الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبارَة ابْن الصّلاح وَأما الْمخْرج بِفَتْح الْمِيم فَهُوَ فِي الأَصْل بِمَعْنى مَكَان الْخُرُوج فأطبق على الْموضع الَّذِي ظهر مِنْهُ الحَدِيث وهم الروَاة الَّذين جَاءَ عَنْهُم
وَأما التَّخْرِيج فيطلق على مَعْنيين
أَحدهمَا إِيرَاد الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ فِي كتاب أَو إملاء وَأكْثر مَا تقع هَذِه الْعبارَة للمغاربة وَالْأولَى أَن يَقُولُوا الْإِخْرَاج كَمَا يَقُوله غَيرهم
الثَّانِي عزو الْأَحَادِيث إِلَى من أخرجهَا من الْأَئِمَّة وَمِنْه قيل خرج فلَان أَحَادِيث كتاب كَذَا وَفُلَان لَهُ كتاب فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الْإِحْيَاء وَنَحْو ذَلِك
حكم الزِّيَادَات الْوَاقِعَة فِي المستخرجات
ذهب ابْن الصّلاح إِلَى أَن الزِّيَادَات الْوَاقِعَة فِي المستخرجات يحكم لَهَا بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهَا مروية بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَة فِي الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا وخارجة من ذَلِك الْمخْرج
وَاعْترض عَلَيْهِ الْحَافِظ ابْن حجر فِي ذَلِك فَقَالَ هَذَا مُسلم فِي الرجل الَّذِي التقى فِيهِ إِسْنَاد الْمُسْتَخْرج وَإسْنَاد مُصَنف الأَصْل وفيمن بعده وَأما من بَين الْمُسْتَخْرج وَبَين ذَلِك الرجل فَيحْتَاج إِلَى نقد لِأَن الْمُسْتَخْرج لم يلْتَزم الصِّحَّة فِي ذَلِك وَإِنَّمَا جلّ قَصده الْعُلُوّ فَإِن حصل وَقع على غَرَضه فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك صَحِيحا أَو فِيهِ زِيَادَة فَزِيَادَة حسن حصلت اتِّفَاقًا وَإِلَّا فَلَيْسَ ذَلِك همته
قَالَ وَقد وَقع ابْن الصّلاح هُنَا فِيمَا فر مِنْهُ وَهُوَ عدم التَّصْحِيح فِي هَذَا الزَّمَان لِأَنَّهُ أطبق تَصْحِيح هَذِه الزِّيَادَات ثمَّ عللها بتعليل أخص من دَعْوَاهُ وَهُوَ كَونهَا بذلك الْإِسْنَاد وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ من متلقي الْإِسْنَاد إِلَى منتهاه اهـ
وَالْمرَاد بِالزِّيَادَةِ فِي كَلَام ابْن الصّلاح الزِّيَادَة الْوَاقِعَة فِي بعض الْمُتُون الْمَذْكُورَة فِي الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا وَأما الزِّيَادَة المستقلة فَلَا تدخل تَحت ذَلِك الحكم على الْإِطْلَاق وَقد وَقع شَيْء مِنْهَا فِي مستخرج أبي عوَانَة على مُسلم قَالَ بعض أهل
الْأَثر قد وَقع فِي مستخرج أبي عوَانَة أَحَادِيث كَثِيرَة زَائِدَة على أَصله وفيهَا الصَّحِيح وَالْحسن بل والضعيف أَيْضا فَيَنْبَغِي التَّحَرُّز فِي الحكم عَلَيْهَا أَيْضا
