الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَنْبَغِي ان يقبل لِأَن فِيهِ نِسْبَة الْكَذِب إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَ ذَلِك لارجل كَيفَ يحكم بكذب الروَاة الْعُدُول فَقلت لما وَقع التَّعَارُض بَين نِسْبَة الْكَذِب إِلَى الرَّاوِي وَبَين نسبته إِلَى الْخَلِيل كَانَ من الْمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ أَن نسبته إِلَى الرَّاوِي أولى ثمَّ نقُول لم لَا يجوز أَن يكون المُرَاد بِكَوْنِهِ كذبا خَبرا شَبِيها بِالْكَذِبِ اهـ
اعتراضات على الْحَد الْمَذْكُور للْحَدِيث الصَّحِيح مَعَ الْجَواب عَنْهَا
الِاعْتِرَاض الأول قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ فِي التدريب أورد عَلَيْهِ التَّوَاتُر فَإِنَّهُ صَحِيح قطعا وَلَا يشْتَرط فِيهِ مَجْمُوع من الشُّرُوط قَالَ شيخ الْإِسْلَام وَلَكِن يُمكن أَن يُقَال هَل يُوجد حَدِيث متواتر لم تَجْتَمِع فِيهِ هَذِه الشُّرُوط اهـ
أَقُول قد وجد ذَلِك فِيمَا ذكر ابْن حم وَقد نقلنا ذَلِك فِيمَا مضى وَهُوَ قَالَ عَليّ وَقد يرد خبر مُرْسل إِلَّا أَن الْإِجْمَاع قد صَحَّ بِمَا فِيهِ متيقنا مَنْقُولًا جيلا فجيلا فَإِن كَانَ هَذَا علمنَا أَنه مَنْقُول قل كَافَّة كنقل الْقُرْآن فاستغنى عَن ذكر السَّنَد فِيهِ وَكَانَ وُرُود ذَلِك الْمُرْسل وَعدم وُرُوده سَوَاء وَلَا فرق وَذَلِكَ نَحْو لَا وَصِيَّة لوَارث وَكثير من أَعْلَام نبوته صلى الله عليه وسلم وَإِن كَانَ قوم قد رووها بأسانيد صِحَاح وَهِي منقولة نقل الكافة
على ان فِي هَذَا الْإِيرَاد نظرا لِأَن الْمُتَوَاتر يجب أَن لَا يدْخل حد الصَّحِيح الْمَذْكُور لوَجْهَيْنِ
الأول مَا سبق من أَن الْمُحدثين لَا يبحثون عَن الْمُتَوَاتر لاستغنائه بالتواتر عَن إِيرَاد سَنَد لَهُ حَتَّى إِنَّه إِذا اتّفق لَهُ سَنَد لم يبْحَث عَن أَحْوَال رُوَاته فَقَوْل الْمُحدثين إِن الحَدِيث يَنْقَسِم إِلَى صَحِيح وَحسن وَضَعِيف يُرِيدُونَ بِهِ الحَدِيث الْمَرْوِيّ من طَرِيق الْآحَاد وَأما الْمُتَوَاتر فَهُوَ خَارج عَن مورد الْقِسْمَة وَقد ألحق بَعضهم المستفيض بالمتواتر فِي ذَلِك
الثَّانِي مَا ذكرُوا من انهم إِذا قَالُوا هَذَا صَحِيح فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بلك أَنه مستوف لشروط الصِّحَّة وَلَا يُرِيدُونَ بذلك أَنه صَحِيح فِي نفس الْأَمر
قَالَ الْحَافِظ ابْن الصّلاح وَمَتى قَالُوا هَذَا صَحِيح فَمَعْنَاه أَنه اتَّصل سَنَده مَعَ سَائِر الْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة وَلَيْسَ من شَرطه أَن يكون مَقْطُوعًا بِهِ فِي نفس المر إِذْ مِنْهُ مَا ينْفَرد بروايته عدل وَاحِد وَلَيْسَ من الْأَخْبَار الَّتِي أَجمعت الْأمة على تلقيها بِالْقبُولِ وَكَذَلِكَ إِذا قَالُوا فِي حَدِيث إِنَّه غير صَحِيح فَلَيْسَ ذَلِك قطعا بِأَنَّهُ كذب فِي نفس الْأَمر إِذْ قد يكون صدقا فِي نفس الْأَمر وَإِنَّمَا المُرَاد بِهِ أَنه لم يَصح إِسْنَاده على الشَّرْط الْمَذْكُور
