلق والغريب أَكثر مَا يطلقونه على الْفَرد النسبي وَهَذَا من حَيْثُ إِطْلَاق الِاسْم عَلَيْهِمَا وَأما من حَيْثُ استعمالهم الْفِعْل الْمُشْتَقّ فَلَا يفرقون فَيَقُولُونَ فِي الْمُطلق والنسبي تفرد بِهِ فلَان أَو أغرب بِهِ فلَان وَلَا يسوغ الحكم بالتفرد إِلَّا بعد الِاعْتِبَار وَالِاعْتِبَار هُوَ تتبع الطّرق من الْجَوَامِع وَالْمَسَانِيد والأجزاء لذَلِك الحَدِيث الَّذِي يظنّ أَنه فَرد ليعلم هَل لرِوَايَة متابع أَو هَل لَهُ شَاهد أم لَا ومظنة معرفَة الطّرق الَّتِي يحصل بهَا المتابعات والشواهد وينتفي بهَا التفرد كتب الْأَطْرَاف
قَالَ الْعِرَاقِيّ الِاعْتِبَار أَن تَأتي إِلَى حَدِيث لبَعض الروَاة فتعتبره بروايات غَيره من الروَاة بسبر طرق الحَدِيث لتعرف هَل شَاركهُ فِي ذَلِك الحَدِيث راو غَيره فَرَوَاهُ عَن شَيْخه أم لَا فَإِن يكن شَاركهُ أحد مِمَّن يعْتَبر بحَديثه أَي يصلح أَن يخرج حَدِيثه للاعتبار بِهِ والاستشهاد بِهِ سمي حَدِيث هَذَا الَّذِي شَاركهُ تَابعا وَسَيَأْتِي بَيَان من يعْتَبر بحَديثه فِي مَرَاتِب الْجرْح وَالتَّعْدِيل
وَإِن لم تَجِد أحدا تَابعه عَلَيْهِ عَن شَيْخه فَانْظُر هَل تَابع أحد شيخ شَيْخه فَرَوَاهُ مُتَابعًا لَهُ أم لَا فَإِن وجدت أحدا تَابع شيخ شَيْخه عَلَيْهِ فَرَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ فسمه أَيْضا تَابعا وَقد يسمونه شَاهدا
وَإِن لم تَجِد فافعل ذَلِك فِيمَن فَوْقه إِلَى آخر الْإِسْنَاد حَتَّى فِي الصَّحَابِيّ فَكل من وجد لَهُ متابع فسم حَدِيث الَّذِي شَاركهُ تَابعا وَقد يسمونه شَاهدا
فَإِن لم تَجِد لأحد مِمَّن فَوْقه مُتَابعًا عَلَيْهِ فَانْظُر هَل أَتَى بِمَعْنَاهُ حَدِيث آخر فسم ذَلِك الحَدِيث شَاهدا وَإِن لم تَجِد حَدِيثا آخر يُؤَدِّي مَعْنَاهُ فقد عري من المتابعات والشواهد فَالْحَدِيث إِذا فَرد
قَالَ ابْن حبَان وَطَرِيق الِاعْتِبَار فِي الْأَخْبَار مِثَاله أَن يروي حَمَّاد بن سَلمَة حَدِيثا لم يُتَابع عَلَيْهِ عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَينْظر هَل روى ذَلِك ثِقَة غير أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين فَإِن
وجد علم أَن للْخَبَر أصلا يرجع إِلَيْهِ وَإِن لم يُوجد ذَلِك فَثِقَة غير ابْن سِيرِين رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة وَإِلَّا فصحابي غير أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَي ذَلِك وجد يعلم بِهِ أَن الحَدِيث يرجع إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا انْتهى
قلت فمثال مَا عدمت فِيهِ المتابعات من هَذَا الْوَجْه من وَجه يثبت مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أرَاهُ رَفعه أحبب حَبِيبك هونا مَا الحَدِيث قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا من هَذَا الْوَجْه قلت أَي من وَجه يثبت وَقد رَوَاهُ الْحسن بن دِينَار وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة اهـ
مِثَال مَا وجد لَهُ تَابع وَشَاهد مَا روى مُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مر بِشَاة مطروحة أعطيتهَا مولاة لميمونة من الصَّدَقَة فَقَالَ أَلا أخذُوا إهابها فدبغوه فانتفعوا فَلم يذكر فِيهِ أحد من أَصْحَاب عَمْرو بن دِينَار فدبغوه إِلَّا ابْن عُيَيْنَة وَقد رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن نافعالمكي عَن عَمْرو فَلم يذكر الدّباغ
