الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشاذ وَالْمَحْفُوظ وَالْمُنكر وَالْمَعْرُوف
اخْتلفُوا فِي حد الحَدِيث الشاذ فَقَالَ جمَاعَة من عُلَمَاء الْحجاز هُوَ مَا روى الثِّقَة مُخَالفا لما رَوَاهُ النَّاس وَعبارَة الشَّافِعِي فِي ذَلِك لَيْسَ الشاذ من الحَدِيث أَن يروي الثِّقَة مَا لَا يروي غَيره إِنَّمَا الشاذ أَن يروي الثِّقَة حَدِيثا يُخَالف مَا روى النَّاس وَهُوَ مشْعر بِأَن الْمُخَالفَة الثِّقَة لمن هُوَ أرجح مِنْهُ وَإِن كَانَ وَاحِدًا كَافِيَة فِي الشذوذ
وَقَالَ أَبُو يعلى الخليلي الَّذِي عَلَيْهِ حفاظ الحَدِيث أَن الشاذ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَاد وَاحِد يشذ شيخ ثِقَة كَانَ أَو غير ثِقَة فَمَا كَانَ من غير ثِقَة فمتروك لَا يقبل وَمَا كَانَ عَن ثِقَة يتَوَقَّف فِيهِ وَلَا يحْتَج بِهِ فَلم يشْتَرط فِي الشاذ تفرد الثِّقَة بل مُطلق التفرد
وَقَالَ الْحَاكِم الشاذ هُوَ الحَدِيث الَّذِي يتفرد بِهِ ثِقَة من الثِّقَات وَلَيْسَ لَهُ أصل بمتابع لذَلِك الثِّقَة فَلم يشْتَرط فِيهِ مُخَالفَة النَّاس وَذكر أَنه يغاير الْمُعَلل من حَيْثُ إِن الْمُعَلل وقف على علته الدَّالَّة على جِهَة الْوَهم فِيهِ من إِدْخَال حَدِيث فِي حَدِيث أَو وهم راو فِيهِ أَو وصل مُرْسل ومحو ذَلِك والشاذ لم يُوقف فِيهِ على عِلّة لذَلِك
قَالَ بعض الْعلمَاء وَهَذَا مشْعر بِأَنَّهُ أدق من الْمُعَلل فَلَا يتَمَكَّن من الحكم بِهِ إِلَّا من مارس الْفَنّ وَكَانَ فِي الذرْوَة الْعليا من الْفَهم الثاقب وَالْحِفْظ الْوَاسِع
وَمن أوضح أمثلته مَا أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من طَرِيق عبيد بن غَنَّام النَّخعِيّ عَن عَليّ بن حَكِيم عَن شريك عَن عَطاء بن السَّائِب عَن أبي الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي كل أَرض نَبِي كنبيكم وآدَم كآدم ونوح
كنوح وَإِبْرَاهِيم كإبراهيم وَعِيسَى كعيسى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد قَالَ الْبَيْهَقِيّ عِنْدهمَا والشذوذ منَاف للصِّحَّة كَمَا عرفت فِي حد الصَّحِيح مَعَ أَن فِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيث كَثِيرَة لَيْسَ لَهَا إِلَّا إِسْنَاد وَاحِد تفرد بِهِ ثِقَة وَذَلِكَ كَحَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَحَدِيث النَّهْي عَن بيع الْوَلَاء وهبته وَغير ذَلِك
وَقد ذكر ابْن الصّلاح فِي أَمر الشاذ تَفْصِيلًا أوردهُ بعد ان أنكر على الخليلي وَالْحَاكِم مَا أَتَيَا بِهِ من الْإِطْلَاق فِيهِ فَقَالَ
إِذا انْفَرد الرَّاوِي بِشَيْء نظر فِيهِ فَإِن كَانَ مَا انْفَرد بِهِ مُخَالفا لما رَوَاهُ من هُوَ أولى مِنْهُ بِالْحِفْظِ لذَلِك وأضبط كَانَ مَا تفرد بِهِ شاذا مردودا وَإِن لم يكن فِيهِ مُخَالفَة لما رَوَاهُ غَيره وَإِنَّمَا هُوَ أَمر رَوَاهُ هُوَ وَلم يروه غَيره فَينْظر فِي ذَلِك الرَّاوِي الْمُنْفَرد فَإِن كَانَ عدلا حَافِظًا موثوقا بإتقانه وَضَبطه قبل مَا انْفَرد بِهِ وَلم يقْدَح الِانْفِرَاد فِيهِ كَمَا فِيمَا سبق من الْأَمْثِلَة وَإِن لم يكن مِمَّن يوثق بحفظه وإتقانه لذَلِك الَّذِي انْفَرد بِهِ كَانَ انْفِرَاده خارما لَهُ مزحزحا عَن حيّز الصَّحِيح