وَالصَّحِيح يتنوع إِلَى مُتَّفق عَلَيْهِ ومختلف فِيهِ ويتنوع إِلَى مَشْهُور وغريب وَبَين ذَلِك ثمَّ إِن دَرَجَات الصَّحِيح تَتَفَاوَت فِي الْقُوَّة بِحَسب تمكن الحَدِيث من الصِّفَات الْمَذْكُورَة الَّتِي تنبني الصِّحَّة عَلَيْهَا وينقسم بِاعْتِبَار ذَلِك إِلَى أَقسَام يستعصي إحصاؤها على الْعَاد الْحَاضِر وَلِهَذَا نرى الْإِمْسَاك عَن الحكم لإسناد أَو حَدِيث بِأَنَّهُ الْأَصَح على الْإِطْلَاق اهـ
هَذَا وَلَيْسَ فِي عبارَة ابْن الصّلاح الْمَذْكُور أَولا مَا يُوجب خُرُوج الْمُتَوَاتر لكَونه مَقْطُوعًا بِهِ عَن الصَّحِيح الْمَذْكُور لِأَنَّهُ لم يقل وَمن شَرط الصَّحِيح أَن لَا يكون مَقْطُوعًا بِهِ فِي نفس الْأَمر بل قَالَ وَلَيْسَ من شَرط الصَّحِيح أَن يكون مَقْطُوعًا بِهِ فِي نفس الْأَمر وَهِي عبارَة لَا تنَافِي أَن يكون فِي الصَّحِيح الْمَذْكُور مَا يكون مَقْطُوعًا بِهِ فِي نفس الْأَمر وَبِهَذَا تعلم أَن لَا تنَافِي بَين مَا قَالَه هُنَا وَبَين مَا قَالَه فِيمَا بعد وَهُوَ أَن الحَدِيث الَّذِي اتّفق عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَمُسلم مَقْطُوع بِصِحَّتِهِ مَا توهم ذَلِك بعض الْحفاظ
وَمن الْغَرِيب محاولة شيخ الْإِسْلَام إِدْخَال الْمُتَوَاتر فِي تَعْرِيف الصَّحِيح الْمَذْكُور مَعَ أَنه قاال فِي شرح النخبة وَإِنَّمَا أبهمت شُرُوط الْمُتَوَاتر فِي الأَصْل لِأَنَّهُ على
هَذِه الْكَيْفِيَّة لَيْسَ من مبَاحث علم الْإِسْنَاد إِذْ علم الْإِسْنَاد يبْحَث فِيهِ عَن صِحَة الحَدِيث أَو ضعفه ليعْمَل بِهِ أَو يتْرك من حَيْثُ صِفَات الرِّجَال وصيغ الْأَدَاء والمتواتر لَا يبْحَث عَن رِجَاله بل يجب الْعَمَل بِهِ من غير بحث
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر فِي تَعْرِيف الصَّحِيح لذاته وَخبر الْآحَاد بِنَقْل عدل تَامّ الضَّبْط مُتَّصِل السَّنَد غير مُعَلل وَلَا شَاذ هُوَ الصَّحِيح لذاته فَأدْخل فِي التَّعْرِيف مَا يخرج بِهِ الْمُتَوَاتر قطعا وَأما تَعْرِيف الْجُمْهُور فَإِنَّهُ يُمكن دُخُول الْمُتَوَاتر فِيهِ لَو لم يصرحوا بِأَنَّهُم لم يقصدوا دُخُوله فِيهِ لَو لم يصرحوا بِأَنَّهُم لم يقصدوا دُخُوله فِيهِ وَمَا ذكر من أَنه قد وجد فِي الْمُتَوَاتر مَا لَا سَنَد لَهُ أصلا أَو مَا لَهُ سَنَد وَلَكِن فِيهِ مقَال قد يُقَال إِنَّه نَادِر وَخُرُوج الصُّور النادرة من التَّعْرِيف قد أجَازه بعض الْعلمَاء