وَأما مَا وَقع فِيهِ وَفِي غَيره من المستخرجات على الصَّحِيحَيْنِ من زِيَادَة فِي أحاديثهما أَو تَتِمَّة لمَحْذُوف أَو نَحْو ذَلِك فَهِيَ صَحِيحَة لَكِن مَعَ وجود الصِّفَات المشترطة فِي الصَّحِيح فِيمَن بَين صَاحب الْمُسْتَخْرج والراوي الَّذِي اجْتمع فِيهِ هُوَ وَصَاحب الأَصْل
وللحافظ السُّيُوطِيّ كَلَام مَبْسُوط يتَعَلَّق بِمَا نَحن فِيهِ فَأَحْبَبْت إِيرَاده إتماما للفائدة قَالَ فِي شرح ألفيته مُقْتَضى كَلَام ابْن الصّلاح أَن يُؤْخَذ جَمِيع مَا وجد فِي كتاب ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَغَيرهمَا مِمَّن اشْترط الصَّحِيح بِالتَّسْلِيمِ وَكَذَا مَا يُوجد فِي الْكتب المخرجة على الصَّحِيحَيْنِ وَفِي كل ذَلِك نظر من وَجْهَيْن
أما الأول فَلِأَن ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان لم يلتزما ان يخرجَا الصَّحِيح الَّذِي اجْتمعت فِيهِ الشُّرُوط الَّتِي عرفهَا ابْن الصّلاح لِأَنَّهُمَا مِمَّن لَا يرى التَّفْرِقَة بَين الصَّحِيح وَالْحسن وَقد صرح ابْن حبَان بِشَرْطِهِ وحاصلة أَن يكون الرَّاوِي عدلا مَشْهُورا بِالطَّلَبِ غير مُدَلّس سمع مِمَّن فَوْقه إِلَى أَن يَنْتَهِي فَإِن كَانَ يروي من حفظه فَلْيَكُن عَالما بِمَا يحِيل الْمَعْنى
فَلم يشْتَرط الضَّبْط وَعدم الشذوذ وَالْعلَّة وَشرط ابْن خُزَيْمَة كَشَرط ابْن حبَان فَإِن ابْن حبَان تَابع لَهُ وناسخ على منواله وَمِمَّا يدل على ذَلِك احتجاجهما بِأَحَادِيث من يخرج لَهُم مُسلم فِي المتابعات فَلَا يُسمى صَحِيحه بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكره ابْن الصّلاح وَإِن كَانَت صَالِحَة للاحتجاج مَا لم يظْهر فِي بَعْضهَا عِلّة قادحة
وَأما الثَّانِي فَلِأَن كتاب أبي عوَانَة وغن سَمَّاهُ بَعضهم مستخرجا فَإِن لَهُ فِيهِ أَحَادِيث مُسْتَقلَّة زَائِدَة وَإِنَّمَا تحصل الزِّيَادَة فِي أثْنَاء بعض الْمُتُون وَالْحكم بِصِحَّتِهَا مُتَوَقف على أَحْوَال رُوَاته فَرب حَدِيث يُخرجهُ البُخَارِيّ من طَرِيق أَصْحَاب الزُّهْرِيّ مِمَّن لم يتَكَلَّم فِيهِ فاستخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق آخر عَن أَصْحَاب الزُّهْرِيّ بِزِيَادَة فِيهِ وَذَلِكَ الآخر مِمَّن تكلم فِيهِ وَلَا يحْتَج بِهِ وَلَا بِزِيَادَتِهِ فَحِينَئِذٍ يتَوَقَّف الحكم بِصِحَّة الزِّيَادَة على ثُبُوت الصِّفَات المشترطة فِي الصَّحِيح للرواة الَّذين بَين صَاحب الْمُسْتَخْرج وَبَين مَا اجْتمع فِيهِ كالأصل الَّذِي استخرج عَلَيْهِ اهـ
تَنْبِيه قَالَ ابْن الصّلاح الْكتب المخرجة على كتاب البُخَارِيّ اَوْ كتاب مُسلم رضي الله عنهما لم يلْتَزم مصنفوها فِيهَا موافقتهما فِي أَلْفَاظ الحَدِيث بِعَينهَا من غير زِيَادَة ونقصان لكَوْنهم رووا تِلْكَ الْأَحَادِيث من غير جِهَة البُخَارِيّ وَمُسلم طلبا لعلو الْإِسْنَاد فَحصل فِيهَا بعض التَّفَاوُت فِي الْأَلْفَاظ وَهَكَذَا مَا أخرجه المؤلفون فِي تصانيفهم المستقلة كالسنن الْكُبْرَى للبيهقي وَشرح السّنة لأبي مُحَمَّد الْبَغَوِيّ وَغَيرهمَا مِمَّا قَالُوا فِيهِ أخرجه البُخَارِيّ أَو مُسلم