ثمَّ هُوَ بعد ذَلِك دائر مَرَاتِب مُتَفَاوِتَة بِحَسب الْحَال فِيهِ فَإِن كَانَ الْمُنْفَرد بِهِ غير بعيد من دَرَجَة الْحَافِظ الضَّابِط المقبول تفرده استحسنا حَدِيثه ذَلِك وَلم نحطه إِلَى قبيل الحَدِيث الضَّعِيف وغن كَانَ بَعيدا من ذَلِك رددنا مَا انْفَرد بِهِ وَكَانَ من قبيل الشاذ الْمُنكر فَخرج من ذَلِك أَن الشاذ الْمَرْدُود قِسْمَانِ أَحدهمَا الحَدِيث الْفَرد الْمُخَالف وَالثَّانِي الْفَرد الَّذِي لَيْسَ فِي رَاوِيه من الثِّقَة والضبط مَا يَقع جَابِرا لما يُوجب التفرد والشذوذ من النكارة والضعف اهـ
وَقد حاول بَعضهم الْجَواب عَن الْحَاكِم فَقَالَ إِن مُقْتَضى كَلَامه أَن فِي الصَّحِيح الشاذ وَغير الشاذ فَلَا يكون الشذوذ عِنْده منافيا للصِّحَّة فَقَالَ إِن مُقْتَضى كَلَامه أَن فِي الصَّحِيح الشاذ وَغير الشاذ فَلَا يكون الشذوذ عِنْده منافيا للصِّحَّة مُطلقًا وَيدل على ذَلِك أَنه ذكر فِي أَمْثِلَة الشاذ حَدِيثا أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من الْوَجْه الَّذِي حكم عَلَيْهِ
بالشذوذ وَيُؤَيّد ذَلِك مَا ذكره الْحَاكِم فِي الشاذ من أَنه ينقدح فِي نفس النَّاقِد أَنه غلط وَلَا يقدر على إِقَامَة الدَّلِيل على لَك وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من ذَلِك لَيْسَ مِمَّا ينقدح فِي نفس النَّاقِد أَنه غلط
وَأما الخليلي فَإِن الْجَواب عَنهُ وَإِن كَانَ لَيْسَ سهلا كالجواب عَن الْحَاكِم فَإِنَّهُ يُمكن أَن يُقَال إِنَّه لَيْسَ فِي كَلَامه مَا يمْنَع تَسْمِيَة مَا ذكر من الْأَحَادِيث السَّابِقَة وَنَحْوهَا صَحِيحا وَلَا يُنَافِي ذَلِك قَوْله إِنَّه يتَوَقَّف فِيهِ وَلَا يحْتَج بِهِ أَلا ترى أَنهم يَقُولُونَ إِن الْحَدِيثين الصَّحِيحَيْنِ إِذا تَعَارضا وَلم يُمكن الْجمع بَينهمَا وَلَا تَرْجِيح أَحدهمَا على الآخر توقف فيهمَا فالتوقف فِي الحَدِيث لعَارض لَا يمْنَع من تَسْمِيَته صَحِيحا
والشذوذ وَنَحْوه يُطلق غَالِبا على مَا يتَعَلَّق بِالْمَتْنِ لوُجُود مَا يَقْتَضِي لَك فِيهِ أَو فِي طَريقَة وَقد يُطلق على مَا يتَعَلَّق بِالْمَتْنِ أَو السَّنَد وَعَلِيهِ يُقَال الشذوذ هُوَ مُخَالفَة الثِّقَة لمن هُوَ أرجح مِنْهُ سَوَاء كَانَت بِالزِّيَادَةِ أَو النَّقْص فِي الْمَتْن أَو السَّنَد
مِثَال الشذوذ فِي الْمَتْن مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا إِذا صلى أحدكُم رَكْعَتي الْفجْر فليضطجع عَن يَمِينه
قَالَ الْبَيْهَقِيّ خَالف عبد الْوَاحِد الْعدَد الْكثير فِي هَذَا فَإِن النَّاس إِنَّمَا رَوَوْهُ من فعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا من قَوْله وَانْفَرَدَ عبد الْوَاحِد من بَين ثِقَات أَصْحَاب الْأَعْمَش بِهَذَا اللَّفْظ