هَذَا وَقد وَقع لبَعض من كتب فِي هَذَا الْفَنّ وَهُوَ فِيهِ ضَعِيف أَن قَالَ قد توهم بعض الأفاضل من قَوْلهم فِي تَعْرِيف الْمُتَوَاتر إِنَّه خبر جمع يُؤمن تواطؤهم على الْكَذِب أَنه لَا يكون إِلَّا صَحِيحا وَلَيْسَ كَذَلِك فِي الِاصْطِلَاح بل مِنْهُ مَا يكون صَحِيحا اصْطِلَاحا بِأَن يرويهِ عدُول عَن مثلهم وَهَكَذَا من ابْتِدَائه إِلَى انتهائه وَمِنْه مَا يكون ضَعِيفا كَمَا إِذا كَانَ فِي بعض طبقاته غير عدل ضَابِط فَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح اصْطِلَاحا وَإِن كَانَ صَحِيحا بِمَعْنى انه مُطَابق للْوَاقِع بِاعْتِبَار أَمن تواطئ نقلته على الْكَذِب وَعبارَة التَّقْرِيب فِيهِ صَرِيحَة فِيمَا ذَكرْنَاهُ إِذْ جعله قسما من الْمَشْهُور وَقِسْمَة إِلَى صَحِيح وَغَيره أَي حسن وَضَعِيف فتبصر اهـ
أَقُول يَكْفِي المتبصر أَن يرجع إِلَى وجدانه وَأقرب إِلَيْهِ من ذَلِك أَن ينظر فِي عبارَة التَّقْرِيب الَّتِي نقلناها عَنهُ آنِفا وليت هَذَا النَّاقِل اقتفى أثر ذَلِك الْفَاضِل
الِاعْتِرَاض الثَّانِي قد تقرر أَن الْحسن إِذا رُوِيَ من غير وَجه انْتقل من دَرَجَة الْحسن إِلَى دَرَجَة الصِّحَّة وَهُوَ غير دَاخل فِي الْحَد الْمَذْكُور وَكَذَلِكَ مَا اعتضد بتلقي الْعلمَاء لَهُ بِالْقبُولِ فَإِن بعض الْعلمَاء لَهُ بِالْقبُولِ وَإِن لم يكن لَهُ إِسْنَاد صَحِيح
قَالَ ابْن عبد الْبر فِي الاستذكار لما حكى عَن التِّرْمِذِيّ أَن البُخَارِيّ صحّح حَدِيث الْبَحْر هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ وَأهل الحَدِيث لَا يصححون مثل إِسْنَاده لَكِن الحَدِيث عِنْدِي صَحِيح لِأَن الْعلمَاء تلقوهُ بِالْقبُولِ وَقَالَ أَبُو الْحسن بن الْحصار فِي تقريب المدارك على موطأ مَالك قد يعلم الْفَقِيه صِحَة الحَدِيث إِذا لم يكن فِي سَنَده كَذَّاب بموافقة آيَة من كتاب الله أَو بعض أصُول الحَدِيث إِذا لم يكن فِي سَنَده كَذَّاب بموافقة آيَة من كتاب الله أَو بعض أصُول الشَّرِيعَة فيحمله ذَلِك على قبُوله وَالْعَمَل بِهِ
وَأجِيب عَن ذَلِك بِأَن الْحَد الْمَذْكُور إِنَّمَا هُوَ للصحيح لذاته وَمَا أورد فَهُوَ من قبيل الصَّحِيح لغيره
الِاعْتِرَاض الثَّالِث من شَرط الحَدِيث الصَّحِيح أَن لَا يكون فِي الْمُنكر فحقهم أَن يزِيدُوا فِي الْحَد مَا يخرج بِهِ الْمُنكر وَأجِيب عَن لَك بِأَن النَّاس فِي الْمُنكر فريقان فريق يَقُول إِنَّه هُوَ والشاذ سيان وعَلى ذَلِك فَلَا إِشْكَال وفريق يَقُول إِن الْمُنكر أَسْوَأ حَالا من الشاذ وعَلى ذَلِك يُقَال إِن اشْتِرَاط نفي الشذوذ يَقْتَضِي اشْتِرَاط نَفْيه بطرِيق الأولى
وَقد تبين بِمَا ذكرنَا أَن هَذَا الْحَد لَا يرد عَلَيْهِ شَيْء وَمِمَّا يستغرب فِي هَذَا الْحَد أَنه