الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حِكَايَة الْخلاف فِيهِ وَلَكِن أعله الْإِسْمَاعِيلِيّ من وَجه آخر فَقَالَ بعد ان أوردهُ هَذَا خبر فِي صِحَّته نظر من جِهَة أَن إِبْرَاهِيم علام بِأَن الله لَا يخلف الميعاد فَكيف يَجْعَل مَا بِأَبِيهِ خزيا لَهُ مَعَ خَبره بِأَن الله قد وعده أَن لَا يخزيه يَوْم يبعثون وأعلمه بِأَنَّهُ لَا خلف لوعده انْتهى وَسَيَأْتِي جَوَاب ذَلِك فِي مَوْضِعه
فِي كتاب اللبَاس
9 -
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ اتفقَا على إِخْرَاج حَدِيث أبي عُثْمَان قَالَ كتب إِلَيْنَا عمر فِي الْحَرِير إِلَى مَوضِع إِصْبَع وَهَذَا لم يسمعهُ أَبُو عُثْمَان من عمر لكنه حجَّة فِي قبُول الوجادة
قلت قد تقدم نَظِير هَذَا الْكَلَام فِي حَدِيث أبي النَّضر عَن ابْن أبي أوفى
10 -
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَأخرج البُخَارِيّ حَدِيث ثَابت عَن ابْن الزبير قَالَ قَالَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة وَهَذَا لم يسمعهُ ابْن الزبير من النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا سَمعه من عمر
قلت هَذَا تعقب ضَعِيف فَإِن ابْن الزبير صَحَابِيّ فهبه أرْسلهُ فَمَاذَا كَانَ وَكم فِي الصَّحِيح من مُرْسل صَحَابِيّ وَقد اتّفق الْأَئِمَّة قاطبة على قبُول ذَلِك إِلَّا من شَذَّ مِمَّن تَأَخّر عَنْهُم فَلَا يعْتد بمخالفته وَالله أعلم
وَقد أخرج البُخَارِيّ حَدِيث ابْن الزبير عَن عمر تلو حَدِيث ثَابت عَن ابْن الزبير فَمَا بَقِي عَلَيْهِ للاعتراض وَجه
وَقَالَ فِي آخر الْفَصْل هَذَا جَمِيع مَا تعقبه الْحفاظ النقاد العارفون بعلل الْأَسَانِيد المطلعون على خفايا الطّرق وَلَيْسَت كلهَا من أَفْرَاد البُخَارِيّ بل شَاركهُ مُسلم فِي كثير مِنْهَا كَمَا ترَاهُ وَاضحا ومرقوما عَلَيْهِ رقم مُسلم وَهُوَ صُورَة (م)
وعدة ذَلِك اثْنَان وَثَلَاثُونَ حَدِيثا فأفراده مِنْهَا ثَمَانِيَة وَسَبْعُونَ فَقَط وَلَيْسَت كلهَا قادحة بل أَكْثَرهَا الْجَواب عَنهُ ظَاهر والقدح فِيهِ مندفع وَبَعضهَا الْجَواب عَنْهَا مُحْتَمل واليسير مِنْهَا فِي الْجَواب عَنهُ تعسف كَمَا شرحته مُجملا فِي أول الْفَصْل وأوضحته مَبْنِيا إِثْر كل حَدِيث مِنْهَا
فَإِذا تَأمل الْمنصف مَا حررته من ذَلِك عظم مِقْدَار هَذَا المُصَنّف فِي نَفسه وَجل تصنيفه فِي عينه وَعذر الْأَئِمَّة من اهل الْعلم فِي تلقيه بِالْقبُولِ وَالتَّسْلِيم وتقديمهم لَهُ على كل مُصَنف فِي الحَدِيث وَالْقَدِيم وليسا سَوَاء من يدْفع بالصدر فَلَا يَأْمَن دَعْوَى العصبية وَمن يدْفع بيد الْإِنْصَاف على الْقَوَاعِد المرضية والضوابط المرعية فَالْحَمْد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان
وَأما سِيَاق الْأَحَادِيث الَّتِي لم يتتبعها الدَّارَقُطْنِيّ وَهِي على شَرطه فِي تتبعه من هَذَا الْكتاب فقد أوردتها فِي أماكنها من الشَّرْح لتكمل الْفَائِدَة مَعَ التَّنْبِيه على مواقع الْأَجْوِبَة المستقيمة كَمَا تقدم لِئَلَّا يستدركها من لَا يفهم
وَإِنَّمَا اقتصرت على مَا ذكرته عَن الدَّارَقُطْنِيّ عَن الِاسْتِيعَاب لِأَنِّي أردْت أَن
يكون عنوانا لغيره لِأَنَّهُ الإِمَام الْمُقدم فِي هَذَا الْفَنّ وَكتابه فِي هَذَا النَّوْع أوسع وأوعب وَقد ذكرت فِي أثْنَاء مَا ذكر ع غَيره قَلِيلا على سَبِيل الْأَمْثِلَة وَالله أعلم
وَقد أتبع الْحَافِظ ابْن حجر هَذَا الْفَصْل بفصل آخر يُنَاسِبه قَالَ فِي أَوله الْفَصْل التَّاسِع فِي سِيَاق أَسمَاء من طعن فِيهِ من رجال هَذَا الْكتاب مُرَتبا لَهُم على حُرُوف المعجم وَالْجَوَاب عَن الاعتراضات موضعا موضعا وتمييز من اخْرُج لَهُ مِنْهُم فِي الْأُصُول والمتابعات والاستشهادات مفصلا لذَلِك جَمِيعه