وَمن أَمْثِلَة الشاذ من الْأَحَادِيث حَدِيث يَوْم عَرَفَة وَأَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أكل وَشرب فَإِن الْمَحْفُوظ فِي ذَلِك إِنَّمَا هُوَ أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أكل وَشرب وَقد جَاءَ الحَدِيث من جَمِيع الطّرق على هَذَا الْوَجْه
وَأما زِيَادَة يَوْم عَرَفَة فِيهِ فَإِنَّمَا بهَا مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه عَن عقبَة بن عَامر غير أَن هَذَا الحَدِيث وَهُوَ حَدِيث مُوسَى قد حكم بِصِحَّتِهِ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَقَالَ إِنَّه على شَرط مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ إِنَّه حسن
صَحِيح وَكَأَنَّهُم جعلوها من قبيل زِيَادَة الثِّقَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْمُنَافَاة لِإِمْكَان حملهَا علا حاضري عَرَفَة فَإِن الصَّوْم مَكْرُوه لَهُم فِي ذَلِك الْيَوْم وغن كَانَ مُسْتَحبا لغَيرهم
وَمِثَال الشذوذ فِي السَّنَد مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَوْسَجَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا توفّي على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلم يدع وَارِثا إِلَّا مولى هُوَ أعْتقهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَل لَهُ أحد فَقَالُوا لَا إِلَّا غُلَام أعْتقهُ فَجعل صلى الله عليه وسلم مِيرَاثه لَهُ فَإِن حَمَّاد بن زيد رَوَاهُ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَوْسَجَة وَلم يذكر ابْن عَبَّاس وتابع ابْن عُيَيْنَة على وَصله ابْن جريج وَغَيره فَقَالَ أَبُو حَاتِم الْمَحْفُوظ حَدِيث ابْن عُيَيْنَة مَعَ كَون حَمَّاد من أهل الْعَدَالَة والضبط وَلَكِن رجح رِوَايَة من هم أَكثر عددا مِنْهُ
هَذَا من قبيل فِي الشاذ وَيُقَال لمقابله وَهُوَ الرَّاجِح من متن أَو سَنَد الْمَحْفُوظ وَفِي تَسْمِيَة بذلك إِشَارَة إِلَى أَن الشاذ لما كَانَ أقرب إِلَى وُقُوع الْخَطَأ وَالوهم فِيهِ من مُقَابِله الرَّاجِح عَلَيْهِ بِمَنْزِلَة غير الْمَحْفُوظ
وَالْمُعْتَمد فِي حد الشاذ بِحَسب الِاصْطِلَاح أَنه مَا يرويهِ الثِّقَة مُخَالفا لمن هُوَ أرجح مِنْهُ
وَأما الْمُنكر فقد اخْتلف أَيْضا فِي حَده وَالْمُعْتَمد فِيهِ بِحَسب الِاصْطِلَاح أَنه مَا يرويهِ غير الثِّقَة مُخَالفا لمن هُوَ أرجح مِنْهُ
فهما متباينان لَا يصدق أَحدهمَا على شَيْء مِمَّا يصدق عَلَيْهِ الآخر وهما يَشْتَرِكَانِ فِي اشْتِرَاط الْمُخَالفَة ويمتاز الشاذ عَنهُ بِكَوْن رَاوِيه ثِقَة ويمتاز الْمُنكر عَن الشاذ بِكَوْن رَاوِيه غير ثِقَة
وَقَالَ بعض أهل الْأَثر إِذا تفرد الصدوق بِمَا لَا متابع لَهُ فِيهِ وَلَا شَاهد وَلم يكن عِنْده من الضَّبْط مَا يشْتَرط فِي الصَّحِيح وَلَا الْحسن قيل لما تفرد بِهِ شَاذ
وَهَذَا هُوَ أحد الْقسمَيْنِ مِنْهُ فَإِن خُولِفَ مَعَ ذَلِك كَانَ مَا تفرد بِهِ أَشد فِي الشذوذ وَرُبمَا سَمَّاهُ بَعضهم مُنْكرا وَإِن كَانَ عِنْده من الضَّبْط مَا يشْتَرط فِي الصَّحِيح أَو الْحسن لكنه خَالف من هُوَ أرجح مِنْهُ قيل لما تفرد بِهِ شَاذ وَهَذَا هُوَ الْقسم الثَّانِي من الشاذ وَهَذَا هُوَ الَّذِي شاع إِطْلَاق اسْم الشاذ عَلَيْهِ