فَلَا يُسْتَفَاد من ذَلِك أَكثر من أَن البُخَارِيّ أَو مُسلما أخرج أصل ذَلِك الحَدِيث مَعَ احْتِمَال أَن يكون بَينهمَا تفَاوت فِي اللَّفْظ وَرُبمَا كَانَ تَفَاوتا فِي بعض الْمَعْنى فقد وجدت فِي ذَلِك مَا فِيهِ بعض التَّفَاوُت من حَيْثُ الْمَعْنى
وَإِذا كَانَ الْأَمر فِي ذَلِك على هَذَا فَلَيْسَ لَك أَن تنقل حَدِيثا مِنْهَا وَتقول هُوَ على هَذَا الْوَجْه فِي كتاب البُخَارِيّ أَو كتاب مُسلم إِلَّا ان تقَابل لَفظه أَو يكون الَّذِي خرجه قد قَالَ أخرجه البُخَارِيّ بِهَذَا اللَّفْظ بِخِلَاف الْكتب المختصرة من الصَّحِيحَيْنِ فَإِن مصنفها نقلوا فِيهَا أَلْفَاظ الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا غير أَن الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ للحميدي الأندلسي مِنْهَا يشْتَمل على زِيَادَة تتمات لبَعض الْأَحَادِيث كَمَا قدمنَا ذكره فَرُبمَا نقل من لَا يُمَيّز بعض مَا يجده فِيهِ عَن الصَّحِيحَيْنِ اَوْ أَحدهمَا وَهُوَ مُخطئ لكَونه من تِلْكَ الزِّيَادَات الَّتِي لَا وجود لَهَا فِي وَاحِد من الصَّحِيحَيْنِ اهـ
وَقَالَ بعض الباحثين فِي هَذَا المر إِن الْحميدِي قد ميز فِي الْأَكْثَر تِلْكَ الزِّيَادَات من أَلْفَاظ الصَّحِيح فَإِنَّهُ يَقُول بعد سِيَاق الحَدِيث اقْتصر مِنْهُ البُخَارِيّ على كَذَا وَزَاد فِيهِ البرقاني مثلا كَذَا أَو نَحْو ذَلِك وَعدم التَّمْيِيز إِنَّمَا وَقع على الْأَقَل فَإِنَّهُ قد يَسُوق الحَدِيث نَاقِلا لَهُ من مستخرج البرقاني أَو غَيره ثمَّ يَقُول اخْتَصَرَهُ البُخَارِيّ فَأخْرج طرفا مِنْهُ وَلَا يبين الْقدر الَّذِي اقْتصر عَلَيْهِ فيلتبس الْأَمر على الْوَاقِف عَلَيْهِ وَلَا يَزُول عَنهُ اللّبْس إِلَّا بِالرُّجُوعِ إِلَى أَصله فارتفع عَنهُ الملام فِي الْأَكْثَر
وَأما الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ لعبد الْحق فَإِنَّهُ أَتَى فِيهِ بِأَلْفَاظ الصَّحِيحَيْنِ فلك أَن تنقل مِنْهُ وتعزو ذَلِك لِلصَّحِيحَيْنِ أَو لأَحَدهمَا
وَقد تساهل فِي نِسْبَة الحَدِيث إِلَى الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا أَيْضا أَكثر المخرجين للمشيخات والمعاجم والمرتبين على الْأَبْوَاب فَإِنَّهُم يوردون الحَدِيث بأسانيدهم ثمَّ يصرحون بعد انْتِهَاء سِيَاقه غَالِبا بعزوه إِلَى البُخَارِيّ اَوْ مُسلم أَو إِلَيْهِمَا مَعًا مَعَ اخْتِلَاف الْأَلْفَاظ وَغَيرهَا يُرِيدُونَ أَصله فلينتبه لذَلِك
