الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله. قال [بل] أنتم أصحابي، وإخواننا الذين يأتون بعد، [وأنا فرطهم على الحوض]، فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله: فقال أرأيتم لو أن رجلا له خيل غر (1) محجلة، بين ظهري خيل دهم بُهم (2) ألا يعرف خيله؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال: فأنهم يأتون [يوم القيامة] غرا محجلين من الوضوء. [يقولها ثلاثا]، وأنا فرطهم على الحوض. ألا ليذادن رجال [منكم] عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلم [ألا هلم].فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، [ولم يزالوا يرجعون على أعقابهم]، فأقول:[ألا]، سحقا سحقا».
أحكام الجنائز [237]
قراءة القرآن عند زيارة القبور مما لا أصل له في السنة
- وأما قراءة القرآن عند زيارتها، فمما لا أصل له في السنة، بل الأحاديث المذكورة في المسألة السابقة تُشعر بعدم مشروعيتها، إذ لو كانت مشروعة، لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمها أصحابه، لا سيما وقد سألته عائشة رضي الله عنها وهي من أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم عما تقول إذا زارت القبور؟ فعلمها السلام والدعاء.
ولم يعلمها أن تقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن، فلو أن القراءة كانت مشروعة لما كتم ذلك عنها، كيف وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في علم الاصول، فكيف بالكتمان، ولو أنه صلى الله عليه وسلم علمهم شيئا من ذلك لنقل إلينا، فإذ لم ينقل بالسند الثابت دل على أنه لم يقع.
ومما يقوي عدم المشروعية قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة» أخرجه مسلم «2/ 188» والترمذي «4/ 42» وصححه وأحمد «2/ 284، 337، 378، 388» .
(1) بضم فتشديد جمع الأغر، وهو الأبيض الوجه. «محجلين» اسم مفعول من التحجيل، والمحجل من الدواب التي قوائمها بيض. [منه].
(2)
بضمتين أو بسكون الثاني وهو الاشهر للازدواج، وهو تأكيد «دهم» جمع أدهم وهو الاسود. [منه].
فقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن القبور ليست موضعا للقراءة شرعا، فلذلك حض على قراءة القرآن في البيوت ونهي عن جعلها كالمقابر التي لا يقرأ فيها، كما أشار في الحديث الاخر إلى أنها ليست موضعا للصلاة أيضا، وهو قوله:«صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا» .
أخرجه مسلم «2/ 187» وغيره عن ابن عمر، وهو - عند البخاري بنحوه، وترجم له بقوله:«باب كراهية الصلاة في المقابر» فأشار به إلى أن حديث ابن عمر يفيد كراهة الصلاة في المقابر، فكذلك حديث أبي هريرة يفيد كراهة قراءة القرآن في المقابر، ولا فرق (1).
ولذلك كان مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وغيرهم كراهة القراءة عند القبور، وهو قول الامام أحمد فقال أبو داود في مسائله «ص 158»:
«سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا» .
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» «ص 182» :
وقال في «الاختيارات العملية» «ص 53» «والقراءة على الميت بعد موته بدعة، بخلاف القراءة على المحتضر فإنها تستحب ب «ياسين» .
(1) وقد استدل جماعة من العلماء بالحديث على ما استدل به البخاري، وأيده الحافظ في شرحه. [منه].