وَإِذا تفرد المستور أَو الْمَوْصُوف بِسوء الْحِفْظ أَو المضعف فِي بعض مشايخه خَاصَّة أَو نحوهم مِمَّن لَا يحكم لحديثهم بِالْقبُولِ بِغَيْر عاضد يعضده بِمَا لَا متابع لَهُ وَشَاهد قيل لما تفرد بِهِ مُنكر وَهَذَا هُوَ أحد قسمي الْمُنكر وَهُوَ الَّذِي وجد إِطْلَاق الْمُنكر عَلَيْهِ لكثير من الْمُحدثين كأحمد وَالنَّسَائِيّ
فَإِن خُولِفَ مَعَ ذَلِك كَانَ مَا تفرد بِهِ أَجْدَر بِإِطْلَاق اسْم الْمُنكر عَلَيْهِ مِمَّا قبله وَهَذَا هُوَ الْقسم الثَّانِي من الْمُنكر وَهُوَ الَّذِي شاع عِنْد الْأَكْثَرين إِطْلَاق اسْم الْمُنكر عَلَيْهِ
وَذكر مُسلم فِي مُقَدّمَة صَحِيحَة مَا نَصه وعلامة الْمُنكر فِي حَدِيث الْمُحدث إِذا مَا عرضت رِوَايَته للْحَدَث على رِوَايَة غَيره من أهل الْحِفْظ وَالرِّضَا خَالَفت رِوَايَته روايتهم وَلم تكد توافقها فَإِن الْأَغْلَب من حَدِيثه كَذَلِك كَانَ مهجور الحَدِيث غير مَقْبُولَة وَلَا مستعملة اهـ
قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر والرواة الموصوفون بِهَذَا هم المتركون فعل هَذَا رِوَايَة الْمَتْرُوك عِنْد مُسلم تسمى مُنكرَة وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار وَجعل ابْن الصّلاح الْمُنكر بِمَعْنى الشاذ وَسوى بَينهمَا وَقسم الشاذ كَمَا ذكرنَا ذَلِك آنِفا إِلَى قسمَيْنِ وَأَشَارَ إِلَى التَّسْوِيَة بَينهمَا فِي بحث الْمُنكر حَيْثُ قَالَ
بلغنَا عَن أبي بكر أَحْمد بن هَارُون البرديجي أَنه قَالَ الْمُنكر هُوَ الحَدِيث الَّذِي ينْفَرد بِهِ الرجل وَلَا يعرف مَتنه من غير رِوَايَته لَا من الْوَجْه الَّذِي رَوَاهُ مِنْهُ وَلَا من وَجه آخر فَأطلق البرديجي ذَلِك وَلم يفصل وَإِطْلَاق الحكم على التفرد بِالرَّدِّ أَو النكارة أَو الشذوذ مَوْجُود فِي كَلَام كثير من أهل الحَدِيث وَالصَّوَاب فِيهِ
التَّفْصِيل الَّذِي بَيناهُ آنِفا فِي شرح الشاذ وَعند هَذَا نقُول الْمُنكر يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ على مَا ذَكرْنَاهُ فِي الشاذ فَإِنَّهُ بِمَعْنَاهُ اهـ
وَقد أنكر عَلَيْهِ بعض الْعلمَاء التَّسْوِيَة بَينهمَا وانتصر لَهُ بَعضهم فَقَالَ قد أطْلقُوا فِي غير مَوضِع النكارة على رِوَايَة الثِّقَة مُخَالفا لغيره وَمن ذَلِك حَدِيث نزع الْخَاتم حَيْثُ قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا حَدِيث مُنكر مَعَ أَنه من رِوَايَة همام بن يحيى وَهُوَ ثِقَة احْتج بِهِ أهل الصَّحِيح وَفِي عبارَة النَّسَائِيّ مَا يُفِيد فِي هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه أَنه يُقَابل الْمَحْفُوظ وَالْمَعْرُوف ليسَا بنوعين حقيقين تحتهما أَفْرَاد مَخْصُوصَة عِنْدهم
وَأجِيب بِأَن الأولى فِي مُرَاعَاة الْأَكْثَر الْغَالِب فِي الِاسْتِعْمَال عِنْد جُمْهُور أهل الِاصْطِلَاح هَذَا مَا قيل فِي الْمُنكر