هَذَا وَلابْن حزم مقَالَة فِي تَرْتِيب كتب الحَدِيث جرى فِيهَا على مَا ظهر لَهُ فِي ذَلِك ذكرهَا فِي كتاب مَرَاتِب الدّيانَة وَقد أورد السُّيُوطِيّ خلاصتها فِي كتاب التَّقْرِيب فَقَالَ وَأما ابْن حزم فَإِنَّهُ قَالَ أولى الْكتب الصحيحان ثمَّ صَحِيح سعد بن السكن والمنتقى لِابْنِ الْجَارُود والمنتقى لقاسم بن أصغ
ثمَّ بعد هَذِه الْكتب أبي دَاوُد وَكتاب النَّسَائِيّ ومصنف قَاسم بن أصبغ ومصنف الطَّحَاوِيّ ومسند احْمَد وَالْبَزَّار وَأبي بكر وَعُثْمَان ابْني أبي شيبَة ومسند ابْن رَاهَوَيْه وَالطَّيَالِسِي وَالْحسن بن سُفْيَان والمستدرك
وَابْن سنجر وَيَعْقُوب بن شيبَة وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَابْن أبي عزْرَة وَمَا جرى مجْراهَا من الْكتب الَّتِي أفردت لكَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صرفا
ثمَّ بعْدهَا الْكتب الَّتِي فِيهَا كَلَامه وكرم غَيره
ثمَّ كَانَ فِيهِ الصَّحِيح فَهُوَ أجل مثل مُصَنف عبد الرَّزَّاق ومصنف ابْن أبي شيبَة ومصنف بَقِي بن مخلد وَكتاب مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وَكتاب ابْن الْمُنْذر
ثمَّ مُصَنف حَمَّاد بن سَلمَة ومصنف سعيد بن مَنْصُور ومصنف وَكِيع ومصنف الزريابي وموطأ مَالك وموطأ ابْن أبي ذِئْب وموطأ ابْن وهب ومسائل ابْن حَنْبَل وَفقه أبي عبيد وَفقه أبي ثَوْر وَمَا كَانَ من هَذَا النمط مَشْهُورا كَحَدِيث شُعْبَة وسُفْيَان وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ والْحميدِي وَابْن مهْدي ومسدد وَمَا جرى مجْراهَا فَهَذِهِ طبقَة موطأ مَالك بَعْضهَا أجمع للصحيح مِنْهُ وَبَعضهَا مثله وَبَعضهَا دونه
وَلَقَد أحصيت مَا فِي حَدِيث شُعْبَة من الصَّحِيح فَوَجَدته ثَمَان مئة حَدِيث ونيفا مُسْنده ومرسلا يزِيد على المئتين وأحصيت مَا فِي موطأ مَالك وَمَا فِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَوجدت فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا من الْمسند خمس ومئة ونيفا مُسْندًا وَثَلَاث مئة مُرْسلا ونيفا وَفِيه نَيف وَسَبْعُونَ حَدِيثا قد ترك مَالك نَفسه الْعَمَل بهَا وفيهَا أَحَادِيث ضَعِيفَة وهاها جُمْهُور الْعلمَاء اهـ
وَقَالَ الْخَطِيب وَغَيره إِن الْمُوَطَّأ مقدم على كل كتاب من الْجَوَامِع وَالْمَسَانِيد فعلى هَذَا هُوَ بعد صَحِيح الْحَاكِم وَهُوَ رِوَايَات كَثِيرَة وأكبرها رِوَايَة القعْنبِي وَقد روى الْمُوَطَّأ عَن مَالك جماعات كَثِيرَة وَبَين رواياتهم اخْتِلَاف من تَقْدِيم وَتَأْخِير وَزِيَادَة ونقصان وَمن أكبرها وأكثرها زيادات رِوَايَة ابْن مُصعب قَالَ ابْن حزم فِي رِوَايَة ابْن مُصعب هَذَا زِيَادَة على سَائِر الموطآت نَحْو مئة حَدِيث