فَنَظَرْنَا هَل نجد أحدا تَابع شَيْخه عَمْرو بن دِينَار على ذكر الدّباغ فِيهِ عَن عَطاء أم لَا فَوَجَدنَا أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ تَابع عمرا عَلَيْهِ روى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن وهب عَن أُسَامَة عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لأهل شَاة مَاتَت أَلا نزعتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم بِهِ قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن عَطاء وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يحيى بن سعيد عَن ابْن جريج عَن عَطاء فَكَانَت هَذِه متابعات لرِوَايَة ابْن عُيَيْنَة
ثمَّ نَظرنَا فَوَجَدنَا لَهُ شَاهدا وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُسلم وَأَصْحَاب السّنَن من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن وَعلة الْمصْرِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر
والمتابعة إِن حصلت للراوي نَفسه فَهِيَ الْمُتَابَعَة التَّامَّة وَإِن حصلت لشيخه فَمن فَوْقه فَهِيَ الْمُتَابَعَة القاصرة
وَالشَّاهِد إِن كَانَ يشبه متن الحَدِيث الْفَرد فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى فَهُوَ الشَّاهِد بِاللَّفْظِ وغن كَانَ يُشبههُ فِي الْمَعْنى فَقَط فَهُوَ لاشاهد بِالْمَعْنَى وَالشَّاهِد متن يرْوى عَن صَحَابِيّ آخر يشبه متن الحَدِيث الْفَرد
وَقد أورد الْحَافِظ ابْن حجر مِثَالا تَجْتَمِع فِيهِ الْمُتَابَعَة التَّامَّة والمتابعة القاصرة وَالشَّاهِد بِاللَّفْظِ وَالشَّاهِد بِالْمَعْنَى وَهُوَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تروا الْهلَال وَلَا تفطروا حَتَّى تروه فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة الثَّلَاثِينَ
وَقد ظن قوم أَن هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْفظ قد تفرد بِهِ الشَّافِعِي عَن مَالك فعدوه فِي غَرَائِبه لِأَن أَصْحَاب مَالك رَوَوْهُ عَنهُ بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ فَإِن غم عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ فَنَظَرْنَا فَوَجَدنَا للشَّافِعِيّ مُتَابعًا وَهُوَ عبد الله القعْنبِي أخرجه البُخَارِيّ عَنهُ عَن مَالك بِلَفْظ الشَّافِعِي فَهَذِهِ مُتَابعَة تَامَّة وَقد دلّ على أَن مَالِكًا رَوَاهُ عَن عبد الله بن دِينَار باللفظين مَعًا
وَوجدنَا عبد الله بن دِينَار قد توبع فِيهِ عَن ابْن عمر من وَجْهَيْن أَحدهمَا مَا أخرجه مُسلم من طَرِيق أبي أُسَامَة عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر فَذكر الحَدِيث وَفِي آخِره فَإِن غمي عَلَيْكُم فاقدروا ثَلَاثِينَ وَالثَّانِي مَا أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه من طَرِيق عَاصِم بن مُحَمَّد بن زيد عَن أَبِيه عَن جده ابْن عمر بِلَفْظ فَإِن غم عَلَيْكُم فكملوا ثَلَاثِينَ فَهَذِهِ مُتَابعَة لَكِنَّهَا قَاصِرَة
وَله شَاهِدَانِ احدهما من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن آدم عَن