وَيُقَال لمقابله وَهُوَ الرَّاجِح من متن أَو سَنَد الْمَعْرُوف
مِثَال الْمُنكر من جِهَة الْمَتْن مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث أبي زُكَيْرٍ يحيى بن مُحَمَّد بن قيس عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَو رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كلوا البلح بِالتَّمْرِ فَإِن الشَّيْطَان إِذا رأى ذَلِك غاظه وَيَقُول غاش ابْن آدم حَتَّى أكل الْجَدِيد بالخلق
قَالَ النَّسَائِيّ هَذَا حَدِيث مُنكر تفرد بِهِ أَبُو زُكَيْرٍ وَهُوَ شيخ صَالح أخرج لَهُ مُسلم فِي المتابعات غير أَنه لم يبلغ مبلغ من يحْتَمل تفرده بل قد أطلق عَلَيْهِ الْأَئِمَّة القَوْل بالتضعيف فَقَالَ ابْن معِين ضَعِيف وَقَالَ ابْن حبَان لَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ الْعقيلِيّ لَا يُتَابع على حَدِيثه وَقَالَ ابْن عدي أَحَادِيثه مُسْتَقِيمَة سوى أَرْبَعَة عد مِنْهَا هَذَا
وَمِثَال الْمُنكر من جِهَة الْإِسْنَاد مَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق حبيب بن حبيب وَهُوَ أَخُو حَمْزَة بن حبيب الزيات الْمُقْرِئ عَن أبي إِسْحَاق عَن الْعيزَار بن حُرَيْث عَن بَان عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ من أَقَامَ الصَّلَاة وَآتى الكاة وَحج وَصَامَ وقرى الضَّيْف دخل الْجنَّة
قَالَ أَبُو حَاتِم هُوَ مُنكر لِأَن غير حبيب من الثِّقَات رَوَاهُ عَن أبي إِسْحَاق مَوْقُوفا وَهُوَ الْمَعْرُوف
وينقسم المقبول أَيْضا إِلَى مَأْخُوذ بِهِ وَغير مَأْخُوذ بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من أَن يسلم من مُعَارضَة حَدِيث آخر يضاده أَولا
فَإِن سلم من ذَلِك قيل لَهُ الْمُحكم وَحكمه الْأَخْذ بِلَا توقف وأمثلته كَثِيرَة مِنْهَا لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْر طهُور وَحَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ
وَإِن لم يسلم من مُعَارضَة حَدِيث آخر يضاده فَلَا يَخْلُو من أَن يكون معارضه مَقْبُولًا أَولا فَإِن كَانَ غر مَقْبُول فَالْحكم للمقبول إِذْ لَا حكم للضعيف مَعَ الْقوي وَإِن كَانَ مَقْبُولًا فَلَا يَخْلُو من أَن يُمكن بَينهمَا بِغَيْر تعسف أَولا فَإِن أمكن الْجمع بَينهمَا بِغَيْر تعسف أَخذ بهما مَعًا لظُهُور أَن لَا تضَاد بَينهمَا عِنْد إمعان النّظر ونما هُوَ بِالنّظرِ لما يَبْدُو فِي أول وهلة وَيُقَال لهَذَا النَّوْع مُخْتَلف الحَدِيث وللجمع بَين الْأَحَادِيث الْمُخْتَلفَة فِيهِ تَأْوِيل مُخْتَلف الحَدِيث وَهُوَ أَمر لَا يقوم بِهِ حق الْقيام غير أَفْرَاد من الْعلمَاء الْأَعْلَام الَّذين لَهُم براعة فِي أَكثر الْعُلُوم لَا سِيمَا الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول وَالْكَلَام وَللْإِمَام الشَّافِعِي فِيهِ مُصَنف جليل من جملَة كتب الْأُم وَهُوَ أول من صنف فِي ذَلِك
قَالَ ابْن الصّلاح وَإِنَّمَا يكمل للْقِيَام بِمَعْرِِفَة مُخْتَلف الحَدِيث الْأَئِمَّة الجامعون بَين صناعتي الحَدِيث وَالْفِقْه الغواصون على الْمعَانِي الدقيقة وَاعْلَم أَن مَا يذكر فِي
