الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله صلى الله عليه وسلم (1) ليصلي عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمرهم فوجدوه قد نام بعد صلاة العشاء فكرهوا أن يهجدوا (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه فصلوا عليها. ثم انطلقوا بها، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عنها من حضره من جيرانها، فأخبروه خبرها، وأنهم كرهوا ان يهجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولم فعلتم؟ انطلقوا، فانطلقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قاموا على قبرها فصفوا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يصف للصلاة على الجنازة فصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر أربعا كما يكبر على الجنائز.
أحكام الجنائز [112].
ممن تُشرع الصلاة عليهم ولا تجب: (من مات في بلد ليس فيها من يصلى عليه صلاة الحاضر)
السابع: من مات في بلد ليس فيها من يصلي عليه، صلاة الحاضر، فهذا يصلي عليه طائفة من المسلمين صلاة الغائب، لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وقد رواها جماعة من أصحابه يزيد بعضهم على بعض، وقد جمعت أحاديثهم فيها، ثم سقتها في سياق واحد تقريبا للفائدة. والسياق لحديث أبي هريرة:«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس [وهو بالمدينة] النجاشي [أصحمه] [صاحب الحبشة] في اليوم الذي مات فيه: [قال: «إن أخا لكم قد مات» وفي رواية: «مات اليوم عبد لله صالح [بغير أرضكم][فقوموا فصلوا عليه]، [قالوا: من هو؟ قال النجاشي] [وقال: استغفروا لأخيكم]، قال: فخرج بهم إلى المصلى وفي رواية: البقيع [ثم تقدم فصفوا خلفه][صفين]، [قال: فصففنا خلفه كما يصف على الميت وصلينا عليه كما يصلى على الميت] [وما تحسب الجنازة إلا موضوعة بين يديه][قال: فأمنا وصلى عليه]، وكبر
(1) هو شرقي المسجد النبوي، وهو اليوم الارض الممتدة مع طول المسجد من من الشمال إلي الجنوب بجانب باب النساء. [منه].
(2)
أي يوقضوا وهو من الاضداد. [منه].
عليه أربع تكبيرات».
قلت: في هذه الأحاديث دليل من وجوه لاتخفى على أن النجاشي أصحمة كان مسلماً، ويؤيد ذلك أنه جاء النص الصريح عنه بتصديقه بنبوته صلى الله عليه وسلم، فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه:«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق إلى أرض النجاشي - فذكر القصة وفيها - وقال النجاشي: أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه» .
واعلم أن هذا الذي ذكرناه من الصلاة على الغائب «هو الذي لا يتحمل الحديث غيره، ولهذا سبقنا إلى اختيارة ثُلَّة من محققي المذاهب، وإليك خلاصة من كلام ابن القيم رحمة الله في هذا الصدد، قال في «زاد المعاد» «1/ 205، 206» : ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسنته الصلاة على كل ميت غائب، فقد مات خلق كثير من المسلمين وهم غُيَّب، فلم يصل عليهم، وصح عنه أنه صلى على النجاشي صلاته على الميت، فاختلف في ذلك على ثلاثة طرق:
1 -
أن هذا تشريع وسنة للأمة الصلاة على كل غائب وهذا قول الشافعي وأحمد.
2 -
وقال أبو حنيفة ومالك: هذا خاص به، وليس ذلك لغيره.
3 -
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية: الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه، صلي عليه صلاة الغائب، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لأنه مات بين الكفار، ولم يصل عليه وإن صلي عليه حيث مات لم يصل عليه صلاة الغائب، لان الفرض سقط بصلاة المسلمين عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على الغائب وتركه وفعله وتركه سنة.
وهذا له موضع والله أعلم.
والأقوال ثلاثة في مذهب أحمد، وأصحها هذا التفصيل.
قلت: واختار هذا بعض المحققين من الشافعية فقال الخطابي في «معالم السنن»
ما نصه: قلت: النجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه على نبوته.
فهذا - والله أعلم - هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه بظاهر الغيب.
فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان، وقد قضى حقه في الصلاة عليه، فانه لا يصلي عليه من كان في بلد آخر غائبا عنه، فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كان السنة أن يصلى عليه ولا يترك ذلك لبعد المسافة.
فإذا صلوا عليه استقبلوا القبلة، ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان في غير جهة القبلة.
وقد ذهب بعض العلماء إلى كراهة الصلاة على الميت الغائب، وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصاً بهذا الفعل، إذ كان في حكم المشاهد للنجاشي، لما روي في بعض الأخبار «أنه قد سويت له أعلام الأرض، حتى كان يبصر مكانه» (1) وهذا تأويل فاسد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فعل شيئا من أفعال الشريعة، كان علينا متابعته والايتساء به، والتخصيص لا يعلم إلا بدليل.
ومما يبين ذلك أنه صلى الله عليه وسلم خرج بالناس إلى المصلى فصف بهم، فصلوا معه، فعلم أن هذا التأويل فاسد، والله أعلم.
وقد استحسن الروياني - هو شافعي أيضا- ما ذهب إليه الخطابي «وهو مذهب أبي داود أيضا فإنه ترجم للحديث في سننه بقوله: «باب في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك» : واختار ذلك من المتأخرين العلامة المحقق الشيخ صالح
(1) وذكر النووي في «المجموع» «5/ 253» أن هذا الخبر من الخيالات! ثم ذكر حديث العلاء بن زيدل في طي الأرض للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى ذهب فصلى على معاوية في تبوك وقال أنه حديث ضعيف ضعفة الحافظ منهم البخاري والبيهقي. [منه].