وَقبل الْخَوْض فِيهِ يَنْبَغِي لكل منصف أَن يعلم أَن تَخْرِيج صَاحب الصَّحِيح لأي راو كَانَ مُقْتَض لعدالته عِنْده وَصِحَّة ضَبطه وَعدم غفلته هَذَا إِذا خرج لَهُ فِي الْأُصُول وَأما إِن خرج لَهُ فِي المتابعات والشواهد والتعاليق فَهَذَا تَتَفَاوَت دَرَجَات من اخْرُج لَهُ مِنْهُم فِي الضَّبْط وَغَيره مَعَ حُصُول اسْم الصدْق لَهُم
وَحِينَئِذٍ فَإِذا وجدنَا لغيره فِي أحد مِنْهُم طَعنا فَلذَلِك الطعْن مُقَابل لتعديل هَذَا الإِمَام فَلَا يقبل إِلَّا مُبين السَّبَب مُفَسرًا بقادح يقْدَح فِي عَدَالَة هَذَا الرَّاوِي وَفِي ضَبطه مُطلقًا أَو فِي ضَبطه لخَبر بِعَيْنِه لِأَن الْأَسْبَاب الحاملة للأئمة على الْجرْح مُتَفَاوِتَة مِنْهَا مَا يقْدَح وَمِنْهَا لَا يقْدَح وَقد كَانَ أَبُو الْحسن الْمَقْدِسِي يَقُول فِي الَّذِي خرج عَنهُ فِي الصَّحِيح هَذَا جَازَ القنطرة يَعْنِي بذلك انه لَا يلْتَفت إِلَى مَا قيل فِيهِ
وَأَسْبَاب الْجرْح مُخْتَلفَة ومدارها على خَمْسَة أَشْيَاء الْبِدْعَة والمخالفة والغلط وجهالة الْحَال وَدَعوى الِانْقِطَاع فِي السَّنَد بَان يدعى فِي الرَّاوِي انه كَانَ يُدَلس اَوْ يُرْسل
أما جَهَالَة الْحَال فمندفعة عَن جَمِيع من اخْرُج لَهُم فِي الصَّحِيح لِأَن شَرط
الصَّحِيح أَن يكون رَاوِيه مَعْرُوفا بِالْعَدَالَةِ فَمن زعم ان أحدا مِنْهُم مَجْهُول فَكَأَنَّهُ نَازع المُصَنّف فِي دَعْوَاهُ انه مَعْرُوف وَلَا شكّ أَن الْمُدَّعِي لمعرفته مقدم على من يَدعِي عدم مَعْرفَته لما مَعَ الْمُثبت من زِيَادَة الْعلم وَمَعَ ذَلِك فَلَا تَجِد فِي رجال الصَّحِيح أحدا مِمَّن يسوغ إِطْلَاق اسْم الْجَهَالَة عَلَيْهِ أصلا كَمَا سنبنيه
وَأما الْغَلَط فَتَارَة يكثر من الرَّاوِي وَتارَة يقل فَحَيْثُ يُوصف بِكَوْنِهِ كثير الْغَلَط ينظر فِيمَا أخرج لَهُ إِن وجد مرويا عِنْده أَو عِنْد غَيره من رِوَايَة غير هَذَا الْمَوْصُوف بالغلط علم أَن الْمُعْتَمد أصل الحَدِيث لَا خُصُوص هَذَا الطَّرِيق وَإِن لم يُوجد إِلَّا من طَرِيقه فَهَذَا قَادِح يُوجب التَّوَقُّف عَن الحكم بِصِحَّة مَا هَذَا سَبيله وَلَيْسَ فِي الصَّحِيح من هَذَا شَيْء
وَحَيْثُ يُوصف بقلة الْغَلَط كَمَا يُقَال سيىء الْحِفْظ أَو لَهُ أَوْهَام أَو لَهُ مَنَاكِير وَغير ذَلِك من الْعبارَات فَالْحكم فِيهِ كَالْحكمِ فِي الَّذِي قبله إِلَّا أَن الرِّوَايَة عَن هَؤُلَاءِ فِي المتابعات أَكثر مِنْهَا عِنْد المُصَنّف من الرِّوَايَة عَن أُولَئِكَ
وَأما الْمُخَالفَة وينشأ عَنْهَا الشذوذ والنكارة فَإِذا روى الرَّاوِي الضَّابِط الصدوق شَيْئا فَرَوَاهُ من هُوَ أحفظ مِنْهُ أَو أَكثر عددا بِخِلَاف مَا روى بِحَيْثُ يتَعَذَّر الْجمع على قَوَاعِد الْمُحدثين فَهَذَا شَاذ وَقد تشتد الْمُخَالفَة أَو يضعف الْحِفْظ فَيحكم على مَا يُخَالف فِيهِ بِكَوْنِهِ مُنْكرا وَهَذَا لَيْسَ فِي الصَّحِيح مِنْهُ إِلَّا نزر يسير قد بَين فِي الْفَصْل الَّذِي قبله
وَأما دَعْوَى الِانْقِطَاع فمدفوعة عَمَّن اخْرُج لَهُم البُخَارِيّ لما علم من شَرطه وَمَعَ ذَلِك فَحكم من ذكر من رِجَاله بتدليس أَو إرْسَال أَن تسبر أَحَادِيثهم الْمَوْجُودَة عِنْده بالعنعنة فَإِن وجد التَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ فِيهَا انْدفع الِاعْتِرَاض وَإِلَّا فَلَا
وَأما الْبِدْعَة فالموصوف بهَا إِمَّا أَن يكون مِمَّن يكفر بهَا أَو يفسق فالمكفر بهَا لَا بُد ان يكون ذَلِك التفكير مُتَّفقا عَلَيْهِ فِي قَوَاعِد جَمِيع الْأَئِمَّة كَمَا فِي غلاة الروافض