هَذَا الْبَاب يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ
أَحدهمَا أَن يُمكن الْجمع بَين الْحَدِيثين وَلَا يتَعَذَّر إبداء وَجه يَنْفِي تنافيهما فَيتَعَيَّن حِينَئِذٍ الْمصير إِلَى ذَلِك القَوْل بهما مَعًا ومثاله حَدِيث لَا عدوى وَلَا طيرة مَعَ حَدِيث لَا يُورد ممرض على مصح وَحَدِيث فر من المجذوم فرارك من الْأسد
وَوجه الْجمع بَينهمَا أَن هَذِه الْأَمْرَاض لَا تعدِي بطبعها وَلَكِن الله تبارك وتعالى جعل مُخَالطَة الْمَرِيض بهَا للصحيح سَببا لإعدائه بمرضه ثمَّ قد يتَخَلَّف ذَلِك عَن سَببه كَمَا فِي سَائِر الْأَسْبَاب
فَفِي الحَدِيث الأول نفى صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يَعْتَقِدهُ أهل الْجَاهِلِيَّة من أَن ذَلِك يعدي بطبعه وَلِهَذَا قَالَ فَمن أعدى الأول وَفِي الثَّانِي أعلم بِأَن الله سُبْحَانَهُ جعل ذَلِك سَببا لذَلِك وَلِهَذَا الحَدِيث أَمْثَال كَثِيرَة وَكتاب مُخْتَلف الحَدِيث لِابْنِ قُتَيْبَة فِي هَذَا الْمَعْنى إِن لم يكن قد أحسن فِيهِ من وَجه فقد أَسَاءَ فِي أَشْيَاء مِنْهُ قصر بَاعه فِيهَا وأتى بِمَا غَيره أولى وَأقوى
وَقد روينَا عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة الإِمَام أَنه قَالَ لَا أعرف أَنه رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حديثان بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ متضادين فَمن كَانَ عِنْده فَليَأْتِنِي بِهِ لأؤلف بَينهمَا
الْقسم الثَّانِي أَن يتضادا بِحَيْثُ لَا يُمكن الْجمع بَينهمَا وَذَلِكَ على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا أَن يظْهر كَون أَحدهمَا نَاسِخا والاخر مَنْسُوخا فَيعْمل بالناسخ وَيتْرك الْمَنْسُوخ
وَالثَّانِي أَن لَا تقوم دلَالَة على أَن النَّاسِخ أَيهمَا والمنسوخ أَيهمَا فَيفزع حِينَئِذٍ إِلَى التَّرْجِيح وَيعْمل بالأرجح مِنْهُمَا والأثبت كالترجيح بِكَثْرَة الروَاة أَو بصفاتهم فِي خمسين وَجها من وُجُوه الترجيحات وَأكْثر ولتفصيلها مَوضِع غير هَذَا اهـ
وَإِنَّمَا شرطُوا فِي مُخْتَلف الحَدِيث ان يُمكن فِيهِ الْجمع بِغَيْر تعسف لِأَن الْجمع
مَعَ التعسف لَا يكون إِلَّا بِحمْل الْحَدِيثين المتعارضين مَعًا أَو أَحدهمَا على وَجه لَا يُوَافق مَنْهَج الفصحاء فضلا عَن مَنْهَج البلغاء فِي كَلَامهم فَكيف يُمكن حِينَئِذٍ نِسْبَة ذَلِك إِلَى أفْصح الْخلق على الْإِطْلَاق وَلذَلِك جعلُوا هَذَا فِي حكم مَا لَا يُمكن فِيهِ الْجمع وَقد ترك بَعضهم ذكر هَذَا الْقَيْد اعْتِمَادًا على كَونه مِمَّا لَا يخفى
وَقد أنكر كثير من الْمُحَقِّقين كل تَأْوِيل بعيد وَإِن لم يتَبَيَّن فِيهِ التعسف حَتَّى توقفوا فِي كثير من الْأَخْبَار الَّتِي رَوَاهَا الثِّقَات لأمر دعاهم إِلَى ذَلِك مَعَ انهم لَو أولوها كَمَا فعل غَيرهم لزال سَبَب التَّوَقُّف وَلَكِن لما رَأَوْا التَّأْوِيل فِيهَا لَا يَخْلُو عَن بعد لم يلتفتوا إِلَيْهِ وَمِنْهُم الْعَلامَة تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية فَإِنَّهُ مَعَ كَونه كَابْن حزم فِي شدَّة الْميل إِلَى التَّمَسُّك بالآثار مَتى لاحت عَلَيْهَا أَمارَة من أمارت الصِّحَّة
حكم بغلط الرَّاوِي فِي رِوَايَة وَأَنه ينشئ للنار خلقا وَذَلِكَ فِي حَدِيث تخاصم الْجنَّة وَالنَّار إِلَى ربهما الْمَذْكُور فِي البُخَارِيّ فِي بَاب إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ وَقَالَ إِن الصَّوَاب فِي ذَلِك مَا رَوَاهُ فِي مَوضِع آخر وَهُوَ وَأما الْجنَّة فينشئ الله لَهَا خلقا غير أَن الرَّاوِي سبق لِسَانه إِلَى النَّار عوضا عَن الْجنَّة
مَعَ أَن كثيرا من الْعلمَاء ذَهَبُوا إِلَى تَأْوِيله مَعَ معارضته فِي الظَّاهِر لقَوْله سبحانه وتعالى {وَلَا يظلم رَبك أحدا} وَذَلِكَ للتخلص من نِسْبَة الْغَلَط إِلَى الرَّاوِي فَقَالَ بَعضهم المُرَاد بالخلق مَا يكون من غير ذَوي الْأَرْوَاح وَذَلِكَ كأحجار تلقي فِي النَّار وَذَلِكَ لِئَلَّا يلْزم أَن يعذب أحد بِغَيْر ذَنْب وَقَالَ بَعضهم لَا مَانع أَن يكون المنشأ للنار من ذَوي الْأَرْوَاح غير أَنهم لَا يُعَذبُونَ بهَا وَذَلِكَ كَمَا فِي خزنتها من الْمَلَائِكَة وَثمّ تأويلات أُخْرَى لَا يَلِيق ذكرهَا إِلَّا بِمن لَا يعرف قدر القَوْل الْفَصْل
وَحكم بوهم الرَّاوِي فِي زِيَادَة وَلَا يرقون وَفِي الحَدِيث الَّذِي ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ فِي وصف السّبْعين ألفا الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب إِنَّهُم لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى
رَبهم يَتَوَكَّلُونَ وَهَذِه الزِّيَادَة وَهِي وَلَا يرقون وَقعت فِي إِحْدَى رِوَايَات مُسلم
وَاسْتدلَّ على كَونهَا وهما بِكَوْن الراقي محسنا إِلَى أَخِيه وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد سُئِلَ عَن الرقي من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فلينفعه وَقَالَ لَا بَأْس بالرقي مَا لم يكن شركا
وَجعل الْفرق بَين الراقي والمسترقي أَن الراقي محسن نَافِع والمسترقي ملتفت إِلَى غير الله بِقَلْبِه مَعَ انه يُمكن تَخْصِيص الراقي هُنَا بِمن كَانَ مُعْتَمدًا على رقيته مُعْتَقدًا عظم نَفعهَا للمسترقي ملتفتا إِلَى ذَلِك كَمَا هُوَ مشَاهد فِي بعض الرقاة عرف أَخذ بِهِ وَكَانَ هُوَ النَّاسِخ وَالْآخر هُوَ الْمَنْسُوخ
مِثَال ذَلِك مَا رَوَاهُ مَالك بن أنس عَن ابْن شهَاب عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسا فصرع عَنهُ فجحش شقَّه الْأَيْمن فصلى صَلَاة من الصَّلَوَات وَهُوَ قَاعد فصلينا وَرَاءه قعُودا فَلَمَّا انْصَرف قَالَ إِنَّمَا جعل الله الإِمَام ليؤتم بِهِ فَإِذا صلى قَائِما فصلوا قيَاما وَإِذا ركع فاركعوا وَإِذا رفع فارفعوا وَإِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده فَقولُوا رَبنَا وَلَك الْحَمد وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ
وَمَا رَوَاهُ مَالك أَيْضا عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج فِي مَرضه فَأتى أَبَا بكر وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي بِالنَّاسِ فاستأخر أَبُو بكر فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن كَمَا أَنْت فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى جنب أبي بكر فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاة رَسُول الله وَكَانَ النَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر اهـ
فَلَمَّا كَانَت صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَاعِدا وَالنَّاس خَلفه قيَاما فِي
مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ عرفنَا أَن أمره النَّاس بِالْجُلُوسِ فِي سقطته عَن الْفرس كَانَ قبل ذَلِك فَتكون صلَاته قَاعِدا وَالنَّاس خَلفه قيَاما ناسخة لِأَن يجلس النَّاس بجلوس الإِمَام وموافقة لما أجمع عَلَيْهِ النَّاس من أَن الصَّلَاة قَائِما إِذا أطاقها الْمُصَلِّي وَقَاعِدا إِذا لم يطق ذَلِك وَأَن لَيْسَ للمطيق الْقيام مُنْفَردا أَن يُصَلِّي قَاعِدا فَيصَلي الْمَرِيض خلف الإِمَام الصَّحِيح قَاعِدا وَالْإِمَام قَائِما وَيُصلي الإِمَام الْمَرِيض جَالِسا وَمن خَلفه من الأصحاء قيَاما يُصَلِّي كل مِنْهُمَا فَرْضه كَمَا لَو كَانَ مُنْفَردا وَلَو اسْتخْلف الإِمَام غَيره كَانَ حسنا
وَقد وهم بعض النَّاس وَقَالَ لَا يُؤمن أحد بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَالِسا وَاحْتج بِحَدِيث رَوَاهُ مُنْقَطِعًا عَن رجل مَرْغُوب عَن الرِّوَايَة عَنهُ لَا يثبت بِمثلِهِ حجَّة على أحد فِيهِ لَا يُؤمن أحد بعدِي جَالِسا
وَإِن كَانَ مُتَعَلق الْحَدِيثين مِمَّا لَا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ كالخبر الْمَحْض أَو كَانَ مِمَّا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ كالأمر وَالنَّهْي وَلَكِن لم يعرف الْمُتَأَخر مِنْهُمَا نظر فِي المرجحات فَإِن وجد فِي أَحدهمَا مَا يَقْتَضِي رجحانه على الآخر أَخذ بِهِ وَترك الآخر فَإِن لم يُوجد ذَلِك وَجب التَّوَقُّف فيهمَا
أما الْقسم الأول وَهُوَ مَا لَا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ فَلِأَن التَّعَارُض فِيهِ بَين الْحَدِيثين إِنَّمَا يكون بالتناقض والتناقض بَين الْخَبَرَيْنِ يدل على أَن أَحدهمَا كذب قطعا تفلا يكون صادرا من النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلما كَانَ غير مُتَعَيّن وَجب التَّوَقُّف فِي كل مِنْهُمَا فِي أَمر الدّين وَأمر التَّوَقُّف هُنَا مِمَّا لَا يظنّ أَنه توقف فِيهِ أحد يعرف
وَقد بلغ الإفراط فِي الِاحْتِيَاط بِبَعْض الْمُعْتَزلَة وَهُوَ أَبُو بكر بن كيسَان الْأَصَم الْبَصْرِيّ إِلَى أَن قَالَ كَمَا ذكره ابْن حزم لَو أَن مئة خبر ثَبت أَنَّهَا كلهَا صِحَاح إِلَّا وَاحِد مِنْهَا لَا يعرف بِعَيْنِه أَيهَا هُوَ فَإِن الْوَاجِب التَّوَقُّف عَن جَمِيعهَا
وَأما الْقسم الثَّانِي وَهُوَ مَا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ فَلِأَن التَّعَارُض فِيهِ بَين